مقالات دينية

القديس مار أوجين ( أو مار أوكِن )  ܩܕܝܫܵܐܵ ܡܪܝ ܐܘܓܝܢ

القديس مار أوجين ( أو مار أوكِن )  ܩܕܝܫܵܐܵ ܡܪܝ ܐܘܓܝܢ

إعداد / وردا إسحاق قلّو 

أوجين القديس

   أسم ( أوجين ) أو ( أوكين ) وينطق خطأً ب ( أفكين ) . وأوجين مشتق من ( أفشين ) أو ( أوشية ) ويعني ( صلاة ) . نشأ هذا القديس ب ( القلزم ) منطقة السويس قرب البحر الأحمر . عاصر القديس الأنبا إنطونيوس في القرن الثالث الميلادي . مارس الغطس في مياه البحرالأحمروعَمِلَ في إستخراج اللآلي الثمينة من قاع البحر ، كان يبيعها ويوزعها على الأديرة والفقراء  . مارس تلك المهنة حوالي 25 عاماً . مارس فيها أعمال المحبة والرحمة للفقراء ، وإنقاذ السفن بما لديهِ من خبرة ومهارة في أعمال البحر . منحه الله موهبة صنع العجائب ، وطرد الأمواج ، والسير على البحر .

رهبنته  

ترك العالم وأشتاق الحياة الرهبانية ، فبنى له ديراً ، لكن لما ذاع خبر معجزاته نصب رئيساً مكانه ورحل إلى دير مار باخوميوس بصعيد مصر وأقام فيه بصفته مبدىء أياماً قليلة ثم عاد إلى بلده بالقلزم ، ومنها إلى ما بين النهرين ( العراق)  ومعه سبعون رجلاً تتلمذوا على يديهِ ، وعدد تلاميذه كان نفس عدد تلاميذ السيد المسيح الذين أرسلهم للتبشير في القرى والمدن ( طالع لو 1:15 ) لهذا فأن مار أوجين أعتبر المسيح الثاني وخاصةً في الأوساط المسيحية الشرقية . في البدء تفرغ مار أوجين للعبادةِ والسهر والصلاة والصوم الدائمة في مغارته في جبل إيزلا ( الأزل ) قرب مدينة نصيبين ( نصيبين مدينة تاريخية تقع في الجزيرة الفراتية العليا ) ، وحولهُ سكن تلاميذه ، ثم أنشأ في نفس الموضع ديراً أقام فيهِ مدة 30 عاماً في عبادة الله وأعمال روحية . تكاثر عدد تلاميذه حتى بلغوا ( 350 ) راهباً . ظهر له ملاكاً وطلب منه أن ينزل مع تلاميذه إلى القرى والنواحي التي في تلك البلاد فنشروا المسيحية في تلك الجبال فنقلوها من عبادة الأوثان إلى عبادة الإله الواحد . ومن الجدير بالذكر أن أهالي تلك المناطق المحيطة بالدير حتى الآن يطلبون شفاعته ويعتبرونه كبيراً جداً في المحبة وكما أوصى الكتاب المقدس ، وبينهم المسلمين والإيزديين الذين يجلون القديس أوجين كثيراً ويهابونه .

ذاع صيت مار أوجين جداً ووهبه الله موهبة شفاء المرضى ، حتى آمن كثير من الوثنيين على يديهِ بسبب المعجزات الآيات وأشقية كثيرة التي أجترحها خاصةً بعد شفائه لإبن الحاكم الفارسي في منطقة نصيبين .

  وكان القديس يعلمهم من الكتب المقدسة وقوانين الرهبنة وحياة الفضيلة والجهاد والعبادة .

