الحوار الهاديء

مقابلة مع سياسي كلداني مضطهد بويا كوركيس عنكاوا(9)

الكاتب: ناصر عجمايا

توالت الأحداث المأساوية في ظل البعثفاشي فأشتدت الصعوبات على الشعب العراقي بتقديمه ضريبة الدماء الغزيرة ، التي سكبها في تواصل الحرب مع أيران ، ولتزداد محن وصعوبات العراقيين ومآسيهم لمعرفة مصائر أبنائهم الشباب أن كانوا شهداء للوطن أم أسرى في دهاليز أيران .. فتعمقت الهموم ومشاكل الزمن القاسي ليصل كل بيت عراقي شهيداً أو مفقوداً أو أسيراً ولربما المزيد من هذا وذاك ، فالوضع النفسي والمعاناة العراقية لا تنتهي حتى باتت الأمهات والآباء يفقدون حياتهم وهم أحياء بسبب تلك المعاناة والآلام المتواصلة والدموع الساكبة لا تنقطع وحضورهم العزاءات المستمرة ، فأزدادت القبور في كل مدينة وقصبة وقرية ، والتهت العوائل العراقية بأمتيازات الأراضي والأموال والسيارات وهبايا مدفوعة من دول الخليج ، لحكومة الأستبداد والعن*ف وقساوة لاتلين بالضد من الشعب العراقي ، ناهيك عن الحروب المتواصلة والمستأصلة في ذلك الزمن الرديء القاسي الفريد من نوعه وشكله ، على حساب دماء الشباب العراقي الغالي العزيز ، الذي خلف فيما بعد وضع جديد خالي من التطور والتقد للحياة العراقية في جميع النواحي ، فتوقفت الحركة الأنشائية منذ عام 1986 ولحد الآن هي متلكئة يعاني العراقيون من جراء ذلك مشكلة السكن ، وهي مستعصية العلاج في ظل حكومات طائفية محاصصاتية ضمن التعصب القومي والطائفي المقيتين  .

س36 : ماذا قدمت في الجانب الأنساني للشعب العراقي عموماً والكلداني وبقية المسيحيين خصوصاً؟

ج:  نتيجة أتصال أقربائي المتواجدين في سدني  أستراليا معي بشكل مستمر ومتواصل هاتفياً ، طلبوا مني التحري على المفقوين والأسرى ومصيرهم ووجودهم الأنساني ، وبحكم أقامتي وأمتلاكي لعدم تعرض دائمي في أيران الممنوح لي من قبل (حدك) ، توجهت الى المقر حيث تواجد الدكتور المرحوم جرجيس فتح الله القيادي في حدك مستفسراً منه عن مهمتي هذه ، فأسعفني بأحد عناوين تواجد الأسرى العراقيين ، وبعد وصولي الى الموقع وفقاً للعنوان ، تفاجئت بلكنة عراقية لحراس الموقع ، مستفسراً منهم فتبين عائديتهم للمجلس الأسلامي الأعلى ، وهكذا تم أيصالي الى رئيسهم المرحوم محمد باقر الحكيم حيث سبق وتعارفنا معاً في سجن أبو غريب ، مبدياً دعمي ومساندتي بالعمل الأنساني الفاعل بصدده.
س37: كيف تم ترتيب الأمور والتنسيق مع المجلس الأسلامي الأعلى بقيادة الحكيم؟
ج: نتيجة لقائي مع المرحوم الحكيم ومجموعته ، زودوني بقوائم الأسرى العراقيين المتواجدين في جميع المواقع الخاضعة لسيطرتهم، بالأضافة الى الأشرطة الخاصة التي عكفت لسماعها ومعرفة اسماء الأسرى العراقيين في أيران من خلالها.
س38:   ماذا فعلت فيما بعد بقوائم الأسرى من خلال تسجيلكم وسماعكم الأشرطة أياها بخصوص ذلك؟

