مقالات دينية

المسيحية والأيمان

الكاتب: مشرف المنتدى الديني
المسيحية والأيمانالجزء الثالثنافع البرواريأولا: كيف نعيش الدعوى الى العلم والدعوى الى ألأيمان في نفس الوقت؟اليوم هناك مسيحيّين وغير مسيحيّين الذين وعوا قيمة الثورة الروحية التي يتمخَّض بها عالم اليوم ، أوكتشفوا معا عالما جديدا لا تنسجم مبادئه والمعطيات التقليدية للمسيحية . وأمام هذا الأمر طرح البعض ألأسئلة التالية : هل يكتفي ألأنسان المعاصر بدينٍ يُعبِّرعنه بلغة وبعادات وبطقوس هي صورة عن ماضٍ مرَّ عليه الزمن؟ هل يكتفي ويقبل بدينٍ يحتقر أمور ألأرض ويعتبر أنَّ هذا العالم هو عالمٌ فاسد وما علينا إلاّ الصبر والخضوع أمام ما يقدّمه للبشرية من متناقضات مستدندين الى المثل القائل” مُزارع متواضع خيرٌ من عالم متكبِّر، متناسين أنّ هناك عُلماء متواضعين ومزارعين متكبرين” في قلب الكنيسة نفسها؟ كيف بأمكاننا تبرير التطوّر العلمي بالنسبة الى معطيات ألأيمان ، والعكس بالعكس؟ كيف بأمكاننا تحقيق دعوة ألأنسان ودعوة المسيحي في عمل واحد؟ هل بالأمكان الجمع بين “هدف أعلى ديني – انساني ” ، وهدف أعلى “ديني – مسيحي” اذا لم يكن ذلك في إطار التطّور العلمي الحقيقي؟.إنَّ الذين حاولوا ويحاولون التوفيق بين معطيات ألأيمان ومعطيات العلم عاشوا حياة ملؤها العذاب وحتى العلماء المؤمنون ، الى حد أنَّ كثيرين نُبذوا، فعاشت الكنيسة حالة عزلة ٍ ثقافية ، بالأحرى على هامش المجتمع المعاصر ، وزاد الصراع بينها وبين العلماء والباحثين . مشكلة الكثيرين من مسيحيّي عصرنا يهمُّهم أن يعيشوا أيمانهم بعمق وأن يساهموا ، في الوقت نفسه ، بتطوّر العالم . إنّها مشكلة وجودنا كمسيحيّين وكأناسٍ عاديين على حدّ سواء .أمام هذه الطروحات ، فما هي العلاقة القائمة بين المسيحية من جهة ، والحضارة ألأنسانية بعلومها الوضعيّة والسياسية وألأقتصادية والفنيّة من جهة ثانية ؟ . هل على المسيحي أن يعتبر أنَّ الحضارة ألأنسانية لامعنى لها بالنسبة الى المؤمن؟ .وهل بأمكان المسيحي أن يتنكر لها، بكل بساطة ، أو بالأحرى عليه أن يساهم بتطوّرها بكلِّ قواه ، دون أن يخون دعوته السماوية ؟ وهذه الحضارة ، التي نعتبرها حضارة دنيويّة ، هل لها مكان في مسيرة تاريخ الخلاص ، أم ننفي عنها كُلِّ قيمة دينيّة؟ وهل العمل ألأنساني والجهد البشري ينتميان الى العالم الذي أحبَّه الله وأفتداهُ ، أم هما ضدَّ هذا العالم ويعرقلان مسيرتهُ ؟(1) .إنَّ المسيحي ، في عصرنا ، يطلب جوابا واضحا على هذه ألأسئلة . والكلام غير الواضح ، في هذا الموضوع ، لا يشفي غليله . فمن جهة إنَّ المسيحية تشيد بالعلم وبالتقنية وبالنشاط ألأقتصادي والسياسي ، ومن جهة ثانية تقف حذرة أمام الذين يغوصون في أعماق التطوُّر العلمي وتُنبِّههم من أن يكون عملهم ضدّ مسيرة الخلاص وتعليم ألأنجيل . لذلك يقول “تيار دي شاردن” ، انَّه لأصبح من الضروري طرح الموضوع بعمقه من وجهة النظر ألأنسانية ومن وجهة النظر المسيحية على حدٍّ سواء(2)في الحقيقة ألأنسان يتوق الى المعرفة وأكتشاف ما هو مجهول ويريد ألأجابة على كل التسائلات لكشف سر الوجود(الواقعي) سواء كشف سر الكون وسر الحياة (الكائنات الحية) . فنحن جميعنا نؤمن أنّه في مكان ما حولنا ، وهذا الشيئ متاصل في أذهاننا ، تختبئ نارٌ خفية ، وإنَّ عقلنا ينزع مبدئيا الى التنقيب والغوص في قلب العالم وهذا الكون الشاسع ، للوصول الى المعنى الحقيقي للحياة (3).