مقالات دينية

البروفيسور مجدي علّام من القرآن إلى الأنجيل

البروفيسور مجدي علّام من القرآن إلى الأنجيل

بقلم وردا إسحاق قلّو

   في يوم عيد الفصح المصادف  23 آذار 2008 ، كان يوم عبور البروفيسور ، الأستاذ الجامعي المصري المسلم ( مجدي علاّم ) إلى المسيحية بعد أن نال أربعة أسرار (العماد والميرون والقربانة الأولى ) من يد قداسة البابا بندكتوس السادس عشر في بازيليك القديس بطرس في روما . كما نال على سر التوبة أيضاً لأنه لم يكن بحاجة إلى الأعتراف ، فالمعمودية تمحو كل الخطايا لتجعل المعمد يولد ولادة جديدة من الماء والروح وبحسب قول الرب ( طالع يو 3: 5-8 ) . فبدأ المعمد الجديد حانياً رأسه أمام قداسة البابا الذي كان يسكب على رأسه ماء العماد المقدس ( بأسم الآب والإبن والروح القدس ) . وعُرِضَ المشهد على شاشات التلفزة في العالم كله .

   تحدث قداسة البابا في عظته في اليوم التالي عن أن ( المعجزة مستمرة في العالم للتحول إلى المسيحية بعد ألفي سنة من قيامة المسيح ) . كما صدر بيان عن الدائرة المختصة في الكرسي الرسولي عن تحول البروفيسور علاّم إلى المسيحية جاء فيه :

   ( أن أي إنسان يطلب العماد بعد بحث شخصي متعمق وخيار حرّ ، وإستعداد كافٍ ، له الحق في الحصول عليه … وكل الداخلين الجدد هم متساوون أمام الله وموضوع ترحيب في الكنيسة ) .

   وضع مجدي سيرة حياته وارتداده في كتيب باللغة الإيطالية بعنوان ( شكراً يا يسوع ) فكتب أيضاً في صحيفة ( كوربيري ديلاسيرا ) اي ( بريد المساء ) التي هو نائب رئيس تحريرها ، وهو أستاذ العلوم الإجتماعية في جامعة الحكمة الإيطالية التي تخرج منها ، قال :

 ( الأحد مساءً تحولت إلى الديانة المسيحية الكاثوليكية … ومنذ ذلك الوقت أصبح أسمي ” مجدي كريستيانو علّام “ ، كان اليوم الأجمل في حياتي …. لقد عشت خمس سنوات في سلسلة من الألم والفرح بين التفكير الباطني العميق والحميم ، وبين إعلانه عن وعي كامل … إني أعي تماماً أن الأرتداد يفترض أول وأخطر حكم عليّ بالموت بسبب الرذّة . ولكني سأواجه مصيري برأس مرفوع وصمود باطني لمن هو واثق من إيمانه … إن أرتدادي إلى الكثلكة هو نقطة الوصول بعد تفكير تدريجي عميق لم يكن بإمكاني أن أتهرب منه … إن معجزة قيامة المسيح إنعكست في نفسي فحررتها من ظلمات أوعاظ من المقد والتعصب تجاه ( المختلف ) المحكوم عليه ( كعدو ) دون اي تحليل نقدي . كل ذلك يتقدم على حب وإحترام القريب الذي هو دائماً في أي حال شخص أن عقلي تحرر من ظلمة أيديولوجية تشرع العبودية والطغيان ، الأمر الذي أتاح لي أن أعتنق دياةً حقيقية والحياة والحرية الصحيحية . لقد أكتشفتُ الإله الحقيقي الواحد الأحد الذي هو إله الإيمان والعقل ).

   أعلن قصة حياته وتقربه من المسيحية منذ كان طفلاً وضعه والداه في مدارس الراهبات الأجانب في القاهرة ، من الحضانةِ إلى الصفوف الثانوية ، ومنها يستدل أن عبوره إلى المسيحية لم يكن أبن ساعته ، بل يعود إلى سنواته الأولى في المنزل الوالدي . وهذه شهادة ننقلها كما كتبها بخط يده :

    بدأت مسيرتي عندما كنت في الرابعة من عمري ، إذ سلمتني والدتي ( صافية ) ، وهي مسلمة مؤمنة ومحافظة ، إلى العناية المحبة للأخت ( لافينيا ) من الراهبات الكومبونيات ، لأنها كانت مقتنعة بقيمة التربية التي سيقدمنها لي راهبات إيطاليات وكاثوليكيات أتينَ إلى القاهرة مسقط رأسي لكي يشهدن للإيمان المسيحي من خلال رسالته هدفها تحقيق الخير العام . وهذه هي علامة إلى ( إشارات ) يتبين منها انها ليست مجرد صدفة ، بل جزءاً من عناية ألهية نرجو جميعنا أن نفهمها ونطيعها . كان والدي ( محمد ) علمانياً ومن الذين كانوا يعتبرون الغرب مثالاً في مسألة الحريات الفردية والعادات الإجتماعية والثقافية والفنية . بالرغم من سياسة الديكتاتورية الناصرية ، وايديولوجيتها الحربية التي كانت تصبوا إلى محو إس*رائي*ل من الوجود . أخذت مصر نحو الكارثة ، وفتحت الباب أمام التعصب الإسلامي ، ومن ثم إلى إنتشار الار*ها*ب الأسلامي المتعصب والمنغلق .

