الحوار الهاديء

مهزلة المواقف المُخجلة وغير المسؤولة لنواب الكوتا المسيحية

د . عبدالله مرقس رابي    

 

 

مهزلة المواقف المُخجلة وغير المسؤولة

لنواب الكوتا المسيحية

د . عبدالله مرقس رابي

                                ظهرت في الاونة الاخيرة بعض التصريحات غير المسؤولة والمثيرة للسخرية والمُخجلة من قبل من يمثل المسيحيين في البرلمان العراقي تعبر عن مواقفه ومطاليبه .أما لماذا وصفتها بهكذا مواصفات ؟ فالجواب سيتبين ادناه .

بات معروفاً على الصعيد المحلي والاقليمي والعالمي حدوث فجوة كبيرة جداً بين الشعب العراقي وعناصر السلطات الثلاث المتورطة بالفساد بشتى انواعه منذ أندلاع الاحتجاجات الشعبية التي يقودها الشبان الذين عانوا الكثير من وجود الاحزاب السياسية الحالية وأخص بالذكر الدينية التي تحكمت وتداولت السلطة بين قياديها الفاشلين منذ سقوط النظام السياسي السابق عام  2003 .لعل أبرز العوامل التي أدت الى فشل هذه الحكومات هي الدستور الذي وضعته لجنة مشكلة منهم ليتضمن مواد متناقضة ويرسخ نظامهم الاداري والسياسي الطائفي والمحاصصة في توزيع الادوار في السلطات الثلاث، مما جعلها عبارة عن بؤر ادارية موزعة على الاحزاب الطائفية بعيدة عن الولاء الوطني العراقي الذي يقره الشعب. وعليه كانت النتيجة ،انها حكومات ومجالس نواب وقضاء عبارة عن دمى تحركها قوى أقليمية وفقاً لمصالحها الطائفية.

أفرزت هذه الحالة مشاكل متعددة على كل المستويات والاحجام وبمختلف الانواع وفي شتى الميادين  في المجتمع العراقي ،حدث الكساد الاقتصادي، فزاد الفقر والبطالة والانحراف والفساد والج#ريم*ة بأنواعها، السلب والق*ت*ل وانتهاك الممتلكات والبغاء والسرقات والتشرد واستغلال الطفولة والمرأة. أنتكاسة واضحة في المجال التعليمي بمختلف المراحل، تدمير البنى التحتية في المجتمع، فقدان الامن لضعف القانون. أنتشار الفساد الاداري المتمثل بالتزوير والرشوة والابتزاز والمحسوبية والاحتيال والاختلاس ولدى اعلى السلطات في البلد بدليل بسيط من أين لهم هذه الاموال الضخمة التي لم يمتلكوها قبل تسلم مناصبهم.. على اثر هذه الظروف قرر الاف العراقيين الهجرة الى الخارج وكان النصيب الاكبر للمسيحيين في مغادرة البلاد.

بعد ستة عشرة عاما على هذه المهزلة والحالة الشاذة لسلطة الحكم في العراق ،نفذ صبر الشعب العراقي الخير الوطني ،فخرج الشباب الى الساحات يطلقون شعارات تعبر عن الولاء للوطن ونبذ الطائفية والولاء لقوى الاقليمية، وينادون لرحيل هؤلاء المتسلطين والمتمسكين بزمام الامور والسلطة في البلد، خرجوا للتعبير عن معاناتهم المختلفة بطرق سلمية واصلاح المجتمع العراقي، الا ان السلطات الفاسدة الحالية أستخدمت كافة الوسائل الدموية لتشتيتهم والقضاء على ثورتهم الهادئة السلمية ، من اطلاق الرصاص الحي وغازات مُسيلة للدموع ومؤذية للأعصاب، والخطف، والحجز ،وابشع وسائل الترهيب التي تنافي قواعد حقوق الانسان العالمية بكل مقاييسها ضد الناس المسالمين، وعلى أثرها سقطوا العديد من الشهداء والجرحى والمفقودين والمعاقين.   

