مقالات دينية

القديس البار مار إسحق القطري

القديس البار مار إسحق القطري

القديس البار مار إسحق القطري

إعداد / وردا إسحاق قلّو

إنّ وجود المسيحية في شبه الجزيرة العربيّة يعود إلى أيّام الرسل. فيذكر سفر أعمال الرسل، في حديثه عن حلول الروح القدس على التلاميذ يوم العنصرة، أنّ اليهود الذي سمعوا خطبة القديس بطرس قد أتوا من مختلف أنحاء العالم، وكان منهم عرب (أعمال 11:2). فهؤلاء العرب الذين آمنوا بالمسيح عادوا إلى شبه الجزيرة العربية ونشروا فيها الإيمان المسيحيّ. وإنّ السيرة النبويّة لابن هشام تذكر اسم الرسول الذي نشر المسيحيّة في الحجاز: “وكان مَنْ بعث عيسى عليه السلام من الحواريّين… ابن ثلماء، إلى الإعرابيّة وهي أرض الحجاز” (ابن هشام 255/4، وابن خلدون 150/2، والطبري 738/1). وابن ثلماء هو الرسول برثلماوس. وقد بقيت المسيحيّة مزدهرة في هذه البلدان العربيّة حتى بعد الفتوحات الإسلاميّة. من المعروف أنّ عدّة قبائل عربيّة عُرِفت بإيمانها بالمسيحيّة كطيء وكندة وبطونها كالسكون والسكاسك. وتذكر “السيرة النبويّة” لابن هشام أنّ محمّداً نبيّ المسلمين دعا قبيلة كندة المسيحيّة وقبيلة كلب المسيحيّة في الحجاز إلى الإسلام فرفضتا. هناك آثار كثيرة تشهد على انتشار المسيحيّة قبل الإسلام في الجزيرة العربيّة، لم يهتمّ لها المسلمون، كما يؤكّد ذلك المؤرّخ الدكتور جواد علي، إذ يقول: “منذ العصر العبّاسيّ كان المسلمون ينظرون إلى الإخباريّ (أي المؤرّخ) نظرة سيّئة، فيها شيء من الازدراء وعدم التقدير. وما كان ذلك لروايته أخبار…

