وراء جدار،،،!! مسرحية
شوقي كريم حسن
“نحن نهرب إلى الصمت، إلى العزلة، لأن الحقيقة مرعبة. لكن مهما هربنا، فإنها تظل قابعة هناك، تراقبنا من الظلال.
(هارولد بنتر)
المشهد الأول:
(ظلام دامس. صمت مطبق، يُسمع صوت باب يُغلق بقوة، يتردد صداه في الفراغ، يليه صرير معدني ثقيل، كأن شيئًا يُسحب أو يُغلق بإحكام. لحظات تمر بلا حركة. ، ضوء خافت وبارد ينبعث من الأعلى، كاشفًا رجلًا وامرأة ملقيين على الأرض، يبدوان غائبين عن الوعي. الرجل يفيق أولًا، يتنفس بصعوبة، يمسح وجهه بيده المرتجفة، يفتح عينيه، يحدق في الفراغ قبل أن ينهض ببطء، مترنحًا.)
الرجل (مغمغمًا، كمن خرج من كابوس) : ما هذا…؟ أين…؟
(يتلفت حوله، يحاول استيعاب المكان. جدران رمادية كئيبة، نافذة صغيرة مسدودة بشبك حديدي، باب بلا مقبض. الغرفة خالية إلا من طاولة معدنية وكرسيين قديمين. يلمس رأسه، يتأوه، يلاحظ المرأة ملقاة على الأرض، يتراجع خطوة.)
الرجل (بصوت متردد) : من… من أنتِ؟
(المرأة تتحرك ببطء، تصدر أنينًا خفيفًا، تفتح عينيها. تستغرق لحظة قبل أن تنتبه لوجوده، تنتفض جالسة تبتعد عنه وتراقبه بحذر.)
المرأة (بغضب مكبوت) : من أنت؟!
الرجل (بخوف) : لا أعرف! أقسم أنني لا أعرف! استيقظتُ هنا مثلك تمامًا.
(لحظة صمت متوترة، كلاهما يراقب الآخر بشك. الرجل ينظر نحو الباب، يقترب منه، يدفعه ، يجرب ركله، لكنه لا يتحرك.)
الرجل (متذمرًا) : مغلق. بالطبع مغلق.
(المرأة تنهض بحذر، تنفض الغبار عن ملابسها، تقترب من النافذة، تحاول النظر من خلالها، لكن الظلام يحجب أية رؤية. تلمس الشبك الحديدي بأصابعها، تستدير نحوه.)
المرأة (بجفاء) : لا يوجد شيء بالخارج. لا ضوء، لا أصوات. لا شيء.
الرجل (بسخرية سوداء) : رائع. سجنٌ بلا نوافذ… وكأنني لم أعش ذلك من قبل.
(المرأة تحدق فيه، تحاول استيعاب ما قاله.)
المرأة : ماذا تعني؟ هل… هل كنتَ في السجن من قبل؟
الرجل (بارتباك) : ليس كما تظنين.
المرأة (بعصبية) : إذن كيف انتهينا هنا؟ لماذا أنا معك؟
الرجل (ساخرًا) : هذا سؤالي لكِ أيضًا، آنسة…
(يصمت، كأنه ينتظر منها أن تخبره باسمها، لكنها لا تفعل. يشيح بوجهه بعيدًا، ثم يقترب من الطاولة، يطرق عليها بأصابعه، كأنما يحاول معرفة إن كان يوجد شيء مخفي بداخلها.)
المرأة (تراقبه، بنبرة مشحونة) : هل تعتقد أن هذا نوع من العقاب؟
الرجل (يرد بمرارة) : إذا كان عقابًا، فعلينا أن نعرف عن أي ذنب نعاقَب.
(لحظة صمت ثقيلة، كلاهما مستغرق في التفكير،، يُسمع صوت خافت يأتي من أحد الجدران، كأنه شخص يتنفس ببطء. الرجل ينتبه أولًا، يشد قامته، يحدق نحو الجدار بتركيز.)
الرجل (بحدة) : هناك أحد ما…
(المرأة تجمد مكانها، عيناها تتسعان، تحاول تحديد مصدر الصوت.)
المرأة (بهمس) : من هناك؟
(الصوت يتحول إلى ضحكة خافتة، ثم صوت هادئ، عميق،مشبع بالسخرية.)
الصوت : استيقظتما أخيرًا… هذا جيد. لدينا الكثير لنتحدث عنه.
(الرجل والمرأة يتبادلان نظرات الذعر..)
(إظلام )
⸻
المشهد الثاني:
(الضوء يعود ببطء، لكنه ما زال خافتًا. الرجل والمرأة يقفان في حالة ترقب، ينظر كل منهما إلى الآخر، يحاولان تحديد مصدر الصوت الذي سمعاه. الهواء في الغرفة ثقيل، يكاد يُسمع صوت التنفس من كلا الشخصين.)
الرجل (بصوت خافت، محاولا اظهار شجاعة) : هذا ليس طبيعيًا… لا يمكن أن يكون أحد هنا.
المرأة (تحدق بالجدار) : لكن الصوت حقيقيًا… كما لو أنه يأتي من داخل الجدار نفسه.
(يتقدم الرجل نحو الجدار بحذر، يضع يده عليه، يتحسس سطحه كأنه يتوقع أن يجد شيئًا غير مألوف.)
الرجل (مهمهمًا لنفسه) : جدار… لاشي غير جدار ميت.
(الصوت يعود مجددًا، ولكن هذه المرة أقرب، كأن الشخص المتحدث واقف خلف الجدار مباشرة. الصوت ساخرًا.)
الصوت : هل تظنان أنكم ستفهمان ما يحدث هنا بسهولة؟
المرأة (بصوت خائف، ) : من أنت؟! لماذا تحتجزنا هنا؟!
الرجل ( يضرب الجدار بقبضته) : أجبنا! من أنت؟!
الصوت (ساخرًا) : أنتما لم تعتادا على أن يكون هناك من يراقبكم، أليس كذلك؟
(يُسمع صوت ضحكة تتوقف فجأة.)
الرجل (محاولًا التماسك) : ما الذي تريده منا؟ ماذا تعني؟ من يراقبنا؟
الصوت (بعناد) : أنتما من لم تكونا تراقبان الآخرين.
(المرأة تتراجع خطوة للخلف، ثم تعود للتركيز على الجدار،تهتف بحدة.)
المرأة : ما الذي تعنيه بكلامك هذا؟ من نحن لكي تحاكمونا؟
الصوت (بصوت قاسي) : أنتما اللذان تظنان أنكم أقوياء بما يكفي للهروب من ماضيكم. ولكن الماضي لا يهرب.
(المرأة تنظر إلى الرجل بقلق، بينما الرجل يبدأ في الخضوع للتأثير النفسي للصوت.)
الرجل (بتوتر) : هل تعرف شيئًا عنا؟
الصوت (بصوت هادئ) : أعرف كل شيء عنكما. لكن ماذا عنكما؟ هل تعرفان شيئًا عن أنفسكما؟
(المرأة تدير وجهها بعيدًا، يبدو أنها في حالة من الارتباك. تتنهد بعمق.)
المرأة : إذا كنت تعرف كل شيء، فلماذا لا تخبرنا بما نحتاج معرفته؟
الرجل (بغضب متصاعد) : نعم! تكلم، أخبرنا!
الصوت (بهدوء متزايد) : ستعلمون قريبًا… لكن أولًا، هل يمكن لكل منكما أن يواجه نفسه؟ هل تستطيعان التعامل مع الحقيقة؟
(لحظة صمت، يُسمع صوت ضربات خفيفة على الجدار من الجهة الأخرى، في محاولة لتهدئة الجو.)
الرجل (بغضب ، يضرب الجدار مرة أخرى) : من أنت؟ من أين أتيت؟
الصوت : لا شيء في هذا المكان كما تتصوران. ليس ما ترونه هو ما هو عليه، ولا ما سمعتموه هو ما سيحدث.
المرأة (تصرخ) : ماذا تريد منا؟!
(الصوت يصبح أكثر جدية.)
الصوت : ما أريده منكما ليس شيئًا مستحيلًا… فقط أن تواجهان ماضيكما.
(الرجل ينظر إلى المرأة بنظرة حادة، بينما تتنهد بمرارة. يبدأ التوتر يزداد في الجو.)
الرجل : ماذا تعني؟ ماذا تعرف عن ماضينا؟
(الصوت يضحك، ساخراً.)
الصوت : أنت تعرف، يا صديقي… ولكن هل تعرفين؟
المرأة (بتردد) : ماذا تعرف؟ أخبرنا!
(الصوت يتوقف للحظة، يبدأ الكلام بطريقة غامضة.)
الصوت : أسرد لكما بعض القصص، هل أنتما مستعدان لسماعها؟
الرجل (بغضب) : نحن لسنا هنا لكي نسمع قصصك! أخبرنا كيف نخرج من من هذا المكان؟!!