السر ليس لغز ، فاللغز هو أمر غامض ومكتوم ، طريق مغلق ، يطرق ألأنسان على بابه ولايتلقى ايُّ رد . بينما السرُّ في المفهوم المسيحي ، فهو مختلف تماما ، هو حقيقة إيمانية يستطيع ألأنسان أن يفهمها على وجه افضل يوما بعد يوم ، دون أن يصل الى نهايتها . ليس السر ُّ حائطا أصطدم به ، بل هو محيط ، اتعمق فيه وأزداد تبحرا فيه . وكُلُّ يوم أكتشف أبعادا ديدة لهذه الحقيقة ، من دون أن اصل الى نهايتها (لأنَّ الله غير محدود) (4) .إنَّ العلم هو وعي لما نكتشفه من معلومات جديدة في الخليقة . هو ، أي العلم ، نتاج عقل يريد إكتشاف ماهو موجود اصلا في الخليقة لأضافته الى سجلاّت إكتشافاتنا السابقة لتستفاد منها ألأجيال القادمة كمعلومات لخدمة الأنسانية . أي أنَّ المعلومات التي يتم الحصول عليها من خلال فروع العلم المختلفة، يمكن ان نوضِّحها بمثل بسيط :الطفل الصغير يكتشف في كُلِّ لحظة ، في البيت والمدرسة، معلومات جديدة تنطبع في خلايا الدماغ ، لتصبح خزين للمعلومات يمكن الرجوع اليها . وكُلّما كبر الطفل ونضج زادت معرفته ومعلوماته وزاد وعيه واكتشافاته لهذا العالم الذي يحيط به . هكذا جيلا بعد جيل تتراكم المعلومات لتكون في خدمة ألأنسانية .وهكذا يمكن ان نشبّه التطور عبر التاريخ في جميع المعارف والعلوم الوضعية .ولكن السؤال المطروح هو : هل ألأنسان يكتفي بأن يكتشف فقط المعلومات الموجودة فعلا في الخليقة ، أم له مهمة أُخرى واسمى واشمل من العلوم الطبيعية في الخليقة ؟. الجواب بكل بساطة هو نعم ، بالطبع له مهمات أخرى.ألأنسان يختلف عن بقية المخلوقات في الوعي ، بالأحرى التفكُّر وطرح ألأسئلة الوجودية(الروحية ) ، مثلا: من الذي خلقني؟ ما هو هدف وجودي في هذه الحياة ؟ لماذا الموت؟ وهناك اسئلة حياتية ( الواقعية المادية) مثلا : كيف ظهر الكون والمجرات والنجوم وكيف تطورت الحياة على هذا الكوكب ؟ الفلاسفة اليونانيون ، وبعد تطور تدريجي للأفكار، كانوا يطرحون ألأسئلة العقلية ، أي أنَّهم إنطلقوا من العقل لأكتشاف المطلق ، فهم عرفوا أنَّ هناك مطلق أو خالق له قيَّم مُثلى من الجمال والخير والقداسة والعدالة ، وكانت ألأسئلة تُطرح ولكن دون ألأجوبة في أحيان كثيرة ، لأنَّهم إنطلقوا من أفكارهم من ألأسفل الى ألأعلى ، وهكذا العلم اليوم ، ينطلق من النضريات وبعدها يكتشف ما هو بنضره مجهول . العالم اليوناني (الغربي بصورة عامة ) كان يفصل العقل عن الروح ، ولهذا كان إكتشافه لوجود الله يسير ببطئ . إنَّ فكرة أنَّ العلم هو الذي يوصلنا الى المطلق فكرة قديمة مصدرها الرئيسي هو الفكر اليوناني المستمد من الشرق ، وسُمّيت في المسيحية ” بالغنوصية ” (*)التي كانت تؤكد المعرفة الخاصة ، تعتمد على العلم والمعرفة ، وظهرت في التاريخ ولازالت تظهر حتى في يومنا هذا عند اشهر علماء اليوم أمثال “ستيفن هوكنج وريتشارد …الخ الذين يؤمنون بالوصول الى عقل الله وكيف يفكر الله . العقل قد يصل بالأنسان الى حب الخير للأنسانية ، ولكن هذا العقل قد يتمرد اذا