الحوار الهاديء

اللغة والتراث الكنسي المتوارث

مرة أخرى اقحم نفسي في موضوع اللغة والتراث الكنسي المتوارث ، حيث كنت قد كتبت اكثر من مقال حول هذا الموضوع (أدناه بعضاً منها) قبل عدة  سنوات وقد اكرر هنا بعضاً من تلك الأفكار.
اليوم نتابع بما يرتبط بهذا المجال عسى ان تصل هذه الافكار الى المعنيين ويلعبون دورهم القيادي في السيطرة على النتاجات الأدبية والروحية التي يتم إدخالها في طقوس كنيستنا من أبواب واسعة بسبب الحرية والاستقلالية التي يشعر بها المسؤول الكنسي والانفلات الاداري وقلة الارتباط بالتراث وربما الجهل او بتوجيه معاكس لما نطمح اليه.

في كل المناسبات سواء كانت أحاداً أعياداً ام أياماً عادية تمتلك كنيستنا تراتيل في غاية الروعة من المضمون والبلاغة اللغوية والأوزان الشعرية المقسمة على لحن خاص متناقل عبر الأجيال دون ان يتجاسر أحد ان يلمسها لقرون مضت. اما اليوم فنرى وبكل بساطة يقوم احد الكنسيين او بتوجيه منه (الأساقفة ، او الكهنة ، او الشمامسة) بترجمة تلك الكنوز الى اللهجات القروية المحكية المحدودة التي تبدو ركيكة لا تسمو بايّة درجة الى اصالتها من حيث المعنى والوزن والتوزيع الموسيقي، فيضطر المُرَتِّل الى استخدام امكانياته الصوتية الادائية في استنباط لحن وتوزيع جديد مما يوثر على الأصيل وفي مرور الزمن الى اندثاره ، وهذا لوحده ج#ريم*ة بحق الذين تعبوا وسلموا بيدنا ذلك الكنز لنصونه ونسلمه لأجيال المستقبل.
كان ذلك من جانب الترجمة اما المجال الثاني هو التأليف ، حيث سمعت تراتيل مؤلفة من رجال كنسيين لا تليق بالمستوى اللغوي والمضمون للحدث الليتورجي ناهيك عن الأحان الجديدة التي اتمنى ان يُعاد النظر في معظمها.
خلال الأسابيع الأخيرة من الصوم واحداث الصلب وعيد القيامة تم نشر الكثير من نشاطات كنيستنا الكلدانية عبر وسائل التواصل الاجتماعي وكان لي راي في الكثير منها (المترجمة والمؤلّفة)، وعلى ضوئها قمت بالاتصال بالكاهن المسؤول بالكنيسة وسألته ان كان احد المختصين باللغة قد راجع الترتيلة المترجمة ؟ او ان كانت قد ترجمت او أُلّفت بموافقة المراجع ، لأنها غير صالحة لاهوتياً و لغوياً فكلماتها ركيكة ومحصورة في عدد قليل من مؤمني تلك الخورنة التي تضم مؤمنين من كل القرى والأرياف الكلدانية فما ذنب الباقين (وان كان الكاهن من قرية اولائك العشر اشخاص). طبعا لم يصلني الرد الى اليوم.

واودُّ ان اتطرق الى مجال ثالث حول نفس الموضوع وهو اللعب بلحن وتوزيع الكلمات للتراتيل الكلدانية الاصلية وتغيير توزيعها واضافة لمسات تمحو اصالتها ورونقها البهي المتوارث، أقول لهم: من الذي اعطى لكم تلك الحرية في العبث في اعمال غيركم بعد ان تمت المحافظة عليها طوال مئات السنين؟ لو انتم ترون أنفسكم أكفاء في التأليف الموسيقي والتلحين ألف مبروك عليكم ونشجعكم في نتاجات تخصكم وليس العبث بالأصيل ! يمكنكم اختيار نصوص جديدة وتلحينها وحينها تكونون قد ادّيتم خدمة لكنيستنا والفضل يعود اليكم وليس غضب السامع بسبب تدميركم الأصيل !!!

في احدى المناسبات طلب منّي الكاهن ان ارتل ترتيلة المناسبة وسلَّم بيدي ورقة تتضمن ترجمة تلك الترتيلة باللغة المحكية ، فرفضت وطلبت منه ان ارتلها بكلماتها الأصلية (گشما من الحضرا) فوافق ففتحت الحضرا ورتلتها بأصالتها وبما يليق بتلك الترتيلة والمناسبة ، وسبب رفضي هو ان توزيع الكلمات الجديدة على اللحن الأصيل لا يمكن أداؤها كما يجب ، وانا لا ارغب المساس باللحن الأصيل او الترتيل بشكل نشاز يخدش آذان السامع بالإضافة الى ركاكة الترجمة.
في السابق كانت تصل الينا المطبوعات والترجمات وفي صفحتها الأولى وبالخط العريض يقول: تمت الطباعة (او الترجمة) بموافقة غبطة البطريرك فلان !
اما اليوم أتمنى ان تكون بموافقة سيادة مطران الخورنة (على الأقل) بعد مراجعة النص ليكون مناسباً ومُراجَعاً لاهوتياً ولغوياً ولحناً وبشعر موزون ليكون الأداء يناسب  تهليل وتمجيد ربنا و الهنا ومخلصنا يسوع المسيح له كل المجد.

https://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,852972.msg7544836.html#msg7544836

https://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,964600.msg7688493.html#msg7688493

https://ankawa.com/forum/index.php?topic=964600.0

الشماس الانجيلي
قيس سيپي
كاليفورنيا – أمريكا

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!