الصوت (بصوت خافت، ) : لا يوجد مخرج، إلا إذا كنتما مستعدين لمواجهة ما يخبئه هذا الجدار.
(المرأة تبدأ في التوتر، تتراجع بعيدًا عن الجدار.)
المرأة (بهمس، موجهة حديثها لنفسها) : ماضينا… لا أريد أن أواجهه…
الرجل (يتقدم بسرعة نحو الجدار) : لا، لن أتركك تسيطر علينا. أجبنا الآن!
الصوت (بسخرية) : كما تشاء، لكن تذكروا: الحقيقة لن تجلب لكم السلام.
(صوت تنهد عميق، ثم الظلام يتناثر بسرعة.)
(إظلام )
المشهد الثالث:
(الضوء يعود، باهتاً. الرجل يقف في منتصف الغرفة، يتنفس بحدة، يبدو وكأن أعصابه على وشك الانفجار. المرأة تقف في الزاوية البعيدة، ملامح وجهها تحمل تعبيرًا مختلطًا من القلق والغضب. الصمت يسيطر على الغرفة للحظة، ثم يتحرك الرجل نحو الباب.)
الرجل (بغضب، وهو يهز المقبض) : لن أستمر في انتظاركِ! يجب أن نخرج من هنا، الآن!
( ينظر حوله بنظرة مضطربة.) هذا مستحيل! الباب مغلق، النافذة مغلقة… هل نحن محاصرين؟!
المرأة (بهدوء، دون أن تقترب منه) : هناك شيء غير طبيعي في هذا المكان. يبدو كما لو أن هذا كله… مصمم لكي نعيش هذه العزلة الشبيهة بالمنفى!!.
الرجل (بغضب متصاعد) : لا أريد أن أسمع عن “الطبيعة” أو “التصميم”. لا اريد سماع هذا الهراء الفاسد..أريد أن أخرج،،لا فائدة من البقاء!!
(يتجه إلى النافذة، يحاول كسر الشبك الحديدي .)
الرجل (بغضب متزايد) : لماذا لا يحدث شيء؟ لماذا لا نتمكن من الهروب؟!
المرأة (مراقبة بصمت، تقترب ببطء) : ربما… ربما لا يوجد مخرج.
الرجل (بمفاجأة) : ماذا تقصدين؟
المرأة : هل فكرت في أن هذا كله قد يكون مجرد اختبار؟ قد يكون هناك شيء آخر وراء كل هذا.؟!!
الرجل (بصوت متأزم) : اختبار؟ هل تقولين أننا هنا من أجل “اختبار”؟! هل فقدتِ عقلكِ؟
(المرأة تتراجع قليلًا، ثم تقترب منه أكثر، ويبدو أنها تقاوم رغبتها في الهروب.)
المرأة (بنبرة أكثر هدوءًا) : ليس اختبارًا بالمعنى الذي تفكر فيه، لكن ما إذا كنا مستعدين لمواجهة الحقيقة… الحقيقة التي نحن في هذا المكان من أجلها.
الرجل (ينفجر غاضبًا) : لا أريد مواجهة أي شيء! أريد أن أخرج من هذا الكابوس، ولا أريد أن أعرف لماذا أنا هنا!
(يتوقف للحظة، يقترب من الجدار، يضربه مرة أخرى.)
الرجل : هذا الجدار! لماذا لا نتمكن من تحطيمه؟!
(الصوت يعود مجددًا، لكن هذه المرة بنبرة هادئة أكثر، كما لو أنه يراقب كل حركة.)
الصوت : تحطيم الجدار لن يحل مشاكلكم، لأنكم ستجدون أن الجدار في داخلكم، وليس حولكم.
المرأة (بتفكير عميق) : في داخلنا؟ هل يعني هذا… هل هذا مرتبط بما فعلناه في الماضي؟
الرجل (بتنهد) : نحن هنا بسبب شيء قديم، أليس كذلك؟ شيء يطاردنا… هل تعني أن الماضي لا يزال يؤثر علينا؟
الصوت : نعم، الماضي هو من أتى بكما إلى هنا. وما لم تواجهاه، ستظل الحياة تدور حولكما بلا معنى.
(الرجل يضرب الجدار بقوة ، تتساقط قطعة صغيرة من الجدار.)
الرجل (بدهشة) : ماذا؟ ما الذي يحدث هنا؟
(يحاول الرجل اق*ت*لاع المزيد من الجدار، بينما المرأة تنظر إليه بترقب.)
المرأة (بهدوء) : هل ترى؟ الجدار ليس قويًا كما كنت تظن. ربما يكون مجرد حاجز نفسي…
الرجل (باستنكار) : هل تعنين أننا نتعامل مع خوفنا؟ هل هذا هو ما يحبسنا هنا؟
(يبدأ الرجل في النظر حوله وكأن الغرفة بأكملها تغيرت. يواصل محاولاته للبحث عن مخرج. بينما تراقب المرأة بعينين شاحبتين.)
المرأة (بهمس) : ما الذي تخشى منه حقًا؟
الرجل (يتوقف عن المحاولة، يلتفت إليها فجأة) : ماذا؟
المرأة (بثقة) : أنت خائف من مواجهتك لماضيك. كما أنني أخاف من مواجهتي لماضي.
الرجل (بصوت متحشرج) : لا يمكنني… لا أستطيع العودة إلى ذلك الوقت. لا أستطيع تحمل الذنب.
المرأة (بصوت هادئ، لكن عميق) : لكن لا يمكنك الهروب منه. الجدار الذي أمامك هو خوفك. وكلما حاولت الهروب منه، كلما أصبح أقوى.
الرجل (بصوت متوتر) : هل هذا هو هدفك؟ جعلني أواجه ما فعلته؟
المرأة (بصوت منخفض) : لا، ليس هدفنا. لكن ربما هو الطريق الوحيد للخروج من هنا…
(الرجل يبدأ في الانهيار، يشعر بثقل الذنب يتسلل إلى عقله، بينما تبقى المرأة صامتة، تراقب كل تحركه. الصوت يعود ليقطع الصمت.)
الصوت : الصمت ليس حلاً، ولا الهروب… إذا كنتما تريدان النجاة، فعليكما مواجهة ما تختبئان منه.
الرجل (ينظر إلى المرأة بحيرة) : ماذا نفعل الآن؟
المرأة (بنبرة حاسمة) : ربما يجب أن نتحدث عن الماضي.
(يبدو أن الرجل في حالة من الصدمة، يتراجع خطوة للخلف، بينما المرأة تستعد للكشف عن شيء في قلبها.)
(إظلام )
المشهد الرابع:
(الضوء يعود ساطعًا أكثر من المعتاد، يملأ الغرفة بتوهج قوي. ، الجدران تقترب منهما كما لو كانت تحاصرهما. الرجل يقف شاحبًا، تتطاير أطرافه كأنها تطارد بعضها البعض، بينما المرأة تقف في الزاوية ، يحيط بها شعور من القلق والرغبة في الهروب.)
الرجل (بصوت متوتر) : ماذا تعنين بحديثك عن الماضي؟! لا أريد أن أتذكر!
المرأة (بهدوء، لكن نبرة صوتها مشحونة بالتوتر) : لكنك لا تستطيع الهروب من الماضي. لا أحد يستطيع.
(الرجل يلتفت نحوها بحركة مفاجئة، عيناه مليئتان بالحيرة.)
الرجل (بحقد) : هل تقصدين أنني يجب أن أواجه الذنب الذي يطاردني؟! هل هذا هو السبب في وجودنا هنا؟ هل هذه عقوبتي؟
المرأة (تحاول التهدئة، لكنها تشعر بتوتر متزايد) : لا! ليس عن العقاب، بل التوقف عن الهروب. نحن هنا لأننا خائفون من الحقيقة، من الأشياء التي حاولنا دفنها.
الرجل (بغضب متزايد) : هل أنتِ متأكدة؟ هل تعتقدين أنني أنا من يحتاج إلى مواجهة شيء؟ أنتِ نفسكِ… أنتِ تخفين شيئًا! لماذا لا تخبرينني ما هو؟
(تتراجع المرأة خطوة الى وراء، ملامحها مشوشة. تقف مجددًا، تتنفس بعمق.)
المرأة (بصوت ضعيف) : ربما يجب أن أبدأ من هنا. … كنت أعيش في الظلال، في الصمت. كلما اقتربت من الحقيقة، كلما ابتعدت أكثر.،،كلما فكرت بالاسئلة ازددت خوفاً!!
(تتجه نحو الجدار، تلمسه برفق، وكأنها تلمس شيئًا مؤلمًا في قلبها.)
المرأة : كنتُ دائمًا أخاف من المواجهة. من الحقيقة… التي تخبرني أنني لا أستحق الراحة…أخاف أن أستيقظ ذات يوم فلا اجدني!!
الرجل (بصوت قاطع) : لا تقولي لي ذلك! أنتِ… لا تتخيلين حجم الألم الذي عشته.
