مقالات

دكاكين الانتفاع السياسي

باتت الدكاكين النفعية هي التي تمثل النظام الاقتصادي السائد في بلدك وفي بلدي وفي معظم بلدان الشرق والغرب. فكل ما قرأته عن النظام الرأسمالي والنظام الاشتراكي لم يعد له وجود في عصر الشركات الكبرى المهيمنة على الشعوب والحكومات. .
مثال على ذلك: نذكر أن شركة بلاك روك الأمريكية تصدرت قائمة أكبر شركات إدارة الأصول في العالم بحجم أصول يتخطى 9.5 تريليون دولار، وهو رقم يتخطى اقتصادات دول وتحالفات دولية بكاملها. ولكي نتوخى الدقة في التعبير عن قوة هذه الشركة يكفي ان نقول إن هذا الرقم يتخطى حجم الناتج المحلي الإجمالي للهند بنحو 3 مرات. .
لكن الطامة الكبرى في البلدان النامية والبلدان الفقيرة انها لم تدرك خطورة الوضع الاقتصادي العالمي، ولم تتنبه للزوابع التي عصفت بعملاتها المحلية، وتسببت بانخفاض قيمتها مقابل الدولار. ففي جمهورية مصر العربية شهد الجنيه المصري سلسلة من الانهيارات غير المسبوقة مقابل الدولار. وهكذا الحال بالنسبة لمعظم بلدان الشرق الأوسط. .
والأنكى من ذلك ان بعض البلدان التي ارتدت جلباب الديمقراطية بالمقلوب، وجدت ضالتها في المحاصصة السياسية، فتقاسمت السلطة أو الكعكة فيما بينها، وتمسكت بهذا النهج الإنتحاري الذي تحولت فيه المؤسسات الإنتاجية والخدمية إلى نافذة لجمع المكاسب والغنائم، أو إلى دكاكين صغيرة داعمة لفكرة الانتفاع السياسي. فاصبحت لدينا مؤسسات كاملة الدسم، وأخرى منزوعة الدسم، حتى وصلنا إلى حالة ادارية فريدة انسلخت فيها بعض المؤسسات عن الوزارات المركزية التي يفترض ان تكون مرتبطة بها بموجب القوانين والتشريعات النافذة. وظهر لدينا جيل من المدراء الأمراء الذين يتعذر الطعن بأدائهم أو التشكيك بمهاراتهم حتى لو تظاهر ضدهم الشعب كله. ذلك لأن الأبواق الإعلامية المسموعة والمرئية والمقروءة دخلت على الخط، واشتركت في ولائم الانتهازية والانتفاع. واصبحت مكملة لمرحلة الفشل والانهيار. .
في ظل هذه الظروف المحلية المربكة يتعذر تنفيذ برامج الإصلاح لتصحيح الانحراف المخيف في عجلة الانتاج. وبخاصة عندما تصل درجة الانهيار إلى مستويات قريبة من الفناء الذاتي. .
ربنا مسنا الضر وأنت ارحم الراحمين . .

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!