موقف بولس من موضوع الإيمان والأعمال
موقف بولس من موضوع الإيمان والأعمال
بقلم / وردا إسحاق قلّو
يقول الرسول بولس ( لأنه في المسيح يسوع لا الختان ينفع شيئاً ولا الغرلة بل الإيمان العامل بالمحبة ) ” غل 6:5 “
الإنسان الصالح يجب أن يكون كاملاً وباراً في حياته ، ويحفظ كل وصايا الله ويعمل بها ، وهكذا يتمم وصيته الثنائية فقال ( أحبب الرب إلهك … إحبب قريبك كنفسك ) ولم يقل آمن فقط ، لأن البعض يؤمنون بأن الخلاص هو في الإيمان فقط . . أما قول بولس لسجان فيليبي ( آمن بالرب يسوع تنل الخلاص أنت وأهل بيتك ) ” أع 31:16 ” فالمقصود بلفظة ( آمن ) هو الفعل والعمل .
أما ما قصده الرسول بولس في قوله ( فإذ قد تبررنا بالإيمان … ) ” ر و 11:5 ” فلا يقصد به الإيمان المجرد من الأعمال . علينا إذاً أن نفحص إيماننا وحسب قول بولس نفسه ( حاسبوا أنفسكم ، هل أنتم في الإيمان … إختبروا نفوسكم ) ” 2 قور5:13 ” . الإيمان الناضج يجب أن يرافقه الأعمال الصالحة . ( راجع ، يع 3: 14-26 ) فعلى كل مؤمن أن يدخل إلى عمق إيمانه ويفحصه هل هو مجرد إيمان كإيمان الشياطين التي تؤمن بالله وبيسوع الإنسان والإله القدوس وترتعد منه ( يع 14:2 ) وإرتعاد الشياطين هو من هول شرورها المجردة من المحبة والأعمال . أي إيمان ميّت ، وإيماننا لا يجوز أن يكون أيضاً ميتاً وعقيماً بل حياً ومثمراً بأعمالنا وأفعالنا ، لهذا قال الرسول يعقوب ( ما المنفعة يا أخوتي إن قال أحد أن له إيماناً ولكن ليس له أعمالاً ؟ ! هل يقدر الإيمان أن يخلص ؟ إذاً الإيمان بدون أعمال هو كالجسد بدون روح ) . هكذا هو الإيمان المجرد من الأعمال . لهذا نقول : في قول بولس ( نتبرر بالإيمان ) يقصد بالإيمان صفتين هامتين ينبغي أن نصل إلى غايتها . وهذه الصفات هي الإيمان الحي العامل . وفي الصفتين معاً تبرز الأعمال الصالحة , فالمطلوب من المؤمن هو الإيمان العامل . لهذا نقول لأخوتنا البروتستانت بمختلف فصائلهم التي تنكر الأعمال ، إيمانكم سيصبح غير عامل أي كإيمان الشياطين ، وذلك لأن الإيمان العامل بالمحبة في ذات كل مؤمن هو إيمان شامل ويمس كل حياته الروحية ، لهذا وضّحَ لنا بولس رأيه الصائب الذي لا يمكن أن يتقاطع مع أقوال الرب ورسله ، فقال ( لأنه في المسيح يسوع لا الختان ينفع شيئاً ولا الغرلة بل الإيمان العامل بالمحبة ) ” غل 6:5 ” وماذا يعني ب ( الإيمان العامل بالمحبة ) وما هي المحبة ؟ وما هو عملها بمهوم بولس ( علينا ان نطالع إنشودة المحبة في رسالته الأولى إلى أهل قورنتوس الإصحاح 13 ) فإذا كان هو هذا الإيمان الصحيح العامل بالمحبة فأنه سيحتوي ويشمل وبدون شك هذه الصفات كلها ، وكلها أعمال . لأن المحبة أفضل كل الفضائل ومنها الإيمان . من هنا تظهر المسيحية الصحيحة بأنها ليست مجرد آيات فحسب ، بل هي روح وحياة ( يو 63:6 ) هكذا نعلم بأن الحرف يق*ت*ل أما الروح فيحيى . فالحرف يقول لنا في الآيات المكتوبة ، هناك فضيلة أسمها الإيمان . أما الروح فيوّضِح لنا بأن إيماننا يجب أن لا يكون مغلقاً بل أن يرافقه الأعمال الصالحة ، لهذا سيقول يسوع للمؤمنين الذين لم يكن لهم أعمالاً صالحة ( … إبتعدوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وأعوانه ! لأني كنت جائعاً فلم تطعموني ، وعطشاناً … وغريباً … وعرياناً … ومريضاً … وسجيناً .. إلخ ) ” مت 25: 41-46 ” . إذاً ليس المطلوب هو الإيمان أو السمع إلى كلمة الله فقط ، بل العمل بالوصايا ، لأن الأعمال مطلوبة ، وكما قال الرب ( طوبى للذين يسمعون كلمة الله ويعملون بها ) ” لو 28:11 ” . أما الرسول يوحنا ، فقال ( وما يؤكد لنا أننا قد عرفنا المسيح حقاً هو أن نعمل بوصاياه . فالذي يدّعي أنه قد عرفهُ ، ولكنه لا يعمل بوصاياه ، يكون كاذباً .. ) ” 1 يو 2: 3-4 ” . فمن يعمل بوصايا الله ، الله يستجاب لصلاته كما تقول الآية ( ومهما نطلب منه بالصلاة ، نحصل عليه ، لأننا نطيع ما يوصينا به ، ونمارس الأعمال التي ترضيه ) ” 1 يو 3: 17 و 22 ” .
نعود ونقول لماذا حدد بولس الإيمان أولاً للخلاص بدون أعمال .في حين أكد أن لا الخلاص بغير أعمال الإيمان؟
هناك الأعمال كانت مطلوبة في شريعة العهد القديم ، أما في العهد الجديد فيبرز الأيمان . فلا يجوز الإلزام بواحدة من دون الأخرى ، لأن أعمال الشريعة لا تخلص الإنسان بدون إيمان ، ولا أيمان بدون أعمال ، بل المطلوب هو الإيمان الكامل بيسوع ، ويسوع كانت سيرته مليئة بالأعمال ز إذاً علينا ان نستوعب فلسفة بولس جيداً فنبحث بموضوعية كل أقواله لكي تتوضح لنا الفكرة ، ولكل من يقرأ آرائنا يقول : كان بولس عبرانياً يهودياً متزمتاً ، وعدواً للمسيحية ومبادئها ، فكان يؤمن بان الخلاص هو عن طريق تطبيق التورات اليهودية فقط . لكن عندما إعتنق المسيحية بسبب دعوة الرب المباشرة له بدأ يقترب إلى الصواب فأدرك أن الخلاص ليس بالأعمال المطلوبة في شريعة موسى فحسب ، بل في الإعتراف بيسوع الرب المتجسد الذي ظهر له . لهذا بدأ يناقض إيمانه السابق بتلك النصوص التي كتبها في رسائله إلى أهل رمية ( 3، 4، 5، 9 ) وكذلك في ( أع 21:20 ) التي كانت تدعو إلى العمل ببنود الشريعة وعاداتها وكما تعلمها من معلمه غملائيل وغيره بأن الخلاص مرتبط بأعمال الإنسان وكما لمسناه من الفريسي صاحب الأعمال الذي عيَّرَ في الهيكل العشار المجرد من تلك الأعمال . لكن إيمان العشار فاق كل أعمال الفريسي وخرج من هناك مغفور الخطايا . لكن بعدما آمن بولس بالمسيح بدأ بأعمال مناهضة ، وبكل وضوح ، فقال ( لا يخلص الإنسان بأعماله بل بالنعمة ) وهكذا كان يردد كلمة ( النعنة ) كي يمحو