المرأة (تبتسم ابتسامة حزينة) : ألم؟ نحن كلنا نحمل الألم. لكن السؤال هو: هل ستظل تحمله أم أنك ستواجهه؟!!
(الرجل يقترب منها بسرعة، يتنفس بشكل مضطرب،يتوقف في منتصف الطريق، وكأن صوتها يصدع قلبه.)
الرجل (بحنق) : كنتَ تظنين أنني لا أعرف؟ أنني لا أعي ماذا فعلت؟ نعم، فعلتُ أشياء، لكنني لم أك أظن أنني أسجن في هذا المكان… أرجوكِ، دعيني أخرج من هنا!
المرأة (بهدوء، متفهمة) : من قال أننا لا نملك الخيار؟ نحن هنا لأننا لم نتمكن من التحمل أكثر.
الرجل (بصوت مرتجف) : لكن لماذا ؟ هل يعقل أنني مُدان إلى الأبد؟
(المرأة تقترب منه، تتوقف أمامه مباشرة. عيونها مليئة بالحزن والشفقة.)
المرأة : لم يكن هذا خيارك. كان مجرد وهم. كلنا نمضي في حياتنا حاملين وهم السيطرة، ولكن الواقع يراوغنا.
الرجل (بحزن عميق) : لذلك نحن هنا؟ لنخوض معركة مع أنفسنا؟
المرأة (بنظرة قاطعة) : نعم. لأننا لم نواجه ذاتنا. لم نعترف بماذا كنا عليه.؟!!
(الرجل يبتعد عنها، يربت يديه على رأسه في محاولة للسيطرة على مشاعره المتأججة.)
الرجل (بغضب، يصرخ) : لم أك مستعدًا لهذا! لا أريد أن أتذكر! لماذا أعود إلى ذلك الماضي المظلم؟ لم أكن أعلم أنه يطاردني إلى هذا الحد!
(المرأة تتحرك خطوة نحو الجدار، تضع يدها عليه مجددًا، وكأنها تشعر بتوتره، ولكنها لا تتراجع.)
المرأة : الجميع لديه ماضي يود أن ينقض عليه ويخفيه… لكن، أن تكذب على نفسك أكثر، هذا هو السجن الحقيقي.
الرجل (بصوت متهالك) : لا أستطيع أن أواجهه. لا أستطيع العودة إلى ما فعلتُ.
(، يُسمع الصوت مرة أخرى، هذه المرة، أقرب من أي وقت مضى.)
الصوت (بصوت عميق، مرعب) : ماذا لو أخبرتكما أنكما لستما هنا لأنكما لم تتمكنا من الهروب… بل لأنكما لم تعترفا بذنبكما؟
الرجل (يصعق) : ماذا؟! هل تعرفون كل شيء؟
الصوت (بتهكم) : أعرف كل شيء… لكن هل تعرفان أنكما لم تكونا ضحايا؟ أنكما اخترتما أن تبقيا في هذا المكان؟
المرأة (بحزن شديد) هذا يعني اني: لا أستطيع الهروب من نفسي بعد الآن…
الرجل (في حالة انهيار) : هل هذا ما تعنيه؟ هل تعني أنني اخترت أن أظل في هذا الجحيم؟
الصوت : نعم. واجهوا أنفسكم… بعدها تجدون المخرج.
(الرجل يتنهد بمرارة، ينظر إلى المرأة وكأن ملامح وجهه قد تغيرت تمامًا. يقترب منها بخطوات بطيئة.)
الرجل (بصوت متحشرج) : إذا كان علينا مواجهة ما فعلناه، فأنا… أنا مستعد.!!
(المرأة تلتفت إليه، عيونها مليئة بالحيرة، تبتسم ابتسامة حزينة.)
المرأة : ربما هذا هو السبيل الوحيد للخروج.
(يغلق الصوت.)
(إظلام )
المشهد الخامس
(الضوء يعود، هذه المرة ساطعًا وبقوة. الجو مشحون بالتوتر، الرجل يقف في المنتصف، يبدو عليه علامات الانهيار النفسي. المرأة تقف في الزاوية المقابلة، عيونها مليئة بالتحدي. كل خطوة يتخذها الرجل تظهر شكوكه في نفسه، بينما المرأة تقف بثبات، تُراقب كل حركة له.)
الرجل (بغضب، ) : لم أعد أحتمل! هل تعتقدين أنني لا أعرف الحقيقة؟! هل تعتقدين أنني لا أعي ماذا فعلت؟!
المرأة (بصوت منخفض، حاد) : أنت لا تعرف شيئًا! أنت تهرب من المواجهة، تهرب من الحقائق التي دفنتها!
الرجل (يقترب منها بسرعة، صوته يعلو) : لا تتحدثي وكأنكِ أنتِ التي تعرفين كل شيء! أنتِ التي تظنين أنكِ أفضل من الجميع، لكنكِ أنتِ أيضًا هاربة!
المرأة (بغضب، تقترب منه ) : أنا لم أهرب، وأنا على الأقل لم أحاول خداع نفسي! أنتَ من ظن أن بإمكانه الهروب من ماضيه!
الرجل (بصوت مكبوت، لكن يزداد حدة) : أتعلمين كم حاولت أن أعيش بسلام؟! كلما كنت أظن أنني قادر على العودة، كلما كان الماضي يسحبني إلى الأسفل أكثر. هذا المكان… هذا الجحيم… هو ما كسبته!
(المرأة تبتعد عنه وكأنها تفكر في كلامه.)
المرأة : هذا ليس عن الجحيم… هذا عن الخوف. أنت تخاف من مواجهتك لنفسك، تخاف من أن تعترف بما فعلت، لكنك لا تستطيع الهروب إلى الأبد.،،هروبك الى الابد امر مستحيل!!
الرجل (بغضب وحيرة) : لا أستطيع… لا أستطيع العودة إلى ذلك! ماذا تريدين مني؟ أن أتكلم عن كل شيء؟ أن أفضح نفسي أمامكِ؟!
المرأة (بصوت مليء بالتحدي) : نعم، يجب أن تعترف! لأنك لن تجد مخرجًا من هذا الجحيم إلا إذا فعلت. أنت لا تدرك حجم عذابك، لكنك تجد الأمل في الهروب، ولن تجد أي مخرج هناك!
(يبدو الرجل مترددًا، يبدأ في ضرب الجدار بغضب.)
الرجل (بصوت مختنق، يصرخ) : كفى! لا أريد أن أرى وجهي في مرآة أي شخص! لا أريد أن أرى هذا الألم يتكرر في عينَيّ!
(تقترب منه تضع يدها على ذراعه، لكنها تتراجع سريعًا عندما يشعر الرجل بأنها تقترب منه.)
المرأة (بصوت خافت، مليء بالغضب) : ماذا فعلت؟ هل ق*ت*لت أحدهم؟ هل كنت المسؤول عن تدمير حياة شخص آخر؟ هل كنت السبب في الخراب..؟!!
الرجل (يصمت للحظة، بصوت مهتز) : نعم… أنا المسؤول. كنتُ السبب… السبب في انهيار كل شيء.
المرأة (بصوت مرتفع، وكأنها تصفعه بالكلمات) : إذاً اعترف! اعترف بما فعلت! لم يعد هناك وقت للاختباء!
الرجل (بصوت متسارع، غاضبًا، يضرب الجدار) : اعترفت! اعترفت! هل هذا ما تريدينه؟ أن أستمر في تعذيب نفسي من أجل ما فعلت؟! هل هذا هو الحل؟!
المرأة (بنبرة ساخرة، تتقدم نحوه) : الحل هو أن تكون شجاعًا بما يكفي لمواجهة نفسك! لا يوجد مفر من الحقيقة. هل تدرك أن كل هذا الصراع هو نتيجة خوفك؟
الرجل (يصرخ، ) : لا أريد أن أعيش مع هذا بعد الآن! هل تعتقدين أنني أتمكن من تحمل هذا؟ أنني أستطيع التعايش مع الذنب؟!
(المرأة تتوقف، تتنهد بعمق، ثم تنظر إليه مباشرة بعينين غاضبتين.)
المرأة (بغضب متزايد) : نعم، لأنك لا تملك الخيار! لقد جئت إلى هنا من أجل أن تواجه ذنبك! ومن دون هذا، ستظل في هذا المكان إلى الأبد!
(الرجل يركع على الأرض ، يضع يديه على وجهه، وكأن شيء ثقيل ينهار على قلبه.)
الرجل (بصوت باكي، يصرخ) : كفى! لم أعد أستطيع التحمل!
المرأة (بثبات،) : هذا هو الثمن. ولا مفر من دفعه. كلنا هنا لأننا لم نك مستعدين لمواجهة أنفسنا.
الرجل (بأنفاس متقطعة) : وهل أنتِ مستعدة لمواجهة ماضيكِ؟ أنتِ أيضًا تخفي شيئًا! أنتِ… أنتِ لست أفضل مني؟!!
