مقالات دينية

عام ٢٠٢٠ نعمة ام نقمة؟

الاب حنا قلو

الاب حنّا قلّو

عام ٢٠٢٠ نعمة ام نقمة؟

نحن على بعد ساعات قليلة لاستقبال العام الجديد، ومعه نودّع عام ٢٠٢٠ الذي كان عاما شاقاً وسريعاً بحيث اننا لم نشعر به مطلقا لكثرة تفكيرنا وكثرة التشاؤم الذي ساد عليه طيلة الأشهر المنصرمة وخاصة بعد جائحة كور*و*نا، السؤال هو كيف نستقبل عام ٢٠٢١؟ هل نستقبله بنفس التشاؤم؟ بنفس النظرة؟ بنفس الايمان؟ ربنا والهنا يسوع المسيح ولد قبل أيام والمعروف انه في وقت الضيق يتقوى الايمان اكثر تماما كما حدث في نينوى الوثنية أيام يونان النبي! بعد الإنذار تاب الجميع وتغيّر الحال! عام ٢٠٢٠ جميعنا كنّا معرضون لخطر الموت! فقدنا اشخاص عرفناهم منذ الطفولة وفقد العالم اكثر من مليون و٧٠٠ الف شخص خلال سنة بسبب هذه الجائحة المميتة! فكم من شخص أعاد النظر في حياته وطريقة فهمه للحياة؟ كم منّا صلّى بأيمان طيلة هذه الأشهر لا بل كم منّا صام؟ اسأل سؤال بسيط: كم منّا صام صوم الميلاد الذي هو يوم واحد حسب التقويم؟ كم منا استقبل العيد وهو مهيأ روحيا اكثر مما فكر بتهيئة نفسه جسديا وتزيين البيت والشجرة؟ كم منّا اقترب لكرسي الاعتراف؟
عام ٢٠٢٠ كان من المفترض ان يجعلنا نعرف ما هي قيمة الحياة ونعمة الحياة التي أعطاها ربنا لنا ونحن لا زلنا نربط فكرنا وميولنا نحو الارضيات! الكنائس أغلقت! كم منا داوم على الصلاة في البيت؟ كم منّا كان رجاؤه عظيما؟ اقله بمقدار حبة خردل! الخروج من المصائب يأتي من خلال قوة الايمان بربنا رب المستحيلات والذي لا يستحيل عليه شيء، عام ٢٠٢٠ بالنسبة لي انا شخصيا كان عاما اعتبره نعمة وبالرغم من اني اقتبلت سرّ الكهنوت في هذا العام الصعب وبعدها بشهر أغلقت الكنائس لكن عرفت اكثر ما هي قيمة الحياة وخاصة بعد موت عمي بسبب الجائحة لاني لم اكن اعلم بمرضه وفي اليوم الذي استيقظت من النوم رأيت الفاسبوك مملوء بصوره والعبارات تقول (ذهبتَ سريعا) أتذكر انّي شعرت بخطورة ما نحن عليه اكثر من السابق والحياة ما هي الا رمشة عين وهي سريعة فبدأتُ اسأل نفسي (هل انت مستعد؟ هل الناس مستعدون؟ هل تعمل بجدّ لكي توعي الناس من حكم موقعك كرجل دين لما نحن عليه؟).
عرفنا قيمة العائلة التي نعيش بضمنها، كم من وقت مضى ولم نكن قد اجتمعنا جميعا داخل عائلاتنا؟ كم من وقت مضى ولم نصلِّ بشكل جماعي داخل بيوتنا؟ كم من وقت مضى ولم نفكر ببعضنا البعض؟ الطبيعة اثبتت انها اقوى من البشر مهما تعالى ومهما تكبّر فعدوّا غير منظور لا يُرى حتى بالعين المجرّدة أوقف اعمالنا! أوقف الحروب لمدة! أوقف الاقتصاد! أوقف كل شيء تقريبا! اغلق الكنائس وجميع دور العبادة! فقل لي أيها الانسان واسأل نفسك: هل لا زلت تعتبر نفسك قويا؟ لنراجع فهمنا للحياة ونعلم ونعلّم الأجيال القادمة ان الانسان ضعيف امام هذه الحياة والذي يقدر ان يجعله قويا هو قوة صلاته وايمانه وافعاله.
الموت اتٍ سواء الآن او بعد ١٠ سنوات او بعد ٦٠ سنة، سيأتي لا محال فلما لا نكون مستعدين لكل الأوقات؟ هل نسينا انه مذكور في الانجيل ان الموت يأتي كالسارق؟ لا نعلم متى وكيف يأتي لذا واجب علينا السهر والعمل باستمرار لنكون مستعدين! لا أحاول اخافتكم بكلماتي ولكن لنكن واقعيين نهاية كل انسان هي الموت في النهاية فالسؤال هو هل انا حاضر؟ هل انا مهيأ؟ هل انا اهلٌ للحياة الأبدية؟ انا خاطئ نعم وجميعنا خاطئون ولكن لا ننسى ان ربنا اله رحمة وهو ينظر علينا بعين الشفقة والرحمة لذا لنستعد قوتنا ونعمل بجد وكفاح ولنتكاتف معا بالأيمان والصلاة والمحبة والرجاء.
يجب ان ندخل عام ٢٠٢١ بأيمان قوي لا يتزعزع ونرفع صلواتنا وتضرعاتنا الى رب المستحيلات فهو القادر على كل شيء ولنتكاتف جميعاً ولنصلِّ بقلوب ملؤها الرجاء وبصوت واحد ان يمنّ ربنا علينا بالأمان الروحي والاستقرار الداخلي وليكن عام ٢٠٢١ طفرة ايمانية لكنيستنا ولقلوبنا ولنحوّل ايماننا الى فعل، لنحوّل كلماتنا الى فعل نعيشه يوميا، لنعش ايماننا فعليا وليس ظاهريا فقط.
أتمنى لكم عاما جديدا مليئاً بالخير والبركات والصحة واطلب من ربنا ان يشفي جميع المرضى وان يفكّ الاسرى وان يقضي على الفساد أينما وُجد واصلي من اجل الكنيسة ليحمها الرب من هجمات الشرير وان يرعى خرافها وان يقوي رعاتها بشفاعة امنا مريم العذراء وجميع القديسين.
لا تنسوا شيئا واحدا فقط: قوّة الصلاة تعمل المستحيلات.
كل عام وانتم بألف الف خير…

الاب حنّا قلّو

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!