مقالات سياسية

مبادرات دعم الار*ها*ب من قبل دول الاستكبار العالمي الكيان الصهيوني أنموذجاً

أ . م . د . حميد ابولول جبجاب

العراق / جامعة ميسان

يمر العالم اليوم بأزمة أخلاق حيث يرى مجازر الار*ها*ب التي يقوم بها الكيان الصهيوني الغاشم على أناس عزل في فلسطين ولبنان، ولا نسمع أي موقف من قبل الدول العربية والإسلامية، وكذلك الدول التي تدعي تطبيق الحرية ونبذ الار*ها*ب وهنا لابد لنا إن نعطي تعريف واضح لمعنى الار*ها*ب .

يطلق لفظ الار*ها*ب كوصف على من يستخدم العن*ف والقوة الجبرية لتحقيق أهدافه السياسية ، وهو ما حدده المعجم الوسيط ، هذا وقد اختلف العلماء والباحثين حول إيجاد تعريف متفق للار*ها*ب نظرا لاختلاف العديد من الدول في نظرتها للار*ها*ب من حيث المعنى والمضمون، إلا أن العديد من التعريفات لظاهرة الار*ها*ب قد أوضحت أنه شكل من أشكال العن*ف، كما أنه لا يقتصر على دين أو ثقافة أو هوية معينة، وإنما هو ظاهرة شاملة وعامة نتيجة عدد من الاضطرابات السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية التي قد تنتاب مجتمعا ما .

والار*ها*ب هو عبارة عن العمليات المادية أو المعنوية التي تحوي نوعًا من القهر للآخرين، بهدف تحقيق غاية معينة،  كما يشير مفهوم الار*ها*ب إلى الآلية التي تلجأ إليها بعض الأفراد والجماعات. والحركات الثورية للتعبير عن رفضها لبعض السلوكيات من قبل الحكومة، أو كآلية لفك الحصار الذي تضربه حولها بعض الحكومات التي تحتكر العن*ف القانوني ويمكن تعريف الار*ها*ب إجرائيا بأنه هو كل ما من شأنه أن يثير الفزع، والرعب، الخوف والاضطراب بين أفراد المجتمع ويؤثر سلبًا على استقرار، وأمان، وتنمية المجتمع وتطوره أيا كانت الوسيلة المستخدمة، والهدف من وراءه، وأيا كان الدافع والسبب الحقيقي في حدوثه.

منذ القرن التاسع عشر اعتبر العالم النمساوي المختص ب الإستراتيجية (كارل فون كلوز فيتش) الحرب ظاهرة اجتماعية والفيلسوف الفرنسي ( ريموت أرون) قال بأن (الحرب والسلم وجهان لعملة واحدة ) وكانت مقياس الحكم على الحرب من حيث شرعيتها أو عدمه يعتمد على هدف الحرب وبواعثها فإنه من المنطقي أن يكون الحكم على الار*ها*ب السياسي مرتبط بالهدف من ممارسته إلا إنه نظراً لأن العمليات (الار*ها*بية) تولد ضحايا قد يكونون أبرياء وتثير مشاعر الخوف والرهبة عند الناس فإن الاتجاه الغالب هو الهروب من المسؤولية عن هذه الأعمال ومحاولة إلقاء التبعية على الآخرين ) ، الآخر يتهم بالار*ها*ب والق*ت*ل وحتى في الحالات مسميات مثل الدفاع عن النفس أو الار*ها*ب ضد الار*ها*ب أو الار*ها*ب الأبيض… إلخ من المسميات، وبصورة عامة هنالك موقفان من الار*ها*ب الدولي. وهذا بالفعل ما نراه اليوم بان جميع الإعمال التي يقوم بها الكيان الصهيوني هي ردت فعل طبيعية للدفاع عن النفس حسب رأي دول الاستكبار وبالخوص الولايات المتحدة الامريكية،إذ نسمع تصريحات من قبل منظمة الار*ها*ب(CAA) بأنها توسع نطاق الحرب في العالم هو ليس بمصلحة الجميع وهنا نتسأل بتجرد عندما قامت  الحرب العالمية الأول ( 1914 – 1919 ) أو الثانية (1939 – 1945 ) كانت هناك محورين متقابلين بالقوى والعدد واليوم لا يوجد هناك محور ثاني لدول الاستكبار وهذا ماعملت عليه خلال الفترة السابقة .

ولو عدنا قليلاً لتاريخ ار*ها*ب الكيان الصهيوني فهذا موثق بصورة جلية دون لبس، فحسب (توماس سواريز) في كتابه “دولة الار*ها*ب: كيف خلق الار*ها*ب إس*رائي*ل الحديثة”، مارس الكيان الصهيوني الار*ها*ب على أساس يومي تقريبا منذ العام 1937، في الوقت نفسه الذي كان فيه البلطجية من النازيين يرهبون اليهود الأوروبيين، حيث نفذت العصابات الصهيونية المشكلة من الغرباء اليهود “حملات محسوبة من الار*ها*ب” ضد الفلسطينيين الأصليين، وفي هذه الحملة تعرض الفلسطينيون للذبح والتشويه والترويع بلا رحمة؛ جراء التفجيرات المتكررة أو الهجمات بالبنادق الرشاشة والقنابل اليدوية على المقاهي ا*لفلس*طينية وعلى “المارة العرضيين”، وعلى السيارات والحافلات ا*لفلس*طينية وقطارات الركاب ودور الأيتام والمدارس والمتاجر والأسواق والأحياء العربية. وأغارت العصابات اليهودية على القرى العربية، وزرعت الألغام الأرضية، وأعدمت بدم بارد على غرار النازية القرويين المحاصرين، وضاعفت عصابة الأرغون العسكرية القومية الار*ها*ب من خلال التهديد بـقطع الأيدي العربية التي ترتفع ضد القضية اليهودية ، والى يومنا الحاضر نشاهد المجازر التي ترتكب من قبل هذا الكيان الغاصب وإمام أنظار العالم ودون رادع  .