ماقدمته صورة مقضبة للظرف العراقي الحالي ،ولكن ماهو موقف أعضاء الكوتا المسيحية في البرلمان العراقي اليوم ؟

من يمثل المسيحيين باثنياتهم الثلاث الكلدان والاشوريين والسريان اليوم في البرلماني العراقي ومن هم في المناصب العليا في الدولة، من وجهة نظري هم جزء من المنظومة الادارية والسياسية للسلطة الفاسدة في العراق. ليس بمقدوري أخلاقياً اتهمهم بالتورط في الجرائم، لكن لايختلفون عن غيرهم في غاياتهم لنيل مناصبهم لتحقيق منافعهم ومصالحهم الشخصية والصعود على أكتاف أبناء الاثنيات الثلاث والدلائل متعددة لهذا الوصف والتحليل لغاياتهم منذ وجودهم على الساحة السياسية .فهَمهم الوحيد هو الكرسي والالتصاق به والصراع عليه ،وما حالات التسقيط القائمة بينهم الا برهان دامغ على الحالة ،فكلنا نعرف التسقيطات الاعلامية التي حدثت بينهم كلما يقترب موعد الانتخابات بالرغم من أن بعض أحزابهم تعمل على نفس الفلسفة والايديولوجية في العمل السياسي لتحقيق الاهداف .انهم ضمن هذه المنظومة الفاسدة ولا يستوجب مجاملتهم طالما هم متمسكون بمناصبهم ومواقفهم الهزيلة ولم يحركوا ساكناً مع السياق الفكري والعملي للشعب العراقي والمسيحيين جزء منه. ففي تصريح أطلقه “يونادم كنا” لوكالة أنباء”براثا”. رابط 1
   نلاحظ بوضوح أن اللغة المستخدمة في التصريح لا تختلف مفرداتها وصياغتها وفلسفتها عن اللغة التي يستخدمها المسؤولين الاخرين في الدولة ، فالتصريح من البداية والى النهاية هو جملة عبارات أطلقها للسخرية من المتظاهرين، كانما المتظاهرين لا عقول لهم ليحللوا ما في جعبته، اذ جاء:

 (وقال رئيس الكتلة النائب يونادم كنا في حديث صحفي إن “البرلمان والقوى السياسية جادة في محاولة إجراء الإصلاحات وتلبية المطالب الشعبية، ومن بينها اختيار شخصية لشغل منصب رئيس الوزراء تنطبق عليه المواصفات الوطنية) بمعنى أن الحكومة العراقية والبرلمان والقوى السياسية لمدة خمسة عشرة عاما لم تكن جادة في الاصلاحات وانما خدعت الشعب العراقي ولم تسع لشيء يحقق مصالح البلد والشعب، بل لتحقيق منافعهم الخاصة. كما أن رؤوساء الوزراء لحد هذا اليوم لم يكونوا وطنيين بل رجعيين مرتبطين وتابعين لاجندات خارجية أقليمية. والا لماذا أختيار الحالي سيكون وطني؟!! 

وتابع (أن الحكومة مطالبة بالحزم في معالجة حالات الفوضى، لكن بنفس الوقت فان المتظاهرين السلميين عليهم تفويت الفرصة على المندسين وأن ينسحبوا من ساحات التظاهر بالتزامن مع أعياد الميلاد لأسبوع أو اثنين لفرز الجهات المندسة والعودة بسلمية حقيقية). كل هذه التضحيات الجسيمة بالنسبة الى المتظاهرين السلميين ويناديهم للانسحاب من ساحات الاحتجاج ،غريبة هل سيصدقوه المتاظهرون؟ أ ليست خدعة أخرى وتعبير عن فشل الحكومة والبرلمان الذي هو جزء منه . وسؤالي الى “يونادم كنا” أ ليس بأمكان هذه الحكومة الجبارة التي ميزانيتها مليارات الدولارات قادرة على حماية المتظاهرين من المندسين ومكافحتهم ؟ أين الاجهزة الامنية والدفاعية؟ وهذا برهان وشاهد من أهلها ،ان الدولة الحالية غير قادرة على حماية مواطنيها، ولكن هذه ليست الحقيقة ،بل أن الميلشيات الحزبية بمباركة أيرانية هي التي تقوم بواجب زج المندسين كمحاولة حكومية سياسية لترهيب المتظاهرين لعلهم ينسحبون، هذا ما يؤكده المتظاهرون أنفسهم كشهود عيان. وأخيرا يؤكد:

