مقالات دينية

عقيدة إنتقال العذراء وقيامة الأجساد ( ܫܘܢܵܝܐ ܕܥܕܪܐ )

عقيدة إنتقال العذراء وقيامة الأجساد ( ܫܘܢܵܝܐ ܕܥܕܪܐ )

بقلم / وردا إسحاق قلّو

 ( قم أيها الرب إلى موضع راحتك أنت وتابوت عزتك ) ” مز 8:131 ” 

  إنتقال العذراء مريم إلى السماء بالنفس والجسد عقيدة قديمة يعود أصلها إلى القرون الأولى حيث كانت كنيسة أورشليم تحتفل بهذه المناسبة معيد كنسي منذ القرن الخامس ، وعرِّفَ بعد ذلك بعيد ( رقاد مريم ) يحتفل به يوم ( 15 آب ) من كل عام . وفي القرن الثامن أطلق على هذا العيد ب ( عيد إنتقال مريم إلى السماء بالنفس والجسد ) وجسد العذراء قد أختفى فعلاً بعد الأيام الثلاثة من رقادها بشهادة الرسل الأطهار .

   البابا بيوس الثاني عشر هو الذي أعلن إنتقالها عقيدة وذلك في اليوم الأول من تشرين الثاني سنة 1950، مصرحاً الآتي ( نؤكد ونعلن ونحدد عقيدة أوحى بها الله ، وهي أن مريم أم الله النقية هي دائمة البتولية ، بعدما أتمت مسيرة حياتها الأرضية ، رفعت بالنفس والجسد إلى المجد السماوي ) أما البابا فرنسيس فيضيف إلى جمال هذه العقيدة قائلاً : أن مريم هي حواء الجديدة ، وهي موازية للمسيح آدم الجديد . وقد أتحدت إتحاداً وثيقاً به في محاربة العدو الجهنمي ، فكان لا بد أن تنتهي الحرب التي خاضتها مريم بتمجيد جسدها البتولي ، والإنتقال من هذا العالم ليصبح إنتقالها تحفة الفداء وعمل الله الثالوث : إنها إبنة الآب وأم الأبن وعروس الروح القدس . بواسطتها تحقق مشروع الله الخلاصي للبشر . ومعها بدأت شركة الإنسان مع الله بالروح القدس . بأن محبة الآب ملآتها ، ونعمة الأبن خلقتها ، وحلول الروح القدس قدستها . أما بالنسبة إلينا نحن المؤمنين ، فستشملنا هذه العقيدة أيضاً ، أي أن أجسادنا لن تنتهي بعد الموت عندما تنحل في تراب الأرض ، بل يخبرنا مار بولس الرسول ويقول ( يسوع المسيح سيغير شكل تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده ) ” في 21:3″ والجسد الممجد هو جسد روحاني ( طالع  1 قور 15: 44-46 ) . أما القديس يوحنا الذهبي الفم فيوضح لنا هذه المسألة بشكل رائع قائلاً ( أن الجسد المقام سوف يكون نفس الجسد وأيضاً ليس هو ، بالمقارنة بالجسد الذي تحلل في القبر. فمثلما يكّوِن الزجاج من الرمل ولكنه ليس بعد هو الرمل ، بل هو شىء آخر غير هذا الذي أُخِذَ منه . إذاً الجسد سيكون نفسه الذي انحلَ ، ولكن بسبب الخصائص الجديدة التي ستطرأ عليه ، لن يكون هو نفس الجسد الذي انحل ، أي هناك وحدة بين هذين الجسدين مع وجود إختلاف كذلك . ولتأكيد حالة الجسد في السماء ، يمكننا أن نتأمل بعمق كلام الرب يسوع عند لقائه بالصدوقين ) قائلاً لهم ( لأنهم في القيامة لا يزوجون ولا يتزوجون ، بل يكونون كملائكة الله في السماء ِ ) ” مت 30:22″ نفهم من ذلك أن الأجساد المقامة تكون روحانية ، وهذا لا يعني تجردها من العنصر المادي ، بل أن المادة التي تكّوِن هذه الأجساد ستحرر من المطالب المادية والشهوات الأرضية التي كانت تحتاج إليها في الحياة الأرضية . ولهذا سنستمر في أن نكون شخص جسدي في السماء ، ولكن بواقع ملكوتي خالص .

    الكنيسة تؤكد بأن مريم قد أخذت إلى المجد السماوي كشخص كامل ، فأمست هذه العقيدة علامة رجاء لعالم يرزح تحت وطأت الأيديولوجيات الفاتكة بالعقل الإنساني . جسد مريم الذي كان مسكناً لرب الكون وخالقه ، أي كانت تابوت العهد الحقيقي لأبن الآب كحقيقة لا كرمز كما كان تابوت العهد القديم ، فلا يعقل بأن يعامل جسدها الطاهر المبارك كأجساد باقي البشر ، بل أن يرفع إلى السماء لتنتقل بالنفس والجسد . كما علينا أن لا ننسى بأن مريم كانت عذراء ، ولا نعني بهذا بأنها كانت عذراء من ناحية الجسد فحسب ، بل من الخطيئة التي لن تقدر أن تخترق حياتها الروحية لتبقى طاهرة .

  لعقيدة إنتقال العذراء أثر كبير في تدعيم جوهر الجسد ، وفي هذا الصدد صرح البابا القديس يوحنا بولس الثاني . قال ( أن إنتقال العذراء إلى السماء كشف عن مصير فائق الطبيعة للجسد اللإنساني ، وبكونه مدعو لكي يصبح أداة قداسة واشتراك جذري في مجده السماوي ، لقد دخلت مريم في ذلك المجد لأنها رحبت بإبن الله في رحمها العذري وفي قلبها المتهلل . ومن خلال التأمل في خضوعها لمشيئة الله ، يسعى الشخص المسيحي إلى اكتشاف قيمة جسده ويحرسه كهيكل لله ، قريباً موعد اللقاء النهائي . أن إنتقال العذراء إلى السماء هو إمتياز إلهي قد وهب لأم الله ، وهكذا اصبح قيمة عظمة لحياة ومصير الإنسانية جمعاء ) .

   ختاماً نقول : أعترفت الكنيسة المقدسة منذ البداية بأنتقال العذراء مريم إلى السماء بالنفس والجسد ، وأحتفلت بعيد إنتقالها ومن خلال مراحل زمنية  وأصبح العيد عقيدة إيمانية ثابتة .

نطلب شفاعة أمنا العذراء لأنها هي ام الكنيسة المقدسة .

ملاحظة : هل هناك آيات في العهدين تنبأت بأنتقال العذراء ؟ طالع مقالنا على الرابط :

مانكيش نت | آيات من العهدين تثبت أنتقال العذراء إلى السماء ܫܘܢܵܝܐ & (mangish.net)

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!