مقالات دينية

اخذنا اسم المسيح وابعدنا أفعال المسيح عن أنفسنا

الاب حنا قلو

الاب حنا قلو – اخذنا اسم المسيح وابعدنا أفعال المسيح عن أنفسنا

منذ فترة ليست بعيدة كنت أتأمل صورة في هاتفي النقال، رايتها صدفة في احدى الصفحات، وكانت ليسوع المسيح له المجد وللكهنة والفريسيين خلال محاكمته، وقد اخذني التفكير قليلاً فيما لو جاء المسيح اليوم، هل نصدق انه المسيح المنتظر فعلاً؟ ستكون المواقف كما كانت حين مجيئه لأول مرة، فالبعض سوف يؤمن وبعض الاخر يرفضه، وكما تساءلت، كم منا اليوم يمثلون الفريسيين والكهنة؟ علماً انهم صلبوا المسيح مرة واحدة، بينما كم مرة نصلبه نحن؟ ما اتحدث عنه، لا استثني نفسي منه، كما كلامي ليس تعميماً، فكل انسان مسؤول عن نفسه.
كم مرة نحن المسيحيين نصلب المسيح؟ ونسمي أنفسنا مسيحيين؟ فهي مسالة محزنة ومتألمة ومثيرة عندما نقول نتبع المسيح، ولكن من جهة أخرى تشير افعالنا الى عكس ذلك، بل نعمل عكس ما اراده منا في حياتنا، فندين بعضنا، ونفرح بفشل الاخر، ونكره بعضنا، ونطلب الشر لغيرنا، ونطمع بما ليس لنا، ونترك المحتاج ان يعيش في غيه، ولا نفكر الا بأنفسنا.
كم منا بات يهتم في الكنيسة؟ ففي السابق كنا نشعر بالهيبة والوقار من ذكر اسم الكنيسة، او اثناء وجودنا فيها، او مشاركتنا للاحتفال بالقداس الإلهي في وسائل التواصل الاجتماعي، بينما في وقتنا، أصبحت مشاعرنا توحي لنا كأنما حاضرون لعرض ما ونفسر كل شيء حسب امزجتنا وما يتفق مع مواقفنا، ونتذمر من الوقت ولا نفكر ونندمج ونتفاعل مع اركان القداس، بل كل همنا هو ان ينتهي بسرعة، كأنما الساعة المخصصة للحضور والمشاركة أصبحت ساعات، انما لو حضرنا فعالية اجتماعية، كحفلة او كازينو او مطعم، سيكون شعورنا عن الوقت، انه مرّ بسرعة البرق، مفارقة كبرى! مما يدل بوضوح ان اهتمامنا وتركيزنا على الماديات الأرضية أكثر من الروحانيات اليوم.
في ضوء هذه المعطيات السلوكية ولتفكير القاصر، سيكون موقفنا تجاه المسيح الآتي، كموقف اليهود اثناء مجيئه الأول، فالمشكلة، ما يجعل آخرتنا مخيفة جداً، تكمن في اننا نعلم اين هي الحقيقة ولكن لا نتبعها، اذ نعلم كل شيء، فهو مكتوب في الكتاب المقدس، ويُقال لنا في الكنيسة، ولكن نصم آذاننا كاليهود.
لا يحق لنا توجيه اللوم الى الذين يسفكون الدماء البريئة وينهبون أموال الأخرين فهم يفعلون ما يُملى عليهم، ونحن نسمي أنفسنا مسيحيين، ونتبع المسيح، بينما لا نفعل بما يُملى علينا، انما نكتفي بما نفكر به من اشباع الماديات الأرضية ونبتعد عن الروحية المطلوبة. في الوقت الذي يقول التعليم المسيحي لا لكثير من الأفعال التي يفضلها الانسان. فلابد ان يتعب المؤمن، فبدون التعب لا توجد الراحة في الآخرة، فمن يريد ان يرتاح، عليه ان يتعب.
لنطلع ونسأل أنفسنا، ونقول: متى كانت الكنيسة خالية من المؤمنين أيام الاحاد؟ ولا اقصد في فترة الحجر المنزلي، الا نسأل أنفسنا لماذا يحصل هذا؟ وبتنا في حالة تباين كبير بين الامس واليوم في حضورنا والتزامنا الكنسي، وأخشى الساعة التي ستقضي التكنولوجية على كل اهتماماتنا الروحية!
نعم، نحن نصلب المسيح كل يوم بأفعالنا ومواقفنا ونهين أنفسنا، فالمسيح له المجد ليس بحاجة لصلواتنا، بل نحن بحاجة اليها، فلا ننسى ما قاله لنساء اورشليم في درب الصلب، لا تبكين عليَّ، بل أبكين على انفسكنَّ واولادكنَّ. اذن نحن بحاجة الى البكاء على أنفسنا في مثل حالتنا اليوم.
نحن نطلب العدالة بكل قوتنا، ونحن لا نُقيم العدالة، لا عدالة بين البشر ما لم نقيمها نحن بأنفسنا، نطلب السماح والغفران، ونحن لا نسامح ولا نغفر، بل نناقض أنفسنا هنا، عندما يكون اثنان متخاصمان ولا مسامحة وغفران بينهما، الا انه عند وفاة أحدهم، فيركض المخاصم الى عزاء الشخص المتوفي! في حين ان ذلك المتوفي هو بحاجة اليه وهو على قيد الحياة. قال الرب: اذا قدمت قربانك الى المذبح، وهناك تذكرت ان لأخيك شيئاً عليك، اترك هناك قربانك قدام المذبح واذهب أولا اصلح مع اخيك 24- 23 :5 .
فالقربان هو ما تتقرب به الى الله وتقدمه امام المذبح.
لنفكر بما قاله (مهاتما غاندي) (لولا المسيحيين لصرت مسيحياً)، لنفكر بعمق فيما قاله، ونختبر أنفسنا، سنرى نحن كالفريسيين والكهنة في زمن المسيح، ومن يقول لا، ليراجع نفسه قليلاً، ويقول ماذا يفعل للمسيح؟ فالمسيح يأتي الينا بهيئة الفقير، فهل نساعده ونهتم به، ويأتي الينا بهيئة المريض، فهل نساعده ونزوره؟ بعد فوات الاوان لا يفيد شيئاً، لنحاول العودة، والمحاولة بحد ذاتها تُرضي الرب، فلا ننتظر مكان الذي يكون فيه البكاء وصرير الاسنان.

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!