مقالات دينية

قدرة المجرب في إسقاط المختارين

قدرة المجرب في إسقاط المختارين

بقلم / وردا إسحاق قلّو

( لو لم يقصر الرب تلك الأيام لم يخلص جسد ) ” مت 22:24″ 

   علينا أولاً البحث عن أصل المجرب وقدراته وصفاته وطبيعة تجاربه التي يحارب المؤمنين . أصل المجرب كان من أحد ( الملائكة المقتدرين قوّة ) ” مز 20:103 ” كان منظره جميلاً فكتب عنه حزقيال النبي ( أنت خاتم الكمال ملآن كلمة وكامل الجمال ) ” 12:28″ . لكن عندما تمرد على الله وسقط فقد بعض إمتيازاته كالكمال والحكمة والقداسة والطهارة . لكنه أحتفظ بطبيعته القوية كملاك ، وتلك القوّة يستخدمها بقسوة لمقاومة كل صلاح ، فقد أستخدمها أولاً في إسقاط طغمات من ملائكة برتب مختلفة من الكاروبيم والسلاطين والرؤساء والقوات .

   بعد أن خلق الله العالم ، وخلق فيه الإنسان ، أستطاع إسقاط الأبوين اللذين كانت طبيعتهما نقية جداً ومخلوقين على صورة الله ( تك 3) . ومن بعدهم قايين أيضاً ، وأستطاع إسقاط شمشون الجبار عندما سقط مع دليلة وأباح بسره لها ( قض 16 ) . وآباء أقوياء في الأيمان كأبراهيم الذي كذب قائلاً بأن سارة هي اخته ، ويعقوب أو الآباء على الرغم من المواعيد التي منحها له الله وبركته ومحبته التي أحبه بها وهو في بطن أمهِ ، قال ( أحببتُ يعقوب وأبغضتُ عيسو ) ” رو 13:9 ”  . لكن بسبب كذبه على والده أسحق للحصول على البكورية ظلت المتاعب تلاحقه . فخدعه خاله لابان في الزواج من لية وراحيل ، وغير أجرته مرات عديدة ،  . كما اتعبه المجرب بأولاده الذين كذبوا عليه ( تك 37: 31-34 ) . علماً بأن الكتاب يصف يعقوب بهذا الوصف  ( ويعقوب إنساناً كاملاً يسكن الخيام ) ” 1 تك 27:25 ” .

 وايوب البار أسقطه المجرب في البر الذاتي رغم شهادة الله له مرتين بالكمال ( لأنه ليس مثله في الأرض رجل كامل ومستقيم يتقي الله ، ويحيد عن الشر ) ” أي 1: 8 و 3:2 ) لذا يجب أن نحترس من مكائد المجرب ولو وصلنا إلى درجة القداسة والكمال لأن الأبليس سيبقى يضل العالم إلى نهاية الأومنة ( ويخرج ليضل الأمم الذين في أربع زوايا الأرض ) ” رؤ 8:20 ” .

وهكذا استطاع المجرب أن يخدع موسى ويسقطه في التجربة عندما ضرب الصخرة مرتين قائلاً للشعب المتمرد ( أسمعوا أيها المردة أمن هذه الصخرة تخرج لكم ماء ) ” عد 10:20 “

الله لا يُجامل أقرب المقربين إليه إذا أخطَأوا ، أي عليهم دفع أجرة خطيئتهم . فعلينا أن نعلم  بأن الله لا يشفق علينا أن لم نتوب عن خطايانا، أي يجب أن نتعرض لعدل الله نتيجة سقوطنا في التجربة .