المرأة (بغضب، تقترب منه، ) : أنتَ لا تعرفني! لا تعرف ماذا مررتُ به! ولكن إذا كان الاعتراف هو الطريق الوحيد للخروج، فأنا ، مستعدة للاعتراف. ماذا عنك؟ هل أنت مستعد لمواجهة ذاتك؟
(صمت يسيطر على الغرفة. الرجل ينظر إلى المرأة بعينين مليئتين بالتحدي، بينما هي تتطلع إليه بنظرة ثابتة، لكن مشحونة بالتمرد.)
الرجل (بصوت خافت، ولكنه حازم) : ربما… ربما يجب أن أبدأ من هنا.
(الضوء يبدأ في التلاشي تدريجيًا،.)
(إظلام )
المشهد السادس:
(الضوء يعود ببطء، . الغرفة تبدو أكبر من قبل، الجدران أقرب من أي وقت مضى. الرجل لا يزال جالسًا على الأرض، عيونه مغلقة بشدة يتمنى أن بختفي. المرأة تقف أمامه، تعكس نظرتها الصلابة، رغم ما يبدو عليها من ضياع.)
المرأة (بصوت ثابت، محاولًا كسر الصمت) : ماذا تنتظر؟ هل نريد أن نعيش في هذا الصمت للأبد؟
الرجل (يرتجف، ثم يرفع رأسه قليلاً) : لا أستطيع… لا أستطيع أن أقولها. ليس الآن. ليس بعد كل ما مررت به.
المرأة (بشراسة) : لماذا لا تستطيع؟ هل تعتقد أن هناك وقتًا أفضل؟ أن هناك لحظة سحرية تهبط فيها الحقيقة على رأسك؟! لا يوجد وقت أفضل! نحن هنا الآن لأننا تأخرنا جدًا في مواجهة أنفسنا!
(الرجل يقف ، يقترب منها بنية الهجوم، ولكنه يعود إلى مكانه، يجلس على الأرض مجددًا.)
الرجل (بصوت متردد) : لم أك أعرف أنني أصل إلى هنا… إلى هذه النقطة. أن أتحدث… أن أواجه ما فعلته.
المرأة (تقترب منه خطوة، ثم تتوقف، عيونها مليئة بالغضب والكراهية) : لا تفكر في ذلك كعقاب! هذا ليس عن العقاب، هذا عن مواجهة أفعالك. أنت تفكر في الهروب، لكنك لن تجد مفرًا!
الرجل (بحزن، ) : كنت أظن أنني قادر على الهروب، أنني قادر على العيش وكأن شيئًا لم يحدث. لكنني أخطأت. ما فعلته… كان ج#ريم*ة. أنا المسؤول عن كل هذا الدمار(يصرخ)أنا المسؤول عن كل هذا الدمار!!.
المرأة (بحزم، ولكن بعيون تتساقط منها دموع مخفية) : لم يك أحد منا بريئًا. لكنك لا تستطيع المضي قدمًا وأنت لا تعترف. إذا لم تفعل ذلك، ستظل هنا للأبد، في هذا الجحيم الذي صنعته بيديك.
الرجل (يرتجف، ) : أنا… كنتُ أظن أنني أستحق أن أعيش هكذا، في العذاب. أنني أستحق العقاب. لا أستطيع العيش مع نفسي بعد كل هذا.
(المرأة تقترب منه تجلس على الأرض إلى جانبه، عيونها مليئة بالحزن.)
المرأة (بصوت ضعيف،) : كلنا نستحق الفرصة لأن نعيش بدون عبء. لكن لا يمكنك أن تجد هذه الفرصة إلا إذا كنت صريحًا مع نفسك.
الرجل (بصوت خافت، وحزين) : أنا لا أعرف كيف أواجه نفسي. كيف أعيش مع هذا الذنب؟ لا أعتقد أنني أستطيع…
(المرأة تنظر إليه للحظة، ثم تضع يدها على كتفه برقة، كما لو أنها تحاول دعم جسده الذي ينهار أمامها.)
المرأة (بصوت حزين، ) : كلنا لدينا شيء نخفيه. لكننا هنا، لأننا إذا لم نواجه هذا الشيء، فسنبقى محاصرين إلى الأبد.
(الرجل ينهض ببطء، يبتعد خطوة إلى الوراء، يتأمل وجهه في قطعة زجاج مكسورة على الأرض.)
الرجل (بصوت مرتجف) : إذا كان الاعتراف هو الحل… إذا كان هذا هو السبيل الوحيد… ربما يجب أن أقول ما فعلت.
المرأة (بنبرة قاطعة) : نعم، عليك أن تقول كل شيء. لأن ذلك ما يحررك.
الرجل (بغضب متصاعد، يعيد وجهه نحوها) : هل تعتقدين أن هذا يغير شيئًا؟ هل تعتقدين أنني أصبح أفضل بمجرد أن أقولها؟! كل شيء انتهى!
المرأة (بصوت حازم) : لا، لن تكون أفضل، ولكنك تبدأ في التحرر. لن تنتهي حياتك هنا، إذا اعترفت. لأن الصراع الداخلي هو الذي يقيدك، وهو ما يجعل هذا الجحيم يدور حولك في حلقة لا تنتهي.
الرجل (بصوت مشحون،) : إذن، ما الذي يجب أن أقوله؟ ماذا لو لم أتمكن من مواجهته؟ ماذا لو لم أستطع تحمله؟
المرأة (تبتسم ابتسامة حزينة) : إذا كان هذا هو الطريق الوحيد، فلماذا لا تبدأ به؟ لا أحد يمكنه العيش في الكذب إلى الأبد.
الرجل (يتنهد بصوت مرتفع، يقترب منها قليلاً) : كل ما فعلته، كان بسبب خوفٍ لا مفر منه. كنت أظن أنني قادر على النجاة من الماضي، لكنني اكتشفت أنني لا أستطيع الهروب. كنت أظن أنني أستطيع أن أعيش في الظلام إلى الأبد…
المرأة (بصوت حزين) : الظلام لن يختفي إذا لم نواجهه.
(الرجل يسقط على ركبتيه يضع يديه على رأسه .)
الرجل (بدموعه) : كنت السبب في تدمير حياتنا… كنت السبب في كل شيء.
(المرأة تنظر إليه تمد يدها إليه.)
المرأة (بصوت هادئ، مليئ بالفهم) : هذا هو الاعتراف. هذا هو الطريق للخروج من هذا الجحيم.
(الصوت العميق يعود مجددًا، هذه المرة يبدو أكثر حزمًا.)
الصوت : فعلتم ما يجب أن تفعلوه. لكن هل أنتم مستعدون لقبول عواقب أفعالكم؟
الرجل (بتنهد طويل) : نعم أنا مستعد.
المرأة (بهدوء) : نحن هنا، نقبل ما نحن عليه.
(الضوء ينطفئ تدريجيًا،)
(إظلام )
المشهد السابع:
(الضوء ،مظلم ومشوش، .الرجل والمرأة يجلسان على الأرض، بينهما فاصل من الظلال..)
الرجل (بصوت ضعيف، ) : الآن، ماذا؟ هل يمكنني العيش هنا،،؟ هل أكون قادرًا على الخلاص و التحرر ؟!!
المرأة (تنظر إليه بثبات) : التحرر ليس سهلاً، لا يمكننا الهروب من عواقب أفعالنا… لكنك أخذت أول خطوة.
الرجل (يحاول الوقوف،) : أخذت أول خطوة… ماذا بعد؟ ماذا لو كان الطريق أكثر ظلامًا من الذي مررت به؟
المرأة (،تتحرك نحو الجدار تلمسه برفق) : كلنا نحمل عبئنا، وكلنا نخشى ما يأتي. لكن لا يمكنك التحرك للأمام إذا كنت ثابتًا في مكانك، وسط هذا الظلام.!!
(الرجل يتنهد بشدة، يدير ظهره لها، قلبه يرفض الاعتراف بما فعل.)
الرجل (بصوت قاطع، شيئًا في داخله تكسر) : كنت أظن أنني قادر على نسيان كل شيء، أنني أتمكن من الحياة وكأن الماضي لم يك. لكنني الآن، هنا، لا أستطيع الهروب.،،لااستطيع معرفة الطريق الذي يوصلني الى الخلاص!!
المرأة (بصوت حاد، يتحول إلى لوم خفيف) : لا أحد يستطيع الهروب. أتظن أن الهروب يحميك، انه يزيد من سجنك.،،يجعلك مكبلاً بخطاياك واثامك!!
الرجل (بصوت متحشرج) : هل أنتِ أفضل مني؟ هل كنتِ قادرة على مواجهة ما فعلتِ؟
المرأة (بغضب، تقترب منه ) : أنا لست أفضل منك، لكنني اخترت أن أعيش دون أكاذيب. اخترت أن أكون صادقة مع نفسي، حتى لو كان ذلك يعني أنني أعاني وتألم!!
