فرحة الاغاني الشعبية ا*لفلس*طينية، نهى قسيس – مهند طلال الاخرس
فرحة الاغاني الشعبية ا*لفلس*طينية كتاب لنهى قسيس يقع على متن ٢٧٢ صفحة من القطع الكبير، وهو من اصدارات دار ورد الاردنية للنشر والتوزيع سنة ٢٠١٠.
هذا الكتاب يتناول بالبحث والتوثيق الاغنية الشعبية ا*لفلس*طينية، من حيث اللون والنوع واللحن والمناسبة والتعريف بكل نوع والطقوس المرافقة له وكيفية اداءه،
مع اطلالة -غريبة ومنبوذة- في الفصل الثالث من الكتاب على نماذج من الغناء الشعبي للمسيحيين الفلسطينيين، وهو طرح لا نتفق فيه مع الباحثة، ونراه قد خدش الكتاب من حيث السياق الذي وظف فيه؛ فنحن نعتقد جازمين ان مصطلح الغناء الشعبي الفلسطيني مصطلح جامع وشامل لكل مكونات الشعب الفلسطيني وهويته الوطنية -دون الحاجة الى افراد فصل تحت عنوان الاسلام او المسيحية او غيرها-، فالغناء الشعبي موروث وطني هوياتي تشبع كل هذه المشارب وغيرها في عنوانه، واعاد انتاجها وتقديمها بما يضمن بقاءه واستمراره ضمن صيرورة الهوية الوطنية الجامعة .
وكان بامكان الباحثة تدوين كل ماوقع لديها من نصوص وطقوس وفنون في الغناء الشعبي الفلسطيني كنصوص وطنية خالصة بعيدا عن محاولة الفصل الشاذة التي وقعت فيها الباحثة حتى لو كانت مغلفة بنية حسنة.
وقد اعتمدت الباحثة في انجاز هذا الكتاب على عدة مصادر:
اولا اعتمدت على تدوين الاغاني الشعبية ا*لفلس*طينية من افواه اصحابه، حيث تنقلت ميدانيا بين قرى وبلدات فلسطين في الداخل والشتات المهجر لتسجل وتوثق هذه الاغاني الشعبية بانواعها ومضاميرها المتعددة والتي رسمت بمجملها صورة الشعب الفلسطيني ورسخت معالم هويته التي تناقلتها الاجيال من السلف الى الخلف.
ثانيا اعتمدت على مصادر ومراجع مكتوبة لباحثين ومهتمين بهذا المجال.
ثالثا اعتمدت على رواد هذا الطراز من الاغاني الشعبية ا*لفلس*طينية، فسجلت السبق لاصحابه، فدونت ووثقت لجميع الرواد دون ان تبخس احدا حقه.
تعد الأغنية الشعبية أحد عناصر التراث الفلسطيني التي يمكن لكل متمعن أن يضع يده من خلالها على مواطن الألم ومحطات العذاب التي مر بها الشعب الفلسطيني،
ويعود السبب الرئيس في ذلك الى ن الحنين المتدفق للأرض والوطن والذي يميز الأغاني ا*لفلس*طينية، وهي صفة تزايد وجودها وحضورها بعد النكبة، ويزداد حضورها توهجا مع كل الايام واستمرار مسيرة نضال وعطاء وتضحيات الشعب الفلسطيني…
كما امتازت الاغنية الشعبية ا*لفلس*طينية بانواعها والوانها التراثية بأنها أغنية وطنية واحدة وموحدة وعابرة للقرية والبلدة والمدينة ولكل العصبيات.
كما يمكن بالوقوف على محتواها معرفة أساليب الحياة والعادات والتقاليد والأدوات التي استخدمها هذا الشعب للتغلب على ظروف الحياة وقهر القهر. وتصور الأغنية الشعبية القيم ا*لفلس*طينية التي آمن بها الشعب الفلسطيني، وما ينكره ويستهجنه من تصرفات مموجة غير مقبولة.
وقد مثل “الغناء الشعبي الفلسطيني” توثيقًا مهمًّا لكل مراحل الفرح والحزن والنضال التي مرّ بها شعبنا عبر العصور الفائتة، وهو جزء مهم من الذاكرة والقيم ا*لفلس*طينية .
وتتعدد أشكال الأغنية الشعبية بتعدد المناسبات والمواقف التي نظمت من أجلها، فنجد أغاني الح*ما*سة، ونجد أغاني الجهاد، وأغاني الحصاد، وأغاني الختان، وأغاني الرثاء والخطبة والحناء والعونة… وغيرها مما تعج به الحياة من مواقف تساهم كلها برسم ملامح هذا الشعب وتحديد معالم هويته في اولى ابجديات الصراع مع المحتل الغاشم الذي يهدف بداية الى تزوير تاريخ هذا الشعب وطمس هويته بغية ايجاد موطن قدم له على تاريخنا واشلائنا واشيائنا وتراثنا العريق و الممتد والضارب في جذور التاريخ.
هذا الكتاب بالاضافة الى قيمته التاريخية بالتوثيق والتدوين، فهو صاحب جمالية اخرى لا تقل قيمة عن الاولى؛ فهو بالاضافة لقيمة التوثيق والتاريخ -والتي لم تكتفي الباحثة بها لوحدها- فهي لجأت الى تعريفنا بكل نوع من انواع الغناء وايراد كثير من الامثلة عليه، ولكن الاهم والاجمل من كل ذلك ان الباحثة نجحت في تصوير المشهدية التي تتناولها تلك الاغنية او الاهزوجة من خلال ذكر الطقوس المرافقة للاغنية، وكيفية ادائها ولحنها، بالاضافة الى الحركات المرافقة لتأديتها ، بالاضافة الى شرح غنائها وطريقة ادائها شرحا وافيا وتفصيليا ينقلنا الى قلب الحدث، ويجعل القاريء الشغوف يتمايل تارة ويدبك تارة اخرى ويسحج احيانا ويرود في اخرى ويمول ميجانا وعتابا، حتى انه يكاد يمسك بكلمات الاغنية ويتفحصها حرفا حرفا باحثا في ثناياها عن رائحة الاجداد وارثهم وتراثهم الزاخر والعامر والممتد منذ القدم…
#مهند_طلال_الاخرس
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.