مار أسحق السرياني … قديس من قطر

 ولد مار إسحق وعاش في القرن السابع الميلادي . وردت سيرته في السنكسارات السلافية ولم يرد في السنكسارات اليونانية ، ربما كان السبب الظن في أنه كان نسطوري الإنتماء . من أعظم وأعمق من كتب في النسكيات . كتاباته خالية تماماً من أي أثر نسطوري . له في التراث الروحي الأرثوذكسي أثر لا يُمحّى . أجيال من الرهبان عاشت على مقالاته ، وكذلك من الغير الرهبان . المعلومات عن سيرته محدودة . له في السريانية سيرتان مقتضبتان . يبدو أنه ولد في منطقة قطر على الخليج الكلدي ( العربي ) كانت قطر في زمناه ، أي في القرن السابع الميلادي ، مركزاً مسيحياً مهماً . وقد أعطت الكنيسة عدداً من الكتبة البارزين . ترهب إسحق وصار معلماً في وطنه ، أول الأمر . ولعله إنتقل بعد ذلك إلى جبال خوزستان إثر إنشقاق حدث بين بطريركية سلفية . ستيزيفون وأساقفة قطر . ولا بد أن يكون قد عاد إلأى قطر بعد ما سوّي الأمر وزار الكاثوليكوس جاورجيس المنطقة سنة 676م ، أخذه الكاثوليكوس معه وجعله أسقفاً على نينوى ( الموصل ) في بلاد الرافدين . تخلى من الأسقفية واعتزل بعد خمسة أشهر . السبب ، حسب أحد المصادر ، لا يعلمه إلا الله . مصدر آخر أورد أن رجلين إقتضيا عنده ، دائن ومديون . الدائن طلب ماله والمديون مَهَلهُ . فلما أشار إسحق إلى الكتاب المقدس وسأل الدائن الصبر على أخيه ، إنفعل صاحب المال ورد قائلاً : ضع الكتاب المقدس جانباص وإلزمه بردّ المال ! فقال إسحق في نفسه : إذا لم يكن الكتاب المقدس بيني وبينهم فما لي وإياهم ؟ ! فقام إلى الكاثوليكوس وإلتمس إعفائه من الأسقفية فأعفاه . بعد ذلك ، يبدو أنه إعتزل في جبال خوزستان بجوار نسّاك آخرين ، ثم لما تقدم في أيامه إنتقل إلى دير مجاور هو دير ربان شابور . ليس تاريخ وفاته معروفاً . أحد المصادر يذكر أنه أصيب بالعمى في سنواته الأخيرة . يظنّ الدارسون أن كتاباته وضعها في شيخوخته . ربما كان ذلك في العقد الأخير من القرن السابع الميلادي . غحدى سيرته تذكر أنه ترك للرهبان خمسة مجلدات إرشادية ، هذا معناه أن أكثر ما ترك ضاع . مقالاته المابقية تقع في قسمين جُمعا بعد موته . نسخها الرهبان السريان وتناقلوها . نقل شقاً منها إلى اليونانية ، في القرن الثامن أو التاسع . راهبان من رهبان دير القديس سابا في فلسطين ، تضمن هذا الشق في السريانية إثنين وثمانين مقالة . الشق الثاني جرى الكشف عنه في هذا القرن وهو يتضمن أربعين مقالة إضافية ، أبرزها أربع مئويات حول المعرفة . ينسب إليه أيضاً كتاب يعرف ب ( كتاب النعمة ) وهو عبارة عن سبع مئويات ، لكن نسبته مشكوك فيها .  

من أقواله 

   سُئِلَ القديس إسحق ما هي التوبة . فأجاب : هي القلب المنسحق المتواضع وإماتة الذات إرادياً عن الأشياء الداخلية والخارجية . ومن هو رحيم القلب ؟ فأجاب :  

   هو الذي يحترق من أجل الخليقة كلها : الناس والطيور والحيوانات والشياطين وكل مخلوق . الذي تنسكب الدموع من عينيه عند تذكّرها ، أو مشاهدتها . هو من يتقبض قلبه ويشفق عند سماه أو مشاهدة أي شر أو حزن يصيب الخليقة مهما كان صغيراً ، لذلك فهو يقدم صلاته كل ساعة مصحوبة بالدموع من أجل الحيوانات وأعداء الحقيقة وحتى من أجل الذين يؤذونه كي يحفظهم الله ويغفر لهم ، ويصلّي أيضاً من أجل الزحافات . إن قلبه يفيض بالرحمة فيوزّعها على الكل دون قياس كما يفعل الله .    وسئل أيضاً : كيف يقتني الغنسان التواضع ؟ فأجاب : يتذكّر خطاياه على الدوام وترقّب الموت وإختيار المكان الأخير وقبوله أن يكون مجهولاً وإلا يفكّر في شىء دنيوي …  

   وسئل أيضاً : ما هي الصلاة ؟ فأجاب : إنها إفراغ الذهن من كل ما هو دنيوي وإشتياق القلب للخيرات الآتية ( من مقاله 81 ) . 

   بشفاعة قديسيك أيها البار أسحق ، البار مار أفرام السرياني والبار يعقوب الناسك ، والشهيدتين ، الأم وإبنتها ، والشهيدة خاريس ، وبشفاعتك أيها ابار أسحق السرياني ، نقول :  

أيها الرب يسوع المسيح إلهنا ، أرحمنا وخلصنا ، آمين .  

المصدر / سيّر القديسين وسائر الأعياد في الكنيسة الأرثوذكسية ” السنسكار ” .  

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!