الرجل (يبتعد عنها) : وماذا ان كانت الحقيقة قاتلة؟ ماذا لو لم أتمكن من العيش بعد أن أواجه ما فعلت؟ ماذا إذا أصبح الصمت الشيء الوحيد الذي يمكن تحمله؟!!
المرأة (بصوت محطم) : الصمت لا يحررك. الصمت سجن. كذبنا على أنفسنا، ولكن الحقيقة لا تتركك حتى لو كنت تهرب منها.تظل تلاحقك اينما اتجهت مثل ظلك!!
(الرجل يغمض عينيه ، ثم يفتحها وكأن شيئًا جديدًا نبع من أعماقه.)
الرجل (بصوت عميق، مليء بالندم) : ربما… ربما كنت أخشى أن أواجه هذا الجانب مني. لكنني لا أستطيع أن أستمر في الهروب. كان يجب عليّ أن أقولها منذ وقت طويل…
(المرأة تتنهد، تقترب منه ، عيونها مليئة بالتفهم.)
المرأة (بصوت خافت،) : اعترافك بداية الطريق. لكن اياك وان تنخدع، هذه ليست نهاية الرحلة.
الرجل (بصوت متوتر، ) : هل يتغير شيء؟ هل يغفر لي أحد؟ هل يمكنني العيش مع ما فعلت وكيف ..؟!!
المرأة (بصوت هادئ، جاد) : لا أحد يملك القدرة على منحك الغفران إلا نفسك. إذا كنت صادقًا مع نفسك، إذا قبلت ما فعلت، ربما تستطيع يجاد السلام… أو على الأقل أن تبدأ في السعي إليه.
(الرجل ينظر إلى نفسه في المرآة)
المشهد الثامن:
(الرجل يقف في الزاوية،، عينيه تتنقلان بين الجدران كما لو أنه يبحث عن إجابة. المرأة تقف في منتصف الغرفة، تحدق في الأرض، الجو مشحون بمزيج من الصمت والتوتر.)
الرجل (بصوت بطيء، ) : ماذا الآن؟ هل انتهت المعركة؟ هل انتهى كل شيء بمجرد أن اعترفت…أيمكن الخروج الان،،مالذي نفعله وسط هذا الإنتظار؟!!
المرأة (بهدوء،تجيب بصوت ثابت) : لا. المعركة لا تنتهي بهذه السهولة. لأن الحقيقة، مهما كانت مرّة، لا تمنحك الراحة مباشرة. لكنها تمنحك فرصة.
للتأمل واعادة حساب ما صنعت؟!!
الرجل (بصوت متردد) : فرصة؟ فرصة ماذا؟ هل يمكنني يجاد السلام بعد كل شيء؟
المرأة (تنظر إليه مباشرة، ) : السلام لا يأتي فجأة. لكن الاعتراف يجعلك أقرب اليه. كل شيء يعتمد على ما تفعله الآن…وتعتقده صحيحاً!!
الرجل ( متسائلاً) : ماذا يجب علي أن أفعل؟ كل شيء يبدو ضبابيًا. كنت أعيش في الظلام، والآن… كل شيء أصبح أكثر غموضًا وغرابة؟!!
المرأة (تقف أمامه، ) : لا يوجد جواب واحد. ولكن يمكننا البدأ من هنا. لا شيء يقيدك الآن. ربما لا تكون الأمور واضحة تمامًا، لكن هذا ليس سببًا للتراجع…فتش عن البداية هذا كل ما يجب فعله؟!!
(الرجل يلتفت نحو الجدار، وكأن هناك شيئًا غير مرئي يحاصره..)
الرجل (بصوت مشبع بالندم) : كنت أظن يمكنني الهروب من هذا الشعور، ولكني أدركت أن الهروب أكبر خطأ. … لا أستطيع العودة إلى الحياة التي كانت قبل هذا.،،عجزي يمنعني عن العودة!!
المرأة (بصوت صارم،) : لا يمكنك العودة. لكنك تستطيع أن تتقدم، أن تبدأ حياة جديدة… ربما ليست حياة كاملة بعد، لكنك قادر على بناء شيء مختلف…
الرجل (محاولاً استيعاب كلامها،) : ماذا ان فشلت؟ ماذا لو لم أتمكن من تجاوز كل هذا الألم الذي اشعره يحاوط وجودي كله؟!!
المرأة (تنظر إليه،) : الفشل جزء من الرحلة. لا أحد ينجح منذ البداية. لكن الصمود هو الذي يصنع الفارق. إذا كنتَ تريد الخروج من هذا الجحيم، يجب أن تكون مستعدًا للقتال، وليس فقط للاعتراف.!!
(الرجل ينظر إلى نفسه في مرآة مكسورة على الجدار، .)
الرجل (بغضب، ) : لا أستطيع أن أغفر لنفسي… كيف لي أن أعيش مع كل ما فعلته؟ كيف لي أن أواجه وجوه الجميع بعد ذلك؟
المرأة (بثبات، ) : عليك أن تتعلم كيف تغفر لنفسك أولًا. الغفران ليس هدية من أحد، بل هو قرار تتخذه. إذا لم تغفر لنفسك، لن تجد مكانًا للسلام.
(الرجل يبتعد عنها، يضع يديه على رأسه، كأنه يحاول استيعاب ما قالته.)
الرجل (بصوت منخفض، محبط) : هل سيأتي السلام يومًا؟ هل أشعر يومًا أنني قادر على العيش دون هذه القيود؟
المرأة (بصوت هادئ، تشير إلى الباب المضاء في نهاية الغرفة) : السلام ليس شيء يُعطى، بل شيء تُصنعه. إذا كنت تسير في الاتجاه الصحيح، ستبدأ في رؤية النور مع كل خطوة. قد تكون خطواتك بطيئة، ولكنك ستصل إلى مكان الذي تريد،،الى المكان الافضل؟!الرجل (يتنهد بعمق،) : أحتاج إلى وقت… أحتاج إلى أن أتعلم كيف أعيش مع نفسي أولًا.
المرأة (بابتسامة خفيفة،) : هذا ما نحتاجه جميعًا. الوقت. ولكن لا تظن أن الوقت يشفي كل شيء إذا لم تك
مستعدًا لمواجهته.
(الرجل يذهب نحو الباب، يضع يده على المقبض وكأنه على وشك الخروج. لكنه يتوقف لحظة.)
الرجل (بصوت منخفض، مليء بالمرارة) : هل تعتقدين أنني أتمكن من العيش مع نفسي؟
المرأة (بصوت ثابت، محاولة أن تزرع فيه الثقة) : إذا كنت تعترف، إذا كنت مستعدًا للمضي قدمًا، نعم. ستتمكن من العيش مع نفسك…
(الرجل يفتح الباب ببطء، ويخرج منه دون أن يلتفت. المرأة تقف في مكانها، تنظر إلى الفراغ، كأنها تتوقع شيئًا .)
المرأة (بصوت خافت لنفسها) : كلنا بحاجة إلى تلك الخطوة، تلك اللحظة التي نقرر فيها أن نعيش كما نحن. بدون الخوف، بدون الهروب… فقط نحن.
(الضوء يبدأ في التلاشي تدريجيًا، ليختفي في النهاية، تاركًا فقط الظلال، ويد المرأة التي تبقى معلقة في الهواء.)
(إظلام )
المشهد الثامن:
(الغرفة أقل ضبابية، الرجل يدخل من الباب ببطء، ملامح وجهه مختلفة..)
الرجل (يخطو داخل الغرفة، عينيه تتحقق من كل شيء حوله، يتحدث بصوت مليء بالتصميم) : لقد خرجت من هناك، خرجت من الظلال. لكن… هل أنا هنا حقًا؟ هل هذا هو المكان الذي كنت أبحث عنه طوال الوقت؟
المرأة (من زاوية الغرفة، تراقب دخوله، تتوجه إليه بخطوات هادئة) : هل يمكننا حقًا الخروج من الظلال؟ أم أننا نبحث عن طريقة لإعادة الحياة لما كانت عليه؟
الرجل (يتنهد بعمق) : لا أظن أنني أبحث عن العودة إلى ما كنت عليه. … أريد أن أبدأ من جديد. ربما هذه بداية جديدة، لكنني لا أستطيع أن أخبر نفسي بما إذا كانت بداية صحيحة.
المرأة (بصوت ثابت، ) : البداية ليست دائمًا واضحة. لكننا نختار كيف نتقدم. وكيف نواجه واقعنا الجديد…البدايات
صعود جبل دون معرفة ودربة!!
(الرجل يتحرك نحو الزجاج المكسور، يلمس الحواف الحادة بحذر، ثم يعود إلى الوقوف في المنتصف.)
الرجل (بصوت شبه مكتوم) : الحقيقة، مهما كانت مؤلمة، لا تختفي أبدًا. ولكن… هل يعني ذلك أنني يجب أن أعيش تحت وطأتها إلى الأبد؟
المرأة (بابتسامة غامضة، تقترب منه بحذر) : لا أحد يستطيع الهروب من الحقيقة. ولكنك تملك الخيار: إما أن تترك الحقيقة تقيدك أو أن تجد فيها قوتك. الدافعة الى الإستمرار!!
