مقالات دينية

المعركة المصيرية بين قاين وهابيل

المعركة المصيرية بين قاين وهابيل

بقلم / وردا إسحاق قلّو

المعركة المصيرية بين قاين وهابيل

   قال يسوع ( حتى يقع عليكم كل دم سفك في الأرض ، من دم هابيل الصديق إلى دم زكريا بن بركيا الذي ق*ت*لتموه بين المقدس والمذبح ) “ مت 35:23 “

نطالع النصوص المكتوبة في سفر التكوين من ( 4: 1-17 ) وقبل تلك الفترة لم يكن موجوداً على الأرض غير آدم وحواء . ولد لهما الإبن البكر فسماه ( قاين ) فقالت حواء ( قد أقتنيت رجلاً من عند الرب ) فنال الطفل إسم ( إقتناء ) ، وهو أول قاتل في التاريخ ، وهناك من يسميه اليوم ( قاييني ) القوي ، أنه أول مولود من إمرأة ، كانت حواء تفضله على أخيهِ البار هابيل ، وتفتخر بإسمهِ . وماذا قَصَدَت حواء بعبارة أنها اقتنت رجلاً من الرب ؟  ذرية قاين كانوا يعتقدون بأنهم كانوا يمتلكون معرفة كاملة التي من الملء ، لذلك يقولون أن خالق الكون لم يستطع أن يؤذيهم لأن القاينيين لهم السلطة الأقوى ، ولأنهم ينتمون إلى الحكمة ، وبهذا يقبلون القيّم والحقائق . إنهم مخطئون لأنهم لا يكرسون الذي هو الأفضل ، لأن الأبليس زرع فيهم ولأمثالهم الغرور وعدم إمتياز الظلام من النور ، قال عنهم الكتاب ( ويل للقائلين للشر خيراً وللخير شراً ، الجاعلين الظلمة نوراً ، والنور ظلمة … ) ” أش 20:5 ” إنهم يكرهون هابيل ويحبون قاين . يتباهون بمعرفة فاسدة حين يجعلون في المشهد سلطتين ، الواحدة أضعف . والثانية أقوى ، وتتصارعان معاً . أما الثمرة الثانية للأبوين فكانت هي الأفضل من الأول لأن الأول كان دنساً ، والثاني طاهراً ( هابيل قدم ذبيحة أفضل من قاين ، وبالإيمان شهد له أنه بار ، فقد شهد الله لقرابينه ، وبالإيمان ما زال يتكلم بعد موته ) ” عب 4:11 ” . ( من يسوع وسيط العهد الجديد ، من رش دم أفضل من دم هابيل ) ” عب 24:12 ” دم هابيل طلب الإنتقام ، أما دم يسوع الذي ق*ت*لوه أحفاد قاين فإنه يطلب من الآب الغفران . فقاين يرمز غلى اس*رائ*يل التي ق*ت*لت ابنها يسوع . قاين يمثل الشعب اليهودي قاتل الأخ الذي سفك دم اخيه المولود من العذراء مريم ، دم سيده وخالقه ، وفي هابيل يجب ان نفهم انه المسيحي المتحد بالله وإبنهِ . قاين الأبن البكر ق*ت*ل أخاه الأصغر قاين ، والشعب اليهودي ق*ت*ل يسوع رئيس الشعب . الأول ق*ت*ل في الحقل ، والثاني على الجلجلة .

    هابيل يتحد مع الله بإيمانه وأعمالهِ ، رغم أن أسمه هابيل الذي تفسيره ( الِحداد ) ، كان راعياً ، أما قاين فكان مزارعاً ، والذي أحب المدينة الأرضية وبنى مدن لأولادهِ وذلك لأنه أحب الحياة الفانية ويريد أن يكون هو الأفضل وكان يتوق بشوق إلى المجد الأبدي . أما هابيل فكان يحب البساطة ، والبراءة ، كان لا بد لقاين أن يكون مزارعاً لأنه صورة الذين يحبون العالم . فتفسير أسم قاين هو ( إقتناء ) . فقاين يحب المدينة الأرضية ، وهابيل مدينة الله . نلاحظ في أسفار العهد القديم بأن الله يفضل الإبن الثاني على البكر ، فإختار هابيل وقبل ذبيحته ورفض تقدم أخيهِ . كما فضل أسحق على إسماعيل . ويعقوب على عيسو رغم أن أسحق كان يحب عيسو . ويوسف على أخوته . وإفرايم على أخيه الأكبر منسى رغم إعتراض يوسف .

