مقالات دينية

آيات يسوع أثبتت أنه المسيح المنتظر

آيات يسوع أثبتت أنه المسيح المنتظر

بقلم / وردا إسحاق قلّو

قبل أن يحل ملء الزمان ويتجسد المسيح ويولد من العذراء في مغارة بيت لحم ، تنبأ به الأنبياء ، وتلك النبؤات كان مصدرها الوحي الإلهي ، أتت لتسبق مجىء المسيح وأعماله المعجزية . بعد التجسد أعلن يسوع أنه أبن الله الحي ، ومشابه للآب ومساوي له في الجوهر . وهو في الآب والآب فيه ، وغيرها من الأقوال . لكن ليثبت تلك الأقوال بالعجائب . فالأعجوبة الحقيقية هي علامة جليّة لتَدخل الله المباشر في أمور الناس . فكل ما قام به يسوع من أقوال وتعليم مقرون بالمعجزات كان يبرهن للناس أنه أبن الله المتجسد بينهم . وخاتمة المعجزات التي برزت فوق كل المعجزات كانت قيامته من بين الأموات بقدرته الفائقة كاسراً شوكة الموت .

لأعاجيب المسيح وجهان : وجه يكشف مافي داخله من محبة وعطف وحنان لمن يقدم له المعجزة ، كالمريض ، والمتألم ، والمحتاج . والوجه الآخريبرهن للحاضريبين والسامعين عن قدرته الإلهية الفائقة لأجل الإيمان بالله القدير بسبب تلك الآية ، وذلك لأن الآية كانت تشكل قوة برهان حقيقية مرئية وملموسة ومسموعة أمام الحاضرين . فهدفه الأول من معجزة الشفاء مثلاً هو شفاء المريض ومن معه روحياً ، فبسبب شفاء الواحد جسدياً كان يؤمن به الكثيرين ، وهو كان يقصد شفاء النفس قبل شفاء الجسد . لهذا قال لمخلوع ( تشجع يا أبني ، فقد غفرت لك خطاياك ) وللآخرين الذين نالوا منه الشفاء ( لا تعودوا إلى الخطيئة أيضاً ) لكن اليهود الحاضرين عارضوا قوله في موضوع مغفرة الخطايا ، لأنهم يؤمنون بأن الله وحده يغفر الخطايا لكونهم لا يعلموا بأنه هو الله المتجسد بينهم وله القدرة على المغفرة وشفاء الجسد في آنٍ معاً .

معجزات يسوع أثبتت أنه المسيح المنتظر . فيوحنا المعمدان الذي وضعه هيرودس في السجن سمع بيسوع بأنه يجوب كل المناطق ويجترح العجائب ، ويعلم بسلطان ، فشعريوحنا الذي عمده ورأى الروح القدس قد حلّ عليه على هيئة حمام ، إضافة إلى علمه بنبؤات العهد القديم ، لكن رغم ذلك كان الشك يراوده ، لهذا أراد ان يتأكد وخاصة بعد سماعه بتفاصيل أخبار يسوع المعجزية فشعر بالبهجة ووصل إلى الإيمان بانه المسيح المنتظر . لهذا أوصى تلاميذه للذهاب إليه ليسألوه عن حقيقة أمره ، فنقلوا الخبر إلى يسوع ، فأجابهم قائلاً ( إذهبوا وأخبروا يوحنا بما رأيتم وسمعتم ، العميان يبصرون ، العرج يمشون ، والبرص يطهرون  والصم يسمعون ، والموتى يقومون ، والمساكين يبشرون … وطوبى لمن لا يشك فيّ ) ” لو 7: 22-23 ”  . ( وهذا ما تنيأ به أشعياء ، فقال في 35: 5-6  ” حينئذ تنفتح عيون العميان ، وأذن الصم تنفتح ، وحينئذ يقفز الأعرج كالأيل ويهتف لسان الأبكم … ) كان في إجابة يسوع معاني كثيرة . وفي معجزاته نجد القوة والسلطة على الأرواح ، وعلى كل قوانين الطبيعة ، مما يدل على أنه يمتلك قوة تفوق قوة البشر . وتلك الأعاجيب كانت من صنع الله ، أو من يعمل بأسمه . ومعجزاته كانت علامات تحرير الإنسان من رواسب الماضي بيحل فيه ملك الله ، فالمعجزات تظهر ملك الله بالأعمال . لم يأتِ يسوع ليقلب نظام الطبيعة الذي أسسه ، بل أتى بعلامات تبين مقدماً ما سيكون ملك الله عندما يكتمل النظام الطبيعي ، بل هي علامات حقيقية أعمق تحررما من آخر أنواع عيودية الشر .