الرجل (ينظر إليها بشك) : ماذا عن الذنب؟ عن الخطايا التي لا يمكن أن تغتفر؟ هل أعيش مع هذا الذنب إلى الأبد؟
المرأة (، صوتها مليء بالثقة) : الذنب هو ما نعيشه عندما نرفض أن نغفر لأنفسنا. لن يرحل إلا عندما تسمح له بالمغادرة.
الرجل (بصوت قوى) : إذا كنتِ على صواب… إذا كنتِ تقولين يمكنني أن أغفر لنفسي… إذا كنتِ تقولين أني يمكن أن أعيش بسلام، فلا بد من يجاد طريقة.
المرأة (بنظرة ثابتة) : ليس السلام نتيجة للهرب. بل هو نتيجة للمواجهة. إذا كنت تستطيع مواجهة الماضي، فأنت تتمكن من العثور على السلام.
الرجل (بصوت حازم، ناظراً إلى نفسه في المرآة) : لا شيء يمكن أن يعيد الزمن. ولكنني أستطيع أن أغير المستقبل. لا أحتاج إلى هروب آخر، بل إلى مواجهة ما أنا عليه الآن.،،!!
المرأة (تنظر إليه،) : نعم، قد تكون هذه هي أول خطوة حقيقية نحو البداية.
الرجل ( يتوجه نحو الباب) : إذن، دعينا نبدأ. لأنني لا أستطيع العودة إلى وراء.
مايهمني الان معرفة كيف اتقدم؟!!
المرأة (تراقب خطواته) : لا أحد يستطيع العودة. نحن ف نمضي قدمًا
لاشيء أنام الإنسان سوى التقدم الى أمام!!
(الرجل يفتح الباب ببطء، والضوء يتدفق من الخارج. يتوقف لحظة ويقول بصوت خافت.)
الرجل (يستدير إليها) : ربما يكون هناك مزيد من الظلال، ولكنني لن أخاف منها بعد الآن…معدت اعرف للخوف مكاناً!!
المرأة (، تتوجه نحو الباب ) : هذا هو الاعتراف الكامل. أن تكون مستعدًا للمضي قدمًا، حتى في الظلام.
(الرجل يخرج، والمرأة تتابع خطواته، تغلق الباب ببطء خلفها. الغرفة خالية ثمة شعاع من الضوء يتسلل من تحت الباب، كما لو أن هناك أملًا جديدًا بدأ يظهر.)
(إظلام )
المشهد التاسع:
(. المكان يظل فارغ، لكن الشعور بالتغيير يلوح في الأفق. المرأة تقف في المنتصف ، تنظر إلى الباب المغلق حيث خرج الرجل. عيونها مليئة بالتفكير، كما لو أنها تتوقع شيئًا جديدًا.)
المرأة (لنفسها، بصوت منخفض) : الطريق ليس دائمًا مرصوفًا، قد يكون مليئًا بالحجارة، مليئًا بالأشواك… ولكن، ربما هذا ما يجعلنا نقدر الرحلة.
(الرجل يدخل مجددًا، لكنه الآن مختلف..)
الرجل (بصوت ثابت، متأملًا) : لم أكن أعرف أنني أحتاج كل هذا الوقت. من اجل هذا التغيير…الايام ذهبت هباء
والانتظار طواني بعجزه!!
المرأة (بصوت عميق،) : الزمن ليس عدوًا، إنما معلم. وفي بعض الأحيان، نحن لا نتعلم الدروس إلا بعد أن نمر بكل تلك العواصف.
الرجل : هل تعتقدين أنني سأتغير بالكامل؟ هل يمكن لشخص مثلي أن يكون مختلفًا، حقًا؟
المرأة ( تجيب بحزم) : التغيير لا يعني أن تصبح شخصًا آخر، بل أن تصبح الشخص الذي يجب أن تكونه.
الرجل (بتفكير، يضع يده على قلبه) : أعتقد أنني بدأت أفهم. التغيير لا مفر منه. كل ما أحتاجه الآن أن أصدق أنني قادر على المضي قدمًا.
المرأة (بصوت مليء بالتشجيع) : بمجرد أن تصدق ذلك، كل شيء يبدأ في التغيير. التغيير ليس نهاية، بل بداية جديدة، مرحلة جديدة من النمو.
(الرجل يتحرك نحو النافذة، يفتحها. الهواء .)
الرجل ( يتحدث إلى نفسه) : أريد أن أعيش الآن. أريد أن أعيش من جديد، دون خوف من الظلال التي كانت تلاحقني.
المرأة (تقترب منه بهدوء، تراقب تعبيرات وجهه) : هذا هو التحدي الأكبر. أن تواجه الأيام القادمة بجرأة، دون أن تنكر الماضي.
الرجل (بإصرار، ) : أنا مستعد لذلك. كل خطوة، كل يوم سيكون مختلفًا. حتى لو كان ذلك يعني أنني أواجه المزيد من العواصف.
المرأة (تبتسم، ترفع يديها في حركة مشجعة) : العواصف، نعم، ولكن كل عاصفة تنتهي في النهاية. وكل بداية جديدة تكون صعبة، لكنك ستكون أقوى في النهاية.
الرجل (يبتسم بصدق) : وأنتِ كنتِ هنا طوال الوقت، تقدمين لي الدعم، تذكريني أنني أستطيع أن أستمر.
المرأة (تنظر إليه بهدوء) : الجميع يحتاج إلى أحد. ولكن في النهاية، لا يمكن لأحد أن يسير عنك. أنت وحدك من يقرر كيف تكمل الطريق.
(الرجل يقف الى جانبها. أمام النافذة، يتأملان الخارج.)
الرجل (بصوت عميق، مليء بالامتنان) : شكرًا لكِ. أنا الآن أعرف كيف أبدأ…اعرف كيف اتقدم الى أمام
المرأة (بابتسامة خفيفة) : لا شكر على واجب. الطريق أمامك، و أنت تعرف كيف تسير والى ماذا يجب أن تصل!!.
الرجل (بصوت هادئ، يهمس لنفسه) : ربما لا يوجد شيء اسمه نهاية. فقط بدايات ..التي يجب ان تكون قوية وحاسمة وقادرة على التغيير!!
المرأة : هذا هو جوهر الحياة. لا شيء ينتهي حقًا، طالما أننا مستعدون للمضي قدمًا.
( المكان كامل لإضاءة. الرجل والمرأة يقفان معًا، كأنهما مستعدان لمواجهة كل ما هو قادم..)
(إظلام )
المشهد العاشر:
(الضوء يعود ببطء يكشف عن مكان جديد. الغرفة ا أكثر ترتيبًا وأقل ظلالًا. الجدران مليئة بالصور التي تعكس لحظات مهمة من حياة الرجل. في الزاوية، توجد نافذة مفتوحة تسمح بدخول ضوء الصباح الخافت. الرجل يقف في وسط الغرفة، يتأمل الصور، وعيناه مليئتان بالتساؤلات.)
الرجل ( ينظر إلى الصور) : كل هذه اللحظات، هل كانت جزءًا من نفسي أم مجرد صور ضبابية؟ هل كل هذا كان حقيقيًا أم مجرد انعكاس لما أردت أن أراه؟
(المرأة تدخل الغرفة ببطء، تنظر إلى الصور، تتجه نحو الرجل.)
المرأة (بهدوء، محاكية تعبيره) : الصور ليست الحقيقية، لكن في كل صورة، هناك جزء منك. جزء من اللحظات التي عشتها، حتى لو كنت غير قادر على تفسيرها في تلك اللحظة.
الرجل ( بصوت متوتر) : لكنني لا أريد أن أكون أسيرًا لتلك اللحظات. لا أريد أن أكون محاصرًا في الماضي، أريد أن أعيش الحقيقة.،،الحقيقة التي يجب ان أكون عليها الان!!
المرأة (بابتسامة هادئة) : الحقيقة لا تأتي دائمًا كما نريدها. أحيانًا، علينا أن نواجه الحقائق التي كانت مخفية، حتى لو كانت مؤلمة.
الرجل (ينظر إلى الأرض،) : كنت أظن أنني قادر على الهروب من تلك الحقائق. ولكن الآن… الآن أشعر أنني لا أستطيع الهروب من شيء واحد فقط: نفسي.
المرأة (تسير نحوه) : هذا هو الجزء الأهم. الهروب من نفسك لن يجعلك حرًا. أنت تحتاج إلى مواجهة كل تلك الأجزاء المخبأة بداخلك.
الرجل (بصوت مملوء بالضيق) : هل تعنين أنني يجب أن أواجه أخطائي، كل لحظة ضعف؟ أليس ذلك قاسيًا؟
المرأة (، تقف أمامه) : لا شيء في الحياة يحدث بدون سبب. الأخطاء هي التي تعلمنا كيف نكون أقوى. لكنك يجب أن تتقبل أنك جزء من تلك الأخطاء أيضًا.
