مقالات دينية

أين قال المسيح أنا هو الله فإعبدوني ؟

بقلم / وردا إسحاق قلّو

أين قال المسيح أنا هو الله فإعبدوني ؟
هذا السؤال ليس جديداً بل طرحه أخوتنا المسلمين علينا منذ سنين عديدة ، وتم الرد عليه بردود كثيرة في الفضائات وعلى المواقع . أما ردِنا هنا فهو كالآتي :

صيغة طرح السؤال غير صحيحة وذلك لأن لا يجوز تحديد كل فكر الإنجيل في سؤال محدود كهذا بل على المسلم أن يقرأ الإنجيل أولاً ومن ثم يبدأ بصياغة السؤال المناسب عن لاهوت المسيح .

يسوع المسيح لم يَقُل بحصر العبارة ( أنا هو الله فإعبدوني ) لكنه عبَّرَ بطرق كثيرة أنه الله المستحق العبادة والسجود وأنه الديان . ففي الآية التالية أعلن آلوهيته ، وأعلن أنه مساوي لله الآب ، قال ( أنا والآب واحد ) ” يو 30:10 ” . كما أكد وحدانيته مع الآب بآية أخرى فقال ( ليكون الجميع واحداً كما أنك أنت أيها الآب فيَّ وأنا فيك .. ) ” يو 21:17 ” . كذلك قال ( الذي رآني فقد رأى الآب ) ” يو 9:14 ” . كما قال عن نفسه ( أنا رب السبت ) ” مت 8:12 “. كما عبّرَ لنا المسيح أيضاً في موعظته على الجبل بأنه الرب الديان ، فقال ( كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم : يا رب ، أليس بإسمك تنبأنا ؟ وبإسمك أخرجنا الشياطين ؟ وبإسمك صنعنا قوات كثيرة ؟ حينئذ أصرح لهم ، إني لا أعرفكم ) ” مت 7:22″ .

أما الوحي الإنجيلي فيعلن علناً بأنه الله ، فيقول ( في البدءِ كان الكلمة . والكلمة كان لدى الله . والكلمة هو الله ) ” يو 1:1 ” . كما تقول الآية ( مع أنه في صورة الله لم يعد مساواته لله غنيمة ، بل تجرد من ذاته متخذاً صورة عبد ، وصار على مثال البشر ، وظهر بمظهر الإنسان ) ” في 2: 6-7 ” هنا معنى ” تجرد من ذاته ” يعني أخفى صورته الإلهية ليظهر للناس بصورة إنسان عبد . لكن ” قول 1: 15″ تؤكد لنا ” أنه هو صورة الله الغير منظور” .

هل قال يسوع أنا هو الله ؟ الجواب نعم ، وذلك عندما كان يستخدم عبارة “أنا هو” فإنه يتكلم بصفته إله . اللاهوتيين وعلماء الكتاب المقدس يؤكدون بأن عبارة ( أنا هو ) هي إشارة أو إعلان سّر لاهوته ، أي كان يعني ( أنا هو الله ) .

يسوع هو خالق الكون كله لأن الله به خلق كل شىء ، طالع ( يو 2:1 وقول 1: 15-20 ) أما عن معجزاته الكثيرة في مواضيع كثيرة كالخلق وإقامة الموتى والسيطرة على الرياح والأموات والسير على الماء وإخراج الأرواح النجسة من أجساد البشر ، كما لم يكن يمنع لمن يسجد له سجود العبادة وليس سجود الإحترام كما يفعل للملوك . أو لم يمنع من يقول له أنت إبن الله ( يو 49:1 ) . قال يسوع للمود أعمى ( أتؤمن بإبن الإنسان ؟ أجاب ، ومن هو يا رب ، فأومِن به ؟ قال له يسوع قد رأيتهُ ، هو الذي يكلمك . فقال آمنت ، يا رب وسجد له ) ” يو 9: 35_37 ” . كذلك قال للمرأة السامرية الزانية على بئر يعقوب علناً أنا هو المسيح .

