حِـرصاً وإخلاصاً لمفـهـوم مفـردات الكـتاب المقـدس الجَـمَـل اَم حَـبل السـفـينة ؟ گـُـملا أم گـَـملا ؟
حِـرصاً وإخلاصاً لمفـهـوم مفـردات الكـتاب المقـدس
الجَـمَـل اَم حَـبل السـفـينة ؟ گـُـملا أم گـَـملا ؟
بقـلـم : الشماس الإنجـيلي قـيس ميخا سـيـﭘـي / سان هـوزيه / كالـيفـورنيا
نـقـرأ الكـتاب المقـدس وغايتـنا التسلح بالمعـرفة والوصول إلى تعاليم أعـطاها لنا الإله الخالق عـبر مخـتاريه المُقادين من الروح الـقـدس ليكـونوا اُمناء في تـدوين ما أوحيَ لهم . ولكـونـنا نسمع ونـتّـبع ما يقـدمه لنا رجال الدين والذين نعـتبرهم وُكلاء السماء عـلى الأرض ، فهـذا يجـعـلنا مُحـدَّدين في مدى تقييمنا وإجـتهادنا في ما يطرحونه عـبر المنابر واللقاءات ، فلا نجـرأ عـلى السؤال أو الـتـفـكـير في دقة تلك الطروحات سوى الـقـول : الله يديمك سيدنا ـ أبونا . وهـذه العلاقة مع رجال الدين تـفـتح باب الوقـوع في أخطاء قـد تكـون مُكـلِـفة وإستراتيجية نـتيجة أسلوب فهمنا وتـفسيرنا وتطبـيقـنا لِما جاء في الكـتاب المقـدس من تعاليم مباشرة أو أمثال رمزية ، ومنها عـلى سبـيل المثال : مَن ضربك عـلى خـدك الأيمن … أعـطوا ما لقـيصر ما لقـيصر … مثال الإبن الشاطر … أحـبوا أعـداءكم … لا ترد الشر بالشر … إقامة إليعازر … وووووو.
وإستـناداً إلى ما لـقّـنه لنا آباء الكـنيسة المقـيَّـدين بالموقـف السياسي والإداري المحـدّد والمُهـدَّد عـلى مدى قـرون ، مما جعل المسيحـيـين يقـبلون بالـذل والخـنوع وعـدم المطالبة بحـقـوقهم ومستحـقاتهم في حـقـول عـملهم وتواجـدهم في أوطانهم . وهذه الطريقة في الفهم والتفسير قـد تكـون سبـباً في محـو الوجـود القومي أو التغـيـير الديموغـرافي بالإضافة إلى الديني ، كما يتوقع المحـلـلون أن يحصل قـريباً تغـيـيراً دينياً وسياسياً وإدارياً في الـدول الأوروبـية كما حـصل في الشرق الأوسط إبّان العـصور السابقة ، كما كانت سبـباً في ضياع وإنصهار إمبراطوريات وكـنائس وأديرة شامخة عبر التأريخ ، آثارها تـشهـد لـنا اليوم .
إن ما دفـعـني في كـتابة هـذه المقـدمة هـو حوار سابق بـيني وبـين صديق حول تـفسير الآية الواردة في الكـتاب المقـدس :
(مرقس 10: 25) مُرُورُ جَـمَل مِنْ ثَـقْـبِ إِبْـرَةٍ أَيْـسَـرُ مِنْ أَنْ يَـدْخُـلَ غَـنِيٌّ إِلَى مَلَكُـوتِ اللهِ.
فـما المقـصود بكـلمة ــ جَـمل ــ يا ترى ؟ عـندما نعـلم أن المنطقة التي قـيلت فـيها هذه العـبارة ، لا يوجـد فـيها جِـمال لكـونها ذات مناخ معـتـدل وبارد ولا يصلح لتربـية الجِمال التي تـفـضّل مناخاً حاراً وصحـراويا ، ومن جانب آخـر فإن هذه المنطقة الجغـرافـية تكـثر فـيها البحـيرات والأنهار وهي قـريـبة من البحـر ، لـذا فالمألـوف فـيها هـو الـتـنـقـل بالسفن الصغـيرة ( زوارق ، قـوارب ) و شبكات صيد السمك وما شاكلها .