(سنعمل من أجل تحقيق جميع المطالب السلمية بعيداً عن الفوضى التي يحاول خلقها المخربون والق*ت*لة وأصحاب الأجندات الخارجية)،ومرة أخرى ، نسأل :أين كنتم طوال خمسة عشرة عاماً؟ لماذا انتظرتم لكي تصل معاناة الشعب العراقي وأخصهم الشباب الى هكذا حالة ؟كما أن لغتكم هذه عن المؤامرة الاجنبية الخارجية ،أ ليست لغة الفاشلين لتبرير فشلهم في تحقيق الاهداف والنجاح في خدمة الوطن ،هذه نسمعها ونقرأها لكل حكومة أو حزب سياسي فاشل لتبرير مواقفه. وماذا تقول عن التدخل الاجنبي الايراني الواضح، أ ليس تخريبيا أم تعتبرونه هذا لاستقرار العراق؟

وهذا هو رد  الفعل والاستجابة لندائك تراه على الرابط أدناه 2(في بيـــان “معركة الاصلاح “… متظاهرو ساحــة التحرير يدعون للخروج بمظاهرة مليونية في كافة محافظات العراق من شماله الى جنوبه)

 ومن المفارقات الهزلية والتي تؤكد أن ممثلي الكوتا المسيحية هي بعيدة كل البعد عن الواقع العراقي الحالي هي مطالبة لجنة أعداد الدستور بأدراج السريان في الدستور العراقي. رابط3 رفعتها ممثلة كتلة “باب*لي*ون في البرلمان” بيداء خضر السلمان” نعم لا أحد يعترض على هذا المطلب فهو مشروع جداَ لتكتمل درج الاثنيات الثلاث في الدستور العراقي وارجو ان لا يفهمني خطأ الاخوة السريان، اذ لا أقصد في ذلك المهزلة ، بل قصة الفقرة الثانية في مطالبة أعادة صياغة المادة 125 من الدستور التي يؤكد المطلب فيها على حذف الواوات ؟ لماذا الرجوع بنا الى المربع الاول.

وما هو أثر الواوات ، طالما أن ذكر الاثنيات الثلاث موجود كتحصيل حاصل كدلالة أنها موجودة على ارض الواقع .حذف الواوات من وجهة نظري هي محاولة ألغاء خصوصية الاثنيات الثلاث والنيل من مشاعر الافراد ،ألغاء أقوى مقوم لاعتبار جماعة بشرية أنها أثنية ما، وتقره الامم المتحدة وأهل الاختصاص ( الشعور بالانتماء) .هناك تراجع فكري لمن يؤكد على الارض والتاريخ المشترك والدم المشترك كمقومات اساسية لاعتبار مجموعة بشرية انها اثنية ،كلها لا معنى لها دون أن ينتاب الفرد في الجماعة الشعور للانتماء.

 اليوم الكلدانيين والاشوريين والسريان ليست ارضهم مشتركة فمنهم من يعيش على ارض الاجداد وغيرهم على ارض امريكية واخرى استرالية واوربية وكندية ،وليس تاريخهم ونمط حياتهم موحد ابداً فمن يعيش من ابناء الاثنيات الثلاث في العراق وسوريا يعيش حياة مشحونة بالصراعات مع الاخرين ،في حالة الخوف وعدم الاستقرار والاستحواذ على حقوقهم من قبل الاغلبية ،يفتقدون الى أبسط وسائل الراحة والخدمات والامان ،بينما الذين يعيشون في البلدان المتحضرة يتمعون بحياة يسودها الاستقرار والراحة والامان وكافة الحقوق كما هي للاغلبية في هذه البلدان ،لا تعرف الاجيال الحالية من الاثنيات الثلاث الغالبية العظمى منهم شيئأً عن تاريخ الاجداد وأمبراطورياتهم بينما يدركون تاريخهم الجديد في أماكن أقامتهم.، فأين التاريخ المشترك ؟ وأن كانت اللغة المؤشر الاساسي لمجموعة بشرية لتوحدهم كأثنية ،ايضاَ بالرغم من أهميتها القصوى، أصبحت غير قادرة على ربط الافراد ، فالعديد من الكلدان لا يتحدثون الا العربية أو الانكليزية عند الاجيال الحديثة وهكذا بالنسبة الى السريان ،وأيضاً بالنسبة الى الاجيال الحالية للاشوريين لا يتقنون نفس اللغة التي اتقنها الاباء والاجداد بتاثير لغات بلدان الاقامة والعيش.هكذا أذن، لايبقى غير ( الشعور بالانتماء) وهو الذي يوحدنا فالكلداني يوحده مع غيره في مختلف أنحاء العالم هذا الشعور بالرغم من الاختلاف في المؤشرات الاخرىن وهكذا بالنسبة الى السرياني والاشوري.انما مقومات الارض والتاريخ والدم بحسب الدراسات الاجتماعية والانثروبولوجية بدأت للاجيال الحالية بمثابة أسطورة.

