ساحة المعركة الخامسة – حرب الظلال الإلكترونية وأهمية
اللواء عمر ضياء المشايخي
الموضوع:تقييم تهديد الحرب الإلكترونية وأهمية التفوق السيبراني في الصراع الحديث
المقدمة:
تحول جذري في ساحات القتال
لم تعد ساحات المعركة تقتصر على البر والبحر والجو والفضاء. لقد نشأت **”الساحة الخامسة”** – الفضاء السيبراني -(CyberSpace) حيث تُشن حروب غير مرئية بسرعات الضوء. الحرب الإلكترونية لم تعد ترفاً استراتيجياً، بل أصبحت سلاحاً أساسياً في الصراعات الحديثة، تشن هجمات مدمرة دون عبور حدود، وتستهدف البنى التحتية الحيوية وعزيمة الشعوب.
تأثير الحرب الإلكترونية: الضربات الاستباقية غير المعلنة
أثبتت العمليات السيبرانية فعاليتها كأدوات استراتيجية:
تعطيل البنى التحتية الحيوية (ضربات الطاقة):
– أوكرانيا (2015, 2016): هجمات “بلاك إنيرجي” و”كراش أوفير” الإلكترونية التي شلت شبكات الطاقة، غرقت مدن بأكملها في الظلام والبرد. هدف واضح: كسر إرادة المدنيين وإثبات هشاشة الأنظمة.
– المثال الإيراني (ستوكسنت – 2010): هجوم سيبراني متطور دمر ألف جهاز طرد مركزي في منشآت نووية، مؤخراً البرنامج النووي الإيراني وهذا دليل على قدرة الهجمات على إلحاق أضرار فيزيائية ملموسة(اضرار مادية).
التجسس وسرقة الملكية الفكرية (عمليات الاختراق المستمرة):
– اختراق مكتب إدارة الشخصيات (OPM) بالولايات المتحدة (2015): سرقة حواسيب 21.5 مليون شخص ذات حساسة (بيانات بصمات، تاريخ أمني). عملية استخباراتية ضخمة كشفت نقاط ضعف دفاعية.
– هجمات الـ APT (التهديد المستمر المتقدم):مجموعات مثل “APT29” (Cozy Bear) المرتبطة بجهات دولية، تنفذ اختراقات طويلة الأمد لسرقة أسرار سياسية وعسكرية وتكنولوجية.
حرب المعلومات ونشر الفوضى (سلاح التشويش النفسي):
– انتخابات الولايات المتحدة (2016): عمليات قرصنة وتسريبات موجهة (مثل اختراق البريد الديمقراطي)، مصحوبة بحملات تضليل إلكتروني ضخمة على منصات التواصل.
الهدف: تقويض الثقة في المؤسسات الديمقراطية وإثارة الانقسام.
– هجمات الـ DDoS: إغراق مواقع حكومية ومالية وإعلامية (مثل هجمات البنوك الكبرى) لشل الاتصالات الرسمية وإشاعة الذعر.
الأمن السيبراني: تحصين الخنادق الرقمية وخط الدفاع الأول
الأمن السيبراني لم يعد مجرد “قضية تقنية”، بل أصبح قضية أمن قومي وجودي. الدفاع الفعال يتطلب:
الاستعداد الدائم (الجاهزية القتالية):اعتماد مبدأ “افرض الاختراق” (Penetration Testing) وتحديث الأنظمة باستمرار.
الذكاء التهديدي (استطلاع العدو):إنشاء مراكز مراقبة (SOCs) متطورة لرصد التهديدات في الوقت الحقيقي وتقاسم المعلومات بين الوحدات.
التدريب القتالي (بناء الجنود السيبرانيين): تدريب متخصص على أعلى مستوى في تقنيات الدفاع والهجوم السيبراني.
إستراتيجية الردع السيبراني: تطوير قدرات هجومية رادعة، وإعلان سياسات ردع واضحة تجعل العدو يتحسب لعواقب هجومه.
الخلاصة والأوامر الاستراتيجية:
الفضاء السيبراني هو ساحة المعركة الحاسمة في القرن الحادي والعشرين. الدروس المستفادة من ستوكسنت، أوكرانيا، واختراقات البنتاغون تؤكد:
-التهديد حقيقي ووشيك. العدو لا ينام.
-الضرر قد يكون كارثياً ويعادل الضربات العسكرية التقليدية.
-الاستثمار في الأمن السيبراني هو استثمار في البقاء.
أمر العمليات(المفترض):
1. رفع مستوى الجاهزية الدفاعية السيبرانية لجميع البنى التحتية الحيوية (الطاقة، المياه، الاتصالات، المال، الصحة).
2. تعزيز التعاون الاستخباراتي والمعلوماتي بين الأفرع العسكرية والأمنية والمدنية.
3. تطوير قوة ردع سيبرانية وطنية قادرة على الرد بالمثل.
4. بناء ثقافة أمنية وطنية تبدأ من الفرد وتصل إلى أعلى مستوى قيادي.
شعار:”في الفضاء السيبراني… اليقظة درعنا والمعرفة سلاحنا والابتكار تفوقنا .
تحياتي.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.