مقالات سياسية

لماذا ينتحر العمال داخل المصانع في إيران؟!

لماذا ينتحر العمال داخل المصانع في إيران؟!

نظام مير محمدي

كاتب حقوقي وخبير في الشأن الإيراني

لماذا ينتحر العمال داخل المصانع في إيران؟!

إن قرار الإنسان بإنهاء حياته ليس سهلاً، لأن فطرة الإنسان هي حبه للحياة وتشبثه بها، ولكن، عندما يشعر الإنسان بأنه صار عبداً مملوكاً لشركة أو مصنع ويصبح مجبراً على ممارسة عمل مرهق لساعات طويلة يومياً ولعدة سنوات دون أن ينال الأجر الذي يستحقه، سيشعر بأن حياته بلا قيمة، بل هي مجرد عذاب ومعاناة، وأن موته راحة له وإنهاء لعذابه.

وفي خبر مؤلم، أقدم عاملان في شركة «جوار إيلام [1] » الإيرانية للبتروكيماويات على الا*نت*حا*ر شنقاً داخل مصنع تابع للشركة احتجاجاً على الظروف المعيشية الصعبة، ليصبح عدد العمال المنتحرين التابعين لهذه الشركة 6 عمال بعد أن انتحر 4 عمال سابقاً.

وأفادت تقارير لوسائل الإعلام الحكومية أنه: “في يوم الخميس 21 كانون الأول/ ديسمبر، قام اثنان من عمال مقاولي البتروكيماويات في «جوار إيلام»، يُدعيان جواد نوروزي ومصطفى عباسي، بالا*نت*حا*ر شنقا داخل المصنع تزامناً مع بدء مدير المصنع بالفصل الجماعي؛ وفي يوم الخميس أنهى فصل 13 عاملاً، وفي اليوم نفسه، شنق جواد ومصطفى نفسيهما داخل المصنع لكي لايقول المدراء ان سبب ا*نت*حا*رهما هو مشاكل عائلية “. (وكالة أنباء إيلنا – 24 كانون الأول/ ديسمبر).

تجدر الإشارة إلى أنه في الماضي، انتحر 4 عمال في هذا المصنع، وهم محمد منصوري، علي محمد كريمي، آرش تبرك، وحيدر محسني.

وعمال هذا المصنع، مثل جميع المصانع والمؤسسات الخاضعة لسلطة خامنئي والحرس الإجرامي، لا يتمتعون بالحقوق التي ينص عليها قانون العمل التعسفي للنظام نفسه، ويتخذ أصحاب العمل هؤلاء من جانب واحد أي قرار يريدونه ضد العمال.

وهذا الوضع أكثر كارثية في المؤسسات الاقتصادية والمصانع التي تم تسليمها لقادة النظام بسعر زهيد جداً تحت عنوان الخصخصة، إذ يقوم أصحاب العمل الجدد بإلغاء جميع العقود السابقة ويفرضون «عقوداً مؤقتة» على العمال من خلال التهديد بفصلهم، في حين أنه: وفقاً للمادة 12 من قانون العمل للنظام نفسه: “أي نوع من التغيير القانوني في حالة ملكية الورشة، مثل البيع أو النقل بأي شكل من الأشكال، أو التغيير في نوع الإنتاج، أو الاندماج في مؤسسات أخرى و… لن يكون ساري المفعول في العلاقة التعاقدية مع العمال الذين تم الانتهاء من عقودهم وسيكون صاحب العمل الجديد نائباً لصاحب العمل السابق”.

وفي حين أن: “عمال البتروكيماويات في «جوار إيلام» يتمتعون بخبرة عمل تتراوح بين 8 إلى 18 سنة، فإن رواتبهم تتراوح بين 10 و12 مليون تومان”. (وكالة أنباء إيلنا – 24 كانون الأول/ ديسمبر)، ولكن بحسب محمد باقري، عضو اللجنة الاقتصادية للبرلمان: “خط الفقر في طهران وصل إلى 30 مليون تومان”. (موقع بهار، 18 يونيو).

