مقالات دينية

تساعية الميلاد 19 ك1 (يوسف البار)، 20 ك1 (مريم العذراء) و 21 ك1 (الرعاة)

الكاتب: المطران سعد سيروب
تساعيد الميلاد
19 كانون الاول (يوسف البار)
كلمة الله مَلاَك من الرب قَد ظهر لِيوسف في حُلْمٍ، وَقَالَ لَهُ: «قُمْ وَاهْرُبْ بِالصَّبِيِّ وَأُمِّهِ إِلَى مِصْرَ، وَابْقَ فِيهَا إِلَى أَنْ آمُرَكَ بِالرُّجُوعِ، فَإِنَّ هِيرُودُسَ سَيَبْحَثُ عَنِ الصَّبِيِّ لِيَقْتُلَهُ». فَقَامَ يُوسُفُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ، وَهَرَبَ بِالصَّبِيِّ وَأُمِّهِ مُنْطَلِقاً إِلَى مِصْرَ (متى 2/ 13-14).

تأمل ينحدر يوسف من عائلة ملوكية. فهو من ابناء يسى، من بيت لحم. الملك داود هو ابن يسى وهو أعظم ملوك اس*رائ*يل.
حياته بسيطة: مملوء من المشاريع البسيطة: زوجة، وبيت، ومحل نجارة. لا طموحات كبيرة لديه. أطاعة الله هي غايته الاولى، وهو يقوم بهذا بكل سلام وثقة.
ولكن الله اختار خطيبته مريم لتكون أماً، فبواسطتها سيدخل الله العالم. تبدلت مشاريعه جذرياً. سيرزق بابن ولكن ليس من صلبه. سيكون له زوجة، ولكنها ستكون مسكناً لله.
يمكن ان يثور ويرفض المستقبل الذي لم يختاره بحريته. لقد حكم وحكمه يرافقه طوال الحياة. سيقبل حياة لم يبحث عنها، ومصيراُ لم يقرّره، كما يحدث للعديد منّا.
سيتبنى المشروع الالهي، الذي سيرافقه طيلة الحياة. ستكون سنينه صعبة. سيعيش هارباً في مصر، لكي يدافع عن الصبي.
يوسف هو شفيع جميع اولئك الذين تخلوا عن احلامهم طاعة لكلمة الله.
صلاة يوسف لقد كان ليّ أحلاماً كثيرة، يارب، ومشاريع عدّة أردت تنفيذها. أما أنت فأردت شيئاً آخر! أعطيتني زوجة ليست زوجتي، ورزقتني أبناً كلّه حضورك. هبني أن أعيش ما لم أختر، دون غضب ولا تمرّد. هبني أن أثق أن طاعتي ضرورية، ليتحقق مشروعك الخلاصي. أمين.
التزام أقبل كل الاشياء التي تضايقني وتضاددني واعتبرها وسيلة لخلاصي.
————————————————————————————————–
 
تساعية الميلاد
20 كانون الاول (مريم العذراء)

كلمة الله “وحفظت مريم هذا كلّه وتأمَّلته في قلبها” (لوقا 2/ 19).