نأتي إلى معـنى كـلمة ( جَـمَـل = گـملا ) في لغـتـنا الكـلدانية الجـميلة الـقـريـبة من لهـجـتـنا الدارجة حـينها في أراضي اليهـود أيضاً أيام تبشير مخلصنا يسوع المسيح . ( فكما ورد في قاموس كـلداني – عـربي للمؤلف المطران يعـقـوب منّا صفحة ١١١والذي أعاد طبعه المطران – البطريرك روفائيل بـيداويذ ) نسخة من الصفحة في أدناه ، حـيث يقـول أن معـنى گَملا – ܓܲܡܠܵܐ ( بفـتح حـرف گ) = حـبل السفـينة ، الذي يكـون حـبلاً (خـيطاً غـليظا ) ليقـوى عـلى ربـط وتـثبـيت السفـينة عـلى الرصيف ، ومنـطـقـياً فإن هذا المعـنى هـو الأقـرب إلى الواقع وإلى ما يُمكـن فهمه من المثل الذي يريد المسيح من خلاله أن نـتبنى الفكـرة ونـقـربها إلى أذهانـنا ، لوجـود علاقة بـين الحـبل والأبرة لكـونهما من نفس الـفـئة والتعامل بـينهما أمر وارد وأكـثر منطقـيةً . والفـكـرة هي صعـوبة اِدخال خـيط غـلـيظ في ثـقـب أبرة ، هـكـذا قال الرب عـن حـبل السفـينة (گَملا – ܓܲܡܠܵܐ) . اَما الجـمل (گُملا – ܓܘܼܡܠܵܐ كحـيوان ضخم ) لا تربطه أية علاقة مع الأبرة – ܓܲܡܠܵܐ لـيُعـطي معـنىً مقـبولاً لدى القارئ أو السامع .
فهل يقـبل آباء الكـنيسة هـذا الرأي ويوجّهـون لترويج تعاليم قـريـبة من الواقع والـبـيئة (بل المنطق ايضاً) التي ولدت فـيها النصوص وليس الإجـتهاد الشخـصي الذي قـد يوقعـنا في أَخـطاء ؟
وعـلى هـذه الشاكـلة ونـتيجة لإحـتـكاكـنا مع المجـتمع نسمع عـن أسـئـلة تـراود الكـثيرين ومنها هـذه النـماذج :
1ــ هل نـدير خـدنا الأيسر لمن ضرب خـدنا الأيمن ؟ ألم يعـترض المسيح عـلى ضاربه ؟؟؟
2ــ ألم ينـتـقـد المسيح السياسيـين لنـقـبل بـ : اَعـطِ ما لقـيصر لقـيصر وما لله لله ؟؟؟
3ــ هل مسامحة الإبن الشاطر وإهـمال الإبن الأكـبر يوضحها ويفسرها الواعـظون بالشكل الصحيح ؟؟؟
4ــ هل عـلينا أن نحـب أعـداءنا كما جاء في الكـتاب : أحـبوا أعـداءكم ؟؟؟
5ــ هل نـتجـنب ردّ الشر بالشر بعـد سلب حـقـوقـنا وأملاكـنا ؟؟؟
6ــ هل أقام المسيح إليعازر من الموت الـفـيزياوي ، فأهـمل جـميع ( شباباً وكـهـولاً من الجـنسين عـلى إخـتلاف أهمية وموقع كلٍ منهم إجـتماعـياً وثـقافـياً وسياسياً ) في مرحلة حـياته الأرضية ومتحايزا لشخـص واحد فـقـط ( إليعازر) دون غـيره لعلاقـته العائلية أو الشخصية معه ؟؟؟
7ــ هل يطبق آباء الكـنيسة والمسيحـيـين هـذه الأقـوال عـلى أرض الواقع ؟
أسئلة كـثيرة وغـيرها بحاجة إلى توضيح شجاع وأكـثر واقعـية ومنطقـية ، وربطها بالبـيئة والزمن والظرف مِن قِـبل آباء الكـنيسة وُكلاء الرب عـلى الأرض لتكـون مقـبولة ، وعـدم إعـطاء الفرصة للمجـتهـدين في إنـتـقاد الكـنيسة التي هي منبع التفاسير ، ومن تأريخ وخـبرة وقـديسين لما يزيد عـلى ألفي سنة .
غـيرتي عـلى كـنيستي جعـلـتـني اَكـتب ما كـتبتُ.
تـنـويه :
جَـمَـل = مُـذكــّـر الـناقة / إبـل
جـُـمْـل … جُـمَّـل = الحـبـل الـغـلـيـظ ،،، حـبـل السـفـيـنة ،،، في بعـض الـقـواميس الإنـﮔـلـيـزية ( أداة لإنـتـشال السـفـيـنة )