مقالات سياسية

صعود التطرف على سلم الار*ها*ب !

بقلم: كابريل كابريل
يقال: مصائب قوم عند قوم فوائد… ففي الوقت الذي يضرب الار*ها*ب الانسان اولاً ومن ثم الدول التي تقف ضده، يوظف الوجه الاخر، والذي اصبح يدعى باليمين المتطرف، هجمات الار*ها*بين لأغراض المنفعة السياسية، ويستغل هذه المناسبات للعمل على تثبيت اقدامه في الساحة السياسية، بعد ان كان هذا اليمين المتطرف مهمشاً في ساحته. فمع تزايد نشاط الار*ها*بين، تنقلب الصورة في المجتمع، ويحمل سراب هذه الصورة، ويبدو هو المنقذ، ومخلص البشرية من كل اشكال الق*ت*ل الوحشي الذي ينفذه الار*ها*بي بصورة عشوائية واينما يكون غير مبالي بطبيعة البشر الموجودين، فالار*ها*بي المدافع عن الاسلام مثلا، لا يتوانى في ق*ت*ل المسلمين الابرياء من اجل تنفيذ مهمته، من منطلق ان الله سوف يختار الصالح منهم في جنات الخلد والطالح يريمه في نار جهنم وبئس المصير، وبذلك ينفض عن نفسه مسؤولية الجرم الذي اقترفه، باعتبار ان هذا الجرم، او الار*ها*ب الذي قام به هو في سبيل الله. وبالطبع هذه الفلسفة يحقنها في راس الار*ها*بي، من يتمكن من قولبة الآيات والاحاديث بالشكل الذي تتناسب مع اهدافه، دينية كانت ام سياسية.
وامام هذه الصورة، صورة الار*ها*بي المهاجم، والمتطرف المدافع، اصبح العالم يقف حائراً، ومنقسما على نفسه ما بين دعم الاحزاب المتطرفة، وما بين كيفية ايقاف هذا الار*ها*ب. وعند هذه الوقفة، يجد الانسان نفسه مرغماً على اختيار الاحزاب المتطرفة، او الشخوص السياسية المتطرفة، كما حصل مع ترامب، فبرغم معارضة الكثيرين من الحزب الجمهوري الذي ترشح باسمه، الا ان الاختيار وقع عليه. اختيار ادهش العالم، وفاجأه، وقلب الموازين، وجعل المفكرين السياسيين يتأملون ملياً، عن اسباب صعود التطرف اليميني، برغم معرفتهم بالأسباب، الا انهم لم يتصورا ان التطرف اخذ يتغلغل في عقل الانسان العادي، الانسان الذي لم يحمل التطرف.
ان الفعل الذي ينجزه الار*ها*بي، اخذ يفعل مفعولا عكسيا في تفكير المقابل، وجعله يكون متطرفاً، ومن حيث لا يدري، املاً في القضاء على فعاليات الار*ها*بي الوحشية، وذلك بالوقوف بالضد، ومن نفس الباب الذي يدخل منه هذه الار*ها*بي، ولكن بصورة حضرية اصبحت تدعى التطرف.
ومن هنا اصبحت يأتي الار*ها*ب بثماره لصالح التطرف، فقد تسلق ترامب الى قمة اقوى دولة في العالم من خلال استغلال العمليات التي يقوم بها الار*ها*بين، ومن هذا صار اليمين المتطرف في هولندا ثاني اقوى كتلة فيها، ومن هنا ايضا اصبح من الممكن جداً لمارين لوبن زعيمة التطرف اليميني في فرنسا، ان تتقلد رئاسة الحكم، فالأرض امامها خصبة، لان فرنسا اصبحت عرضة للار*ها*ب عدة مرات، وجارتها بريطانيا كذلك، حيث ضربها الار*ها*ب هي الاخرى مرة اخرى.
لقد صار الار*ها*ب سلماً لصعود التطرف، واصبح الانسان هو الخاسر الوحيد من هذه المعادلة.
ان الاحزاب تأتي عادة لخدمة الانسان، والمجتمع، والوطن، ولكن عندما تأتي لخدمة شريحة معينة فقط، فانه يؤدي الى خلل في فلسفة التعايش السلمي بين بني البشر، والى ظهور ارتدادات فكرية معاكسة قد تكون اشد، تودي الى تحطيم البنية التحتية للمجتمع الذي اساسه الفرد.
يبقى السؤال ما هو الحل ؟
من خلال التاريخ الذي عشناه، والذي قرأناه نلاحظ ان القوة لم تأتي بثمارها في محاربة الار*ها*ب، فالار*ها*ب ظل قائماً، وآثاره النفسية لا تزال عالقة في الفكر البشري، فالتركيز ظل على محاربة الافراد الحاملين للفكر اكثر من التصدي للفكر نفسه، وحتى ان تم التصدي للفكر الار*ها*بي فانه يتم بصورة ضعيفة، او بصورة منمقة، خوفاً من كسر الاطار المقدس الذي يقف وراءه الار*ها*ب.
التصدي للار*ها*ب، بجرأة، وحزم، يتم بتغيير، ورفع، واستئصال كل فكر يؤدي الى الار*ها*ب، حتى وان تواجد في الكتب التي نقدسها، بالضبط كما فعلت اوربا عندما ابتعدت عن الافكار “المقدسة” الهدامة، التي استمرت زهاء الف عام وادت الى تخلفها، وعندما استأصلت الفكر النازي بعد الحرب العالمية الثانية.

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!