تأمل يذكر الانجيلي لوقا ثلاث مرات أن “مريم كانت تحفظ هذا الكلام في قلبها وتتأمل بها في قلبها”. يمكنني أن أشرح هذه القول: أن مريم كانت تحاول ان تجمع القطع وتحاول ان تضعها مع بعضها.
الفتاة العذراء من الناصرة وجدت نفسها متداخلة في تاريخ يفوقها بشكل كبير. أولاً: لقد وجدت نفسها مع رئيس الملائكة في حوار ونقاش: “كيف يكون لي هذا؟” وثانياً، كان عليها أن تخبر خطيبها يوسف. وثالثاً ولدت بعيدا عن بيتها وبين الرعاة، وهم من الناس المهمشين بسبب ظروف عملهم. وأخيرااً، وجدت نفسها مجبورة للهرب الى مصر لتحمي الطفل من جنون هيرودس.
كم من الاحداث، والمشاعر، كم من الافراح والمخاوف التي كان عليها أن تعيشها وتمر بها.
ولكن مريم أمام كل هذه الاحداث، تحاول أن تبحث عن الوحدة، تدخل الى ذاتها وتبحث عن المفتاح لمشكلتها، والمبدأ الذي يمكن أن يوحّد حياتها، على ضوء كلمة الله التي اعلنها لها الملاك.
نحن أيضا في كثير من الاحيان نشعر وكأن الاحداث تتسارع أمامنا، نتأثر بها، فنركض خلف الاشياء ولكن دون أن نبحث عن الوحدة في كل ما يحدث.
فقط تأمل كلمة الله، والصلاة العميقة، والمثول أمام الله الرحوم الحنون يمكننا ان نرتب حياتنا، وان نكتشف ارادة الله وتصميمه في حياتنا اليومية.
صلاة أحمدك يارب السموات والارض، يا إله أبائنا. لقد نظرت الى تواضعي وكشفت قدرتك في حياتي. لقد حولت رحمي الى مسكن للكلمة الالهي، وجعلت أيامي مكاناً للقاء اللامحدود بالبشرية المتألمة. هبني، في الصمت والصلاة، أن أحول كل فعل وكل عمل الى “نعم” شخصية على مبادرة إرادتك ومحبتك. أمين.
التزام جد في يومك مكانا وزمانا للصلاة والتامل، لتجمع احداث حياتك المتوزعة وتوحدها وتكتشف المعنى.
————————————————————————————————————
 
تساعية الميلاد
21 كانون الاول (الرعاة)

كلمة الله لما انصرف الملائكة عنهم إلى السماء، قال الرعاة بعضهم لبعض: “تعالوا نذهب الى بيت لحم ونرى هذا الحدث الذي أبرنا به الرب”. وجاؤوا مسرعين، فوجدوا مريم ويوسف والطفل مضجعاً في المذود. فلما رأوه أخبروا بما حدّثهم الملاك عنه، فكان كلُّ من سمع يتعجب من كلامهم. وحفظت مريم هذا كلّه وتأملته في قلبها. ورجع الرعاة وهم يمجدون الله ويسبحونه على كل ما سمعوا ورأوا كما أخبرهم الملاك (لوقا 2/ 15-20).

تأمل صعبة هي حياة الرعاة. ليال طويلة في العراء، الأجور بائسة، الحياة غير مريحة والأسرة بعيدة. وأضافة الى ذلك، نظرة الناس القاسية. الناس تعتبر عمل الرعاة هزيل وتعيس.
لا وقت للإيمان لديهم، لا وقت عندهم للذهاب الى الهيكل أو للاستماع إلى رجال الدين في المجمع. ولهذا ظنوا أن المسيح الآتي لا يمكن أن يكون لهم!
كما المتشردون لدينا، والفقراء الذين يقطنون الضواحي، لا أحد يراهم ولا يعتبرهم. انهم الخاسرون، المنسيون، المهمشون في المجتمع والمتروكون الى الخلف دوماً.
الى هؤلاء أرسل الله جوق من الملائكة وكشف لهم الخبر السعيد، ولادة المخلص: لهم، لا للمتكبرين. سيجدونه في مذود فقير، وهو من الاشياء المؤلفة لديهم: الله يصبح سهل الوصول إليه.
سيعودون الى عملهم الوضيع: فحياتهم لم تتغير. ولكنها قلوبهم قد تغيرت كلياً. كل شيء بقى كالسابق. ولكن لا شيء كما كان من قبل. فقد اكتشفوا الحبّ.
صلاة لم يعلمنا أحد أن نصلي إليك، أيها الاله العظيم. ولم نشعر قط بأننا مستحقون أن نحمدك ونمجدك. إلى أن جئت للقائنا وقبلتنا. والآن انت في وسطنا، كإله رائحته هي رائحتنا. إله صار واحدا مثلنا. فلتكن مباركاً، أيها القريب. أمين.
التزام كل شيء نعمة من الله، معطى بمحبة لا متناهية لنا، فلنشكر الله على عطاياه العجيبة. فقلبنا هو الذي يغير الواقع.

..

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!