الحوار الهاديء

عام على النكبة: المسيحيون العراقيون النازحون بين المغادرة والبقاء

الكاتب: جاك يوسف الهوزي
عام على النكبة: المسيحيون العراقيون النازحون بين المغادرة والبقاءيزداد وضع المسيحيين العراقيين النازحين تعقيداً بعد عام من سيطرة د*اع*ش على مدينة الموصل وقرى وقصبات سهل نينوى.فحالة عدم الأستقرار وضبابية الرؤية المستقبلية، إضافة الى إنشغال المجتمع الدولي بإمور أخرى تجعل شبح المصير المجهول يخيم عليهم.ولايمكن لمحاولات فردية أو جماعية لمنظمات إنسانية ودينية، رغم الدور الأيجابي الذي يمكن أن تلعبه،  أن تكون بديلةً عن دور الحكومة العراقية والمجتمع الدولي ممثلاً بالأمم المتحدة ومنظماتها ذات العلاقة المباشرة بالأمر مثل مفوضية شؤون اللاجئين ومجلس الأمن الدولي لتوفير الحماية اللازمة لهم وتحسين ظروفهم الصحية والمعيشية وتأمين اللازم من التسهيلات الأساسية كحد أدنى لغاية إيجاد حل دائم لهم، والذي يتمثّل في ثلاثة إحتمالات معقدة وتتطلب وقتاً طويلاً وجهداً كبيراً لتحقيقها:١- تحرير مناطقهم وإعادة تأهيلها، ولايبدو في الأفق حصول هذا الأمر قريبا.٢- توفير فرص عمل لهم في  اقليم كردستان والمناطق التي نزحوا إليها في عموم العراق.٣- العمل على تسهيل أمر من يرغب بمغادرة العراق.لنلقي الآن نظرة أوسع الى النقاط الثلاثة أعلاه وإمكانية تحقيقها ومن له دور وعلاقة بها:١- تتحمل الحكومة العراقية مسؤولية تحرير الأراضي المحتلة، إلاّ أنها مرتبطة بشكل أو بآخر بالجهات الخارجية التي تساهم معها في هذه العملية، هذه الجهات لايهمها أمر شعبنا والشعب العراقي عموماً بقدر تعلّق الأمر بمصالحها الخاصة وزيادة نفوذها في المنطقة، لذلك لايمكن إلقاء كل اللوم على الحكومة العراقية الهشة أصلاً، ولكنها بالمقابل أمام مسؤولية أخلاقية تجاه النازحين تتمثل بتوفير دعم شامل لهم، دون تمييز، وفي جميع المجالات لغاية تحقيق هدف التحرير.هذا ليس فضلاً منها وإنما حق مشروع لهم، وبما أن عراق اليوم قائم على أُسس طائفية وفئوية، فإنّ كل من يُمَثّل فئة معينة لدى السلطات الحكومية يتحمل مسؤولية المطالبة وتوفير ماتحتاجه هذه الشريحة المنكوبة وبعكسه لايختلف وجوده في السلطة من عدمه، بمعنى إنه تكملة عدد فقط !ووفق هذا المنطلق، يجب أن لاتتحمل الكنيسة والمنظمات الخيرية والأنسانية العبئ الأكبر عوضاً عن الحكومة والمنظمات الأممية المختصة في هذا المجال، وإنما يكون دورها مساعداً ومكملاً لها.٢- معاملة النازحين كأبناء المناطق التي نزحوا إليها إنْ كان في أقليم كردستان أو في عموم العراق في مجالات العمل والدراسة وعلى أساس المنافسة الشريفة وليس المفاضلة والتمييز لأنهم ليسوا أجانب أو لاجئين غير شرعيين، وان أسباب تواجدهم القسري المؤقت والذي قد يطول لمدة غير محددة معروفة للجميع، إنهم بأختصار مواطنون عراقيون لهم حقوقهم كالآخرين.تقع هذه المسؤولية على السلطات المختصة ويتحمل ممثلو شعبنا مسؤولية متابعة وتسهيل أمرهم في هذه المجالات.٣- نعلم بأن مساعدة من يرغب بمغادرة العراق ليس بالأمر السهل، كما انه حساس ومثير للمشاعر في آنٍ واحد.لكننا يجب أن ندوس أحياناً على مشاعرنا وعواطفنا التي لا تُغني ولا تُسمنْ. للأسف، لايملك الذين يطالبون النازحين الراغبين بعدم الهجرة حلولاً ناجعة لمعاناتهم، بما يضمن لهم حياة حرة كريمة تجعلهم يتمسّكون بأرض الآباء والأجداد.وهنا لانطالب الكنيسة والجهات المعنية بتشحيع الناس على الهجرة، وإنما الأشارة الى المصاعب التي يعانون منها والمستقبل المجهول الذي ينتظرهم حتى في حالة العودة الى مناطقهم المُدَمَّرة بعد أن فقد الكثيرون منهم كل مايملكونه تقريباً، ومفاتحة الدول التي لديها إستعداد لقبول شرائح معينة منهم وخاصة المرضى وكبار السن المعدومين كلاجئين بالتنسيق مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين (UNHCR) لتسهيل الأمر.وأخيراً، يحب أن نكون واقعيين ولانعيش في أحلام الماضي، فالمشكلة أكبر من أن يتم حلها بالشعارات والح*ما*سة والشجب والتنديد، وإنما بخطط عملية مدروسة تتماشى مع ما تتطلبه الحياة العصرية وحرية الفرد في المغادرة أو البقاء…

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!