ج:تم الأطلاع الدقيق على القوائم وفرز الأسماء بدقة مع الأستماع للأشرطة وتدوين القوائم وفقها ، متوجهاً الى المطرانية الكلدانية في طهران لألتقي مع المطران المرحوم حنا عيساوي متداولاً الحديث معه ، وعليه سلمت القوائم كاملة الى أحد قساوسة المطرانية ، مؤدياً هو الآخر واجبه الأنساني في أيصال تلك القوائم الى دولة الفاتيكان وعن طريقها الى الباطريركية في بغداد ، دون اعلامهم عن مصدر المعلومات حيث تواجد عائلتي في عنكاوا والخوف يراودني عليها في حالة تفشي الخبر وبيان المصدر.
س39: كم كان العدد الكلي التي أحتوته قوائم الأسرى المرسلة الى البطريركية الكلدانية في بغداد ، علماً غالبيتهم أعتبروا ضمن الشهداء والمفقودين؟

ج: نعم بالتأكيد سبق للغالبية أعتبارهم شهداء ومفقودين في حين ضمن القوائم المدونة عندي هم أسرى ، وبموجب ذاكرتي  كانوا بحدود 1750 أسير ومن ضمنهم أخو عديلي المتواجد في سدني والكثير من أهل عنكاوا مثالاً وليس حصراً.

س40: هل هناك أضافة جديدة بخصوص الأسرى؟

ج:  بأعتباري متواجداً بالقرب من الكنيسة ، تعمقت علاقتي من المطران والقساوسة جمعتنا الألفة والمحبة والأنسانية ، فكنت أتردد ضمن الوفد الكنسي الزائر الى الأسرى العراقيين ، نقدم لهم المعونات الأنسانية والهدايا ومراسيم أحياء القداس للأسرى ، أشارك مع الزوار في توزيعها عليهم.

س41:  بحكم تواجدك ضمن وفود الكنيسة الزائرة للأسرى ، ماذا لفت أنتباهكم وأنتم ضمن العمل الأنساني هذا؟

ج:  في أحدى المرات صادفت زيارتنا الى معسكر (همشتية) للأسرى العراقيين جميعهم مسيحيين ، كان ذلك بمناسبة عيد الميلاد المجيد ورأس السنة الميلادية الجديدة لتقدم لهم الكنيسة القداس والقرابين المسيحية والهدايا الرمزية بالمناسبة .. وخلال ذلك سنحتني الفرصة الثمينة جداً أن التقي مع مجموعة من الأقارب والأصدقاء في نفس المعسكر ، حيث قسم منهم متواجد الآن في أستراليا والآخرين في بلدان العالم المتعددة فهم يتذكرون الموقف جيداً.

س42: هل تم تثبيت تلك المواقف الأنسانية والوطنية  لزياراتكم المتواصلة للأسرى في أيران؟

ج: أبتسم قليلاً .. ثم أجاب مشكوراً: نعم .. كنت أملك كامرة فوتوغرافية فألتقت مجموعة من الصور لنا مجتمعين معاً ، وخصوصاً مع اسرانا المشخصين من الأقارب والأصدقاء بفرح كبير ، وللأسف الفرحة غابت عني ولم تكتمل بعد خروجنا من معتقل الأسرى ، تم أستدعائي من قلب الحراس المعنيين وأنتزاع الفلم كاملاً من كامرتي الشخصية  وعليه فشلت مهمتي في الحفاظ على الذكريات الموثقة ، لكنها بقت تلك الذكريات راسخة في الدماغ لا يمكنني نسيانها وانا على قيد الحياة.
حكمتنا:(التضحية والعمل الصالح من أجل الآخرين ، هو كنز كبير لا يمكننا تقديره بأثمان الدنيا كلها).
(تابعونا)
منصور عجمايا
27حزيران2016

يمكنك مشاهدة المقال على منتدى مانكيش من هنا

 

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!