    ألتقى مار أوجين بالقديس مار يعقوب النصيبيني ( معلم القديس مار أفرام السرياني اللذان حضرا مجمع نيقية ) . صارمار يعقوب فيما بعد أسقفاً على مدينة نصيبين التابعة إلى بطريكية قطسيفون – المدائن ( حالياً سلمان باك القريبة من بغداد ) . وقد تنبأ مار أوجين لمار يعقوب بذلك وتحقق ، فكان مار يعقوب يستشيره في أمور أبرشيته . كان الأثنان نازلين إلى الكنيسة لتقديم الذبيحة الإلهية ، وكان رجل مخلع ملقى في رواق الكنيسة منذ خمس عشرة سنة . فجثا القديسان وصليا طالبين إلى الله أن يبرئه ، فمسك مار يعقوب بيده اليسرى ، ومار أوجين بيده اليمنى ، ورسم عليه إشارة الصليب قائلين ( باسم ربنا يسوع المسيح قم أمشي ) . فقام في الحال ومشى ، ولسانه يسبح الله . كان في المدينة أحد المرقيونيين وأسمه قردون يبغض المسيحيين جداً ، وكان أخوه حاكماً للمدينة ، وهو أيضاً من مذهب المرقيو نيين ، وكان لقردون أبن وحيد يابس الرجلين ، وما إن سمع خبر شفاء المخلع ، دعاه إليه ليطلع منه على حقيقة الأمر. فقص له ما جرى معه ، لكن الحضور شكوا على روايته . فإلتفت المخلع إلى قردون وقال له ( الحق أقول لك يا سيدي ولا أكذب إني كنت مخلعاً ، ومنذ خمسة عشر سنة وملقى على رواق الكنيسة . وأغلب أهل المدينة رأوني في تلك الحالة المرثى لها . وبقوة ربنا يسوع أرأني مار يعقوب ومار أوجين . وأنت أيضاً إذا آمنت بالمسيح شفي إبنك لا محالة ) . لما سمع قردون شدد عزيمته للقاء مار يعقوب ومار أوجين . ذهب إلى الكنيسة مع جميع آل داره وعبيده ، وفي تلك الأثناء كان حاكم المدينة وأعيانها هناك . فدخل ووقف بين أيديهما وسجد لهما ، ثم قبل أياديهما وأرجلهما وقال ( أنا واقع في حيرةِ شديدة ، عليَ أن أبحث عن الديانة الحقيقية . فإن شفى هذان الرجلان ابني من مرضه ، فلا بد من أن تكون ديانتهما حقيقية ، وزال عنل كل شك ، وأنا لدينكما من التابعين ) فقال له مار أوجين : إننا نؤمن بيسوع المسيح الذي أعطى السلطان لتلاميذه أن يصنعوا المعجزات . فكل ما نطلبه بالصلاة منه نناله . ثم إلتفت إلى المرقيونيين وقال ( يا أنبياء البعل إن كان لكم إيمان فإدعوا بإسم إلهكم وإبرئوا هذا الصبي ) . فقال المرقونيين ( لا نحن ولا أنتم قادرون على إبرائه ) فإلتفت مار أوجين إلى قردون وقال له ( أتؤمن أن أبنك حالما يعتمد ينال الشفاء نفساً وجسداً ؟ ) فقال قردون ( إني مستعد مع جميع آل بيتي لإقتبال نعمة المعمودية ، فأريد أن تعمدوا أبني . فقام مار أوجين وعمد إبنه وكان في السابعة من عمرهِ . ولما أخرجه من الماء هتف يسبح الله لأن الصبي شفيَ تماماً ، فانطلق إلى والده ماشياً . أما المرقيونيين فما إن رأوا الصبي يمشي ولوا هاربين من المدينة خوفاً أن يرجمهم الشعب . وكان بين الحضور رجل يهودي يدعى شموئيل بن حنان ، فلما رأى هذه الأعجوبة ، أخذ يسبح الله ويطوف في المدينة وهو يقول ( إن يسوع الذي صلبه آباؤنا هو المسيح إبن الله ، ويلكم يا يهود بمن كفرتم ) .

  أبدع مار أوجين في تربية جيل من الرهبان القديسين ، ومن أشهرهم القديسين ( مار أشعيا الحلبي  ، ومار ميخائيل النوهدري ) ومار أحو و مار ملكي القلوزمي إبن أخت مار أوجين ، والذي أسس ديراً بأسم ( دير ملكي في أركخ أخربالي ) نسبة إلى المنطقة القبطية التي جاء منها مع خاله مار او جين . وكذلك مار يوحانون كامولانيا وغيرهم كثيرين تتلمذوا عند قدميه .

وفاتهِ  

   لما شاخ هذا القديس ودنا موعد رحيلهِ من هذا العالم ، صلى صلاة قصيرة ، ثم أسلم روحه الطاهرة في يدي الرب الذي أحبه من كل قلبهِ ، وكان ذلك في الرابع من شهر برمودة من سنة 380 م ، وعند نياحته  ، أمتلآت قلايتهِ برائحى طيب عطر ، أشتمها كل الحاضرينَ من أولادهِ المؤمنين ، وقد رأى تلميذهُ ملاكاً حضرَ لأخذ روحهِ .

   صلى أخوته الرهبان على جثمانه الطاهر ، ثم حملوه على أعناقهم ودفنوه في ديرهِ الواقع قرب نصيبين

دير مار أوجين  ܕܝܪܐܕܡܪܝ ܐܘܓܝܢ   

 

دير مار أوجين

يقع دير مار أوجين المبشر في جبل إيزلا ( الأزل ) في منطقة نصيبين في ولاية ” محافظة ” ماردين جنوب شرق تركيا قرب الحدود السورية . بُنيَ في النصف الأول من القرن الرابع الميلادي وكانت المنطقة في ذلك الزمان تتبع للدولة الفارسية ، وكانت أجزاء كبيرة منها تدين المجوسية والوثنية وعبادة الأصنام .

   ظل الدير بأيدي رهبان الكنيسة السريانية الأرثوذكسية حتى نهاية القرن الثامن الميلادي حيث أنتقل إليه عدد كبير من الرهبان السريان المشارقة الذين استولوا على الدير فأضحى دير مار أوجين بأيدي السريان المشارقة وأستمر ذلك حتى بداية القرن الثامن عشر حيث عاد إليهِ الرهبان السريان المغاربة الأرثوذكس ، وقد سار على طريقة مار أوجين وتعليمه رهبانية القديسين مار شموئيل ( صموئيل ) ومار شمعون القرطميني ودير مار كبرئيل وجبل إيزلا وطور عبدين للرهبان السريان . .

بركة صلواته وشفاعته تكون معنا جميعاً

التوقع ( لأني لا أستحي بالبشارة . فهي قدرة الله لخلاص كل مؤمن ) ” رو 16:1 ” 

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!