للطبيعة قوانينها ، وكل شىء يسير وفق تلك القوانين ، وإن كان هناك خرقاً واضحاً وحقيقياً لتلك القوانين ، ندرك بما لا يقبل الشك إننا أمام قدرة تفوق قوانين الطبيعة ، فإما هي من الله أو من روح شريرة . فالقوة الصادرة من الروح التي هي من الله تعمل لمجده . أما روح الشر فيحقق من خلال معجزاته التي تخدم أهداف أنانيته وحقده ، لكن سرعان ما يظهر مكره وغايته فتبدد وعوده لتحل محلها الخيبة في النفس ، ومن ثم الضياع لمن يتكل عليه .

ما يساعد على أستيضاح طبيعة الأعاجيب والمعجزات الخارقة ، النظر عن كثب في ما يحيط بها من وقائع وما يكتنف حدوثها من ظروف . فما يسبق الأعجوبة ، وما ينتج منها إنما هو دائماً أمر حسن . في الأعجوبة خبر في البداية ، وأثنائها كما في النهاية .

كانت حياة يسوع مليئة بالأعمال المعجية المدهشة لأن قدرة الله بدت جلية فيها ، ويسوع الذي كان يعمل أعمال أبيه غدا أسطع صورة لحضور الله بين البشر . وهكذا أثبت بالأدلة والبراهين وآيات خارقة بأنه الإله المتجسد والكلي القدرة . بدأ بالمعجزات من قانا الجليل عندما حول الماء خمراً ، وطهر البرص ، ملأ شبكة بطرس والتلاميذ فجأة بالسمك الكبير ، كما نراه يسير على الماء ، ويتسابق مع الزمن فرأوه التلاميذ في الهزيع الأخير من الليل بقرب مركبهم علماً بأنهم تركوه في الجبل يصلي . وخمس خبزات وسمكتان تطعمان الآلاف ، والموتى يقيمهم ، وغيرها من المعجزات التي ليست هي ببرهان على قدرة الله التي في المسيح فحسب ، بل هي بمثابة حافز للأجيال لكي يولون الثقة بذلك الإله الذي قام من بين الأموات . واليوم نؤمن به دون أن نراه أو نلتمس جراحه لأنه مصدر ذلك الحب الذي يترجم قدرته الخارقة لكي نؤمن به ، ونتكل عليه متذكرين قول الرسول بطرس لنا ( ألقوا عليه جميع همكم فإنه يعني بكم ) وهذا القول يتعاطف مع قوله للمؤمنين به ( تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم … )

ختاماً نقول : علينا أن نشكر الله على كل عمل معجزي ناتج من المواهب الفائقة التي لا يمكن لأحد أن يشك بعمل فاعلها ، بل يلتمس خيراتها ، وعظم منافعها للروح ، فما عمل يسوع وقديسيه ، وما يعمله اليوم الروح القدس في كنائسنا عندما يحوّل الخبز والخمر إلى جسد ودم يسوع على مذابح الكنائس ، أنه عمل معجزي فوق مستوى إدراك العقل البشري يحدث في سر لا ينطق به .

أعمال يسوع المعجزية كشفاء المقعدين وإقامة الموتى ، وفتح عيون العميان وغيرها من الأعمال أثبت فعلاً حقيقة كونه إبن الله ، والله الآب أعلن هذه الحقيقة عندما تعمد في نهر الأردن ، وفي يوم التجلي على الجبل أمام الرسل الثلاثة الذين سمعوا صوته يقول ( هذا هو ابني الحبيب الذي به رضيت ) وصعوده إلى السماء أمام حشد من المؤمنين به ، وكذلك سيأتي بمجد عظيم ليدين الأحياء والأموات . إنه المسيح المنتظر الذي تنتظره البشرية كلها .

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!