آراء متنوعة

الحقيقة كاملة

الحقيقة كاملة

مظفر عبد العال

لم أعد أشاهد قصة واقعية جديدة—سواء كانت عالمية، محلية أو إقليمية—دون أن أجدها مُحاطة بأطنان من الإضافات المُصطنعة التي تُضعف صدقها. في زمنٍ تصدّرت فيه أفلام الأكشن والخيال العلمي سُلّم المشاهدات، تراجعت قيمة «الحقيقة» لصالح الإثارة والتشويق والمبالغة. أما المسلسلات، فحدّث ولا حرج. فمع أن بعضها يُسوّق لنفسه على أنه مستمد من الواقع، إلا أن الإضافات الدرامية تغلب عليه، مما يجعل المتلقي في حالة من الشك تجاه مصداقيته. المسلسلات التركية، على سبيل المثال، انزلقت تدريجيًا نحو ما يشبه النمط الهندي في الإطالة والمبالغة. أما المصرية، فهي في كثير من الأحيان تُقدم صورة مبالغ فيها، وكأن الهدف الوحيد هو كسب الجمهور بأي وسيلة، لا تقديم محتوى يرقى بفكر المجتمع. كل ذلك يدفعنا للتساؤل: هل النجاح المبني على الإثارة الزائفة يُعتبر نجاحًا حقيقيًا؟ أم أنه مجرّد «تزييف جماهيري» يرضي العاطفة على حساب الوعي؟

إن المطلوب اليوم ليس فقط «شد انتباه الجمهور»، بل تقديم أعمال صادقة، نابعة من واقع الناس، تعبّر عنهم، وتُسهم في بناء فكرهم لا تضليله. ولعلّ السؤال الأهم: هل بات نقل الحقيقة كما هي، بجرأتها وصراحتها، مضرًا لصانع السيناريو أو المخرج؟ أم أن الصناعة الدرامية تخشى أن تقول ما يجب أن يُقال.

 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!