الحوار الهاديء

مار بهنام ابن أمير الموصل الفارسي شابور وليس ابن سنحاريب ملك نمرود

الكاتب: موفق نيسكو

مار بهنام ابن أمير الموصل الفارسي شابور وليس ابن سنحاريب ملك نمرود

مار بهنام وأخته سارة أبناء أمير الموصل الفارسي شابور وليس أبناء سنحاريب ملك نمرود

إن مار بهنام هو أحد شهداء الاضطهاد الأربعيني الذي قام به شابور الثاني الفارسي (933–379م)، واسم بهنام (به نام) فارسي معناه الاسم الحسن (جان فييه، القديسون السريان ص95، الخوري عبدال، اللؤلؤ النضيد ص13، وغيرهم)، وأحد أشهر السنة بالفارسية بهنام، وأحد مؤسسي الديانة الفارسية الستة اسمه بهنام، واسم آخته سارة هو شيرين وهو فارسي معناه الجميلة، وهو مطابق لمعنى اسم أخيها، وورد هذا الاسم عند الفرس حيث كانت زوجة كسرى الثاني+590م التي سباها من سوريا اسمها شيرين، وبالعربية سارة، وسنحاريب بالحقيقة هو شابور، وهو أمير فارسي وليس آشوري، وهو أمير مدينة الموصل وليس النمرود، والذي تبرع بإنشاء دير مار بهنام هو ثري فارسي مسيحي مرَّ إلى المنطقة في طريقه إلى القدس اسمه اسحق، (آشور المسيحية ج 2 ص600–611)، ويؤكد ذلك أيضاً الخور فسقوفس فرنسيس جحولا رئيس دير مار بهنام (سيرة حباة بهنام وسارة الشهيدين ص39).

لقد احتار الكثيرون من الكتاب من أن مار بهنام هو ابن سنحاريب ملك أثور أي النمرود، إذ من المعروف أن الدولة الآشورية سقطت سنة 612 ق.م. وانتهت وأصبحت أغلب مدنها أنقاضاً ولم يعد لها أي وجود بالاسم الآشوري بعد ذلك التاريخ.
أذن فما الذي حصل؟
إن جميع المؤرخين على الإطلاق استندوا في رواياتهم عن سنحاريب على تاريخ الرهاوي المجهول (1160–1234 أو 1237م) الذي يقول: في سنة 359م استشهد بهنام وأخته سارة على يد أبيهم سنحاريب ملك أثور، ويضيف عن سنحاريب مستنداً على رواية الإمبراطور الروماني يوليانوس الجاحد +363 في رسالته إلى القديس باسليوس قائلاً: “سوف اذهب وأدمّر سنحاريب ملك أثور، ثم يُعقِّب الرهاوي: “إن سنحاريب يتصل بنسب داريوس الفارسي الذي عاش أيام الاسكندر الكبير، وأن شابور الملك كان مركزه بلاد الفرس السفلى”. (ج1 ص89–90)

وقد ذكرتُ أنا في إحدى ندواتي قبل سنين أني اعتقد أن المقصود بسنحاريب هو شابور مستنداً على أن يوليانوس الجاحد توجَّه وحارب شابور وقُتل قرب الموصل، ويوليانوس كان يعتقد أنه الاسكندر (ول ديوارنيت، قصة الحضارة ج12 ص42)، ومعلوم أن الاسكندر هو من ق*ت*ل داريوس في معركة كوكميلا سنة 331 ق. م قرب أربيل وأنهى الدولة الأخمينية، ولكني لم أكن أملك دليل قاطعاً على أن سنحاريب هو شابور.

وبجهود الأب جان موريس فييه الدومنيكي الذي أعطانا دليلاً قاطعاً ص601 على أن سنحاريب هو شابور حيث اتضح جلياً بعدما ترجم الأب جان فييه النص اليوناني المرقم344 –343letter xl..p.g. xxxxiii,col. لرواية يوليانوس الجاحد ووجدها كالتالي:
(يجب علي الذهاب إلى بلاد فارس في اقرب فرصة لأسحق شابور الذي هو من سلالة داريوس حتى يصبح تابعاً لي ويودي الجزية)، والرواية لا فيها سنحاريب ولا أثور، وكل ما في الأمر أن المؤرخ الرهاوي المجهول نقل اسم شابور بدل سنحاريب .
ويتهكَّم الأب فييه قائلاً: إن المؤرخين المعاصرين الذين يدونون قصة مار بهنام نراهم يبذلون جهوداُ كبيرة لتفسير ذلك وربط أثور بنمرود وكأنها أصبحت جزء من الإنجيل لا يجوز المساس به أو تحريفه، ناسين أن المقصود بأثور هو مدينة الموصل وليس نمرود.

