مقالات دينية

عيد إنتقال العذراء بالنفس والجسد (ܫܘܢܵܝܐ ܕܡܪܝܡ ܥܕܪܐ )

عيد انتقال العذراء بالنفس والجسد (ܫܘܢܵܝܐ ܕܡܪܝܡ ܥܕܪܐ )

بقلم / وردا إسحاق قلّو

عيد إنتقال العذراء بالنفس والجسد (ܫܘܢܵܝܐ ܕܡܪܝܡ ܥܕܪܐ )

أيقونة انتقال العذراء وهي تعطي الزنار للرسول توما 

 

يقول المزمور ( قم أيها الرب إلى موضع راحتك أنت وتابوت عزتك ) ” 8:131″

   تحتفل الكنيسة الكاثوليكية بعيد إنتقال مريم العذراء والدة الرب يسوع إلى السماء بالنفس والجسد في يوم 15 آب من كل عام ، إضافة إلى إحتفالات كثيرة التي خصصتها الكنيسة لهذه القديسة كأعياد أو تذكارات ، كتذكار ميلادها ، وعيد بشارة الملاك لها ، وتذكار مريم حافظة الزروع ، وعيد دخولها الهيكل ، وعيد مريم أم الكنيسة ، وتذكار مريم أم الكون ، وتذكار مريم أم المعونة الدائمة ، وعيد العذراء مريم سلطانة الوردية المقدسة ، وعيد مريم العذراء المحبول بها بلا دنس ، وعيد تهنئة العذراء مريم ، وعيد نياحتها . فهذه الأعياد والتذكارات تحث المؤنين الحضور إلى الكنيسة لتقديم الصلاة وإلى تجديد الحب وتقديم الشكر لها كأم للرب وأم للكنيسة الجامعة ، ولكي تكمل وصية الإنجيل المقدس على فم العذراء ( سوف تهنئني بعد اليوم جميع الأجيال .. ) ” لو 48:1 ” . وإضافة إلى هذه المناسبات الكثيرة خصصت لها الكنيسة شهر أيار وسمي بالشهر المريمي لتكريمها بصلاة الوردية وصلواة مخصصة لهذا الشهر . كما خصصت لها الكنيسة أصواماً وإحتفالات وأيقونات وتماثيل ، بل سميت كنائس وأديرة ومزارات ومذابح بإسمها .

  إعترفت الكنيسة المقدسة منذ القرون الأولى بعقيدة إنتقال مريم بالنفس والجسد إلى السماء وبحسب ما تم تسليمه من الرسل الذين دفنوا جسدها المقدس ، وتوما الرسول الغائب روى لهم بأن الملائكة حملت جسدها صاعدين به إلى السماء . وأضاف قائلاً ( أنتم تعلمون كيف شككت في قيامة الرب ، ولن أصدق حتى أعاين جسدها ) فلبوا طلبه وفتحوا القبر فوجدوه فارغاً ، فذهلوا عندئذ ، وهنا سمعوا الروح القدس يقول لهم أن الرب لم يشأ أن يبقى جسدها على الأرض . لم تكتب هذه الأحداث في الإنجيل ولا في رسائل الرسل ، لكن الأجيال نقلت هذه الأخبار إضافة إلى وجود إنجيل منحول يعود للمسيحيين من أصل يهودي يعود إلى القرن الثاني والثالث يقول أن قبر العذراء لم يتم فتحه إلا في العهد الصليبي ، وما تزال الكنيسة تحتفظ بالشكل الذي تركوه الصليبيون . في عام 1972م أكد وأثبت الآثاري الأب بلرمينو باغاتي ما جاء في ذلك الإنجيل المنحول . يسمى قبر العذراء الفارغ الموجود في أورشليم ب ( كنيسة إنتقال العذراء ) وكان المسيحيون يكرمون القبر منذ القرون الأربعة الأولى ، أي في زمن الإضطهاد . بعد إعتراف الأمبراطورية الرومانية بالمسيحية جعل القبر مزاراً للمؤمنين . وبعد مجمع أفسس عام 431 تم تشييد كنيسة فوق الكنيسة القديمة .