لم يكن هناك من يؤهّل هذا العقل ، لأنَّ العقل قد يخرج عن سلوك الطريق الصحيح ، وهذا ما نلمسه عبر التاريخ ، فقد قادت العقول الكبيرة المجتمعات ألأنسانية ولكن النتيجة كانت في أغلبها كوارث ، لأنَّ العقل ينسب لنفسه الفهم وألأنانية . الأكتشافات العلمية ، احيانا كثيرة ، قد تقود البشرية الى استغلال هذه الأكتشافات لتدمير البيئة والمناخ وحتى في تهديد البشرية (كالتجارب النووية واستخدامها فعلا في تدمير مدينتي هوراشيما ونكازاكي في اليابان وق*ت*ل الملايين من البشر في حربين عالميتين خلال قرن واحد من الزمن ) . انَ العلم عاجز عن الولوج الى عالم اللامنظور (الفوق الطبيعي) ، إنَّه بحاجة الى التكامل مع قوَّة الروح المعرفية وقدرتها للغوص في سر الله ، ليستطيع ألأنسان معرفة الله وليس أدراكه . العلم يفتش عن حقائق في الكون وهو يحاول أكتشافها ، ولكن لا يستطيع أن ينطق أو يتكلم عن الحقيقة المطلقة ، ولهذا السبب لايستطيع العلم التفاعل معها . للعلم إخلاقيات عائدة له وهو الذي يحددها ، أمّا القيم هي نتجت من المنظور المسيحية للكون وأدخلت هذه القيم في منهج العلوم مثلا القيم التي نتلمسها في الطب ، في الفيزياء ، في الكيمياء .فالطبيب أو الفيزيائي أو الكيمياوي لايستطيع ألأعتماد على العلم فقط لخدمة ألأنسانية بل قد تحدث كوارث لولا الضميرالذي هو قبس الخالق زرعه في اعماق ألأنسان ، لأنَّ ألأنسان هو صورة الله على ألأرض . ولهذه ألأسباب لايمكن أن تحل ألأخلاقيات العلمية محل إخلاقيات القيم الدينية . فاخلاقيات الصحة مثلا ، لايمكن أن تحلُّ محل ألأخلاقيات التي تدعو الى محبة ألأنسان لأخيه ألأنسان بكل ما لهذه الكلمة من المعاني ألأشمل ، لأنَّ ألأخلاقيات التي تدعو الى المحبّة فهي لا تعرف ألأنانية وحب الذات . العلم دون ألأيمان كالطير الذي يريد الطيران بجناح واحد ، والأيمان دون العقل والعلم ايضا لايصل بألأنسان الى الحقائق ألألهية . لأنَّ ألأيمان بجهل قد يولِّد اصولية ، وهذه الأصولية قد تلجأ الى العن*ف في أحيان كثيرة .هكذا العلم فهو يوازي الأيمان في بحثه عن سر حقائق الكون والوجود والخليقة ، ولكن ، مع احترامنا لبعض العلماء (الغير المؤمنين بالخالق ) والباحثين عن هذه الحقائق ، سوف لن يصلوا ، بمعرفتهم العقلية ، الى حقيقة ألأشياء التي يكتشفوها بالتحليل والتفكيك أو باكتشافات فلكية لنشوء الكون ، لأنّهم هم ايضا مخلوقين . فكما يقول الكتاب المقدس (ايسال الطين لجابله لماذا تصنعني؟) .فالمعرفة هو العلم بوجود الشيئ مع الوضوح والتحقق ، كمعرفتنا أنَّ الشمس هي مصدر النور والحرارة ، وأمّا ألأدراك ، فهو فهم الشيئ فهما تاما بكماله . ولذلك يُقال أننا نعرف الله ، ولا يقال أننا ندركه . ولهذا يحق لنا أن نؤمن بوجود شيئ ولو لا ندرك علة وجوده أو كيفيته( حتى في العلم ) ، وهذا لا يحط من شان ألأنسان العاقل ، لأنَّه لا يُطلب منه التسليم بصدق ما لا يعرف معناه (5). فنحنُ (كمؤمنين) لانتكلم عن فراغ ولا بضلال ، ولا بالكلام وحده ، بل بقوة الله ، والروح القدس ، واليقين التام ( تسالونيكي1 : 4- 5 )ثانيا : اللاهوت المعاصر والعلم بمفهوم العالم “تيار دي شاردن” (**):كعالم مؤمن ، قد أمضى حياته يتأمَّل بمعطيات ألأيمان وبمعناها . فاللاهوت ، في نظر “تيار دي شاردن ” ، رغم كونه يتناول مواضيع ما ورائية ، يبقى عِلما ً انسانيا ومحاولة انسانية لفهم الوحي ألإلهي وللتعبير عنه بشكل مقنع عقلياً ، من هنا فإنَّ الفكر اللاهوتي عليه أن يتجدَّد كما يتجدَّد ألأنسان في كُلِّ مراحل حياته اليوميّة وفي كُلِّ عصر .