الدروس الروحية لصعود الرب ( ܣܘܠܵܩܐ )
الدروس الروحية لصعود الرب ( ܣܘܠܵܩܐ )
بقلم / وردا إسحاق قلّو
( وأنا إن إرتفعت عن الأرض أجذب إليّ الجميع ) ” يو 32:12 “
موضوع إرتفاع المسيح عن الأرض مهم جداً لخلاصنا روحياً . إرتفاعه عن الأرض بدأ قبل موته وذلك عندما رُفع على الصليب فصار فوق سطح الأرض ، وعلى الصليب مات رافعاً معه خطايا البشر لتُصلبْ على خشبة الصليب ، فصارت خشبة الصليب مركز جذب الإنسان مع خطاياه إلى المسيح الذي مات من أجلهم ، وعلى الصليب دفع الثمن لأبيه السماوي . فحوَّلَ المسيح صليب العار إلى سلماً يربط الأرض بالسماء . فكل من يؤمن بعمل الصليب فالصليب يرفعه عن الأرض كما رفع السيد فيصبح له الصليب جناحاً يرفعه إلى الأعالي .
بإرتفاع يسوع على الصليب تم فضح عمل الشيطان ضد البشرية . وعندما كان يسوع على الصليب شعر الشيطان بجريمته والخطأ الذي وقع فيه عندما هَيَّجَ الشعب ليصرخ أمام بيلاطس طالباً صلب المسيح . فعند الصليب تندم الشيطان فوضع حيلةٍ جديدة على ألسنة بعض الواقفين أمام الصليب لكي يطلبوا من يسوع المصلوب أن ينزل لكي يؤمنوا به ، وغايته من هذا المخطط كان لمنع المسيح من الموت عن العالم ، لأن بموته تعود المصالحة بين السماء والبشر . باءت محاولة المجرب بالفشل لأن المسيح لم يستجاب له ، بل تحداه لكي يفشل آخر تجربة للشيطان ، وهي سلطان الموت ، لكن يسوع بقيامته إنتصر على الموت .
في العهد القديم نطالع قصة رفع موسى الحية النحاسية على خشبة في البرية ، فكان يشفي جسد كل إنسان مسموم بسبب لدغات الحيات البرية المسمومة . هكذا سيشفي كل من يؤمن بالمسيح المصلوب على الصليب فيحصل على شفاء الروح والحياة الأبدية ( راجع يو 14:3 ) .
بإرتفاع المسيح على الصليب ، ومن ثم صعوده إلى السماء بعد موته وقيامته دخل في المجد ، ومن هناك جذب إليه كل المؤمنين الذين إتحدوا بجسده السّري المبارك في سّري المعمودية والإفخارستيا . فالمسيح بجسدهِ ودمه محا الصك الذي كان على بني البشر . بالإبن أراد الآب أن يتصالح مع البشرية ، لهذا قال الرسول بولس ( وبه شاء أن يصالح كل موجود سواء في الأرض وفي السموات فهو الذي حقق السلام بدمه على الصليب ) “قول 20:1 ” . بالحب وبدم زكيٍ جذب يسوع الجميع إليه . وهكذا صالح أبناء الأرض مع السمائيين .
نعم بصعود المسيح إلى السماء جذب إليه جميع المؤمنين وبحسب الآية ( إذ صعد إلى العلاء سبي سبياً وأعطى الناس عطايا . وأما إنه صعد فما هو إلا إنه نزل أيضاً أولاً إلى أقسام الأرض السفلى . الذي نزل هو الذي صعدَ أيضاً فوق جميع السموات لكي يملأ الكل ) ” أف 4: 8-10 ” . وهذه الآية تنبأ بها داود النبي في ” مز 24: 7-10 ” قال ( صعدت إلى العلاء . سبيت سبياً . قبلت عطايا بين الناس ) .
صعود المسيح أمام حشود المؤمنين إلى أعلى السموات كان إنتصاراً وفرحاً لأبناء الكنيسة لأن بصعودهِ أخضع كل شىء تحت سلطانه ، وفي الأخير عند مجيئه الثاني ستجثو له كل ركبة من السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض ( في 10:2 ) حتى يضع أعداءه تحت قدميه ، وبصعوده أعطى لنا عطايا كثيرة وثمينة ( أف 8:4 ) .
بعد صعود المسيح أرسل لنا الروح المعزي ( يو 7:16 ) وبالروح القدس سيحل المسيح بسبب إيماننا في قلوبنا لأنه سيدخل في كل أسرار الكنيسة كما أعطى لنا يسوع مواهب كثيرة بالروح القدس ، كمواهب الخدمة والتبشير وصنع المعجزات والشفاء وإخراج الشياطين والتحدث بألسنة ، وتمييز الأرواح ، وكشف أسرار السماء ( 1 قور 12: 8-10 . مر 17:16 ) .
في الختام نقول : يسوع كان بكر الصاعدين الداخلين في المجد الأبدي . وهو سيعطي لنا عطية المجد ، وكما قال للآب ( وأنا أعطيهم المجد الذي أعطيتني ) وأعطى لنا مجد التبني بجسده ودمه الأقدسين . وسيعطينا أيضاً مجد القيامة ويصّعِدنا معهُ فوق السحاب لندخل الخلود ونتحد معه لنصبح واحد في ملكوته السرمدي ( طالع 22:17 ) . مجداً للصاعد الى السماء منتصراً .
توقيع الكاتب ( لأني لا أستحي بالبشارة ، فهي قدرة الله لخلاص كل من آمن ) ” رو 16:1″