مقالات دينية

ضرورة مقاومة عبودية الجسد لإكتساب حرية الفكر

ضرورة مقاومة عبودية الجسد لإكتساب حرية الفكر

بقلم / وردا إسحاق قلّو

( .. لأنكم إذا حييتم حياة الجسد تموتون . أما إذا أمَتُّم بالروح أعمال الجسد فستحيَون )  ” رو 13:8″

 

لأجل مقاومة الإنسان القديم فينا لنولد ثانيةً مع آدم الجديد ( الذي خلق بحسب الله في البر وقداسة الحق ) ” أف 24:4 ” علينا أن نقتدي بالمسيح ونلتزم بوصاياه  .

    الجسد بحد ذاته ليس سيئاً لأن الله خلقهُ وألبس إبنه المتجسد جسداً كالإنسان ، لكن يسوع عمل بتمجيدهِ ، هكذا ينبغي على كل إنسان أن يحفظ جسده طاهراً من كل دنس لكي يصبح نقياً كما كان جسد المسيح ، فأجساد المختارين ستتغير وتتمجد بقوة المسيح ( الذي يبدل جسدنا الحقير فيجعلهُ على صورة جسدهِ المجيد ) ” في 21:3 ” ولكي نُقَيّد الجسد من أطماعه ومتطلباتهِ الكثيرة لأجل الوصول إلى الحرية ، علينا أن نتعاطى الفقر الطوعي لنحذو حذو الذي من أجلنا إفقتقر وهو غني ( 2 قور 9:8 ) ، وقد عَلّمَنا طريق الحياة المسيحية الطاهرة بأن نكتفي بخبز الكفاف ، وأن نتقيّد وإلى أقصى حد من الإمتلاك مما لهذه الدنيا وذلك ( لأن دخول جمل من ثقب إبرة أيسر من أن يدخل غنيّ إلى ملكوت الله ) ” لو 25:8 ” . كانوا النساك والمنذورين أنفسهم ليسوع يقتدون بحياته الأرضية ، هذا الذي لم يكن له مَسنَداً يسند عليهِ رأسهِ . كان رسولهُ بولس يعتز بالتجرد الذي كان يكفل له الحرية والإستقلال تجاه رفاقه من المؤمنين ، ولكن تلك الحرية أزاء الآخرين لم تكن سوى علامة حرية الروح العميقة عندهُ إذ ( كان يستعمل هذا العالم وكأنهُ لا يستعملهُ ) ” 1 قور 31:7 ” . وعبارته ( أقمع نفسي ) تفترض لكي إننا أيضاً نسعى وراء بذل الجهود ، وتحمل التضحيات ، من تلقاء أنفسنا محبةً بالله ، ومن قبيل التقشف ، ولكن يجب أن لا نصل بذلك إلى حد المخاطرة . هذا هو الطريق الأسلم الذي يقودنا إلى الحرية الأبدية ، لأن الذين هم للمسيح قدصلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات ، لأجل العيش للروح ، فنسلك حينذاك بحسب الروح بعيدين عن شهوات الجسد . كل مسيحي حصل على الحرية عند إعمادهِ في المسيح القائم ، فإمتلكها بنعمة السر ، ويجب أن يكتسبها بالعناء على الصعيد الأخلاقي وذلك ببذل الجهد والعيش في أمانة مستمرة للروح القدس الذي يسكن في كل مؤمن . الروح القدس يقودنا إلى الحرية . وأول خطوة لهذه الحرية هي المحبة التي تلخص بوضوح كل الكلمات ، وتقول ( إن الحياة في حرية الروح هي المحبة ) والمحبة الحقيقية لا تأتي من جهد الإنسان ، بل هي من صنع الله العامل في الإنسان . لأن المحبة عطاء إلاهي لبني البشر ، لهذا يقول الكتاب ( إن محبة الله قد إنسكبت في قلوبنا بالروح القدس وهِبَ لنا ) ” رو 5:5 ” .

   من المحبة تأتي الشركة والعلاقة لكي يصبح الكثيرين واحد في المسيح ، والقربان المقدس هو سّر هذه الوحدة الرفيعة في الإيمان والمحبة ، أي إنهُ علامتها الفعالة ، فهو يرمز إليها ويحققها : يرمز إلى حين يجمع كل المؤمنين في يسوع حول مائدةً واحدة ويطعمهم خبزاً واحداً نازل من السماء بقوة الروح القدس . وهكذا يحقق عملية إتحاد الكثيرين في جسد المسيح التي إبتدأت في المعمودية . فتناول الحمل المذبوح يُؤمِن في الكنيسة تلاحم شعب الله وتماسكهِ ، والقربان المقدس ينجز وحدة الكنيسة ويوَطّدها بشكل سرّي في جسد إبن الله الممجد . إننا جميعاً نشترك في الخبز الواحد ” 1 قور 10: 16-17 ” . بالمحبة تحطّم حواجز متطلبات الجسد المنغلق على العالم لأنانيتهِ لينطلق الإنسان إلى الحرية فيعيش حياة الله على الأرض والتي تنمو بإستمرار والتي يحييها روح الحب .

   للمحبة إذاً جوانب مهمة غير الجانب البشري ، ولكن هذا لا يعني أنها غير بشرية . إنها لا تنعم إلى دقات قلب الإنسان ، بل أنها تستخدم تلك الدقات وتنظمها وتبعث فيها السلام الحقيقي ، وفي الوقت نفسه توسّعها وتعطيها الكمال الذي يحرر الإنسان من كل العوائق . المحبة تفتح الحرية وتحققها ، وهي الشىء الكامل الذي لا يسقط ( 1 قور 13: 8-10 ) .

ولإلهنا المحب المجد دائماَ

التوقيع ( لأني لا أستحي بالبشارة . فهي قدرة الله لخلاص كل مؤمن ) ” رو 16:1 ” 

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!