وبحسب تقرير مركز الإحصاء الإيراني، فإن: “لحوم الضأن مع ارتفاع أسعارها إلى 149.2%، ولحم العجل مع ارتفاع أسعاره إلى 128.2%، والتونة المعلبة مع ارتفاع أسعارها إلى 108.2% مقارنة بشهر أيلول/ سبتمبر من العام الماضي، جاءت في صدر قائمة التضخم”. (صحيفة آرمان امروز 11 اكتوبر).

وقال مفتش مجلس العمال الأعلى في البلاد، أنه: “بناء على الإحصائيات الدولية، فإن مستوى رواتب العمال في إيران من بين الدول العشر الأخيرة في الجدول، في حين أن رواتب القوى العاملة في الدول المجاورة أعلى بكثير”. (تسنيم نيوز 25 كانون الأول/ ديسمبر).

ويتم فصل العمال الذين تتراوح سنوات خدمتهم بين 10 إلى 18 عاماً بشكل تعسفي، وحتى بدون دفع «استحقاقات سنوات الخدمة» المنصوص عليها في قانون العمل الخاص بالنظام، وبحسب المادتين 24 و27 من نظام العمل، في حالة «إنهاء العقد» أو حتى «مخالفة النظام الداخلي للورشة» من قبل العامل، مما يؤدي إلى فصله، يجب على صاحب العمل «بالإضافة إلى المطالبات والمتأخرات عن كل سنة عمل سابقة، أن يدفع للعامل ما يعادل شهر واحد من آخر راتب له كاستحقاق لسنوات الخدمة وإنهاء عقد العمل».

في هذه الأيام، نشهد احتجاج عمال مصنع المجموعة الوطنية لصناعة الصلب في الأهواز ضد فصل 21 من زملائهم، يضاف إلى ذلك أن العمال يحتجون بشدة على عدم تلبية مطالبهم، واشتبكوا في 23 و 24 كانون الأول/ ديسمبر مع قوى الأمن القمعية ومخاطبتهم بعبارة (يا عديمي الشرف).

في حين أن العمال الشرفاء والكادحين محرومون من الحد الأدنى من سبل العيش والمأوى، فإن استغلالهم ونهبهم الوحشي من قبل خامنئي وقوات الحرس قد تجاوز الحد، وكمثال على ذلك، كتبت صحيفة «ستاره صبح» الرسمية عن: “تسليم أكثر من 150 هكتاراً من الأراضي الزراعية ومزرعة للماشية تبلغ مساحتها 1000 رأس إلى عروس سيد مهدي خاموشي، رئيس الأوقاف بعقد إيجار رخيص جداً”، وكتبت: “إذا انتشرت قائمة المستفيدين من قائمة العملات المفضلة أي 4200 تومان و28500 تومان فسوف تنكشف الكثير من الحقائق وما وراء الكواليس”. (صحيفة ستاره صبح، 23 كانون الأول/ ديسمبر).

وتُظهر تجربة الـ 44 عامًا الماضية أنه طالما يبقى نظام الملالي الإجرامي في السلطة، سيزيد الاستغلال الوحشي للعمال ونهب رأس مال الشعب الإيراني، وقمع المتظاهرين كل يوم، إن الطريقة الوحيدة للقضاء على الفقر والبطالة والفساد هي إسقاط نظام الملالي وإقامة الديمقراطية وحكم الشعب.

وقد جددت لجنة العمل التابعة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية دعوتها مرة أخرى للنقابات والاتحادات العمالية، وكذلك منظمة العمل الدولية وغيرها من الهيئات الدولية ذات الصلة، إلى إدانة الإجراءات القمعية لنظام الملالي المناهض للعمال ودعم نضال العمال الإيرانيين من أجل نيل حقوقهم الأساسية.

[1] محافظة إيلام في غرب إيران

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!