البشير مرقس بدأ إنجيله بالآية ( بدء بشارةِ يسوع المسيح إبن الله ) ” مر 1:! ” ويوحنا المعمدان يقول ( ..إعدوا طريق الرب .. ) ” مت 3:3 ” وهو الذي أعد الطريق أمام الرب يسوع . الأناجيل الأربعة هي بشرى لإبن الله يسوع . وعلينا أن نفصل بين لفظي ( يسوع و مسيح ) فيسوع تعني ( يهوة يخلص ) أي الله المخلص . وأمر الملاك مريم ويوسف النجار أن يطلقوا عليه أيضاً عمانوئيل والتي تفسيره ( الله معنا ) . أما لفظة المسيح فيعنى بها ( إبن الله ) . فعبارة المسيح إبن الله التي ذكرها البشير مرقس تعني المسيح الإله ، وقد كرر العبارة رئيس الأحبار قيافا في مجلس محاكمة يسوع ، فقال له ( .. هل أنت المسيح إبن الله ؟ ) فقال له يسوع ( هو ما تقول ) ” مت 26:63-64 ” . هنا قال يسوع أنا إبن الله .

كان الإسم المعروف في الوسط اليهودي للمسيح هو ( يسوع ) ولم يعرفوا حقيقة يسوع وأصله الحقيقي ولا معنى إسمهِ ، كانوا يظنوه إبن الإنسان يوسف النجار ، لكنهم لا يعلموا إن مريم حبلت به من الروح القدس . اليهود لم يعرفوا حقيقة يسوع لهذا سأل يسوع تلاميذه وقال ، ماذا يقولون الناس عني ، وماذا عنكم ؟ فقال بطرس ( أنت هو المسيح إبن الله الحي ! ) ” مر 29:8″ لكن يسوع أرغمه على السكوت ، كما منع الأرواح الشريرة التي كانت تفضح حقيقته عن قصد فكان يزجرها ويمنعها من البوح بهذا السر ( طالع مر 11:3 ، 7:5 ) وذلك لكي تبقى حقيقته سراً لكي يتسنى له نشر رسالته المسيحانية في السنوات الثلاثة الأخيرة من عمره على الأرض ، ففي الأيام الأخيرة لم يتحدث بالأمثال الغامضة بل بدأ يتحدث علناً . عندما مات على الصليب أعلن هذا السر أيضاً قائد المئة أمام الصليب وقال ( كان هذا الرجل إبن الله حقاً ! ) ” مر 40:15 ” .

أما عن موقف الله الآب عن أصل المسيح فكان واضحاً في موقفين ، الأول عندما إعتمد على نهر الإردن ، قال ( أنت إبني الحبيب .. ) ” مر 12:1 ” . وعلى جبل التجلي قال الله الآب عن يسوع المتجلي ( هذا هو ابني الحبيب الذي عنه رضيت ) ” مت 5:17 ” فالوحي الإلهي أعلن منذ البداية بأن يسوع هو إبن الله حقا . والشياطين كانوا يعرفون ، لكن عليهم أن يسكتوا ، وعندما كانوا يلفظون بها لم يكترث السامعين لتلك العبارات الصادرة من الممسوسين ( طالع مر 3:11-12 ) . غاية الخصم ( الشيطان ) كانت محاولة لإستفزاز خصمه بذكر إسمه ، لهذا كان الشيطان يدافع عن نفسه أثناء الجدالات التي حدثت بينه وبين المسيح وذلك بلفظ إسمه أمام المحتشدين فيقول ( أعرف من أنت ، أنت قدوس الله ) فالذي يعرف إسم خصمه يعني لم يبقى سلطان للثاني عليه وبحسب معتقدات تلك الفترة في الوسط اليهودي . . الشيطان لا يردد لقبي المسيح إبن الله . ففي المرة الأولى يهتف قائلاً ( أنت هو قدوس الله ) ” مر 24:1 ” وفي الثانية يعلن ( أنت هو إبن العلي ) ” مر 7:5 ” أي إبن الله .

عندما أسكن يسوع العاصفة ، قال التلاميذ فيما بينهم ( إذاً من هو هذا حتى الريح والبحر يطيعانه ) . نسأل ونقول : لماذا هذا الغموض ، ولماذا أصبح إسم المسيح سراً ؟ لا شك أن النصوص لا تقول لنا الحقيقة بوضوح ، لكن السر أصبح واضحاً وذلك لكي يتمم نشر كلمة الملكوت بين الناس قبل أن يتألم ، وسوف نرى لاحقاً الرباط القائم بين السر المسيحاني وإعلان الآلام . لهذا يمكننا الآن أن نقول : لقب المسيح و ( إبن الله ) كان ممنوعاً في تلك الفترة إلى حين تتميم يسوع رسالته ومن ثم مصيره كإبن إنسان يجتاز الآلام والقيامة من بين الأموات ، أو على الأقل في يومه الأخير أمام محكمة رئيس الكهنة .
في أحداث كثيرة في الإنجيل نكتشف بأن يسوع هو المسيح إبن الله الحي . وإبن الله هو الله . قال يسوع للمجرب ( إذهب عني يا شيطان ! لأنه مكتوب : للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد ) ” مت 10:4 ” وهنا يقصد يسوع بأن على الشيطان أن يسجد للمسيح الإله وليس العكس .