معتقداته الفريسية . وهكذا كتب في رسالته إلى رومية ( 1: 5، 17 ) عن ضرورة النعمة التي تضع الضعف البشري عند حده وتنسب الفضل الأكبر في الخلاص والتبرير إلى الله نفسه . لكن رغم كل هذا كان بولس متزناً من ناحية أخرى ، أي من ناحية الأعمال ، فكان يفتخر بما حققه من إنجازات رسولية بطولية أي ( الأعمال ) وهكذا كان يفتخر ويقول بأنهُ جاهد جهاداً حسناً أكثر من الرسل جميعاً . لكن لكي يبرر نفسه من ماضيه الفريسي المتشدد كان يقول ( لا أنا بل نعمة الله ) . ويؤكد أن النعمة تقوم تظهر فينا بالقول والعمل حسب مرضاة اله ، والمطلوب هو التجاوب مع النعمة . فالإكليروس اليوم يجب أن يحيوا النعمة التي أعطوها لهم بوضع الأيدي وإلا تبقى النعمة فيهم عقيمة بعد أن لا تسلك بالعيان بل بالإيمان ( 2 قور 7:5 ) وهذا الإيمان يعمل بالمحبة ، فهي إذاً من أعمال الغيمان الضرورية ( 6:5 ) وبدون المحبة لا فائدة من الإيمان ، لأن كما يقول بولس ( يبقى الإنسان كصنجاً يرن أو نحاساً يطن ) ” 1 قور 2:13 ” كما يطلب بولس من المؤمنين لكي يتسلحوا بأعمال الخير والبر ، فيقول ( كونواللقديسين في حاجاتهم مسعفين وإلى ضيافة الغرباء مبادرين ) ” رو 13:12 ) منتصرين بنعمة الله وتجاوبهم معها على الشر ( 2 تيمو 3: 2-6 ) لابسين أسلحة النور الذي يبدد الظلمات وأعمالها ( رو 13: 12-14 ) .
يشدد بولس الرسول على أهمية الأعمال في الدينونة الأخيرة ، فيقول ( فأنه سيجازي كل واحد حسب أعماله .فتكون الحياة الأبدية للذين يسعون إلى المجد والكرامة والخلود مثابرين على العمل الصالح ) ” رو 6:2 ” .
ختاماً نقول : أعمال الخير تمسك ، وآمل بالرجاء ، وحرارة في المحبة ، وح*ما*س للإحسان ، وحفظ الوصايا ، توصف في رسائل بولس بأنها ( أعمال الروح ) ” غل 5: 22-25 ” بخلاف أعمال الجسد ، ولا يتردد في أن يعبّر عن إيمانه بالعدالة الإلهية التي تجازي كل حسب أعماله (2 تيم 4:14-15 ) فيكتب للمؤمنين الأولين بوضوح عن ضرورة ( الأعمال الصالحة ) ( راجع 1 تيم 5: 10 كذلك يقول ( أن يصنعوا الخير فيغتنموا بالأعمال الصالحة ، ويحسنوا بطيبة نفس ويشاركوا غيرهم في خيراتهم ) ” 1 تيم 18:6-19 ) . كذلك في رسالته إلى يقول ( يشهدون أنهم يعرفون الله ولكنهم يكفرون به في أعمالهم فهم أناس أرجاس عصاة عاجزون عن كل عمل صالح ) ” طي 16:1 ” . كما ربط بولس الإيمان بالأعمال ، فيقول لطيموثاوس ( أريد أن تقرر هذه الأمور لكي يهتم الذين آمنوا بالله أن يمارسوا أعمالاً حسنة .. ) ” طي 8:3 ” .
يؤكد بولس لأن يكون للشعب المسيحي ميزّة خاصة وهي أن يكون كل واحداً منهم ( غيوراً على الأعمال الصالحة ) ” طي 15:2 ” .
ليتبارك إسم الله المجيد إلى الأبد
توقيع الكاتب ( لأني لا أستحي بالبشارة ، فهي قدرة الله لخلاص كل من آمن ) ” رو 16:1″