غ*ز*ة.. والعودة لأحضان السلطة ا*لفلس*طينية
لم يتوقع أكثر المتفائلين رضوخ حركة “ح*ما*س” أخيرا لجهود وسطاء الهدنة بالموافقة على وقف إطلاق النار في غ*ز*ة، بعد أشهر من العند والكبر غير المبرر، فخلال الساعات الأخيرة أعلن رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية، أنه أبلغ رئيس وزراء قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ورئيس المخابرات المصرية عباس كامل موافقة الحركة على مقترحهما بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غ*ز*ة.
ويبدو أن المقترح الذي وافقت عليه ح*ما*س يتضمن وقفا لإطلاق النار وإعادة إعمار غ*ز*ة وعودة النازحين واتفاقا لتبادل الأسرى، إذ تشمل بنود الاتفاق ثلاث مراحل وتتضمن اتفاقا لتبادل المحتجزين وهدنة إنسانية قد تبوح بأسرارها الأيام المقبلة .
وبتحليل موقف “ح*ما*س” ، فمن الواضح أن الحركة تعطي الأولوية للمكاسب الشخصية على حساب رفاهية شعب غ*ز*ة، فترى أن المشهد المضطرب للحرب على غ*ز*ة وورقة اجتياح رفح التي تلوح بها إس*رائي*ل بين الحين والآخر، لن يثمرا عن أية مكاسب سياسية في الوقت الحالي بل سيزيد الأمور تعقيدا وتشابكا خاصة إذ أصرت تل أبيب على اجتياح مخيمات رفح وارتكاب مزايدا من المجازر الإنسانية ضد المدنيين، مع استمرار البحث عن معاقل قيادات الحركة ودكها وتدميرها، وبالتالي هذا يزيد أوجاع ح*ما*س ويدفعها للتضحية بالموافقة على شروط لم تقتنع بها سلفا تحقيقا لنظرية “ما لا يدرك كله لا يترك كله”.
وكانت ح*ما*س قد أوقفت المفاوضات مرارا وتكرارا بسبب رغبتها في تحقيق مكاسب كثيرة أبرزها خروج جميع أسراها من سجون الاحتلال وعودة سيطرتها مجددا على قطاع غ*ز*ة، دون أن تكترث للشعب الغزاوي المعذب ما بين الإبادة والق*ت*ل برا وبحرا وجوا والتجويع والتهجير ، وهذا بالتأكيد تسبب في تفويض احتمالات السلام وزيادة معاناة الشعب الذي تدعي الحركة أنها تمثله، فمازالت تتمسك بشروط بعينها مما يعكس استراتيجيتها في الحفاظ على مكانتها السياسية على الرغم أن هذا يعرقل الجهود الرامية إلى تحقيق التوافق والسلام الذي ينعكس سلبا على حياة المدنيين والشعب الغزاوي الجريح، ومن هنا نستطيع أن نقول أن سكان غ*ز*ة يستحقون قادة يعملون بلا كلل من أجل رفاهيتهم، وليس من أجل مكاسبهم الشخصية، فهل من الممكن أن تتسبب ظروف الحرب في خلق بديل سياسي لحركة ح*ما*س يستطيع رفع المعاناة عن الغزيين؟
ربما بإمكان السلطة ا*لفلس*طينية أن تخلق واقعا مغايرا للغزيين الذين عايشوا الحروب المتكررة، فالغزيين لن يمانعوا بعودة السلطة بشرط أن تكون عودتها لها معنى ينعكس على حياتهم ورفاهيتهم، ولكنها ستكون أمام تحديات كبيرة، والتي أبرزها إيجاد التمويل القادر على استدراك خسائر هائلة في البنية التحتية، وإعادة بناء المنظومة الصحية في القطاع إضافة إلى تلبية احتياجات المعيشة لأكثر من 1.5 مليون فلسطيني، وغيرها الكثير والكثير من التحديات.
وفي حالة عودة غ*ز*ة- التي تسيطر عليها ح*ما*س منذ 2007-، لأحضان السلطة مجددا، فبالتأكيد ستستطيع تغيير ما أحدثته ح*ما*س من سوء إدارة للموارد والأموال والتي أدت إلى عواقب وخيمة على سكان غ*ز*ة، خاصة بعد أن كانت تحول المساعدات الإنسانية الموجهة للسكان لأغراض عسكرية للحركة أو لإثراء قيادتها ، مما يترك سكان غ*ز*ة العاديين محرومين من الخدمات الأساسية والضروريات الأساسية.
وبما أن السلطة ا*لفلس*طينية هي السلطة الشرعية الحاكمة بالأراضي ا*لفلس*طينية، فستقوم بإعادة توحيد غ*ز*ة والضفة الغربية تحت هيكل حكم واحد وتحت قيادة الرئيس محمود عباس الذي لديه سجل طويل في توفير الأمن والاستقرار في الضفة الغربية، وفي نهاية المطاف، سيكون الكل في ظل سلطة فلسطينية متجددة، باستطاعها الدخول في حوار هادف ضمن الجهود الدولية للتوسط في سلام دائم في المنطقة، فبسلاح التفاوض وحسم إدارة الأزمات لن يتكرر سيناريو حرب السابع من أكتوبر مجددا، وستحدث حالة من الاستقرار لسكان غ*ز*ة، وربما يمكنها الوصول إلى حل مستدام ينهي الصراع العربي الإ*سر*ائي*لي قريبا!