مقالات دينية

“لا للتنمّر… كل شخص منّا جميل بطريقة ما”

لا للتنمّر… كل شخص منّا جميل بطريقة ما

قبل أيام قليلة كنتُ أتابع فلم wonder وهو انتاج سنة ٢٠١٧ عن طفل بتشوّهات خلقية من الولادة اضطرّ والداه أن يقوما بعدّة عمليات له لتقليل التشوّهات ولكن هذه العمليات لم تفي بالغرض كما هو مطلوب.
جميعنا نعلم أننا جميعا خُلقنا على صورة الله ومثاله ونحن مح*بو-بون بنظر الله مهما كانت سلبياتنا ومهما كان شكلنا سواء جميلا أم بشعا، هذا الفلم يعلّمنا الكثير في حياتنا كبشر لاننا اليوم نعيش في مجتمعات تنظر الى الآخر بنظرة غريبة وكأن الشكل يحدد لنا كيف نتعامل مع الشخص سواء كان قريبا او غريبا، ننظر في بعض المرات على الآخر نظرة شكلية ظاهرية فقط ولا ننظر الى القلب والذي يعتبر جوهر كل انسان، من الأمور الجميلة التي في هذا الفلم هو أن الربّ له حكمته في كل شيء وهو يهتم بكل شيء ولكل شخص فواقعيا كل شخص يعاني من إعاقة ما ظاهرية أو خفيّة، سواء بالجسد او بأسلوب التعامل او بالكلام او بالفكر والعقل والقلب كل شخص يعاني من نقص ما ولن نرى في العالم كلّه شخصا كاملا لذا فالرب يهتم بالجميع بطريقة ما.
في سفر صموئيل الاول الاصحاح الـ ١٦ نرى صموئيل النبي يذهب الى بيت لحم والى بيت يسّى ليختار ملكا جديدا على اس*رائ*يل نظرا لفشل الملك شاول فيتقدم ابناء يسّى السبعة واحدا تلو الآخر يتقدمهم إليآب بكر يسّى والمعروف بقامته وطوله فنظر صموئيل الى هيئته (شكله) فيظن انه هو المختار من عند الربّ فيقول الرب ليس هذا وكذلك أبيناداب الى الابن السابع فيرفضهم جميعا، فيتبقى فقط الابن الثامن داود راعي الغنم والشخص المسالم والذي يعزف فيختاره الله من بين الجميع مع العلم أنه لم يتقدم اصلا للمهمة نظرا لصغر سنه وقصر قامته فنتأكد من هذا الموقف في اختيار ملك اس*رائ*يل أن الانسان (صموئيل) كان ينظر الى الهيئة الخارجية أما الرب فنظر الى القلب اذ يقول في نفس الاصحاح الآية ٦ “أن الله ينظر الى القلب” لان القلب هو جوهر كل انسان وكل انسان جميل بطريقة ما.
ظاهرة التنمّر أصبحت ظاهرة واسعة يجب القضاء عليها بكل ما اوتينا من قوة وكل شخص يتعرض للتنمر يجب أن يكون قويا ومساندا لنفسه وأن يأخذ الرب قوةً له لانه بعين الرب هو معجزة، الشخص الي يتنمر على الآخرين هو المعاق في قلبه وفكره وهو لا يحب الله لان الذي يحب الله لا يتنمر على البشر المخلوقين من الله والذين هم على صورته ومثاله مهما كان شكلهم.
خبرة شخصية لي ككاهن اختصرها بعدّة اسطر؛ عندما كنتُ شابا مراهقا كنتُ اضع سماعات الاذن (هيدفون) و اقوم بزيادة الصوت دون التفكير في سلبيات هذا الشيء مما أثّر على طبلة السمع واضطررتُ الى ان استعمل سماعات طبية لكي اقدر على التواصل اكثر، في البداية كان الأمر صعبا جدا عليّ وبقيتُ فترة لا اتجرء ان اختلط كثيرا مع الناس حتى في الكلّية كان الامر صعبا في البداية ليس لأني لا اسمع بل لقلّة ثقتي في البداية ولكن فيما بعد تشجعتُ وواجهت واقع الحال الذي انا به وانتصرت وقدرتُ على أن أثبت ان الله هو الذي يسند وله حكمته في كل شيء، لم اتعرض