ويستند هذا العالم على مسلمات ثلاثة وهي(6):المسلَّمة ألأولى : هي أن الوحي قد أعلن في مرحلة تاريخية كان الكون فيها يعتبر كعالم مغلق وغير متغيّر (حيث الشمس تشرق ثم تغرب وهكذا يتكرر الليل والنهار كاننا في دائرة مغلقة بحسب مفهوم العالم اليهودي واليوناني القديم ) . لذلك عُبِّر عن هذا الوحي بمفاهيم كانت تتوافق ورؤيا العالم آنذاك . كذلك فإنَّ آباء الكنيسة واللاهوتيّين المدرسين قد أكدوا على تلك المفاهيم لأنَّ العالم لم يكن يومها قد كشف عن معطيات جديدة . واللاهوت التقليدي قد تاثّر بهذه المفاهيم طوال أجيال . كذلك فانَّ آباء الكنيسة ولاهوتيّي القرون الوسطى قد تعمّقوا بمفاهيم المسيحية من خلال الوضع الثقافي الذي كان سائدا في أيّامهم .ويذهب تيار دي شاردن الى ضرورة الغاء كُلِّ ما يذكِّر بمفهوم العالم القديم في صياغة جديدة لمفهوم ألأيمان بعبارات تناسب هذا المفهوم بالذات . وكُلِّ ألأقتراحات التي عرضها حول مفهوم الخلق والخطيئة ألأصلية والفداء وعودة المسيح المنتصر على الموت تلفت نظريا وتكون مادة جديدة لبناء صرح لاهوتي يتناسب وألأكتشافات العلمية والرؤيا الجديدة للعالم . المسلمة الثانية : هي العلاقة بين الله والعالم ، ففي دراسته عن ” المسيح الكونيّ ” يقول “تيار دي شاردن” : ” لقد آن ألأوان ، ولوقليلا ، في عصر يحاول فيه الفكر البشري أن يعترف بوحدة الكون بذاته ، وبالعلاقة التي تربط هذه الوحدة الكونية بالله”. كما يؤكد أيضا على أنَّ جميع فروع العلم المقدس تدعونا للصلاة وللتأمُّل لنرى اين يتلاقى الله والكون. وأنطلاقا من مفهوم الخلق بالذات فأنَّ هذا التلاقي لم يتم الاّ في شخص المسيح نفسه . المسيح هو الذي كشف لنا عن هذه العلاقة المميِّزة بين الله والعالم . لذلك على اللاهوتي أن يحلل ويؤكد اليوم على العلاقة الموجودة بين المسيح والكون ، كما كان اللاهوت في الماضي يحلّل ويثبت العلاقة بين المسيح والثالوث ألأقدس . فقد آنَ ألأوان ، يقول “تيار” ، للتعمق بدراسة هذه العلاقة بين المسيح والعالم ، انطلاقا من تحديد المسيح في اطار الرؤيا الجديدة للعالم لأنَّه كان يسعى الى عرض مسيحانية تكون بحجم الزمان والمكان …أعني أن يكون للمسيح الدور العضوي بالمعنى الحصري للكلمة ، بحيث انّه يحرك ويدفع ويكلّل التطوّر .والقديس بولس الرسول نفسه قد أكَّد ، في رسالته من سجنه ، على أنَّ التجسُّد والفداء لهما البعد الكوني المطلق . كذلك اللاهوت الكاثوليكي نرى تأكيدا على أنَّ العالم هو مرتبط بالمسيح وموحِّد به . وبهذا المعنى يقول ” تيار ” ايضا : “إنَّني لا أفعل سوى نقل التعابير القانونيّة التي وضعتها الكنيسة عن ألأيمان بتعابيرعلمية واقعية” المسلمة الثالثة التي يفرضها “تيار دي شاردن”على اللاهوت فهي التفكير والتأمُّل بالقيم الدينيّة للعمل ألأنساني وللجهد البشري ، وخصوصا التفكير بقيمة البحث العلمي والتقني .