مقالات دينية

أيقونة عرش الدينونة 

أيقونة عرش الدينونة 

إعداد / وردا إسحاق قلّو 

أيقونة عرش الدينونة 

( ثم رأيت عرشاً عظيماً أبيض ، والجالس عليهِ ، الذي من وجهه هربت الأرض والسماء ، ولم يوجد لهما موضع ) ” رؤ 11:20 ”  

كل أيقونة هي فن وجمال ورسالة تعليمية ، نتعلم منها الجمال الحسي ، والموضوع التي تتناوله الأيقونة بحطوطها وألوانها ورموزها والتي تجعل الناظر إليها يتخطى الحدود الغير محسوس لكي تصل به إلى الجمال السماوي المطلق وتعلمه الحس اللاهوتي الي يقود العين إلى عالم الأرواح فيسموا المشاهد ويتحلق بفكره لكي يصبح قريباً من مبدع الكائنات من خلال الأيقونة التي نستطيع أن نعبّر عنها بوصفها نافذة سماوية تساعدنا للوصول إلى الهدف الذي نبحث عنه وذلك عندما نفهم كل الرموز التي ترمز إليها ، وإلى الغاية التي نبحث عنها .  

   الأيقونة ما هي إلا رسم من الفن الجميل غايته خدمة خبراتنا الإيمانية للوصول إلى ما هو أعمق . وهناك تشابة عجيب بين علم الجمال والخبرة الصوفية . فالذي يفهم دور الأيقونة في الإيمان حتماً سيفهم أيضاً أن الفن والدين يتخذا موقفاً واحداً من جهة التأمل للوصول إلى ما يبتغيه الإنسان . أما من المنظور الفلسفي فأن الجمال هو كل ما يفتن ويسعد الناس في كل زمان ومكان بدون مفاهيم خاصة : إنه غاية في حد ذاته ، أي لا يخدم العامة والأخلاقيات فحسب ، بل يصل إلى ما هو أكثر من ذلك . فالجمال هو مثالية تكامل الوجود . فالفنان التشكيلي يستطيع أن يكشف للمؤمنين عن كمال الوجود ، كما يساعد من خلال فنه على تأمل مظاهر الوجود الغير المرئي .  

بعد هذه المقدمة نتناول موضوع أيقونة عرش الدينونة ، وقد رسم فنانون كثيرون لوحات مختلفة يعبرون من خلالها أحداث ذلك اليوم الأخير . أخترنا هذه الأيقونة التي عنوانها ( عرش الدينونة ) وعرش المسيح في يوم الدينونة سيكون مخيفاً لكل الواقفين أمامه وخاصةً للذين لا رجاء لهم . ستغيب كل الأنوار ليضىء المسيح الديان الكون بنوره . كما ستغيب أيضاً الرحمة الإلهية في ذلك اليوم المرعب وذلك لكي يظهر الله عدالته نحو جميع البشر من المؤمنين وغيرهم . في أسفار الكتاب المقدس نطالع عن دينونة الله العادلة . سيدان كل إنسان بحسب أعماله وخاصةً الذين رفضوا الإيمان بإبن الله وبعمل الصليب ، لا بد أن يدانون على كل ما إقترفوه من خطايا . في ذلك اليوم سيتذكر الجميع كل آثامهم وكأنها حاضرة أمامهم في تلك اللحظات فسيتيقن كل خاطىء أمام العرش بأنه هالك لا محال في النار الأبدية . وفي ذلك اليوم سيفتح سفر الحياة ( طالع رؤ 12:25 ) والسفر سيحدد مصير كل إنسان ، هل سيرث الحياة الأبدية أم سيناله العقاب الأبدي . أما المخلصين فأسمائهم قد كتبت في ذلك السفر منذ تأسيس العالم ( رؤ 8:17 ) .  

والآن سنتأمل بلوحة عرش الدينونة متذكرين لحظات ذلك اليوم الرهيب .   

   هذه الأيقونة تدعى ” عرش الدينونة “ . هذه الأيقونة تعبّر عن المجىء الثاني ليسوع المسيح في يوم الدينونة العظيم . نرى في هذه الأيقونة رموز مهمة تعبّر عن عناصر مهمة رسمها الفنان بريشته وهي ( العرش ” الكرسي “ وعليه غطاء من قماش الذي يمثل ثوب المسيح الديان ، وعلى القماش الأنجيل المقدس . والروح القدس الذي يرفرف بهيئة حمامة ) .  

   ترمز هذه الأيقونة إلى المجد العظيم لسلطة المسيح الذي سيجلس على عرش الدينونة ليدين كل الشعوب المولودون من آدم .  

   في تصميم الكنيسة نرى القبة التي تعلو على كل البناء والتي تمثل عرش الله الأب الموجود في السماء . دخلت هذه الفكرة منذ القرن الثاني عشر في خطة بناء قبة الكنيسة . ، كما ترمز إلى خلاص كل البشر الموجودين تحت قبة السماء ، والخلاص تحقق بموت المسيح على الصليب . كما نجد في الأيقونة رموز آلام المسيح ( الصليب ، الحربة ، الإسفنجة ، وأكليل الشوك ، والمسامير التي نجدها في أيقونات أخرى ) .  

   في أيقونة الدينونة نجد العناصر الثلاثة وهي : ( العرش الذي يمثل الله الآب ، والأنجيل ، كلمة الله ، والحمامة ، روح الله القدير) تعتبر أيضاً رمزأً للثالوث القدوس ، الآب الذي يُشار إليه بالعرش ، الأبن بالأنجيل ، والروح القدس بالحمامة .  

 كما نرى في الأيقونة شخصيات آدمية وهي : آدم وحواء في حالة سجدود أمام العرش بإنتظار المسيح الذي خلّصَ الجنس البشري من الخطيئة التي أرتكبوها في جنة عدن . وعلى اليمين ، خلف آدم تقف مريم العذراء والدة المخلص والتي تشفع الإنسان أمام إبنها الديان . بينما نجد يوحنا المعمدان الذي قال عنه المسيح ( ليس نبي أعظم منه من بين المولودين من النساء ) على يساره . وهذا يعني بأن أم الله هي أعظم منه . مريم ويوحنا يرفعان أيديهما طالبين الشفاعة لبني البشر .  

  في الأعلى هناك ملاكان يبوقان البوق الأخير معلنان مجىء السيّد داعيان البشر لليقظة والتوبة قبل إنتهاء الأزمان . 

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!