  وفي السنوات الطويلة في المدرسة الكاثوليكية تعرفت عن كثب إلى حقائق الديانة المسيحية ، وإلى نساء ورجال ( راهبات ورهبان وكهنة ) قدموا حياتهم لخدمة الله في الكنيسة . فبدأت ُ أقرأ العهد القديم والإنجيل . وقد شغفت بصورة يسوع الإنسانية والإلهية بشكل خاص . وسمحت لي الفرصة بأن كانت من بشائر علامات التعبير عن رغبتي بأن أنضم إلى الكنيسة الكاثوليكية وعن القوة التي كانت تجذبني إليها منذ أن كنت في مصر . وعندما أتيت إلى إيطاليا في بداية السبعينات ، عشت أولاً إختبار الإلحاد كأنهُ إيمان جديد يرتكز على فيّم إنسانية شاملة وسامية .

في السادس والخمسين من عمري ولدت من جديد كمسيحي وتركت الهوية الإسلامية التي جحدتها عن وعي وإرادة . الآن أشعر بأني طفل يحبو في خطواته الأولى في الحياة المسيحية ، ورغبتي الكبيرة هي في أن أسير وأركض كمسيحي . شكراً ، يا يسوع .

  في العشرين من عمره غادر مصر إلى روما . ولم يلبث أن أتخذ الجنسية الإيطالية ، وألتحق بجامعة لاساينيتزا ، أي ( الحكمة ) التي تخرج منها دكتوراً في العلوم الإجتماعية ، وبعدها إنضم إلى سلك الأساتذة فيها . وأنتسب إلى إدارة وتحرير جريدة (كورييرى ديلاّسيرا ) كما كرس قسماً كبيراً من وقته للتأليف وإلقاء المحاضرات في مناسبات عديدة كان يدعى إليها . فصدرت له مجموعة كتب باللغة الإيطالية ، وعمق إتصاله بالشخصيات الدينية لدرس عقائد الكنيسة الكاثوليكية ، وبقي عازباً .

  نظراً لأشتهاره بسبب مواقفه وكتاباته ومحاضراته الدينية المكشوفة ، وشعوره بأنه مهدد بالق*ت*ل ومُلاحق ، عاش قبل معموديته وبعدها تحت حراسة مشددة من قبل السلطات المدنية الإيطالية ، وقد تلقى تهديدات عديدة بأنه سيموت ق*ت*لاً . فكتب وقال ( إني أعي أن الإرتداد يفترض أول وأخطر حكم عليّ الموت . ولكني سأواجه مصيري برأس مرفوع وصمود باطني لمن هو واثق من إيمانه ) .

   أما عن ردة فعل بعض المسلمين المتعصبين فبداً بأسامة بن لادن الذي سارع إلى إتهام البابا بأنه بتصرفه هذا هو ( جزء من حملة صليبية جديدة ضد الأسلام ) وإنتهاءً بسلفيي مصر،والأخوان المسلمين الذين لم يتركوا سائنة إلا وألصقوها بقداسته وبالكنيسة وعقائدها وأسرارها ، وبمجدي علاّم بالذات .

   الحرية الدينية واجب مقدس بالنسبة إلى هؤلاء. والله هو الذي يحاسب الإنسان على حرية ضميره وإقتناعه الشخصي الباطني دونما أي ضعف وإكراه . في الأنجيل يُخيّر المسيح من إراد أن يتبعه . أما في الإسلام فآيات قرآنية معروفة وواضحة حول اختيار الدين ، منها ( لا إكراه في الدين ) ” يقرة 256 ” و ( ليس عليك هديهم ولكن الله يهدي مايشاء ) ” بقرة 274 ” و ( الله رد الإنسان إلى ضميره الباطن الذي هو صوت الله يدوي في أعماقه ، وعلى هذا الصوت يدان المرء أخيراً عمل أم شراً ) لكن هناك آيات أخرى تناقضها تماماً وتصف الخارجين من الإسلام بالمرتدين وحق الردة هو الق*ت*ل .

 في المجمع الفاتيكاني الثاني أقرت الكنيسة مبدأ حرية الأعتقاد وأرست له الأسس اللاهوتية والبيبلية في ( التصريح الرعوي في الحرية الدينية ) .

مبروك لمجدي كريستيانو عيلاّم لأختياره النصيب الصالح ، والرب يحفظه من كل مكروه .

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!