الى التنمر لكن هذه الاعاقة في التواصل جعلتني اشعر بشعور غريب جعلني في البداية أن افقد ثقتي بنفسي وأن أخاف من شيء اسمه (تواصل) لذا الشخص الذي يتعرض لحادث ما او يولد بتشوّه خلقي يجب ان يساعد نفسه اولا، هو يجب ان يساعد نفسه وبعدها سيرى أن الرب يرسل له اشخاصا يعينوه ويسندوه، في هذا الفلم الرائع والذي انصحكم جميعا على مشاهدته نرى الأُم هي قوة لطفلها، هي سند لطفلها وكذلك أخته ووالده فاهتمامهم به واصرارهم على أن يكمل دراسته يُرجعان الثقة بنفس هذا الطفل الذي يرفض أن يخرج من البيت دون أن يضع خوذة الدراجات على وجهه ورأسه لكي لا يراه الناس.
حقيقةً كل شخص هو مُبارك ومح*بو-ب وجميل بطريقة ما، لان الربّ يعطي نعما مقابل كل شيء لا تملكه، كل شخص يملك صفة جميلة بداخله مهما كان هذا الشخص ولكن يبقى أن نكتشف جميعا وان نجيب على هذه الاسئلة: كيف ارى نفسي جميلا؟ من أنا؟ ماذا أقدم للمجتمع؟ ماذا أقدم للرب؟ كيف اكتشف ذاتي؟ كيف أقوم بتطوير ذاتي؟ هل أنا مح*بو-ب؟ واذا كنتُ مح*بو-با ما هي الصفات التي تجعلني جميلا؟ انا اشجع كل قاريء لهذه الكلمات ان يكتشف ذاته وأن يحب نفسه وأن يحب الحياة وأن يحب جميع الناس على اشكالهم وصفاتهم فمن يحب الناس يحب الله.
وسائل التواصل الاجتماعي ومنها بالذات البرامج التي تقتصر على كثرة المشاهدات مثل (snapchat و Tik tok) وغيرها من البرامج جعلت الكثير من الناس عميانا وخاصة الذين يهمهم أمر المشاهدات الاعلى ويظنون ان الحياة هي فقط بآراء الناس عنّي وعن جمالي لذا نرى الفتيات ينشرون صورا وكذلك الشباب بدون تعب او ملل فقط لان هيأتهم (شكلهم) جميل فتأتي التعليقات من هنا وهناك، من ناس يعرفونهم ومن ناس لا يعرفونهم وهذا ان دلّ على شيء فهو يدل على قلّة الثقة في النفس (طبعا ليس الجميع وليس نشر الصور شيئا خاطئا ولكن القصد من كلامي هو أن يصبح هذا الشيء محور حياتي وان تدور حياتي حوله فقط) فان كنتَ جميلا فأنت جميل بقلبك وفكرك ونظرتك اولا والشكل يأتي في النهاية لان هذا الشكل وهذا الجمال سيزولان يوما ما ومن المستحيل ان يبقيا للأبد لاننا من تراب والى التراب نعود، الشكل هو عطية من الله ونعمة منه ولن يقدر احد منّا أن يديم جماله الى الابد مهما فعل، اذا فالشكل عطية أما قلبك وصفاتك الداخلية أنت المسؤول عنها وهي التي ستجعل اسمك خالدا في اذهان الكثيرين حتى وان فارقت الحياة لذا فكل شخص هو جميل بطريقة ما وعلينا ان نسند بعضنا البعض وان لا نجرح وان ننتقي الكلمات التي ننطق بها وان نعرف امام من ننطقها ولنقل جميعا بصوت واحد (لا للتنمر من اجل خلق نفوس واجيال رائعة) و ان لا نكسر قلوب الآخرين لان كل انسان له احاسيس ولا احد يقدر أن يشفي نفسه عن طريق اصابة الآخرين لان الرب خلقنا اسوياء ويحبنا نفس الحب جميعا وتذكر شيئا مهما ” معرفة ما هو صحيح لا يعني الكثير ما لم تفعل ما هو صحيح”

بارككم الربّ لانكم جميعا بدون استثناء جميلين بنظر الرب وجميلين ورائعين ومباركين بطريقة ما لا نراها كلنا بالعين.

الاب حنا قلّو

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!