مقالات عن مانكيش

“حنا جهاد عيسى” كاهن جديد لمنكيش الجمال والعطاء

د. عبدالله مرقس رابي

” حنا جهاد عيسى “

كاهن جديد لمنكيش الجمال والعطاء

 

د. عبدالله مرقس رابي

                        تعد ظاهرة الانخراط في السلك الكهنوتي هذه الايام من الامور الاكثر صعوبة والحاجة الى التفكير ليقرر الفرد الانضمام مقارنة مع الماضي .وذلك لاختلاف مظاهر الثقافة الاجتماعية والمتغيرات التي تعج وتلاحق المجتمع الحديث والتطورات السريعة المُذهلة التي لم يشهد لها مثيل في التاريخ البشري. مع ذلك هناك من الشباب يقرون الانخراط في السلك الكهنوتي. ولنا اليوم القس حنا جهاد عيسى من منكيش ، فمن هو هذا القس الجديد؟

نال الشماس حنا (لوفين) جهاد عيسى السر الكهنوتي بوضع يد غبطة البطريرك الكاردينال لويس ساكو صباح يوم الجمعة في 17 كانون الثاني لعام 2020 الحالي مع زميله الشماس (مدين شامل خضر) من الموصل  في كاتدرائية القديس يوسف في الكرادة – بغداد بمشاركة الاساقفة معاوني البطريرك ،والقائم بأعمال السفارة البابوية واساقفة وكهنة من كنائس شرقية اخرى مع مجموعة من الرهبان والراهبات ،وجمع من المؤمنين مع ذوي واهل الشماس الذين قدموا من منكيش .

القس حنا من مواليد منكيش 5/8/1990 والده جهاد عيسى قلو ووالدته زريفة يوسف حنكرا، وله اخان واربع اخوات. وقد تربى ونشأ في طفولته والى اليوم في بلدة منكيش،وكان في مراحله العمرية ملتزماً ومهتما بالانشطة الدينية ، فنال تعليمه الاساسي في الدين واللغة الطقسية الكلدانية في كنيسة ماركوركيس الكلدانية في منكيش، وانضم الى الدورة اللاهوتية في الكنيسة للاعوام 2009 – 2011 وتخرج بتفوق. وقد تأهل أن يكون معلماً مواظباً للتعليم المسيحي وشماساً قارئا يخدم في الكنيسة بهمة ونشاط.

 نال تشجيعاً ودعماً من القس يوشيا صنا كاهن الكنيسة الحالي لايمانه بأن الشماس”لوفين” مؤهل للانخراط في السلك الكهنوتي لتميزه بشخصية ذكية ومتمكن ثقافياً ومتقن الطقس وملم باللاهوت وبكل الجوانب التي يتطلب العمل ككاهن. وفي ضوء هذه التوصية أُرتسم شماساً انجيلياً في بغداد بوضع يد غبطة البطريرك ساكو في 18/10/2019 وبعد أن قضى فترة للتاهيل والتدريب للعمل الكهنوتي تقررت سيامته في التاريخ اعلاه. أما تعليمه ،فهو خريج جامعة دهوك بكلوريوس ادارة الاعمال للعام 2013- 2014 ،وثم عمل في ثانوية منكيش.

أنضم القس حنا جهاد عيسى قلو الى كوكبة الكهنة المنكيشيين ليصبح عددهم 28 كاهنا منذ دخول اهلها في الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية عام 1796 ،الى جانب اربعة أساقفة ،و41 راهباً انضموا الى الرهبنة الانطونية الكلدانية منذ تجديدها على يد جبرائيل دنبو عام 1808 وبحسب سجل الرهبنة الذي أطلعت عليه شخصياً، ان الرهبان الستة الاوائل عند تجديد الرهبنة جاء بهم جبرائيل دنبو من شباب منكيش.

ومما هو جدير بالذكر،ان كاهننا الجديد ينتسب الى عائلة معروفة في تفانيها وهمتها وخدمتها للكنيسة وانضمام افرادها الى السلك الكهنوتي ،فالمطران حنا ايشو قلو(ميخو) هو عم والده المتوفي عام 2002 على أثر حادث مؤسف، سُمي الاخير باسم جده القس حنا قلو الذي خدم منذ سنة 1884 في منكيش وفي عائلته ابن عم والده القس الراهب شليمون قلو الذي دخل الرهبنة عام 1884 ورٍسم كاهنا عام 1904 لابرشية عقرة وتوفي ودفن هناك عام 1919. كما أن جد والده أيشو كان ساعورا وشماساً متميزا لكنيسة منكيش. وأعتبر جده الشماس الرسائلي عيسى ايشو من أكثر الشماسة تميزأ بمعرفته الواسعة في الشؤون الدينية والطقسية وتأليف التراتيل لعدة مناسبات وفي التعليم المسيحي في المدرسة الرسمية وفي الكنيسة  في عقود الخمسينات والستينات والسبعينات من القرن الماضي، وقد اتقن الطقس الكلداني بجدارة وبتعمق، وغالبا ما كان يصحح للكهنة أخطائهم الطقسية وعليه أطلق عليه “رابي” دون غيره من الشمامسة . كما أن جدة والده وردية هي حفيدة القس كوركيس رابي أبن القس كيسو المنكيشي ،وجدته حني يوسف حفيدة عائلة خنجروا التي اشتهرت بنقل اهالي منكيش للكثلة عن طريق المختار هرمز خنجرو ومنها الاسقف توما روكس خنجرو الذي رسمه البطريرك يوسف اودو اسقفا على البصرة وعلى ان يخدم في الهند – الملبار. فحقاً تستحق أن تلقب عائلة القس حنا “عائلة أبونا” المنكيشية.