   ومن عمالقة الإيمان الذين سقطوا في التجارب ( داود الملك ) الذي كان قلبه كاملاً مع الله ، ولم يكن قلب الملك سليمان أبنه كقلبه مع الله ( 1 مل 4:11 ) لكن رغم ذلك سقط بخطيئة مركبة وهي الزنا والق*ت*ل . رغم إعترافه بخطيئته أمام ناثان النبي . كانت توبته مستمرة ودموعه صارت خبزاً نهاراً وليلاً ، فكان يبلل مخدعه بدموعه ( مز 6 ) ومع كل هذا فقد شمله عدل الله ونقل عقوبته إلى أولاده لأنه أعترف وأعلن توبته ، فنقل إليه ناثان قول الله ، قائلاً ( الآن لا يفارق السيف بيتك إلى الأبد لأنك أحتقرتني وأخذت إمرأة أوريا الحثي لتكون لك إمرأة . هكذا قال الرب : هئنذا أقيم عليك الشر من بيتك ، وأخذ نساءك أمام عينيك وأعطيهم لقريبك ، فيضطجع مع نسائك في عين هذه الشمس ) ” 2صم 12: 10 ، 11 ” فخطيئة الجنس التي اقترفها داود لم تفارق بيته متمثلاً في خطايا ابنيه أمنون وأبشالوم . ولم يفارق السيف بيته حيث قام ضده ابنه ابشالوم وهزمه من قصره حافي القدمين وباكياً ومضطرباً وخائفاً من ابنهِ ، فقضى فترات ذل وتعبٍ وتشريدٍ في العراء جزاء خطيئته . وهكذا سقط ابنه سليمان أحكم بني البشر في زمانه ، أخطأ لما أمالت قلبه النساء إلى عبادة آلهة أخرى .

     وفي العهد الجديد استطاع المجرب أن يغربل تلاميذ المسيح رغم الإنذار المسبق للرب يسوع لهم فسقط الأسخريوطي والرسول بطرس بسبب الخوف فنكر سيده ثلاث مرات . وهكذا سقط قديسين كثيرين بسبب ضعفاتهم البشرية أمام تجارب الأبليس . لو فرضنا بان حياتهم كانت كلها انتصارات لحسبناهم من طبيعة أخرى غير طبيعتنا ولكن سقطاتهم في تجارب المجرب تعطينا فكرة بأنهم مثلنا تماماً مع سمو في الدرجة . وثقل التجربة هو فوق قدرة إحتمال المؤمن . أو سبب السقوط يرجع إلى عدم الإستعداد وقت التجربة لمقاومتها ، أو يكون لحظة التجربة ، أي في لحظة الفتور الروحي . كل مؤمن يستطيع الوصول إلى درجة القداسة عن طريق مساعدة المعونة الإلهية والأستعداد للدخول في الجهاد ضد التجربة . وإن لم يستطيع المؤمن الإنفصال عن الخطاة والإبتعاد عن طريق الخطيئة فعليه أن يتحمل العقوبة . يجب أن يكون له اسلوباً خاصاً في الحياة لكي يغيير طريقة التفكير والكلام ليتحول إلى واحد من أولاد الله ، كما يقول الرسول يوحنا ( أولاد الله ظاهرون ) ” 1يو 10:3 ” وعليه أن يستعد للدخول في التجارب لأنها تفتح له أبواب الملكوت ويحصل منها البركات فيتقرب من الله ، ويتمسك به فتتغير حياته إلى التواضع والإستعداد بسبب حصول على خبرة في فهم مقاصد الله في التجربة ، ويؤمن بأن الله يسمح للمجرب في تجربته لكونه مؤمن ، والمؤمن يعطي قوّة على الإنتصار من أجل مقاومة خطط الشيطان فيشعر بقوة روحية مصدرها الله فيزداد إيماناً وتعمقاً وإندفاعاً ، ولا يفكر بالفشل لأنه يعلم بأن الله سيدافع عنه ، لا وبل يحارب عنه لأن ( الحرب للرب ) : 1صم 47:17″ هكذا يتقوى المؤمن ويقاوم الأبليس فيهرب منه ( يع 7:3 ) .

 وللرب المجد الدائم    

          التوقع ( لأني لا أستحي بالبشارة . فهي قدرة الله لخلاص كل مؤمن ) ” رو 16:1 “

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!