مقالات سياسية

أياً كان مقترف الجرم فهو مجرم !

الكاتب: اوراها دنخا سياوش
أياً كان مقترف الجرم فهو مجرم !
صُدمت اوساط شعبنا الكلدوآشوري السرياني (المسيحي) على واقعة ق*ت*ل بشعة، وجبانة، لثلاثة مسيحيين آشوريين من ابناء الخابور، الذين تم اقتيادهم واحتجازهم ابان اجتياح المسلحين قراهم، واراضيهم وبيوتهم. فقد تم احتجاز اعداد تجاوزت المئتين منهم، اطفال ونساء، شيبا وشبانا.  
لقد بات من الواضح ان السياسات العالمية والإقليمية صارت تؤثر تأثيرا مباشرا على مناطق تواجد ابناء شعبنا في ظل الصراعات السياسية المبطنة والمغلفة بالدين تارة وبالديمقراطية تارة اخرى.
فالديمقراطية التي جاءت بها أميركا الى العراق قصمت ظهر الشعب العراقي بصورة عامة وكان لها تأثيرا كبيرا على الشعب الكلدوآشوري السرياني (المسيحي)، وكانت تبعاته كارثية بالنسبة له، بحكم نسبته القليلة بين العراقيين، لكن تأثيراته كانت كبيرة على مستوى بناء الدولة العراقية، بحكم عراقته وحبه للوطن، وشعوره الوطني تجاه العراقيين جميعا وبدون اي تفرقة، دينية كانت ام قومية، حيث كان مصدرا للتطور العلمي والادبي والثقافي والفني للعراق وعلى مختلف العصور.
امتزجت هذه الديمقراطية بالتيار الديني المتصاعد في المنطقة مما سبب تضاربا في استراتيجية العمل السياسي، ليس في العراق فقط ولكن في سوريا المجاورة ايضاً. فظهر التيار الديني المدفوع من قبل القوى الاقليمية المحيطة بسوريا والمسنود من قبل اميركا وربيباتها من الدول الغربية العاملة في فلكها. فتحولت جميع القوى السياسية المعارضة للنظام السوري تحت مظلة الاسلام محاولة الاستفادة من دعم الحكومات التي ترعى التوجهات الدينية، وحتى المذهبية، لأجل اسقاط النظام في سوريا، مما ترتب عن ذلك الى ظهور نزعات وتصرفات انتقامية غريبة وشاذة ووحشية الى درجة التقزز، الغاية منها دعائية بحتة، ولكنها مؤذية جدا للذين لا حول ولا قوة لهم والمتواجدين هناك.
 فكما حولت اميركا العراق الى فوضى دموية وغابة تأكلها الصرعات المذهبية والطائفية والعرقية، هكذا ايضا تحولت سوريا الى نفس الساحة، وصل بها الامر الى تدخل القوى العالمية بحجة السيطرة على الانفلات الدموي الذي اصاب ولا يزال يصيب المدنيين العزل. هذا التدخل المباشر الذي مضى عليه عام تقريبا لم يأتي بثماره، بل على العكس زاد من تعنت الفصائل المتحاربة وزاد من دموية الصراع، وحدى بقوى اقليمية عالمية اخرى في التدخل وحماية مصالحها هناك.
وامام هذه الصورة الضبابية على المشهد السوري ضاق الامر بأبناء شعبنا الآشوري المتواجد في محافظة الحسكة / الخابور بعد ان جرى احتجازه من قبل المسلحين، وصار يستخدمهم لتمويل هذه الفصائل عن طريق طلب فدية من اهالي وذوي المحتجزين. الغريب في الامر ان هذه الفصائل كانت قد استولت على جميع ممتلكات هؤلاء المساكين، وهي تعرف تمام المعرفة مدى ضعف القدرة الاقتصادية لهؤلاء المحتجزين، ومع ذلك تطالب بمبالغ ضخمة وغير منطقية من اهاليهم لغرض اطلاق سراحهم.
والان وبعد ان طالت فترة الاحتجاز وبعد عدم تمكن اهالي المحتجزين على توفير المبالغ الطائلة وغير المعقولة لتقديمها كفدية لهؤلاء لجأ المسلحون الى اسلوب دموي لا داعي الى اتخاذه، على الاقل كي لا يدخل تصرفهم في خانة الاجرام البعيدة عن المبادئ التي يقاتلون من اجلها، ومن ثم عليهم ان يُشعِروا العالم انه يقاتلون من اجل الانسانية والعدالة الاجتماعية التي ينادي بها دينهم.
ان التوحش الذي يمارسونه بحق المدنيين والعزل له مردود سلبي على الدولة التي يبغون تأسيسها، لأنه اي التوحش، سيرتبط بالدولة اسوة بارتباط القهر والار*ها*ب بالأنظمة الدكتاتورية. ان ق*ت*ل الابرياء من المسيحيين الآشوريين المسالمين بالصورة التي ظهرت على شاشات الانترنت، ومن دون اي رحمة، لا لشيء الا كونهم مسيحيين، لهو قمة الاجرام بحق الانسانية وكفر ما بعده كفر بحق الاله الواحد الخالق، وهو القائل: ولو شاء ربك لأمن من في الارض كلهم جميعاً، أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين (يونس). او لا اكراه في الدين.
ان معاملة المحتجزين المسالمين وق*ت*لهم بهذه الطريقة، هي مخالفة صريحة لله وشريعته، وجرم مع سبق الاصرار، ليس له بالشرع اية علاقة، والذي يقوم بهذه الفعلة مجرم أياً كان!
وفي الختام ليعلم المسلحين الراغبين بأنشاء دولة اسلامية ان الآشوريين المسيحيين العراقيين والسوريين لم يكونوا يوما طرفا في حرب صليبية لا من قريب ولا من بعيد، فقد عاشوا في جبالهم بعيدين عن ذلك الصراع، ولم يشارك ولا حتى نفر واحد فيه. لذا فان كانت حجتكم انهم صليبيون، نقول: انها حجة باطلة… والله يرحمكم يا من تلقيتم رصاص الغدر، والصبر والسلوان ليس فقط لأهلكم وذوكم فحسب، وانما لنا جميعا، الشعب الكلدوآشوري السرياني.
اوراها دنخا سياوش..

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!