هل ستعود أوروبا صاغرة الى الحضن الأمريكي ؟ – محمد رضا عباس
الجواب هو نعم . اوروبا ستعود الى أمريكا مرغمة لأنها ليست لها الطاقة على منافسة روسيا اقتصاديا او عسكريا . الرئيس ترامب سيربح ولاء أوروبا تماما مثل ما ربح ولاء أوكرانيا له .
تذكر , ان الرئيس الأمريكي ترامب بدء مفاوضات وقف اطلاق النار في أوكرانيا مع روسيا بدون اذن من الرئيس اوكراني ولم يأخذ اذن من الشعب الاوكراني الذي نكب بعدد ق*ت*لاه و دمار مدنه , إضافة الى اقصاء أوروبا والتي شاركت أمريكا في الحرب . الرئيس ترامب قرر بنفسه وقف اطلاق النار في اكرانيا رغم احتجاج أوروبا . ولكن في النتيجة وافق الرئيس الاوكراني على وقف اطلاق النار والاستسلام التام لواشنطن , حتى بعد ان فرض ترامب على أوكرانيا استعادة جميع المساعدات العسكرية والمالية التي قدمتها إدارة جو بايدن له . واشنطن ربحت عقود ” المعادن الثمينة “, و استرجاع مبلغ 350 مليار دولار الى الخزينة الامريكية , و الاستماع بأذنين الى الرئيس ترامب في الاجتماعات القادمة.
ما طبقه ترامب على أوكرانيا يطبقه الان على أوروبا , والهدف منه هو تركيع اروبا للقرار الأمريكي , ولكن هذه المرة بدون كلفة مالية وعسكرية كبيرة .
أولا , لماذا تحرك الرئيس ترامب نحو وقف اطلاق النار في أوكرانيا ؟ الجواب هو كسب ود الرئيس الروسي فلاديمير بوتين , وابعاده عن أي حلف مع ايران والصين , حيث ان حلفا بين هذه الدول الثلاث سوف يغير العالم بأجمعه اقتصاديا وسياسيا وعسكريا , وعليه احتواء الرئيس بوتين سوف يضعف هذا الحلف, ولكن بنفس الوقت سوف يقلق أوروبا التي تورطت بدعم اوكرانيا.
وقف اطلاق النار في أوكرانيا يعني انتصار بوتين في الحرب وخسارة أوروبا, والتي سوف تكون في الخطوط الامامية اذا ما قرر بوتين التحرك نحو الغرب , وبدون الدعم الأمريكي لها سيكون من المستحيل وقف الزحف الروسي .
هذه السناريو اقلقت القوتين النوويتين في القارة الاوربية , بريطانية وفرنسا. فرنسا , على سبيل المثال ارادت نشر رؤوس نووية في القارة , ولكن رفض القرار بقوة . فقد جاء في خطاب عضو البرلمان الأوروبي السلوفاكي لوبوش بلاغا ” هذا هو انقى اشكال البونابرتية في التاريخ . بكلماته , يعمل ماكرون على تصعيد الحرب , انه يتحدث وكانه يعتبر نفسه نابليون بونابرت “, مشيرا الى ان ” هناك خطرا حقيقيا لاندلاع حرب عالمية ثالثة”.
ولكن السؤال الكبير هو , هل باستطاعة اوروبا وحدها الوقف امام قوة روسيا ؟ الاوربيون الغير حمقى يقولون لا . الصناعات العسكرية الاوربية تعتمد كليا على الولايات المتحدة ,” اذا خرجت الولايات المتحدة من اروبا , فلن تكون الأخيرة قادرة على انتاج أي شيء بمفردها” , كما صرح به خبير نرويجي. وقال الصحفي بافيل ليزيتسكي البولندي ” أوروبا تفتقر الى الموارد الكافية التي تمكنها من خوض حرب مع روسيا في ظروف متكافئة . اللاعب الوحيد الذي يمتلك هذه القدرة هو الولايات المتحدة . وقد صرح دونالد ترامب بالفعل بانه لا يرغب في المشاركة في هذا النزاع”.
ماذا ستكسب الولايات المتحدة من عدم رغبتها المشاركة في النزاع؟ كثيرة
أولا: قلصت الولايات المتحدة من مصاريف الدفاع على اوروبا الى حدا كبير.
ثانيا: الإدارة الامريكية اشعرت الاوربيين بانهم لا يستطيعون الوقوف وحدهم امام روسيا.
ثالثا : تحميل الاوربيين تكاليف الدفاع عن قارتهم . فقد جاء في تصريح الرئيس ترامب بانه سوف لن يغطي مصاريف حماية أوروبا بدون مشاركتهم بالدفع أيضا , حيث قال ” لقد قلت انه اذا لم تكن تنوي الدفع , فلن نقوم بالحماية . اذا لم تكن تنوي دفع فواتيرك , فلن نقوم بحمايتك”. هذا التهديد الأمريكي هو الذي أدى بأوروبا بزيادة قدرتها العسكرية بنسبة 30% وبمشاركة 80% من دول الاتحاد. واكد مسؤول حكومي كندي رفيع المستوى ان بلاده بصدد اجراء محادثات مع الاتحاد الأوروبي للانضمام الى مسعى الاتحاد لكسر اعتماده على الولايات المتحدة في مجال الامن.
رابعا : عدم قدرة أوروبا الاستغناء عن الاقتصاد الأمريكي , وهو ما تعرفه إدارة ترامب . السلع الاوربية لا يمكن تسويقها الى دول متوسطة او قليلة الدخل , لأنها عالية الكلفة , ولن يتحمل كلفتها الا دول غنية , ومنها الولايات المتحدة ذات السوق الكبير . أسواق السيارات الأوروبية هي أسواق أوروبا و اليابان و الولايات المتحدة .
خامسا : وامام انتصار بوتين في أوكرانيا و تنصل ترامب منها , وتحذيره لأوروبا بان تدفع فاتورة التسليح ان إرادة الحماية الامريكية , لم يبقى لها الا السكوت وعدم إعطاء الراي عن قرار الإدارة الامريكية من امتلاكها جزيرة جرينلاند وانضمام كندا كولاية 51 الى الولايات المتحدة الامريكية . فقد جاء في تصريح الرئيس الأمريكي ترامب ولم يتجرأ أحدا من الاوربيين الرد عليه , بانه واثق تماما من نجاح خطته للسيطرة والاستحواذ على الجزيرة دون الحاجة الى استخدام القوة . وعن انضمام كندا الى الولايات المتحدة قال ” عندما أقول انه يجب ان تصبح كندا ولاية أمريكية , فانا اعني ذلك . اعني ذلك حقا .. ستكون ولاية عظيمة”.
سادسا : وكرد جميل لرئيس ترامب على وقف اطلاق النار في أوكرانيا , فان إدارة بوتين سوف لن تعارض استيلاء إدارة ترامب على جزيرة جرينلاند او انضمام كندا الى الولايات المتحدة , حيث ان خطر كندا كدولة على روسيا لا يقل عن خطرها وهي ولاية أمريكية .
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.