الإعلام المتخصص: المضمون والجماهير المستهدفة – سلطان عدوان
يُعرف الإعلام المتخصص بأنه ذلك النوع من الإعلام الذي يوجه محتواه الدقيق والمفصل نحو شرائح جماهيرية محددة، مع مراعاة اهتماماتها وخصائصها، ويوفر لهم المعلومات الوافية حول المواضيع التي تثير فضولهم بأسلوب يتناسب مع خلفيتهم المعرفية.
ويركز الإعلام المتخصص بشكل جوهري على المضمون الذي يتميز بالعمق في تناول مجالات معينة، والتركيز على أدق التفاصيل، وتقديم تحليلات شاملة، كما تمثل الجماهير المستهدفة ضلعاً أساسياً في هذه المعادلة، حيث يخاطبهم الإعلام المتخصص بناء على معرفتهم المسبقة، مما يسهل عليهم استيعاب المحتوى المقدم والتفاعل معه.
وتتجلى أهمية الإعلام المتخصص في قدرته على تلبية الاحتياجات المعرفية المتنوعة للجماهير وفقًا لاهتماماتهم الخاصة، فهو لا يقتصر على نقل الأخبار، بل يتعداه إلى تقديم تحليلات معمقة تساهم في توعية الجماهير وتعميق فهمهم للقضايا المختلفة، بالإضافة إلى دوره في التوجيه والتثقيف.
كما يمنح الإعلام المتخصص الجماهير فرصة قيمة للمناقشة والمشاركة الفعالة، وتبادل الخبرات والمعارف، والاستفادة من التحليلات المتخصصة في شتى المجالات، مما يساهم في تزويدهم بالمعلومات اللازمة واتخاذ القرارات.
ويمتد دور الإعلام المتخصص ليشمل مجالات التسويق والترويج للخدمات المتخصصة، وتعزيز التفاعل الإيجابي مع التطورات المتسارعة في هذه المجالات.
ويحتضن الإعلام المتخصص تحت مظلته طيفاً واسعاً من المجالات الرياضية والسياسية والأمنية والعسكرية والبيئية والتعليمية والتكنولوجية والاقتصادية والثقافية والفنية والطبية والسياحية والترفيهية وحتى الساخرة، وصولاً إلى الموضوعات التي تهم المرأة والطفل، وغيرها الكثير من المجالات التي تستقطب اهتمام فئات محددة من الجماهير.
إيجابيات وسلبيات الإعلام المتخصص:
يُعد الإعلام المتخصص مصدراً قيماً للمعلومات الدقيقة والمفيدة للجماهير المهتمة، حيث يسهم في رفع مستوى الوعي والمعرفة لديهم وتمكينهم من اتخاذ قرارات واعية، علاوة على ذلك، يساهم في بناء قاعدة جماهيرية نوعية ومخلصة للمحتوى الذي يقدمه.
كما يتميز هذا النوع من الإعلام بقدرته على تلبية الأذواق والرغبات المتنوعة للجماهير من خلال اهتمامه بالقضايا المتعددة والمتنوعة التي تهمهم.
بالمقابل، قد تنحصر سلبيات الإعلام المتخصص في اقتصاره على الجماهير المستهدفة دون استقطاب الجمهور العام، وقد يعتمد على مصطلحات فنية غير مألوفة لغير المتخصصين، وربما يواجه تحديات في الانتشار الواسع أو يتطلب تكاليف إنتاج مرتفعة.
ويرى الخبراء أن الانغماس في الإعلام المتخصص قد يدفع المهتمين إلى التركيز بشكل كبير على مجالات محددة، مما قد يؤدي إلى نوع من العزلة المعرفية وإهمال جوانب ومجالات أخرى قد تبدو أكثر أهمية بدرجات متفاوتة.
أبرز أدوات الإعلام المتخصص:
يعتمد الإعلام المتخصص على أدوات ووسائل اتصال متنوعة، تقليدية ورقمية، تتميز بالفاعلية في إيصال المحتوى الدقيق والموجه إلى الفئات المستهدفة.
وتتسم الوسائل التقليدية بالثبات والموثوقية والطابع الرسمي، بينما تتميز الوسائل الرقمية بالسرعة والتفاعلية العالية، والتكامل بينهما يحقق التأثير المطلوب والوصول الأمثل للجماهير.
– الإعلام التقليدي: يشمل التلفزيون والإذاعة اللذين يقدمان برامج وحوارات وأخباراً متخصصة عبر قنوات رياضية وثقافية وسياسية وفنية وغيرها، كما يشمل المجلات والصحف والكتب والمطويات التي تغطي مجالات متنوعة، وتصل إلى شرائح واسعة من المجتمع.
– الإعلام الرقمي: يعد الركيزة الأساسية للإعلام المتخصص وأحد أبرز أدواته المؤثرة، ويشمل المواقع الإلكترونية والمجلات الرقمية والبودكاست والمنصات الرقمية المختلفة التي تقدم محتويات معمقة في مجالات محددة، وتُسهل الوصول إلى المعلومة في أي زمان ومكان، بالإضافة إلى ذلك، يتم توظيف أدوات الإعلام التقليدي إلكترونياً، مما يعزز الانتشار والفاعلية.
ويمثل التحول الرقمي نقلة نوعية في أداء الإعلام المتخصص، حيث يحقق الوصول السريع والفعال إلى الجماهير المستهدفة من خلال توظيف أدواته ومنصاته الرقمية المتعددة التي تقدم محتوى تفاعليًا، وتعزز الكفاءة والانتشار والمرونة والتأثير.
وفي الختام لا يمكن إغفال الدور الحيوي الذي يلعبه الإعلام المتخصص في تشكيل الرأي العام، وتقديم المعلومات الهامة التي تلبي احتياجات الجماهير الشغوفة بمختلف المجالات بأسلوب أكثر جاذبية.
ويعود اهتمام وسائل الإعلام إلى إدراك أهمية تلبية تلك الاحتياجات المعرفية المتزايدة في ظل التدفق الهائل للمعلومات، لذلك بات من الضروري أن تتجه هذه الوسائل نحو التخصص، وتقديم محتويات تلائم فئات محددة من الجماهير، وهو ما يعكس الدور الجوهري له في بناء قاعدة نوعية قادرة على الوصول إلى المعلومات المعمقة والدقيقة.
د. سلطان عدوان، صحفي وكاتب فلسطيني.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.