إن كان الفكر الليبرالي الأوروبي في القرنين الماضيين أولى أهمية كبري لقضايا الحرية والمساواة حيث يمكن أن هاتين شكلتا محور اهتمام هذا الفكر فإنه الوجه المقابل الحقيقي للحرية والمساواة كان حق في المعارضة وفي الثورة ومقاومة كل ما يعوق حرية الإنسان وحقه في الحرية والمساواة مع غيره دون مبالغه يمكن القول ( إن الار*ها*ب صناعه دول الاستكبار العالمي دون منازع سواء من حيث التنظير الفكري له أو صيرورته واقعا فكل أسلحة الدمار التقليدية والشاملة والجرثومية والكيماوية والذرية هي نتاج الغرب وأشرس الحروب ، وما يحدث من اعتداء غاشم من قبل الكيان الصهيوني في غزه ورفح ولبنا هو خير دليل على ار*ها*ب هذا الكيان وعلى الدول كافة وبالخوص الدول العربية التي تحاذي هذا الكيان اليوم فلسطين ولبنان وغداً انتم فانتبهوا أيها العرب ولا تبقوا تتوهمون بأن دول أللاستكبار حليفة لكم

لذلك نشاهد الإصرار الأمريكي والأوروبي والصهيوني على تصنيف حركات المقاومة ” ح*زب ال*له ،ح*ما*س، الحوثين ، وحتى الحشد الشعبي العراقي” منظمات ار*ها*بية تهدف إلى نزع الصفة السياسية عن عملها، ونزع الحصانة الإنسانية عن أعضائها، فوصف مقاومي الحركات يضع جنودهم في قائمة “محاربون لا شرعيّون”، بل إن حشر الفلسطيني في هوية جوهرانية ار*ها*بية هي الأصل، ففي الصّحافة الإ*سر*ائي*لية والغربية كلما تعرض الجيش الإ*سر*ائي*لي لمقاومة غير منتظرة من الفلسطينيين أو البنانين ، اعتبرتها الصحافة دليلا على عملهم الار*ها*بي. فحسب الرؤية الإمبريالية الغربية والاستعمارية الصهيونية لا يحق للار*ها*بي أن يقاوم، وهذه المفارقة تقع في صميم الفكرة التي ينهض عليها برنامج “الحرب ضد الار*ها*ب؛ هذه الحرب الغريبة الّتي يضحى فيها العدو مجرما بسبب دفاعه عن نفسه أو مقاومته.

فهذا الانقلاب في مقولة العدو إنما هو انقلاب بيوسياسي لأنه لا يمكن أن يختزل في شخص الجندي العدو أو المجرم العادي، فمقاتلو ح*ما*س او ح*زب ال*له او الحوثيون يعتبرونهم من “الإرهبيين” ليسوا جنودا أعداء، وليسوا كذلك مجّد مجرمين، وإنما هم “محاربون لا شرعيون”. وهذا الصنف الجديد من المحاربين يمثل في نهاية المطاف وجه العدو السياسي الجديد، أو وجه العدو البيوسياسي الذي أقصي من فضاء المدينة السياسي، وزج به في فضاء “المعتقل” الاستثنائي في غ*ز*ة، أي الفضاء السياسي الجديد الذي انقلبت فيه السياسة إلى بيوسياسة، وانقلب فيه المجرم الذي يعاقبه القانون إلى “إنسان مقدس”، وتحول الآخر إلى “حياة عارية”، لا يشمله القانون لأنه بلا حقوق، تماما كالمواطن المجرد من حقوق المواطنة لأنه “بلا أوراق”. فالتع-اط*ي بمكيالين مع القضايا الإنسانية أصبح جلياً لكل شعوب العالم المستضعف؛ ففي وقت تقوم القيامة في الولايات المتحدة وأروقة مجلس الأمن لجرح صهيوني محتل في لبنان أو فلسطين، تجدها تسكت حين يرتكب الص*ها*ينة المجازر في غ*ز*ة ورفح ولبنان . كذلك تراها تتشدق بالحديث عن انعدام الديمقراطية وعن سجناء الرأي السياسي في العالم العربي، في حين ترى بشائر ديمقراطيتها في سجون الكيان الصهيوني،  لقد تظاهرت القوى الشيطانية وما تسمونه بالاستكبار الذي يتمثل في أمريكا ضد البشرية والقيم الإنسانية . فأرواح آلاف الأشخاص لا قيمة لها عندهم، فقد شاهدتم كيف أن (إس*رائي*ل) في ظرف أيام ق*ت*لت وجرحت وشردت عشرات الآلاف وأحدثت الفجائع دون أن بطرف حضن للاستكبار العالمي الذي يستفز أجهزته ويبذل الأموال رياءً لإنقاذ حياة قطة سقطت في بالوعة رغم أنها حيوان .

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!