مقالات

المعابر في بلدان الطوق وقلة الذوق

اغلب الظن انكم شاهدتم اليهود الذين اجتازوا (معبر طابا) بالبطاقة الشخصية فقط. بلا جوازات، وبلا رسوم أو أختام أو وثائق سفر أو تأشيرات، كل الإجراءات الحدودية ملهاش ستين لزمة في التعامل مع أحباب السيسي. فتراهم يتقاطرون على المعبر بالآلاف، ويتحركون بانسيابية تامة في الذهاب والإياب. فالتعامل معهم في معبر (طابا) يختلف تماماً عن تعامل الأردنيين (مثلا) مع العراقيين في مطار الملكة عالية، أو في منافذ الأردن البرية. لا يسألونهم: هل انتم من السفارديم أم من الأشكناز مثلما يسألون أبناء العراق: هل انت مسيحي أم مسلم ؟. سني أم شيعي ؟. كردي أم عربي ؟. .
اما في معبر رفح فالتعامل التعسفي مع الفلسطينيين تحدثت عنه صحف العالم وبكل اللغات الحية، وكُتبت عنه التقارير الاستقصائية الموثقة بالصوت والصورة. واصبحت شركة (هلا) هي المتحكم الرسمي، وهي المستثمر الجشع، ويتعين على كل فلسطيني مهما كان جنسه أو عمره أو ظروفه ان يدفع إتاوة مالية تتراوح بين خمسة آلاف دولار وعشرة آلاف دولار عن كل شخص. يدفعها عدّاً ونقداً إلى عصابة (العار جاني). تلك الإتاوة التي انكرها الباذنجاني (أحمق الجاموسة)، و (أمرو عجيب) وزوجته (خميس الحديدي)، ثم ظهر علينا النائب المتلون (سفسطة بقري) في اكثر من لقاء متلفز، وهو يهتف بأعلى صوته. ويصيح: والله العظيم كذب كذب. . السيسي بنفسه أكد اكثر من مرة ان بوابات المعبر مفتوحة للفلسطينيين بمعدل 24 ساعة باليوم ولكل الايام. .
اما الآن فقد طرحت شركة (هلا) مبادرتها لتخفيض رسوم العبور من خمسة آلاف إلى ثلاثة آلاف دولار عن كل شخص. وذكرت في إعلانها ان هذا التخفيض جاء بناءً على توجيهات السيسي ذات نفسه. بمعنى ان الشركة العارجانية اعترفت بالإتاوات التي تحدثت عنها الصحف الاوروبية وأنكرتها الأبواق المصرية. وأعترفت بعلاقة السيسي بسياسة المعبر، وأعترفت ان هذه الإتاوات مفروضة على الفلسطينيين وحدهم، وأعترفت أيضاً انها لا تسري على اليهود في معبر طابا. .
ترى ما الذي ستقوله جوقة المطبلاتية بعد هذا الإعلان الذي يعترف بالإتاوات السابقة، ويعترف بالضغط على الفلسطينيين وحدهم ؟. وهل من الرجولة والشهامة استغلال ظروف المستضعفين ونهب ما تبقى في جيوبهم بعدما فقدوا اعز ما كانوا يمتلكونه في بيوتهم التي اُزيلت بالكامل من فوق سطح الأرض ؟. .
نحن لا نريد تذكير هؤلاء بحقوق العروبة والدين والجوار، بقدر ما نريد تذكيرهم بحقوق الانسان، وتذكيرهم بأهمية التحلي بالذوق ومكارم الاخلاق في التعامل الحضاري مع المفجوع والمنكوب والجريح واليتيم وابن السبيل. . .

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!