ليسعى ممثلوا الكوتا الى وضع صيغة لتقدير وأحترام خصوصية ومشاعر الافراد لكل أثنية .كما لا يحق لهم أقرار هكذا مسائل والنظرة اليها الا في ضوء استفتاء شعبي للاثنيات الثلاث فكل فرد هو الذي يقرر ما يسمونه وليس حزب سياسي او عضو في البرلمان.

والغرابة في هذا المطلب انه مقترح مقدم من كتلة باب*لي*ون الذين لا يساومون على خصوصية أثنيتهم الكلدانية، كما هو ممثل كتلة الكلدان “هوشيار يلدا” الذي ساندته في الحصول على الكرسي البرلماني مؤسسات واحزاب كلدانية سياسية لا تساوم على خصوصية كلدانيتها، كان أقل أحتمال الرجوع الى تلك الجهات أو الى الخبراء. فما الذي جرى وراء الكواليس يا ترى.

بدلا من أن يطالب ممثلوا الكوتا بتحسين الوضع المعاشي للشعب العراقي والقضاء على المعاناة والفساد وترسيخ الفكر الوطني في ظل عراق واحد ،وبدلا من تفقدهم لاحوال المسيحيين في قراهم المحررة من د*اع*ش للوقوف على مطالبهم وتحسين مستوى حياتهم وتحقيق متطلبات الاستقرار والامان والحد من الهجرة وبدلا من تأكيدهم على المواد الدستورية المجحفة بحق المسيحيين مثل أسلمة القاصرين والمطالبة بالكف عن الاستحواذ على ممتلكات المسيحيين في بغداد واماكن اخرى، وكما وضح الكاتب القدير(كوهر يوحنان عوديشو ) في مقاله عى الرابط أدناه4. رفعوا مطلبهم عن التسمية كأنما كل مشاكل المسيحيين ستحل لو رُفعت الواوت . يا المصيبة !!! ومتى  في وقت خرج الشعب العراقي ومن ضمنهم المسيحيين يقولون لا للطائفية ، لا للاثنية ، لا للمحاصصة ، بل للعراق ، للوطنية ، للشعب الواحد، للاصلاح، لتحسين مستوى المعيشة ، لتحقيق الامان والاستقرار.

وعليه الافضل لو كان مطلبهم في ظل هذه الظروف هو أعادة صياغة المادة125 دون ذكر للاثنيات والقوميات بل تؤكد المادة على ضمان الحقوق الادارية والسياسية والثقافية والتعليمية لكافة أفراد الشعب العراقي. فالدستور الذي يتضمن في مواده شيء عن القومية والدين لهو دستور يرسخ مفاهيم عنصرية شوفينية تحفز للصراعات بين أبناء البلد الواحد.الدساتير في البلدان المتحضرة ترسخ المفاهيم الوطنية.

أ ليس أخي القارىء ممثلوا الكوتا في وادِ والشعب العراقي في وادِ آخر؟ أيهما أفضل للمسيحيين ولكم ،أن تعيشوا في ظل بلد يقر دستورها بالوطنية وتسمية واحدة “عراقيون” ومساواة في الحقوق ومنح الفرص في العمل بحسب الكفاءة والقدرة ،ونبذ الطائفية والمحاصصة أم في ظل السلطة الحالية التي ترسخ الطائفية والاثنية والمحاصصة ليستحوذ عليها الاغلبية والاحزاب الدينية التي تعمل وفق التشريعات الدينية ؟

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,960030.0.html

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,959787.0.html

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,960194.0.html

http://www.ankawa.com/forum/ind

                      

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!