آراء متنوعة

مفارقةٌ عجيبة

دنيا الحيالي

خيوط ومصائب تقودك إلى التأمل في حال دنياك وآخرتك…
قبل رمضان بيوم حصلتْ معي مشكلة عظيمة لم أجد لها مخرجاً على الرغم من كوني صاحبة الحق فيها إلاّ أنَّ الحق في أيامنا هذه ضائع ومن الصعب إيجاده، ومن هنا وهناك ومقابلات عديدة ورفع تظلم لهذا وذاك، جاءني خبرٌ قبل العيد بيومين يُبشرني بحل مشكلتي هذه وعليَّ مراجعة الجامعة لاستكمال الإجراءات بعد العيد، وإذا بي أُفاجأ عند ذهابي ومراجعتي لقسمي وكليتي بأنّ المشكلة مازالتْ قائمة ولم تحل ، وهنا حصلت الصدمة والشعور بمرارة الظلم، وعدم تمكني من الدفاع عن حقٍ بسيط من حقوقي المكتسبة…
هنا وقفت برهة اتأمل في ذلك الموقف من البُشرى والأمل بتلقي الخبر السار، ومن ثم صدمتي بعدم الوصول إلى حلٍ يُنصفني، وأثر هذه الصدمة ووقعها عليَّ والشعور بمرارة الخذلان بعد كل هذا التعب، وصرتُ اتسائل لأيام عديدة يا ترى ما الحكمة من هذا كله…؟!.
لماذا أُبشر بالفرج وأُفاجأ بتأزم الأمر وضياع حقي بين هذا وذاك…؟!.
ورحتُ أُفكر فيما حدث، وفي مضمون البُشْرَى ومعناها، فهي “خبرٌ مُفرحٌ” يطرق قلوب من تُزف إليه ؛ فعندما يُبشرك أحدهم بشيء لم تتوقع حدوثه كأنّه يرد الروح والحياة إليك بعد يأسٍ منك، ويجعل قلبك يرقص فرحاً لذلك الخبر الميؤوس منه في حدود إدراكك أنتَ حين تحققه، وجاءت تلك الآية من سورة النساء في خاطري وفكري، وتأملتُ في بداية قوله سبحانه وتعالى :{بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ} التي لو قرأناها مقطوعة بهذا الشكل، وكأن المنافق- والعياذ بالله من النفاق والمنافقين – عندما يسمع هذه الجزئية من الآية يستبشر خيراً فالبشارة قادمة لا محالة ولكن عندما تُكمل قراءة الآية :{بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۚ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا (139)} هنا ستحصل المفارقة والصدمة عند المنافقين ليزدادوا حسرة؛ لأنهم كانوا يتوقعون خبراً ساراً عندما سمعوا كلمة “وبشر” وكأنّهم ظنوا النجاة؛ وإذا بالحكيم العليم يتوعدهم بعذاب أليم لسوء اعمالهم، والعياذ بالله من غضبه وعذابه، هنا وقفت قليلاً اتدبر ذلك الموقف وأيقنتُ مدى تفاهة الدنيا، وقصور عقولنا وسذاجتنا.
خبرٌ ومصيبةٌ دنيوية تهز كياننا وتكاد أن تودي بنا من شدة القهر والحسرة ، فكيف بالآخرة التي نحن مقصرين بحقها ولم نعدّ لها العدة كما يجب؟!. ، هل ضمنا الدنيا حتى تدمي قلوبنا مصائبها بهذا الشكل العجيب؟! ، من مِنَّا ضمن الخلود فيها؟! ، أليست مفارقة عجيبة
بين هذا الوقع والخبر الدنيوي وذلك الوقع والخبر الآخروي؟! ، ما هذا الترابط العجيب بين أمور الدنيا التي دائماً تذكرنا مصائبها بالآخرة، لعلنا نعود ونتوب ونطرق أبواب الحكيم العليم الرحيم؛ ليرحمنا ويخلصنا من شرور دنيانا وانفسنا وما يُحيط بنا من مُلهيات الحياة، وينجينا من عذاب آخرتنا التي لن ننجو منها إلاَّ برحمةٍ من الله اللطيف الرحيم الحكيم…
والسؤال الذي يحيرني، لماذا نسينا الآخرة ؟! هل أُعطينا صكاً بجنة الخلد حتى تساهلنا في أمور دنيانا وتجرأنا على بعضنا واكلنا حقوق غيرنا؟! هل أمِنّا النجاة في الدارين من عقاب الله وغضبه ؟!

 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!