منكيش الجمال والعطاء / الحلقة الثالثة / الموارد الطبيعية
الدكتور عبدالله مرقس رابي
منكيش الجمال والعطاء
الحلقة الثالثة / الموارد الطبيعية
خاص/ مانكيش.كوم
الدكتور عبدالله مرقس رابي
أستاذ وباحث أكاديمي
الموارد الطبيعية هي العناصر التي تتكون منها البيئة الطبيعية ،ولا يتدخل الانسان في وجودها ،وهي على ثلاث اصناف : الاولى الموارد الطبيعية الدائمة التي تدوم في الطبيعة بالرغم من الاستهلاك المستمر لها من قبل الانسان مثل المياه.واما الصنف الثاني هي الموارد الطبيعية المتجددة ،وهي مستمرة الوجود في الطبيعة بالرغم من استهلاكها ،فهي قابلة للتجديد مثل النباتات والغابات. والصنف الثالث ،الموارد الطبيعية غيرالمتجددة ،وهي التي تستنفذ في الطبيعة لعدم قدرتها على التجديد ،لانها تستغل من قبل الانسان وتشمل المعادن بانواعها المختلفة.
تقع منكيش كما بينا سابقا في المنطقة الجبلية من العراق ،ومن المعروف ان هذه المنطقة غنية بالموارد الطبيعية على انواعها ،ولكن الموارد الطبيعية من الصنف غير المتجددة لا تزال موجودة على طبيعتها لفقدان التنقيب عنها والتخطيط لاستغلالها لانها بحاجة الى امكانات تكنولوجية ضخمة واموال هائلة زائدا توفر الامان وثم التخطيط السليم للتنمية الشاملة.وعليه فان الطبيعة في بلدتنا منكيش لم تمسها ايدي التنقيب عن الموارد الطبيعية غير المتجددة ،فهي غنية بالمعادن التي تعد ثروة لسكانها والمنطقة .
وأما الموارد الطبيعية المتجددة في منطقتنا تتمثل بالغابات والنباتات، وهي عنصر اساسي من عناصر البيئة ولها تأثير مباشر على المناخ ، فالغابات نظام بيئي شديد الصلة بالانسان ،وان تدهورها أو ازالتها يحدث انعكاسات خطيرة ومهددة للتوازن البيئي لانها تسبب الخلل في نسبة الاوكسجين وثاني اوكسيد الكاربون في الطبيعة.
وتعد غابات منطقتنا من الناحية الايكولوجية ” البيئوية ” اقرب الى الغابات الاوربية السيبيرية منها الى نوع غابات البحر المتوسط ،اذ لاتوجد في هذه الغابات اشجار دائمة الخضرة ،ففيها اشجار البلوط بالدرجة الاساس وعلى نوعين : الاول بلوط ” العفص ” والثاني بلوط الدردار ، وتستخدم ثمارها لصناعة الادوية للطب الشعبي من قبل سكان المنطقة،وتنتشر فيها الاشجار التي استخدمت ثمارها موادا غذائية للانسان ،منها اشجار ” حبة الخضرة ” ،والزعرور ، والسماق ، والكمثرى البرية ، واللوز ،واشجار العرعر والتوت والتين البري .جنى سكان منكيش ثمارها في السابق للاستفادة منها للاستهلاك الذاتي وللبيع ،واما حاليا استغنى عنها الاهالي لبيعها في الاسواق حيث تأتيهم جاهزة ومعلبة .
كما تنتشر ايضا في مروج منكيش مجموعة من الاعشاب المعمرة التي تستخدم للرعي في فصل الصيف،بينما عندما تكون كثيفة في المراعي تقطع وتلف على بعضها وتجفف لتسهيل عملية خزنها كعلف للحيوانات لموسم الشتاء القارص وتسمى محليا “بثيلي ” اضافة الى تجفيف ورق الاشجار وتكوم على بعضها وتسمى ” كبشته ” وتقدم في الشتاء علفا للاغنام .وتمتد على ضفاف الجداول الكبيرة شرائط من النباتات العائدة للمجموعات القصبية ،كما توجد في الغالب اشجار الصفصاف والدردار والعليق والاسفندار التي استخدمت بصورة واسعة في البناء وصنع الاثاث البيتية الخشبية،بينما يستغني الان سكان البلدة عنها لتوفر البدائل في السوق.
وقد كانت هذه الغابات منتشرة في براري منكيش وحولها وبشكل كثيف ،ولكن مع بداية الستينات بدات عملية ازالتها ،فاختفت تدريجيا ،اذ توغل الحطابون وصانعوا الفحم هنا وهناك بحثا عن اشجار مختلفة ،ومن العوامل الاخرى التي دعت اهالي البلدة قديما الى قطع الاشجار هو التدفئة، حيث لم يكن بديل غير الاشجار لتستخدم لهذا الغرض ،وثم امتداد الحقول الزراعية والرعي،وحديثا امتداد البناء على حساب االنباتات البرية والغابات والبساتين المزروعة ،فاصبحت المناطق المحيطة بالقرية خالية من الاشجار،وانحسرت الغابات الكثيفة في المناطق الوعرة من الجبل .
للغابات اهمية كبيرة في حياة الانسان ، ولابد من توضيح اهميتها لكي تنال الغابات والنباتات المنتشرة في منطقتنا اهتماما ورعاية للحفاظ عليها ،فهي :
لها قيمة اقتصادية وصناعية ،وقد تدخل في التجارة وتعد مواد اولية لعدة صناعات ،وهي تحمي ينابيع المياه ،وتمنع تدهور التربة وتآكلها ،وتحافظ على استقرار الجبال ،وتعد الغابات موطن الحيوانات والنباتات ،وهي مصدر مهم للطاقة،بل واهم وظيفة لها هي المساهمة في تجديد الغلاف الجوي ،اذ تنظم نسبة الاوكسجين وثاني اوكسيد الكاربون في الطبيعة ،ولها قيمتها الترويحية حيث توفر الجمال الطبيعي والهدوء لقضاء اوقات الفراغ والاستمتاع .
ومن هذا المنطلق تتحمل الجهات الرسمية مسؤولية الحفاظ على هذه الثروة بتشريع قوانين تنظم عملية الحفاظ عليها من الابادة والتخطيط السليم العلمي لامتداد المناطق السكنية في البلدة حديثا ،كما تتطلب تعاونا مكثفا من اهالي البلدة لمنع ايذاء البيئة الطبيعية وتدمير هذه الموارد الاقتصادية المهمة وعدم اهمالها …