الرجل (بغضب مكبوت) : كنت أتمنى أن أكون شخصًا آخر. كنت أظن أنني أجد السلام في النسيان. ولكن الحقيقة أنه لا يمكنني نسيان الماضي.
المرأة (تضع يدها على قلبه بحنان) : النسيان ليس هو الحل. السلام يأتي عندما تتقبل كل ما مررت به. مهما كانت تلك اللحظات، فهي جزء منك. عندما تقبلها، ستكون حراً منها.
الرجل (بصوت ضعيف) : هل يمكنني أن أقبل نفسي بكل أخطائي؟ كيف لي أن أعيش مع كل تلك اللحظات التي تؤلمني؟
المرأة ( تجيب بهدوء) : نعم، يمكنك أن تقبل نفسك. لأنك عندما تفعل ذلك، تبدأ في الشفاء. لا يمكنك أن تشفي جروحك ما لم تواجهها، ما لم تقبل أنك كنت جزءًا من تلك اللحظات المؤلمة.
الرجل (بصوت منخفض، يهمس لنفسه) : إذا كانت الحقيقة في داخلي، فكيف يمكنني أن أعيش بها دون أن أؤذي نفسي؟
المرأة (تقف بجانبه، تراقب المنظر من النافذة) : الحقيقة ليست سهلة. ولكن عندما نراها، ونقبلها، يمكننا أن نختار كيف نعيش معها.
الرجل (يبتسم بحزن، ) : ربما حان الوقت لأتوقف عن الهروب. ربما حان الوقت لأواجه كل شيء.
المرأة (تنظر إليه، تضع يدها على كتفه) : عندما تواجه كل شيء، تجد القوة في داخلك. وتدرك أنك لست وحدك في هذه الرحلة.
الرجل (بصوت حازم، ) : أنا مستعد الآن. أريد أن أعيش مع كل شيء. أن أقبل الماضي، وأن أعيش للحظة التي أمامي…اللحظة التي يجب أن أعيشها!!
المرأة (بابتسامة راضية) : هذا هو الطريق الذي يجب أن تسلكه. لا تخف من مواجهة الحقيقية. عندما تفعل ذلك، ستشعر بالسلام الداخلي.
الرجل (بثقة أكبر) : الطريق ليس سهلاً، لكنه الطريق الوحيد.
المرأة ( بصوت دافئ) : الطريق الوحيد هو الطريق الذي تقرر أن تسلكه.
(الرجل يقف مستعدًا، بينما تتابع المرأة تحركاته بهدوء. الغرفة تمتلئ بالضوء،.)
(إظلام )
المشهد الحادي عشر:
( الغرفة أكثر اكتظاظًا، ليس بالأثاث فقط، بل بالحركة . الرجل يجلس على الأريكة، وجهه متجهم، يحدق في الفراغ. المرأة تقف بعيدًا عنه، عيونها مليئة بالقلق والتوتر. الصمت في الغرفة ثقيل،.)
الرجل (بصوت منخفض، مليء بالتساؤل) : هل كان كل شيء في حياتي مجرد وهم؟ هل كان كل شيء قمت به، كل خطوة، مجرد محاولات للهروب من الحقيقة؟
المرأة (تقترب منه بحذر، تقف أمامه) : لا يمكنك أن تهرب من نفسك. حتى لو حاولت، ستظل تلك الحقيقة تلاحقك في كل زاوية من حياتك.
الرجل (يغلق عينيه،صارخاً ) : لا أستطيع تحمّل هذا! لماذا يجب أن أكون أنا من يتحمل كل هذا العبء؟ لماذا لا أستطيع أن أعيش حياة بسيطة، بدون كل هذه التساؤلات؟
المرأة ( بصوت ثابت) : لأن الحياة ليست بسيطة. الحياة تتطلب منك أن تواجه نفسك، حتى عندما لا تكون مستعدًا لذلك.
الرجل : لماذا يجب أن أواجه هذه القسوة؟ لماذا كل هذه الأخطاء، والندم التي لا ينتهي؟ لا أريد أن أكون الشخص الذي لا يرحم نفسه بعد الآن!
المرأة (بصوت مليء بالقوة،) : لا يمكننا أن نعيش في الأوهام. إذا أردت أن تكون قويًا، عليك أن تتحمل القسوة، لأن القسوة هي ما يشكلك، ما يجعلك تعيد بناء نفسك من جديد.
الرجل (، يبتعد عنها) : و هذا يعني أنني يجب أن أعيش في الألم إلى الأبد؟ هل يجب أن أسمح لهذه الجروح أن تظل مفتوحة؟
المرأة (بإصرار، تتحرك نحوه) : الجروح لا تلتئم إذا رفضت أن تعترف بها. الألم ليس النهاية، لكنه بداية الطريق إلى الشفاء.
الرجل (يواجهها عيونه مليئة بالغضب) : كيف تجرؤين على قول هذا؟ أنتِ لا تعرفين ما مررتُ به! كيف يمكن للألم أن يكون بداية؟
المرأة (تبتسم بحزن) : لأنك إذا عشت طوال حياتك في الهروب من الألم، فلن تجد أبدًا السلام. السلام يأتي عندما تتوقف عن الهروب، وتسمح لنفسك أن تشعر بكل شيء.
الرجل (بصوت مرتفع، مليء بالمرارة) : لم أكن أريد أن أكون هكذا. لم أكن أريد أن أعيش هذا الصراع الداخلي طوال حياتي. كل شيء كان أسهل عندما كنت أتجاهل الحقيقة.
المرأة (تقف ثابتة) : تجاهل الحقيقة يعني أن تعيش في الظلام. لا يمكنك أن تنقذ نفسك من شيء لا تريد أن تواجهه.
الرجل (بغضب شديد، يرفع صوته) : أنتِ تقولين لي هذا الآن! هل كنتِ هنا عندما كنت أواجه الجدران المظلمة وحدي؟ هل كنتِ هنا عندما كنتُ أغرق في هذا العذاب؟
المرأة (بصوت عميق، مليء بالحزن) : نعم، كنت هنا. ولكنك لم تسمح لي بالدخول. كنت تصدني بعيدًا عن كل ما كنت تخاف أن تراه. لكن الآن، يجب أن تواجه كل ذلك.
الرجل (يتنهد بشدة،) : لا أستطيع… لا أستطيع أن أكون ضعيفًا بعد الآن. لقد تعلمت أن أكون قويًا في مواجهة كل شيء. ولكن الآن… الآن أشعر أنني فقدت السيطرة.
المرأة (تقترب منه، ولكنها تبقى على مسافة) : القوة ليست في أن تتجاهل ضعفك. القوة الحقيقية تأتي عندما تعترف به، وتقبل أنه جزء منك.
الرجل (يصرخ ، بصوت يملؤه الغضب والحيرة) : كيف؟ كيف يمكنني أن أقبل كل شيء حولي، وكل شيء في داخلي؟ كيف أواجه ذلك الألم دون أن أنفجر؟
المرأة (تتقدم نحوه ، تضع يدها على قلبه) : لا أحد يطلب منك أن تكون قويًا طوال الوقت. لكن عليك أن تسمح لنفسك أن تكون ضعيفًا أحيانًا. لأن ضعفك ليس نهاية العالم، بل بداية جديدة.
الرجل (ينظر إلى يديها) : كنت أعتقد أنني يجب أن أكون الأقوى في كل شيء. لكنني الآن أرى أن القوة تأتي من قبول الضعف.
المرأة (بصوت عميق، ) : نعم. القوة الحقيقية تأتي من قبول كل الأجزاء التي تكونها. كل ضعف، وكل قوة، كل ألم وكل سلام.
الرجل (بصوت أكثر هدوءًا، يشعر ببعض الطمأنينة) : أعتقد أنني مستعد الآن. مستعد لمواجهة نفسي بكل أجزائها، بكل ما فيها من عيوب وأخطاء.
المرأة (بابتسامة راضية، تضع يدها على كتفه) : إذا كنت مستعدًا لذلك، فكل شيء يكون ممكنًا.
الرجل (بصوت قوي،) : أبدأ من جديد. أقبل كل ما مررت به، وأعيش كما لو أنني أبدأ حياتي الآن.
المرأة (بابتسامة مشجعة) : هذا هو الطريق. الطريق الذي يجب أن تسلكه، بلا خوف.
(الرجل والمرأة يقفان معًا، وكأنهما في بداية جديدة.)
الرجل (بصوت عميق، يتحدث إلى نفسه) : كل شيء يبدو هشا، حتى الحياة نفسها. كانت محاولاتي دائمًا مجرد حروب داخلية. أنا لا أعرف كيف أواجه هذه اللحظة… أنا على وشك الانهيار والهزيمة التي لاتوصل لغير النهاية،،!!
المرأة (بحذر) : لا، أنت لا تنهار. أنت تتنفس الألم الذي اخفيته لفترة طويلة.،،!!