(أدلة إضافية)
1: يقول الأب جحولا رئيس دير مار بهنام: ليس المقصود بأثور المملكة الآشورية القديمة، ومملكة أثور سقطت وانتهت، وسنحاريب كان أميراً فارسياً، والمملكة الفارسية ظلت مقسمة لقرون طويلة إلى إمارات أو ممالك صغيرة مستقلة، ولكل منها عامل أو ملك يعينه ملك الملوك الفارسي الأعظم، ويخضع له، (ص15–18)، ويضيف: إن المستشرق الفرنسي لابلاس زار الدير سنة 1852م وأكدّ أنه مبني على أنقاض أثر ساساني لا آشوري (ص37). 2: يقول الأب فييه مستنداً على كتب خاصة بآثار نمرود: وبكل تأكيد أن مدينة نمرود ومنذ القرن الثاني قبل الميلاد لم يعثر العلماء على أي أثر للحياة فيها، وأن الآثاريين نزلوا إلى طبقات دنيا بآلات ومعاول كبيرة كالبلدوزرات لاكتشاف الآثار الآشورية القديمة، ويؤكد أدي شير أن نمرود خرُبت قبل هذا التاريخ ب 600 سنة، وأن قصصاً كثيرة مشابهة لمار بهنام نسبوهم الكُتاب لملوك، ويستشهد بأمثلة من كتاب المطران ادي شير (كلدو وآشور ج2 ص93). 3: لدى تدقيقي في دليل الآثار العراقية لم أجد إلاَّ مرة واحدة فقط ذكر لتل نمرود يعود للحقبة الآشورية القديمة، وحتى التل القديم كان يُسمِّيه أهل المنطقة تل الراسم، بينما هناك عدة مرات ذكر لآثار في قرقوش وبرطلة وغيرها. 4: دققتُ كتاب الآثار الآشورية لرويستين باريك (فصل 4 نمرود) ولم أجد إطلاقاً ذكر لأثر أو اسم آشوري مستعمل في ذلك الوقت. الخلاصة: مار بهنام هو ابن شابور الفارسي أمير مدينة الموصل وليس ابن سنحاريب، ولا وجود لسنحاريب ولا أثور، واسم مار بهنام فارسي يعني الجميل واسم أخته سارة بالفارسية شيرين ويعني الجميلة، ومار بهنام استشهد فعلاً في منطقة النمرود مكان الدير، ولكن لم يكن أبوه سنحاريب، ولا أميراً لمدينة نمرود، لأن نمرود لم تكن قائمة آنذاك. ولا وجود لقوم في التاريخ المسيحي باسم آشوريين، فالآشوريون الحاليون هم من أصول يهودية اعتنقوا المسيحية في البداية، واعتنقوا المذهب النسطوري سنة 497م واسمهم في التاريخ على الإطلاق هو السريان، النساطرة، وسمَّاهم الانكليز آشوريين سنة 1876م بهدف إقامة كيان سياسي في العراق على غرار إس*رائي*ل، لأن النظرة القومية اليهودية بقيت متأصلة فيهم، وسمَّوا كنيستهم لأول مرة آشورية من لندن في 17/ تشرين أول 7619م، وعلمهم هو علم بريطاني، (راجع مقالنا علم الآشوريين سيباري بريطاني وليس آشوري)، وصيغة آشور هي عبرية وليست سريانية ولا عربية (راجع مقالنا كلمة
آشور صيغة عبرية لا سريانية ولا عربية)، وهم يستعملون صيغة آشور اليهودية متعمدين للتأكيد على أصولهم وهويتهم الإ*سر*ائي*لية (راجع مقالنا هل النساطرة الآشوريين هم من الأسباط الضائعة من اليهود), وكلمة آشور تأتي في الأدب السرياني بمعنى أعداء الإنسانية (راجع مقالنا كلمة آشور تعني أعداء الإنسانية في الأدب السرياني).
ملاحظة: سأنشر لاحقاً مقال خاص عن أسماء مدينة الموصل.
وشكراً
موفق نيسكو ..

يمكنك مشاهدة المقال على منتدى مانكيش من هنا

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!