بعد أن عمت الفرحة عموم المنكيشيين في أرجاء المعمورة عند سماع خبر رسامته في بغداد، أُستقبل القس حنا جهاد عيسى في بلدته منكيش قبل اربعة أيام في 6/2/2020 بحفاوة وسرور لا مثيل لهما. ذكرنا أستقباله من قبل أهل منكيش أيام أستقبال الاساقفة عند قدومهم لزيارة القرية في الماضي. مثلما خرجوا لهؤلاء، تسابق المنكيشيون كباراً وشباباً وصغاراً ،ذكوراً وأناثاً، كهنة وراهبات وشمامسة لاستقبال الكاهن الجديد ويتقدمهم الكاهنان يوشيا صنا وجبرائيل شماني للترحيب به والتعبير عن فرحتهم لقدومه فأصطفوا لتقديم التهنئة في الشارع المؤدي للكنيسة في القرية القديمة بالرغم من البرد القارص في شتاء منكيش، وتمازجت اهازيج وهلاهل النساء بالتراتيل الدينية بهذه المناسبة العزيزة على قلوبهم.

أما شخصياً، يتمتع الكاهن حنا جهاد بشخصية رصينة كفوءة تتميز بذكاء عالي وسريع البديهية ،وقابليات تؤهله للعمل الكهنوتي ،له معرفة واسعة في الطقس الكنسي ويتمتع بوفرة معلوماته عن المفاهيم الدينية واللاهوت، مع أهتماماته التاريخية والاجتماعية وسعة أطلاعه على كافة مجالات المعرفة. له القدرة على بناء العلاقات الايجابية والتفاعل الهادف مع الاخرين ،يتفهم تناقضات العصر الحالي ويدرك للتغيرات السريعة التي تصاحب الحياة الاجتماعية فيحسن التصرف وفهم الواقع.

من الصفات التي يتميز بها أيجاباً هي جمعه بين المعرفة اللاهوتية وما تحتاج منه المؤسسة الدينية كمؤسسة لها رسالتها الروحية والاجتماعية مع المعرفة العلمية في ادارة الاعمال التي تلقاها في دراسته الجامعية. فهي معرفة يكون الكاهن بأمس الحاجة اليها لادارة الكنيسة كمؤسسة ،تلك المعرفة التي غالبا ما ندعو الى أن تكون جزأً أساسياً ألى جانب علم الاجتماع والنفس والانثروبولوجية والقانون في عملية أعداد وتنشئة الكهنة في المعاهد والكليات الدينية ،وبحسب علمي أن كلية بابل للدراسات اللاهوتية تفتقد الى هكذا مناهج في خطتها التعليمية، بل تركيزها على الفلسفة بأنواعها ،وهذا خطأ كبير ،نعم دراسة الفلسفة تنمي القدرات الفكرية عند الدارس أنما ذلك في بُعده التنظيري فقط، فالكاهن بحاجة الى تنشئة منهجية معرفية تُنمي القدرات التنظيرية والعملية معاً.

ولهذا الجمع عند الكاهن حنا في المعرفة ،يمكن القول أنه سيتمكن بنجاح من عملية أدارة الكنيسة التي سيتولى خدمتها لاكتسابه المعرفة المستوجبة لذلك الى جانب معرفته في اللاهوت .حيث أن دراسة ادارة الاعمال تهيء الفرد لاتقان فن الادارة العامة ،وأدراك ماهية وكيفية بناء العلاقات أفقيا وعموديأ في التراتب الوظيفي، وتؤهله لكسب المعرفة والخبرة التي يستخدمها في التعامل مع المؤمنين بمختلف خصائصهم الاجتماعية والثقافية ،وتمكنه من تقدير طبيعة العلاقات التي تدعم وتُساند التفاعل الاجتماعي الايجابي لمعرفته بفن التفاوض .

ومن هنا أتوقع أن يكون القس حنا جهاد من الكهنة الذين يدركون روح العصر الذي يعيش فيه ،ويقدر طبيعة المجتمع ويتفهمها ،ويتكيف مع المستجدات التي جاءت بها الثورة المعلوماتية المعاصرة، وقادر أن يستلهم من الاصالة أيجابياتها ليكيفها مع واقع المجتمع الحالي ،ويكون مستجيباً مع عملية تطور العقل البشري، ليكون تع-اط*يه مع الاخرين تع-اط*ياً ايجابياً معاصراً ومتفهما لدور ومشاركة كل مؤمن في الكنيسة لأحترامه الاراء والمساهمات التي تدفعها الى الامام .

تهنئة من الاعماق الى كاهننا الجديد حنا جهاد قلو ،متمنينا له كل الموفقية والنجاح في عمله الكهنوتي لخدمة كلمة الرب وكنيسته ، فهو فعلا من افرزات عطاء منكيش الجميلة ،ذلك العطاء التاريخي في كل المجالات الحياتية ومنها الدينية. مع تمنياتي له السعي لاكمال دراساته العليا. وتهنئة مُقدمة لوالديه وأقربائه جميعاً ولكل أهالي منكيش بهذه المناسبة الجميلة ولكل مُحبيه وللكنيسة الكلدانية  .

كندا في 10/2/2020  

ادناه رابط استقبال القس حنا جهاد قلو في منكيش

بالصور مراسيم استقبال الاب حنا جهاد عيسى في مانكيش

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!