الرجل (يصرخ) : ألم؟! هل هذا ما تدعونه ألمًا؟ هذا ليس مجرد ألماً، هذا جحيم لا يرحم! كل لحظة عشتها بمثابة قيد حول عنقي. كيف يمكن أن أكون سعيدًا وأنتِ تقولين لي أن أقبل هذا؟ كيف أقبل كل هذا الخراب الذي حولي،،مجنون تافه هذا الذي يقبل
العيش وسط خراب!!
المرأة (بصوت حازم، ) : لأنه لا يمكننا أن نعيش في ظل الأكاذيب، حتى لو كانت هذه الأكاذيب تعطيك شعورًا بالراحة المؤقتة. لا يمكنك أن تبني حياتك على الرمال.
الرجل (يرتجف من الغضب،) : كيف لي أن أواجه تلك الحقيقة المرة؟ كيف لي أن أكون الشخص الذي يرغب الناس في رؤيته بينما أنا محطم من الداخل؟
المرأة (بتحدي، تقترب منه) : لايجب عليك أن تكون “الآخرين”. عليك أن تكون نفسك، على الرغم من كل ما مررت به. تقبل نفسك حتى في أصعب لحظاتك. لا تخف من أن تكون غير مثالي.
الرجل (بصوت مكبوت) : وماذا بعد؟ هل أظل هنا في هذه الغرفة أواجه نفسي؟ هل يستمر هذا العذاب للأبد؟
المرأة (تنظر إليه بعمق،) : نعم، يستمر. لأن التغيير لا يحدث دفعة واحدة. لكن هذا هو الطريق الوحيد الذي يمكن أن تجد فيه السلام الداخلي.
الرجل (بغضب) : هل تصدقين هذا؟ هل تصدقين أنني أستطيع أن أعيش مع هذا الألم؟ هل تعتقدين أنني أكون بخير بينما كل شيء حولي يتفكك؟
المرأة (بهدوء،) : نعم، يمكننا أن نكون بخير. ولكن علينا أن نسمح للألم أن يمر، وأن نواجهه بدلًا من أن نهرب منه. الحقيقة مؤلمة، ولكنها الوحيدة التي تتيح لنا العيش بسلام.
الرجل (، موجهًا كلامه إلى نفسه) : لا أريد أن أواجه هذا. لا أريد أن أتحمل كل هذا الثقل. أريد أن أهرب، أن أغادر هذا المكان، هذا الجحيم.
المرأة (بشجاعة، تقف أمامه، ) : لا يمكنك الهروب بعد الآن. لأنك عندما تهرب من الحقيقة، انما تهرب من نفسك. هذه الحقيقة التي ترفض مواجهتها هي ما يمنعك من النمو.
الرجل (، يصرخ في وجهها) : لا! هذا غير صحيح! لا أستطيع أن أستمر في العيش هكذا! كل شيء مجرد لعبة، وأنتِ تقولين لي أن أستمر في هذه المهزلة!
المرأة (تبتسم بحزن، ولكنها لا تتراجع) : هذه ليست لعبة. هذه هي حياتك، وكل لحظة فيها تحدٍ. وإذا كنت تظل في هذه الدائرة المغلقة، فأنت تظلم نفسك.
الرجل (بصوت منخفض، مليء باليأس) : أين يمكنني الذهاب؟ كيف يمكنني أن أكون في مكانٍ آخر إذا كنت أسير في دائرة مغلقة من الصراع؟
المرأة (تقترب منه تدريجيًا، تدعوه بصوت هادئ) : يمكنك أن تبدأ هنا، حيث أنت. كل شيء يبدأ من الداخل، وكل ما عليك فعله هو أن تتحمل الألم لتمر من خلاله.
الرجل (يحرك رأسه ) : لا أستطيع…
من أين ليَّ القوة على تحمل الالم؟
المرأة (بثبات، تضع يدها على كتفه) : تستطيع. أنت هنا الآن. أنت موجود في هذه اللحظة، وهذا هو المكان الذي يجب أن تبدأ منه. لا أحد يستطيع أن يهرب من نفسه إلى الأبد.
الرجل (بصوت خافت، ) : ربما كنت أهرب… أهرب من كل شيء. لكنني الآن لا أستطيع الهروب بعد أن واجهت هذا.
المرأة (تنظر إليه بحنان) : التغيير يبدأ حينما تتوقف عن الهروب، و تبدأ في تقبل نفسك بكل ضعفها وقوتها.
الرجل (بتنهد عميق،) : إذا كان هذا هو الطريق، فلن أهرب منه. سأواجه كل شيء… مهما كان الألم.
المرأة (، تنظر إليه بحنان) : هذا هو التغيير. وهذا هو الطريق الوحيد للسلام…لا طريق أمامك سواه!!
(الرجل يلتفت نحو الغرفة مرة أخرى، يلتقط نفسًا عميقًا، ويبدأ في التجول حول المكان. الضوء في الغرفة يصبح أكثر إشراقًا، وأصبحت الأصوات أقل حدة، كأنما هو يتحرر تدريجيًا من عبء الصراع. المرأة تراقب هذا التغيير، مطمئنة.)
المشهد الثاني عشر:
( ضوء دافئ ينبعث من نافذة الغرفة. المكان أكثر هدوءًا. الرجل يقف في الزاوية المقابلة ، ، بينما المرأة تجلس على الأريكة في جانب الآخر، وجهها الآن أكثر هدوءًا.)
الرجل (بصوت هادئ، ينظر إلى نفسه في المرآة) : كانت تلك الحياة التي عشتها كفيلة بأن تدميني. كنت أهرب، كنت أخاف من الحقيقة. ولكن الآن… أعتقد أنني بدأت أفهم.
المرأة (تنظر إليه ) : الفهم يأتي عندما تتوقف عن الهروب. الحقيقة كانت أمامك طوال الوقت، وأنت تدير وجهك عنها.،،تهرب صوب مواجعك!!
الرجل (بتأمل عميق، ) : نعم، كنت أخشى أن أواجه هذا الصراع الداخلي. كنت أخشى أن أكون ضعيفًا.
المرأة (بابتسامة رقيقة،) : ولكن الضعف ليس هو النهاية. الضعف جزء من الإنسان، وأحيانًا هو ما يجعلنا أقوى.
(الرجل يتنهد بعمق، يسير ببطء نحو النافذة. ينظر إلى الخارج حيث تتناثر أشعة الشمس الأولى على الأفق. هناك شعور بالحياة الجديدة التي تولد.)
الرجل (بصوت منخفض يحدث نفسه) : ماذا الآن؟ هل أنا مستعد للمضي قدمًا؟ أم أنني ما زلت عالقًا في الماضي؟
المرأة (تقترب منه بخطوات هادئة، ) : لا أحد يقول أنك يجب أن تكون جاهزًا بشكل كامل. عندما تقرر أن تفتح قلبك للنور، يبدأ كل شيء في التغير.
الرجل (بتردديلتفت نحوها) : وكيف يمكنني التأكد أنني اخترت الطريق الصحيح؟ كيف أستطيع أن أعرف؟
المرأة (بابتسامة مطمئنة) : لا توجد إجابة مؤكدة. ولكن عندما تكون صادقًا مع نفسك، وعندما تبدأ في قبول كل جزء منك، ليصبح الطريق أكثر وضوحًا.
(الرجل يقف ببطء، يخطو خطوات صغيرة نحو الأريكة. ينظر إلى المرأة كأنه يراها لأول مرة..)
الرجل : هل أستطيع حقًا أن أعيش بهذه الطريقة؟ هل سأكون قادرًا على تحمل الأوجاع التي قد تأتيني؟
المرأة (بابتسامة دافئة،) : إذا كنت لا تستطيع، فهذا يعني أنك لم تتقبل نفسك بعد. عندما تتقبل الألم كجزء من الحياة، يصبح أكثر احتمالًا أن تتجاوزه.
الرجل (بصوت مليء بالإرادة،) : لا أحتاج إلى أن أكون كاملاً. كل ما أحتاجه أن أكون صادقًا مع نفسي، وأن أقبل نفسي كما أنا، بكل ما فيها من عيوب.
المرأة (تقف إلى جانبه،) : هذا هو كل شيء. عندما تقبل نفسك، تتمكن من تجاوز كل شيء.
(الرجل يخطو إلى الخارج، والمرأة تقف في الباب، يقف في الخارج لفترة قصيرة، يطل على الأفق البعيد.)
الرجل (بصوت منخفض، ينظر إلى السماء) : يمكنني أن أعيش الآن. يمكنني أن أبدأ من جديد.
المرأة (من داخل الغرفة،) : نعم، يمكننا جميعًا أن نبدأ من جديد، كلما قررنا أن نتوقف عن الهروب.
(الرجل يبتسم ابتسامة خفيفة، يبدأ في السير بعيدًا عن الغرفة. يظل الضوء يتلاشى تدريجيًا، مع انبثاق شعاع الشمس الأخير الذي يعكس الأمل في كل زاوية من المكان.).
(إظلام )
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.