الحوار الهاديء

إتّقوا الله في الرابطة الكلدانية!

الكاتب: جاك يوسف الهوزي
إتّقوا الله في الرابطة الكلدانية!

جاك يوسف الهوزيمنذ إعلان الكنيسة الكلدانية بشخص بطريركها مار لويس ساكو عن تأسيس رابطة كلدانية تُعنى بشؤونهم لتكون بمثابة خيمة كبيرة  تجمعهم لتفجر طاقاتهم الهائلة من أجل خدمتهم وعلى جميع الأصعدة عن طريق عمل جماعي منسق عوضاً عن ضياعها في تنظيمات هشّة متفرقة لايمكن لها أن تلعب دوراً فعالاً بالشكل الذي يمكنه أن يكون مؤثراََ للحصول على أبسط الحقوق ، إنبرَتْ الأقلام للكتابة عن هذا الحدث الفريد للكلدان بين مؤيد ومعارض، معجب ومُشَكِك ، ومتفائل ومتشائم.هذه كلها أمور طبيعية، لأنه من المتوقع أن تُثار مثل هذه الأسئلة وإلأستفسارات والآراء المختلفة عن الأسباب الحقيقية التي دعت الكنيسة الكلدانية، التي لم يشهد تاريخها أنْ إعتَنَتْ بمثل هذه الأمور، الى طرح هذه المبادرة وتبنيها عن طريق سينودسها.هناك سؤال يطرح نفسه:لماذا كل هذا الأهتمام والتشكيك في الأهداف المعلنة للرابطة الكلدانية؟للإجابة على هذا السؤال، علينا أن نعرف من يقف وراء هذه الأهتمامات والشكوك لنفهم معنى الضجة المثارة حولها أو حول بعض بنود نظامها الداخلي؟هناك جهات عديدة داخلية وخارجية ومن ضمنها البطريركية نفسها، أو إعلامها.قبل التطرق الى الجهات الداخلية، ونقصد بها من داخل البيت الكلداني، والجهات الخارجية، من خارجه، قد يستغرب البعض من ذكر إعلام البطريركية هنا.نعم مايصدر عن إعلام البطريركية، فبعد نشره المسودة الأولية التي صادق عليها السينودس الكلداني، عاد فنشر مسودة أخرى (مُعَدّلة) بعد إنتقادات من جهات لاتعجبها صياغتها ليعود وينشر أخرى بعد إعتراضات جديدة، ويؤكد في الآخر أنها مجرد مسودة مقترحة ستطرح للمناقشة في الأجتماع التأسيسي قبل أن تستقر على صيغتها النهائية.إنّ مثل هذه التغييرات المتلاحقة على صيغة المسودة الأولى (الأصلية) تضع المتابع لها في حيرة من أمره  وتدعوه الى الأستفسار عن مغزى تغييرها طالما إنها ليست نهائية وستُطرحْ للمناقشة؟من جهة أخرى، ليست البطريركية بحاجة الى تفسير موقفها، أو أن تضع نفسسها في خانة الدفاع – بسبب بعض الأنتقادات- طالما بقيت مؤمنة بمشروعها وأهدافه المعلنة، لأن هناك من يهمه تمييع هذا المشروع، حتى قبل أن يرى النور.من محاسن الرابطة الكلدانية، حتى قبل ولادتها، إنها عملت كمرآة عاكسة للوجه الحقيقي لكل فرد أو مجموعة من المهتمين بها، فجاءت التعليقات سلباً أم إيجاباً لتعبر عن نظرتهم الى هذا المشروع الكلداني الذي أقترحه البطريرك مار ساكو، وفي الحقيقة بعض هذه الردود مبنية على مواقف مسبقة من غبطته، وتتخذ من الرابطة ومسودة نظامها الداخلي ذريعةً للتهجم غير المباشر عليه.وكما ذكرنا، تأتي من جهات داخلية وخارجية.الجهات الداخلية:تعكس مدى الأختلاف والتباعد بين مختلف الشرائح الكلدانية، وهذه بحد ذاتها نقطة مهمة وأساسية للعمل معاً على إيجاد أرضية مشتركة لتجاوز الخلاف الفكري والولاء للأشخاص أو المناطق على حساب الصالح العام للكلدان، والذي جاء نتيجة إفتقارنا الى عمل جماعي منظم كالرابطة الكلدانية المقترحة.فإذا تَوَفّرتْ النيّة الصادقة، والنظرة الأيجابية الى الرابطة، يمكن الوصول الى صيغة نهائية لها مقبولة من الجميع وبسهولة، بعكس ذلك لايمكن أن يُكتَبَ لها النجاح حتى لو أقترحنا مليون صيغة لنظامها الداخلي !!المشكلة الرئيسية ليست في مسودة أو مسودات نظامها الداخلي، لأننا نستطيع تعديلها والأتفاق على أفضل مايناسبنا منها، وليس مايناسب كل واحد منّا، وإنما المشكلة فينا نحن، لأننا بحاجة الى تعديل مناسب ولكل واحد منّا هذه المرّة لنفهم بعضنا بشكل أفضلْ!الجهات الخارجية:وهنا أود أن أشير الى نوعين من الأنتقادات:١- إيجابية، وتأتي من أشخاص يتخوفون من تَحوّل الرابطة الى دائرة مغلقة تبعد الكلدان عن العمل المشترك مع إخوانهم الآشوريين والسريان وغيرهم، هذه المخاوف لها مايبررها بعض الشيء نتيجة الخبرة السلبية المتأتية من عمل المنظمات والأحزاب السياسية التي تحاول فرض ماتؤمن به على الآخرين وخاصة في مجال العمل القومي.إلاّ أن هذه المخاوف ليست في محلها بسبب التأكيدات المتكررة بأن الرابطة لن تتحول الى حزب سياسي ولن تنغلق على نفسها.٢- سلبية، وتُحركّها جهات منظمّة كالأحزاب الكبيرة التي تعرف بأن الرابطة لن تدخل الساحة كمنافس لها، إلا أن عملها الثقافي والأجتماعي والأنساني وتأثيره الأيجابي على الكلدان يمكن أن يُوَلّدَ أجيالاً واعية لن تنخدع بسهولة بكل ماتطرحه، وستكون الرابطة سنداً قوياً لهذه الأجيال، وقد يؤدي نجاحها الى ولادة رابطة آشورية مستقلة، وهذا كله سيؤدي الى ضعف نفوذ هذه الأحزاب.في الختام نحن أمام تجربة جديدة وفريدة من نوعها على الساحة المسيحية العراقية تستحق أن تُمنَحَ الفرصة والوقت الكافي لتأتي بثمارها قبل الحكم عليها، وإنَّ غداً لناظره قريب..

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!