مقالات دينية

قدسية الزواج في العهد الجديد

قدسية الزواج في العهد الجديد

بقلم / وردا إسحاق قلّو

في العهد الجديد صارت الكنيسة عروس المسيح ، والشعب المسيحي هو شعب الله المختار بدل الشعب اليهودي الذي كان المختار بين الشعوب . الكنيسة هي جسد المسيح الذي مات من أجل خلاص أبنائها ، فكما أن الكنيسة تخضع إلى المسيح لأنه هو الرأس وهي الجسد ، هكذا على المرأة أن تخضع لبعلها لأنه هو رأس العائلة ، ورأس المرأة ( أف 5: 21-24 ) . فالزواج في المسيحية هو سر مقدس يعتمد على لاهوت الجسد ، ففي الجسد سر شخصي ، فعلى الزوج أن يختبر من خلال جسده وحدة أسرارية ، وهذه الوحدة تكتمل بصورة عمودية وأفقية . أي بعلاقة عمودية مع الله ، وأفقية مع الزوجة أو الزوج ، فبالوحدتان العمودية والأفقية يتحد الزوجان معاً أولاً وهم مع الله ليصبحا جسداً واحداً يربطهما رباط الزواج المقدس . فالزواج يعتبر النقطة المركزية لسّر الخليقة . فالله قادر أن يجعل خطته اللامنظورة منظورة في الزوجين . فالمشاركة بين الزوج والزوجة المرتبطة إيمانياً بالله ، تصبح العلاقة ثالوثية . أي العريسان مدعوان للإشتراك الفعلي في سر اله المقدس ، فالزواج هو إستباق زمني لعرس الحمل في السماء . لهذا دعا البابا القديس مار يوحنا بولس الثاني إلى التصالح مع مفهوم ( الخضوع ) الذي استخدمه الرسول بولس ، ويطالب بوضعه ضمن سياقهِ الصحيح كي يتجلى من خلال المعنى الحقيقي وهو ( إختبار الحب ) فيقول الرسول ( ليخضع بعضكم البعض بمخافة المسيح ) فعلى الزوجين أن يمتلئا بالمخافة ، ويشاهدا سر المسيح في بعضهما . والطريقة المثلى للتعبير عن هذه المشاهد هي ( المخافة والمهابة ) فمن خلال نافذة الخضوع لسر المسيح يمكنهما ، يخضعا لبعضهما البعض ، فالموازنة بينهما تحدث عبر عطية الحب الصادق التي يجدر بالزوج أن يهبها إلى زوجتهِ لهذا قال مار بولس ( أيها الرجال أحبوا نسائكم مثلما أحب المسيح الكنيسة وضحى بنفسه من أجلها ) لكن يجب أن يستبعد هذا الحب كل أنواع الإخضاع التي تجعل المرأة عبيدة وخادمة لزوجها . هكذا يتحد جسد الزوج بجسد زوجتهِ فيستلما هبة الحياة عبر وحدتهما الأسرارية عندما يلتقي الأثنان أمام الكاهن يوم الزفاف ليبرزا نذورهما الأبدية بحرية فيعلنا الحب والأمانة فيحققان مبدأ الخضوع لبعضهما البعض في الحب . وهذا الحب ينصهر مع الحب الإلهي في بوتقة واحدة وتكملا وصية الرب الذي قال ( إن كنتم تحبونني فإحفظوا وصاياي … فالذي يحبني يحبه أبي ، وأنا احبهُ وأظهر له ذاتي ) ” يو 14: 15، 21 ” العريسان متساويان في بذل الحب رغم إختلاف الأدوار بتبادر الزوج في إخلاء ذاته عبر حب زواجي مقدس للزوجة ، وهي الأخرى تستلم حبه وترد عليه بنفس الطريقة .

الزواج لا يعني الجماع الجنسي بين الزوجين ، أي الجانب الجسدي فحسب ، بل يتعدى مشاركة الأجساد والممتلكات ، والأفكار ، والأحلام ، والأفراح ، والأحزان ، والنجاح ، والفشل …إلخ . المسيح هو رأس الكنيسة الذي أحبها جداً من حيث هي عروسه ، فوصف بولس ذلك الحب وعبر عنه قائلاً ( ضحى بنفسه لأجلها ليقدسها ويطهرها … ويزفها إلى نفسه كنيسة ممجدة لا دنس فيها ولا غضن ولا شىء يشبه بذلك ن بل تكون مقدسة بلا عيب ) ” أفسس 5: 25-27 ” . كذلك الرجل هو رأس المرأة ، أي يمثل العقل ، أي مصدر القيادة للعائلة ، والمرأة تمثل الجسد المنصاع لإيعازاته وهو يحبها . أي دور الرجل يشبه دور المسيح تجاه جسده ( الكنيسة ) فعلى الرجل أن لا يقع في شرك التسلط ، إنما على العكس ، عليه أن يحب زوجته ويبذل نفسه لأجلها كما فعل المسيح لكنيسته على الصليب .

لخبرة الوحدة الزوجية مستويات ثلاثة وهي الوحدة الروحية بين الأثنين كقلب واحد مرتبط مع الله ، والوحدة العاطفية التي تعبّر عن الحب الأمين والصادق بين الزوجين ، فيحتضن كل منهما شخص وتاريخ ووجود الطرف الآخر . أما المستوى الثالث فهو الوحدة الجسدية .

فعندما تتحد الأجساد في ظل سر الزواج المقدس . تتعزز بالكرامة وبالقيمة الزواجية ، ومن خلال جماعها تتولد لغة خاصة تعلن الحقيقة بدون كلام ، وهي لغة الجسد . والوحدة الحقيقية تتحقق بين الأثنين بتوفر ثالوثية ( الروح والنفس والجسد ) ولهذا تبدو موضوع ( جسد واحد ) لا تعني المستوى الجسدي فقط ، بل الشخص بكاملهِ في ( ذكورته وأنوثته ) . هكذا تتحقق العلاقة الزوجية المقدسة بين الأثنين في المسيح مكمل سر الزواج المقدس . ويمكن إدراك ذلك عبر مثل العذارى العشر ( مت 25: 1-13 ) الذي يظهر المسيح عريساً محباً يحب البشرية الخاطئة وهي بدورها تمثل العروس التي استعدت للقاء عريسها بمصباح الإيمان ، وبزيت الروح القدس الشافي المقدس . والبشرية كلها تتوق لعيش أسرارية الزواج النهائي مع عريسها الخلاصي الذي سيأتي كسارق في ساعة متأخرة من ليل هذا العالم النائم والغير مستعد للقائهِ فيعلن أبدية الزواج وقمتهِ الأسرارية .

التوقيع ( لأني لا أستحي بالبشارة . فهي قدرة الله لخلاص كل مؤمن )  ” رو 16:1 ” 

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!