مقالات دينية

دخول المسيحية في الشرق

سامي خنجرو

دخول المسيحية وانتشارها في المشرق

توطئة: نود ان نعلم قراءنا الكرام باننا سنقوم بنشر موجز تاريخ كنيسة المشرق (اهم    الاحداث التي مرت بها هذه الكنيسة العريقة) على شكل حلقات، من القرن الاول المسيحي ولحد الان، معتمدين على عدة مصادر قيمة بهذا المجال.

سامي ي ديشو، استراليا
مقدمة

ان النبوة الصريحة على زمان مجيء المسيح المخلص صارت في بلادنا الشرقية، وتحديدا في بابل، حيث هناك قال جبرائيل الملاك للنبي دانيال:” فاعلم وافهم انه من صدور الامر باعادة بناء اورشليم الى مجيء المسيح الرئيس اثنان وستون اسبوعا يعود وتبنى ساحة المدينة وسورها، ولكن في وقت يكون فيه ضيق “( دانيال9: 25). وفي بلاد الكلدان عرف الحكماء المجوس ان هذه المدة قد تمت، فاجتمع بعضهم وانطلقوا الى فلسطين- بيت لحم وسجدوا للطفل يسوع قبل جميع الامم وقدموا له هدايا ذهبا ومرا ولبانا. ومن المحتمل انهم لما رجعوا الى ديارهم الشرقية بشروا بالمسيح المولود، فالانجيل المقدس يسميهم مجوسا، وحسب التقليد كانوا ملوكا وحكماء فلكيين/ وعددهم ثلاثة على رأي بعض العلماء او اثتي عشر على راي غيرهم.
وتذكر اعمال الرسل ان مابين الحاضرين في اورشليم يوم العنصرة.. فرثيون، ماديون، وعيلاميون ومن سكان مابين النهرين( أع 2: 9) ، فبعد حلول الروح القدس على التلاميذ، من المحتمل ايضا ان هؤلاء الناس قد امنوا بالمسيح بفعل خطابات الرسل وانهم شكلوا النواة الاولى للجماعة المسيحية في بلادنا.
من جهة اخرى، كان هناك جالية يهودية نشطة في بلادنا وخاصة في منطقة حدياب
( أربيل) وكذلك في منطقة بابل، وكان افرادها يقومون بالزيارة والحج الى الاراضي المقدسة وهيكل اورشليم وخاصة اثناء الفصح اليهودي، ولربما قد آمن قسم من افراد هذه الجالية واقتبل بشرى الخلاص، وحين رجوعها الى اوطانها اصبحت باكورة الجماعة المسيحية في بلادنا، واصبحت اضافة الى الرسل القادمين الى الشرق،مركز ثقل نشر التعاليم الانجيلية بين اليهود والاقوام الاخرى في المشرق، وخير دليل على ذلك اسماء سلسلة اساقفة اربيل ( ابتداء من القرن الثاني الميلادي) حيث ان غالبيتها هي اسماء يهودية.

الرسل الذين بشروا الشرق
ان التقليد الجاري في كنيستنا ومنذ مطلع القرن الرابع يؤكد ان الرسل الذين بشروا هذه المنطقة هم : توما أحد الاثني عشر، وادي واحد من الاثنين والسبعين وتلميذاه اجاي وماري.
لقد بات الامر اكيدا، استنادا الى المعطيات التاريخية، ان توما الرسول ذهب الى بلاد الهند وبشر فيها وقضى نحبه فيها. ويقول المؤرخ اوسابيوس القيصري(263-339م) في تاريخه الكنسي، ان القديس توما الرسول بشر بلاد الفرثيين والتي كانت تمتد من الهند شرقا الى سوريا والشام غربا، فلا بد ان توما قد بشر في بلادنا اثناء عبوره فيها في طريقه الى الهند.
واستنادا الى تعليم ادي، فان ملك الرها ابجر الخامس( اوكاما) كان قد طلب من الرب يسوع له المجد، بعد ان سمع بمعجزاته، ان يشفيه من مرضه. فاوفد اليه يسوع ادي احد الاثنين والسبعين والذي شفاه من مرضه ومنحه العماذ مع ذويه وكثير من حاشيته واليهود والوثنيين وبشر في منطقة الرها، وتوفي ودفن باكرام بالغ في مقبرة ملوك الرها. وواصل بعده تلميذاه اجاي وماري التبشير في شمال ما بين النهرين في نصيبين وارزون وبازبدي والمناطق المجاورة.
وتفيد اعمال ماري بانه استمر بنشاطه الرسولي الى الجنوب في مناطق حدياب       ( اربيل) وشهد قرد وبيث كرماي( كركوك)، ومن هناك انحدر الى بيث رادان ( بين نهري ديالى والعظيم)، ومنها ذهب الى ساليق وقطيسفون عاصمة الامبراطورية الفرثية الارشاقية، وهناك اسس كنيسة كوخي وسميت كذلك، لانها كانت اكواخ حاشية الملك ماردنشاه وهبها لمار ماري بعد ان شفى ابتنه من مرض عضال الم بها، وبعدئذ ذهب الى كشكر ( واسط حاليا) للتبشير فيها، وبعد ان انجز مهمته الرسولية بكل غيرة وتفان ونشاط عاد الى دير قني حيث توفي ودفن.
ان القيمة التاريخية لمجئ مار ماري الى العاصمة الفرثية ساليق مرتبطة بقدم كنيسة كوخي والتي ستصبح مقر الجاثاليق/ البطريرك لكنيسة المشرق.
ان معظم المؤرخين- امثال اوسابيوس القيصري، مشيحا زخا، ماري بن سليمان، سليمان البصري، سليوا بن يوحنان الموصلي، ابن العبري وغيرهم – والذين كتبوا او تكلموا عن التبشير في الشرق، يؤكدون جميعا على وجود جماعة مسيحية في نهاية القرن الاول او بداية  الثاني الميلادي في بلادنا الشرقية ويجمعون على ما يلي:
–       ان توما الرسول هو رسولها الاول والدافع الى تبشيرها، لذا ارتبط اسمه بكنيسة المشرق ارتباطا وثيقا، واصبح بذلك شفيع كنيسة المشرق/ شفيع البطريركية الكلدانية.
–       ان مار ادي هو مبشر منطقة الرها ومؤسس كنيستها.
–       ان مار ماري مبشر معظم بلادنا الشرقية ومنها عاصمة المملكة الفرثية ساليق وقطيسفون وحولهما وفيها اسس كنيسة كوخي لتصبح مركز كنيسة المشرق الرسولية.

وأخيرا لابد من التنويه على ان طقس القداس الذي تستخدمه كنيسة المشرق ينسب الى الرسولين ادي وماري والمعروف بقداس الرسل (قوداشا دشليحي)، وعلى رأي المؤرخين والباحثين الشرقيين منهم والغربيين، ان هذا الطقس يعتبر من اقدم ليتورجيات العالم قاطبة.
..

 

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!