انَّ عمل ألأنسان في بحثه العلمي والتقني لايكون رسالة مقدسة الاّ اذا ساهم في تحقيق التطور وايصاله الى غايته ألأخيرة . فالعمل والعلم والتقنية هم بالضرورة ما يجعل ألأنسان يتقدّم ويترقى في اتجاه الوحدة من خلال روحانية تتكامل يوما بعد يوم . أمّا على صعيد المسيح فأنَّ التطور لايصل الى كماله الاّ اذا كان هدفه الوصول الى المسيح ألأوميغا الذي يكلِّلُه ويجعله منفتحا على الكون بأجمعه ،والعمل والعلم والتقنية وحدهم يحققون ملكوت الله .وهكذا يفهم المسيحي ان عمله هو الذي يقدّسه أكثر ويجعله يتجاوب مع دعوة المسيح الى خدمة البشرية والعالم .فمهما تكن التطورات العلمية مسيطرة على المادة وعلى فن تحويل القوى الحيويّة ، فما علينا أن نخشى بان هذا التقدم سيحملنا دائما ، وبشكل منطقي ، الى أن ندع جانبا نوابض الجهد ألأخلاقي والديني . لكن علينا أن نتأكّد أن ذلك التطور سيكون لتقوية تلك النوابض ودعمها .الخلاصة.اليوم أليس من حق المؤمن المسيحي أن يتسائل بماذا يتميّز المسيحي (بالولادة) عن غير المسيحي ، عندما نرى حولنا ألكثيرون من آباء الكنيسة والمؤمنين ، لا يبذلون جهدا في ايصال البشارة الى ألأنسانية بطريقة معاصرة تتوالم مع التقدم العلمي في جميع مجالاته وخاصة بعد أكتشاف الكون الواسع؟اليس من حق المؤمن المسيحي أن يتسائل عن ماهو ألأختلاف بين رعاة تلك الكنائس الذين يركّزون على التقليد والطقوس والفرائض كأنّها واجبات . في حين هناك من المتالمين والجياع والمضطهدين ، يحتاجون الى خدمات أنسانية وعلماء يخترعون لهم الدواء وتكنولوجية متطورة زراعيا تقدم لهم الغذاء واختراعات طبية لمعالجة امراضهم ، وعلماء الفيزياء والكيمياء والفلك يقدمون لهم الكثير من الخدمات كالأتصالات والأدوية ….الخ وكلِّ من يخدم الأنسانية ويسعى الى سعادتها ؟.لا يمكن للمسيحي أن يكون منعزلا عن هذا العالم مهما كانت الأسباب ، لأن المسيح تجسّد لخلاص العالم كله ، فعلى كل مسيحي أن يعرف فكرة التجسد ، بذهن منفتح في كل زمان ومكان ، وكذلك الأنخراط في البحوث العلمية والتقنية والمساهمة في كل مجالات العلم ، ليستطيع أن يقدم إيمانه للأخرين بطريقة علمية معاصرة .يقول العالم ” تيار” : فأنتم الذين تتبجّحون بانكم تستطيعون أن تعيشوا بالنور وحسب ، إنّما تقتاتون ، دون أن تشعروا ، من النُسغِ الغليظ الذي يقطِّره آخرون بتواضع في اعماق المادة . إنَّ جسد المسيح يقتات من الكون كُله (7).انَّ العلم والأيمان ليسا نقيضين الواحد ضد ألآخر وكذلك ليسا منفصلين الواحد عن ألآخر وليسا منصهرين الواحد في ألآخر ، بل هما اتِّجاهان اساسيان في الحياة ألأنسانية يخدمان بهدفهما المشترك ألأنسان ومسيرته الحياتية ، سواء الحياة الروحية(الميتافيزيقية ) أو الجسدية (المادية) ، فلكل منهما هدفا واحدا هو البحث عن الحقيقة . ..فالأنسان العالم يجب أن يبحث ويكتشف ويجتاز الصعوبات ، ولا بُدَّ في النتيجة أن ينتصر روحُ ألأكتشاف . فليمُت رجُل العِلم على صليب عمله ، كما ماتَ يسوع المسيح على الصليب(8) .