مقالات

دعوى أجر المثل بين الشركاء في العقار بين القانون المدني والشريعة الإسلامية ح 12

أمثلة أخرى لدعوى أجر المثل
قلنا أن دعوى أجر المثل من الدعاوى التي تصنف على أنها تقديرية يلعب فيها دور القناعة الشخصية للقاضي أو قناعة المحكمة دورا في حسمها وبناء القرار فيها، وهذا لا يعني أن المحكمة معفية من التقيد بالقواعد الأصولية الملزمة والراسمة لطرائق وأساليب الأثبات خاصة في النصوص التي نجدها في قوانين أخرى خارج القانون المدني، مثلا فما يتعلق بالدعوى القانونية لأجر المثل بين الشركاء الغير مستفيدين من السكن ان يطلبوا اجر المثل من الشركاء الاخرين المستفيدين من السكن او الاستغلال بإقامة دعوى اجر المثل عليهم، اذا كان العقار عبارة عن دار مشغولة من قبل زوجة المتوفي او زوجة المتوفي والقاصرين، ففي هذه الحالة يقدر اجر المثل بما لا يتجاوز 1% من القيمة الكلية المقدرة من قبل دوائر ضريبة العقار وهذه الحالة تختص بالعقارات المستغلة كدور سكن فقط وهذا حسب احكام القرار (1041 في 17/8/1982)، حيث إنها تستلزم وضع وتطبيق قواعد قانونية صارمة لحماية بعض الشركاء من ذوي الأوضاع الخاصة.
الدعوى التي تقام على العقارات التي تم اخلائها بموجب احكام صدرت من محاكم البداءة بموجب احكام قانون ايجار العقار المرقم 87 لسنة 1979 وتعديلاته، فهنا يستحق المالك اجر المثل من اليوم الذي يحدده موعدا للتخلية بأعتبار توفر حالة أنتهاء الأذن القانوني وتحقق حالة المغصوبية بشكل قانوني ، فالدعوى التي تقام على المستأجر للعقار بموجب احكام قانون ايجار العقار وفي حالة الحكم بتخلية الماجور وبعد انتهاء المهلة القانونية المنصوص عليها في الفقرة (2 من المادة 22 من قانون ايجار العقار اعلاه)، فان المالك يستحق اجر المثل اعتبارا من تاريخ انتهاء المهلة القانونية ولحين التخلية الفعلية للماجور، وليس الاجر المسمى باعتبار ان العلاقة الايجارية قد انتهت بين الطرفين ومعها أنتهت الإباحية القانونية والعقدية بينهما.
كذلك في الدعوى التي تقام من المالك الجديد “مشتري العقار” على البائع (المالك السابق) حيث انه اذا باع المالك العقار الى الغير فيلزم بتسليم المبيع حال اتمام عملية التسجيل في دائرة التسجيل العقاري المختصة، وإلا عد غاصبا بحكم القانون المادة 532 ق م (للمشتري ان يتصرف في المباع عقاراً كان او منقولاً بمجرد انتقال الملكیة ولو قبل القبض)، والسند القانوني للمغصوبية هنا هو عدم تنفيذ ألتزام قانوني وعقدي معلوم ومفترض التقيد به وهو شرط التسليم، ويحسب اجر المثل بمعرفة خبير قضائي تصحبه المحكمة عند اجراء الكشف الموقعي على العقار، وهذا تحقيق للعدالة وتطبيقا للقاعدة إلزام الملتزم بما ألزم نفسه به، فلا يعقل ان يستلم البائع ثمن العقار ويبقى شاغلا ويحرم المشتري من الثمن والعقار معا.
قرار تمييزي تطبيقي
المبدأ / اذا انتفع الشريك بالعين كلها في سكن او ايجار او غير ذلك وجب عليه أجر المثل لباقي الشركاء .
نوع الحكم :: مدني
رقم الحكم ::2769/اجر مثل/2011
جهة الاصدار::محكمة التمييز الاتحادية
نص الحكم
لدى التدقيق والمداولة وجد ان الطعن التمييزي مقدم ضمن المدة القانونية قرر قبوله شكلاً ولدى عطف النظر على الحكم المميز وجد انه غير صحيح ومخالف للقانون ذلك لان دعوى المدعيتان مطالبة المدعى عليهم بأجر المثل عن سهامهن في العقارين المرقمين 14 و 14/1 المشيدين على القطعة المرقمة 7/124 مقاطعة 19 غزالية للفترة من 15/4/2005 ولغاية تاريخ اقامة الدعوى وان الدعوى جرت بحق المدعى عليهم غيابياً وان المحكمة اجرت الكشف على الدارين وتأيد لها بانهما مشغولين من قبل مستأجرين وان المحكمة ردت الدعوى بحجة انه كان على المدعيتين المطالبة بحصصهن من الاجر المسمى وليس اجر المثل وان هذا النظر من المحكمة قد جانب الصواب لأنه لا يجوز المطالبة باجر المثل سواء شغله الشريك بنفسه او بواسطة الغير حيث نصت المادة (1063) من القانون المدني (يجوز للشركاء ان ينتفعوا بالعين الشائعة جميعاً ويجوز لكل منهم حق الانتفاع بحصته فاذا انتفع بالعين كلها في سكن او مزارعة او ايجار او غير ذلك من وجوه الانتفاع بلا اذن شركائه وجب عليه لهم اجر المثل على انه اذا اجر العين الشائعة بأكثر من اجرة المثل وجب ان يعطي كل شريك حصته من الاجر المسماة)، لذا كان على المحكمة ان تمضي بنظر الدعوى موضوعاً وذلك بانتخاب خبيراً او خبراء لتقدير ذلك الاجر بعد الاستيضاح من المستأجرين عن البدل الذي يدفع وتاريخ الاشغال وعلى ضوء ذلك تصدر المحكمة الحكم الذي يتراءى لها وفق القانون، ولما كانت المحكمة قد اصدرت حكمها المميز خلاف وجهة النظر المتقدمة مما اخل بصحته، لذا قرر نقضه واعادة اضبارة الدعوى الى محكمتها لاتباع ما تقدم على ان يبقى رسم التمييز تابعاً للنتيجة وصدر القرار بالاتفاق في 15/ رمضان/1432 هـ الموافق 15/8/2011 .

