مقالات

غنائم القراصنة حملتها سفن المحاصصة

لا تشغلوا انفسكم بعد الآن بسواحلنا ومرافئنا ومياهنا الإقليمية، فقد جنحت سفينتنا وخرجت عن مسارها الصحيح، وتمزقت أشرعتها بخناجر المزاعم الخادعة، واضحى طاقمها بلا بوصلة. .
فمشاريعنا الحالية والمستقبلية تديرها مؤسسات نفعية تحارب الخبراء البحريين الحقيقيين، وتسعى لإستبعاد ذوي الاختصاص. ولا يهمها ان ضاع ميناء الفاو أو طار في مهب الريح. فالمهم والأهم هو مقدار المكاسب الدسمة التي تدخل في جيب هذه الجهة أو تلك، وعلى عينك يا تاجر. .
فقادة المؤسسات التنفيذية الذين منحهم الوزراء صلاحيات التصرف بمشاريع التنمية، ومعهم المنظرين والمستشارين الذين يقفون وراءهم، جميعهم من صنف واحد، وبمواصفات واحدة. ومعظمهم درسوا نظرية الاحتراق الداخلي والأشواط الأربعة في قسم الميكانيك التخريبي. لم يعملوا يوماً واحداً في البحر ولا في النهر، ولم يعبروا جسر الفلتة. وليس لهم علاقة بالمواني، ويكاد يقتصر عملهم الفعلي في شركة النقل البحري او شركة الناقلات على بضعة اشهر فقط. أما كبار الربابنة وأصحاب المهارات المشهودة، والخدمات البحرية الفعلية الطويلة، الذين افنوا حياتهم في عرض البحر فلا مكان لهم بين تلك المافيات الانتهازية. والطامة الكبرى ان زوابع الضياع ستق*ت*لع موانئنا القديمة والحديثة، وتق*ت*لع معها الأرصفة التي هي الآن قيد الإنشاء. .
وبالتالي فان المشاريع الحالية تحولت إلى دكاكين للاسترزاق والثراء، تتكدس فوق رفوفها عقود مبهمة سوف تتسبب في توريط الدولة برمتها، وتلحق الخسائر الفادحة بالاجيال القادمة من دون ان تعلم تلك الأجيال: كيف حصل الذي حصل ؟، ولماذا حصل الذي حصل. .
انظروا الآن إلى النزاع الدولي بين الكويت والسعودية وايران حول الحقول النفطية الواقعة داخل مياهنا الاقتصادية أو عند مقتربات خور الخفقة، والتي لا يتحدث عنها خبير أو وزير. وانظروا إلى خطوط الأنابيب المزمع مدها على نفقتنا من حقول الرميلة في البصرة إلى الأردن المتآمرة علينا منذ نشأتها. وانظروا إلى منطقة التحميل المسماة STS على حافة خور عبدالله، والتي يجري فيها شحن الناقلات بالنفط المهرب بإشراف الدكاكين نفسها، وانظروا إلى محطة الرصد التي أقامتها ايران في مدخل شط العرب، وعلى وجه التحديد في منتصف الممر الملاحي بالتمام والكمال. وانظروا إلى الفنارات والعوامات الملاحية السيادية في شط العرب التي صارت من حصة ايران وليس من حصة العراق. وانظروا إلى منطقة (ام ثلاث) التي صارت محطة لكل المهربين في حوض الخليج العربي، وتُشحن فيها المواد الممنوعة بالكميات والأنواع المحظورة. .
نحن لا مكان لنا في أسواق هذه الدكاكين. والويل كل الويل لمن يتحرى عنها أو ينتقدها ولو همساً أو غمزاً، لأنه سيجد نفسه منفياً وراء القمر، أو متهماً بارتكاب جرائم ملفقة لا يمكن التكهن بخطورتها. .
فلا تشغلوا انفسكم بهذا الحديث، فقد رُفعت الأقلام، وجفت الصحف، وتقاسم المتحاصصون غنائمهم، وطارت الخفافيش بمخالبها السود في حلكة الليل البهيم. .

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!