   لقد أنجبت حواء الأولى قاين القاتل ، وأنجبت حواء الثانية ( مريم ) يسوع المسيح . تلك أنجبت للعالم من يسفك دم أخيهِ ، وهذه من يسفك أخوته دمهِ . تلك رأت من يرتعد ويهرب بسبب لعنة الأرض ، وهذه بعد أن قبلت اللعنة ، سمرتها على الصليب . هابيل يمثل محبة الله ، والثاني محبة الذات . لهذا فالمفارقة بين الأثنين هي أن هابيل الذي ق*ت*ل مازال يعيش ، لقد زال عن عقل الجاهل الذي يفضل عليه القاتل ، بينما هو يعيش الحياة الطوباوية التي في الله . واحد ساكن لا في مدينة أرضية ، بل سماوية . أنه لم يبني مدينة في الأرض كأخيه قاين .

قدم قاين تقدمة غير حسنة ( تك 7:4) وصفها القديس أوغسطينس بالسنابل التي داستها الحيوانات ، سنابل كالتي نجدها على قارعة الطريق . وهكذا يتصرف اليوم الذين لا يجدون الله إلا بعد أن يلويهم الشيطان والعالم ويسحقانهم ، أي حين لا يعود العالم يجديهم نفعاً .

  كان على قاين أن يقدم من أبكار ثمار الأرض ، بينما هابيل قدم من أبكار غنمهِ ومن دهنها . لهذا نظر الله إلى تقدمته لأنه ( بالإيمان قرب هابيل لله ذبيحة أفضل ) ” عب 4:11 ” .

قاين وهابيل ابنا آدم يمثلان الشر والصلاح في طبيعة الإنسان الواحد ، أي ( الشهوانية والعقلانية ) فالشهوة تدفع صاحبها نحو الشر الذي هو غذاء الخطيئة . والطبيعة الثانية العقلانية تدفع الإنسان نحو عمل الخير وبحسب صوت الضمير ، لأن في زمن الخوين لم يكن هناك شريعة ليعملوا بها ، بل شريعتهم كانت ضميرهم . فأبكار الغنم التي قدمها هابيل هي الفضائل الأولى عند الإنسان الذي خلقه الله مع خيرات روحية عديدة جداً ، وغضب قاين هو فكر الذي تضعفه من شهوات الجسد وأطماعه .

   ولهذا اقترف الج#ريم*ة وق*ت*ل أخيه ليصيح الأخير أول شهداء الإيمان بالإله الحقيقي . أقترف قاين خطايا كثيرة في جريمته ، وهي :

1- بتقدمته الروتينية هابيل أغضب الله . 2- عبس بوجهه لأن الله لم يقبل تقدمته . 3- أخرج إلى الحقل بحيلهِ . 4- قام بق*ت*ل أخيهِ . 5- كذب على الله عندما قال لا أعلم أين أخوه . 6- تجرأ وقال لله أحارس لأخي أنا ! .

   أخيراً نقول : ولد من آدم ثلاث طبائع : الأولى – اللاعقلانية ، وينتمي إليها قاين ومحبي هذا العالم . والثانية – عقلانية وبارة ، ومنها هابيل . والثالثة – روحية أنتمى إليها الإبن الثالث ( شيت ) . ولأن شيت روحي فإنه ليس راعياً كهابيل ، ولا مزارعاً كقاين ، بل أثمر ولداً كما هو حال كل إنسان روحي . وهذا الولد بدأ يدعو باسم الرب ( تك 26:4 ) . وقد يحول نظره إلى العلى ( قول 3: 1-2 ) والحياة هي السماء ( فل 20:3 ) . هذا الولد هو يسوع ، ليس من العالم . فالبشر هم ثلاث أجناس أساسية ، هي ( 1- روحاني . 2- نفسي . 3- ترابي ) ” تك 7:2 ” . فكل إنسان حر في أختيار الجنس الذي يريده ، وفي الدينونة هناك العدل الإلهي لمصير كل إنسان . وللرب مجداً في كل حين .   

التوقيع ( لأني لا أستحي بالبشارة . فهي قدرة الله لخلاص كل مؤمن ) ” رو 16:1 “

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!