التعقيب الفقهي
1. أثبت هذا القرار شرط الأذن في الأنتفاع خاصة فيما يتعلق بحرمان الأخرين الشركاء من حقهم المشاع في الملك عبر تأجير العين لأخرين، فقد تخلف المدعى عليهما من الحضور في المرافعة والدفع بحصول الأذن أو أفتراضه حاصلا، فيكون المدعى عليهما قد فرطا بحقهما القانوني الذي محه لهم القانون، والأستنتاج من ذلك على أنه قرينة تؤيد واقعة الغصب وعدم حصول الأذن من المدعين بالإباحة، أو الموافقة الضمنية من خلال سكوتهما عن المطالبة والإنذار والإعذار.
2. في حالة إيجار المنفعة المشاعة للغير ووجود عقد إيجار منظم سواء من قبل أصحاب الإدارة أو أصحاب القدر الأكبر من السهام وهو ما يلزم لبقية الشركاء، أو من الفضولي الذي نفذ عقده بحق الشركاء بعد أستنفاذ أحكام المادة 163 ق م، ولعدم إقرار المدعين بحقيقة الأجر المسمى فيه وأن هناك غش أو خفية أو تلاعب بالأجرة، فعلى المحكمة أن تحكم بأجر المثل من خلال أنتخاب الخبراء وأستجواب المستأجرين، فإذا أتضح أن الأجر المسمى أكثر من أجر المثل حكمت بالأول، وإذا كان أجر المثل أكثر من الأجر المسمى وجب تطبيق أحكام المادة 1063 والحكم بأجر المثل.
3. منح القرار المحكمة صلاحية واسعة في تقدير القناعة الخاصة فيها دون أن تلزمها بأتباع طريق محدد لصيغة النتيجة المطلوبة بعد أن بينت الخلل الذي أصاب القرار المنقوص (وعلى ضوء ذلك تصدر المحكمة الحكم الذي يتراءى لها وفق القانون…. واعادة اضبارة الدعوى الى محكمتها لاتباع ما تقدم)، هذا يؤكد بالجزم الكامل أن دعوى أجر المثل المستندة على أحكام المادة 1063 ق م لا تتعلق بالغصب بل بالإثراء بدون سبب أو شكلا من دعاوى تجاوز حدود الملكية بالفضالة.
من هنا نستخلص مما تقدم أن دعوى أجر المثل أو بالأصح تسميتها دعوى التعويض بمثل الأجر، هي من الدعاوى التعويضية التي تنصب على تصحيح خطأ وقع على علاقة قانونية محمية وحقيقية وقائمة بين طرفين على مستوى واحد أو متقارب، وبعد إثبات وجود الخطأ القانوني أو المخالفة القانونية القائمة على حسن النية أو عدم التعدي والقصد بالإضرار مع الشريك، وليست من سنخ تلك الدعاوى القائمة على أساس المسئولية التقصيرية المتمثلة بالغصب والذي هو فعل عمدي مخالف للقانون ولقواعد الملكية وغير مشروع، وبالتالي غما يترتب على دعاوى التعويض بمثل الأجر يكون التعويض الإرضائي فيها حلا على أن يراعى فيه وفي تقديره توفر حسن النية، بينما في دعاوى المسئولية التقصيرية والتعدي بالغصب يجب جبر الضرر كاملا مع إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل الغصب جزاء ونكالا، كونه تعدي مقصود ومختار على حق قانوني محترم ومصان.
أن ما نستشفه من أتجاه القضاء العراقي الراسخ من خلال أحكام النقض والتصديق الصادرة من محكمة التمييز الأتحادية أو محاكم الدرجة الأولى والثانية، هو عدم التفريق بين الفعل الحسن النية أو بين وجود الأذن الأفتراضي وعدم التنبيه، مكتفية أن وجود حالة الأشتراك والشيوع في الملكية مع حتى تقصير الشكر المتكاسل أو التارك الواجب في تنبيه شريطة أو المطالبة للأصولية منه، يكون سببا كافيا للحكم بأجر المثل وتقدير ذلك وفقا لما يرتئيه الخبراء أو يقدر وفق معايير مادية، هذا الوضع لا يساهم في بناء علاقات ترابط وتواصل بين الشركاء، ولا يساهم في حماية حق حسن النية الذي تدفعه الظروف الخاصة به أو بالعقار للأنتفاع جزئيا أو كليا في العقار مع أن الشريك الأخر هو الممتنع أصلا عن المشاركة في الأنتفاع لسبب أو أخر.
فقد ورد ذلك في القرارات التي أرست مبدا قانوني هو (ان اجر المثل هو نوع من انواع التعويض لذا فان تكرار المطالبة لا سند له من القانون).

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!