   أما التفسير اللاهوتي لسبب إنتقال جسد العذراء مريم إلى السماء فلأنها بتول من الخطيئة فلا يمكن أن ينال جسدها الفساد ، لأن الخطيئة هي التي أفسدت الإنسان الذي خلقه الله على صورته لكي يعيش الخلود . لكنها ماتت لأنها لا تريد أن تكون أفضل من إنها الإله الذي مات بسبب قبوله لأن يحمل كل خطايا البشر . كذلك لا يجوز أن يبقى هيكل الله الذي حمل إبن الله على هذه الأرض فالكوت هو الباب الذي من خلاله عبرت مريم إلى السماء . لكي تصل إلى إبنها فهي متحدة به ، وشريكة معه في الحياة وفي سر الفداء ، كما لم يكن للعذراء حصة في الخطيئة الأصلية الموروثة لأنها حبلت بها أمها بلا دنس لتصبح بيت القربان النازل من السماء .

    أكد حقيقة إنتقال العذراء بالنفس والجسد قديسين وآباء كثيرين منذ القرون الأولى كالقديس جرمانس في القسطنطينية ، قال ( أن جسد مريم البتول ، والدة الإله ، نقل إلى السماء ، ليس فقط بسبب أمومتها الإلهية ، بل لقداسة خاصة شملت جسدها البتولي ) . وعبّرَ عنها قائلاً ( جسدك البتولي كله مقدس ، وكلهُ عفيف ، ولكنهُ مسكن لله . ولهذا فهو بعيد عن كل إنحلال ، ولا يعود إلى التراب  ) .

   أما القديس بطرس دميانوس فقال عنها : في صعودها جاء ملك المجد مع أجواق الملائكة والقديسين لملاقاتها بزفةٍ إلهية ، ولهذه الأقوال نجد صدى في الكتاب المقدس ولا سيما في الآية ( قومي يا خليلتي ، يا جميلتي ، وهلمي ) ” نش 10 :2 ” . وآيات كثيرة في العهدين تنبأت بإنتقال العذراء بالنفس والجسد ، فصاحب المزمور كتب :

( قم أيها الرب إلى موضع راحتك أنت وتابوت عزتك ) ” 8:131″ . وفي العهد الجديد نقرأ في سفر الرؤيا الذي يتحدث عن مصير العذراء عندما يصفها في مجد سماوي عظيم ، هذه المتحدة بإبنها في الأرض والسماء ، تقول الآية ( ظهرت آية عظيمة في السماء : إمرأة ملتحفة بالشمس والقمر تحت قدميها . وعلى رأسها أكليل من أثني عشر كوكباً حامل تصرخ من ألم المخاض فوضعت أبناً ذكراً . وهو الذي سوف يرعى جميع الأمم بعصا من حديد ) ” رؤ 12: 1-2 ” . كذلك الآية ( وإنفتح هيكل الله في السماء وظهر تابوت عهده في هيكله ، وحدث بروق وأصوات رعودٍ وزلزلةٍ وبردٍ عظيم ) ” رؤ 19:11 ” .

 أخيراً نقول : الكنيسة الجامعة ومنذ العصور الأولى آمنت بعقيدة إنتقال العذراء بالجسد إلى السماء ، والبابا بيوس الثاني عشر أعلن إنتقال مريم العذراء عقيدة إيمانية في  1 – تشرين الثاني – 1950 ، وقال ( إنها حقيقة إيمانية ) وصى الله بها .

أن مريم والدة الإله الدائمة البتولية والمنزهة عن كل عيب . بعد إتمامها مسيرة حياتها على الأرض وأكملت المهمة التي طلبت السماء منها لتنفيذها . نُقل جسدها مع نفسها إلى المجد السماوي . ويبين البابا أن هذا العيد لا يذكر فقط أن الفساد لم ينل من جسد مريم فحسب ، بل يذكر إنتصارها على الموت ايضاً . وتمجيدها في السماء . على مثال ابنها يسوع الذي هو بكر الذين ماتوا ، فالبكر هو المسيح ، ثم الذين يكونون خاصته ( طالع 1 قور 15: 20-23 ) ، وبموت وإنتقال مريم شاركت إبنها بالموت والقيامة والصعود نفساً وجسداً ، وفي نهاية الأومنة تقوم أجساد المؤمنين بأبنها الذي سيخطفهم إلى السماء ليشاركوا ذلك المجد .

للمزيد طالع مقالاتنا السابقة المدرجة عناوينها أدناه عن انتقال العذراء إلى السماء

1-عظمة حدث إنتقال مريم العذراء إلى السماء.

2-آيات من العهدين تثبت إنتقال العذراء إلى السماء .

3-عيد إنتقال مريم العذراء إلى العرش السماوي .

4-عقيدة إنتقال العذراء وقيامة الأجساد .

      التوقيع ( لأني لا أستحي بالبشارة . فهي قدرة الله لخلاص كل مؤمن ) ” رو 16؛1 “

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!