——————————————————————————————————–(1) كتاب الجو الآلهي ص 16 للأب “تيار دي شاردن”(2) كتاب العلم والمسيح للأب “تيار دي شاردن”(3) نفس المصدر السابق ص 39(4) ألأب بولس الفغالي في سلسلة الكلمة على قناه النور الفضائية (5). الأب “بولس فغالي” نفس المصدر السابق(6) العلم والمسيح للأب ” تيار دي شاردن “ص 13-16(7) العلم والمسيح للأب ” تيار دي شاردن(8) نفس المصدر اعلاه (*) الغنوصيةوالغنوصيين ” أي العارفين بالأسرار”, اصحاب هذه البدعة هم الذين يعتمدون على العقل والأسرار الباطنية والأرواح السفلى والذين أدعو أنَّ الخلاص يأتي عن طريق المعرفة التأملية وعن طريق الحدس الخاص بألأصغاء, وممارسة السحر وليس عن طريق ألأيمان بيسوع المسيح والوحي ألألهي.فدعاة الغنوصية نادوا باستخدام العقل للتمييز بينهم وبين أصحاب المعارف ألأخرى ، وبنوع خاص المعرفة الدينية المستندة الى الوحي ، معتبرين أنَّ ألأيمان ألأعمى بالتعاليم السماوية لاقيمة له، وخصوصا ألأيمان بتعاليم المسيح في ألأنجيل . فالعقل هو المرجع ، وكُلِّ تعليم يجب أن يخضع لحكم هذا العقل ، والاّ فلا أدراك لجوهرالحقائق التي أتى بها المسيح وألأنبياء من قبله ……آباء الكنيسة أعتبروا الغنوصية بدعة دخيلة على الكنيسة من العالم الوثني الذي أراد أن يضرب المسيحية في مهدها(راجع رسالتي الرسول بولس الى الكورنثيين والكولوسيين) . فالتفسير العقلي لمعطيات ألأيمان لم ترفضه الكنيسة طوال تاريخها ، شرط أن يكون متوافقا مع معطيات ألوحي ألألهي . لكن آباء الكنيسة وعوا ، منذ البداية أخطار الغنوصية الملحدة التي تمتزج أفكارها بالمعتقدات الوثنية، خصوصا تلك المستمدة من الفلسفة الأغريقية ، وحذَّروا منها ، وحاربوها في جميع مؤلفاتهم الدفاعية عن العقيدة ألأنجيلية الحقيقية http://mangish.com/forum.php?action=view&id=3140(**) اللاهوت المعاصر والعلم عملية اللاهوت المعاصر هي حركة من اللاهوتيين الذين يعلمون أن الله هو ثنائي القطب ، أو لديه طبيعتين ، والتي تشارك عضويا انه في عملية لا نهاية لها في العالم. الله لديه الطبيعة “البدائية” أو متعال ، كماله الخالدة الطابع ، وكان له طبيعة “يترتب على ذلك” أو جوهري الذي هو جزء من العملية نفسها الكونية. هذه العملية هو “تاريخي” ، أي ليس وفقا لاقتراح من الذرات او changeless المواد ولكن من خلال أحداث أو وحدات من التجربة الإبداعية التي تؤثر في بعضها البعض في تسلسل الزمنيطريقة اللاهوت العملية أكثر من انجيل فلسفيا أو مذهبيا تستند ، على الرغم من العديد من أنصارها استخدام عملية الفكر المعاصر بوصفها وسيلة للتعبير عن التعاليم المسيحية التقليدية أو تسعى لربط موضوعات الكتاب المقدس للمفاهيم العملية. أيضا الأسلوب يؤكد على أهمية العلوم في صياغة لاهوتية. وهكذا تقف بوجه عملية اللاهوت في تقليد اللاهوت الطبيعي ، وعلى وجه الخصوص يرتبط مع تقاليد اللاهوت التجريبية في أمريكا (Shailer ماثيوس العاصمة ماكنتوش ، هنري نيلسون ويمان) الذي دافع عن استقرائي ، والنهج العلمي في اللاهوت التحرري. أيضا عملية اللاهوت الفلسفي لديه بعض القرابه مع التفكير التطوري للبرغسون H. ، S. الكسندر ، C. ويد مورغان ، وP. تلار دي شاردان. ولكن معناه الحقيقي هو منبع الفلسفة Whiteheadian.راجع الموقع التاليhttp://mb-soft.com/believe/tan/process.htm..

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!