قال يسوع للشاب الذي دعاه صالح ( لماذا تدعوني صالحاً . ليس أحد صالحاً إلا واحد وهو الله ) ” مت 17:19 ” . وهنا لا يقصد بأنه ليس صالحاً ، أو إنه ليس الله . كذلك لم يقل له لا تدعوني صالحاً ، بل قال لماذا تدعوني صالحاً ؟ فما قصده هو ، هل تعرف أني هو الله الصالح ؟ فيسوع لم يلغي صفة الصلاح ولا ينفي لاهوته المتحد بناسوته .
هتف أعمى أريحا قائلاً ( يا إبن داود إرحمني ) ” مر 46:10 ” ولقب إبن داود يُقصِد به المسيح إبن الله . كما تكررت هذه التسمية من قبل الشعب الذي بايعه عندما دخل إلى أورشليم على ظهر جحش إبن أتان ، قالوا ( مبارك الملك الآتي ، ملك أبينا داود ) . وفي الهيكل عندما قلب موائد الصيارفة وبعثر أمتعتهم ، طرحوا عليه الكهنة سؤالاً ، فقالوا ( بأي سلطةٍ تفعل هذا ؟ ومن أعطاك السلطان والقدرة لتفعلهُ ؟ ) وهنا أيضاً لا يريد يسوع أن يعرِّف نفسه ليجيبهم لهذا تحداهم بسؤال بعيد عن الموضوع ، فقال ( معمودية يوحنا من أين كانت ؟ ) ” مت 25:21 ” .

وأخيراً بعد موته على الصليب قال الضابط الروماني الذي فتح جنبه بالحربة ( هذا كان إبن الله حقاً ) ” مر 39:15 ” . المسيح هو الإقنوم الثاني لله ، والآب هو الأقنوم الأول ، أما الروح القدس فهو الأقنوم الثالث . وهذه الحقيقة نجدها في قرآن المسلمين أيضاً في الآية التي تقول ( إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمتهُ ألقاها إلى مريم وروح منه ) ” نساء 117:4 “وهنا نجد الثالوث الأقدس بأقانيمه الثلاثة وهي 1- الله. 2- كلمته ” المسيح إبن مريم ” . 3- وروحه . أي الروح القدس . والمسيحية لا تقول أكثر من هذا . فهل يؤمن المسلم بأن المسيح هو كلمة الله الأزلية التي لا تنفصل عن الله؟ وهل يؤمن بأن الله به خلق كل شىء ؟

ليطالعوا الآيتين الأولى من سفر التكوين التي تقول ( في البدء خلق الله السموات والأرض ، وكانت الأرض خاوية خالية وعلى وجه الغمر ظلام وروح الله يرف على وجه المياه ) ” تك 1: 1-2″ هنا الله هو الآب والكلمة التي خلق بها هو المسيح ، والروح الذي كان يرف هو الروح القدس . وفي القرآن أيضاً يشهد بأن المسيح قد خلق ( طالع مائدة 11:5 ) . كما شهد بأنه كان يمتلك معرفة الغيب ، علماً بأن الغيب وبحسب القرآن لا يعلمه إلا الله ، تقول الآية ( قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله ) ” سورة النحل 65:27 ” وكذلك ” سورة الإنعام 59:6 ” كما يشهد بقدرات المسيح في شفاء المرضى ( طالع آل عمران 49:3 ) وكذلك عن قدرته بإقامة الموتى ( طالع سورة الحجر 23:15 ) ، ويشهد بأنه هو ليس من بني آدم ، بل هو من روح الله وصار جسداً فيقول القرآن عن مريم ( وأرسلنا إلأيها روحنا فتمثل لها بشراً سوياً ) ” سورة مريم 17:19 ” . كما يقول القرآن بأن الله هو الرازق ذو قوة المتين ( سورة الذاريات 58:51 ) والمسيح كثر الخبز والسمك . كما أعطى المسيح للحواريين ( تلاميذه ) سلطاناً لعمل المعجزات وطرد الشياطين سورة يس 13:36 ” هذه الآيات وغيرها تثبت لأخوتنا المسلمين بأن المسيح هو الإله الخالق الذي يمتلك صفاة الله القدير ، وهو مساوي لله في جوهره .
ولإلهنا الحي كل المجد

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!