عيد العنصرة … العنصرة في العهدين
عيد العنصرة … العنصرة في العهدين
بقلم / وردا إسحاق قلّو
( ولما صلّوا تزعزع المكان الذي كانوا مجتمعين فيهِ ، وإمتلأ الجميع من الروح القدس ، فكانوا يتكلمون بكلام الله بمجاهرة ) ” أع 31:4″
العنصرة هي شريعة الروح الذي يولي الحياة . والروح القدس هو مبدأ الميثاق الجديد . أنبياء العهد القديم سبقوا العهد الجديد بوصف الخلاص بيسوع المسيح المتألم ، وقد تحققت نبؤاتهم عن كل تفاصيل آلام المسيح وموته وقيامته وصعوده ، ومن ثم إرساله هبة الروح القدس كما يصفها الرسول بولس في ( رو 8 ) . فقد قال الرب في سفر حزقيال النبي عن العنصرة ( وأرش عليكم ماءً طاهراً ، فتطهرون من كل نجاساكم ، وإطهركم من جميع قذاراتكم ) . ثم يضيف الكتاب ، فيقول ( وأعطيكم قلباً جديداً ، وأجعل في أحشائكم روحاً جديداً ) ” مز 36 : 25-26 ” . ويسوع حقق موضوع العنصرة بعد صعوده بعشرة أيام .
الروح القدس لا يأتي دون أن يتحرر الإنسان أولاً من سيادة الخطيئة لتتم المصالحة بعد تقديم الذبيحة على الصليب .
نطالع في سفر الحكمة عن هذا الموضوع ، يقول ( أن الحكمة لا تدخل النفس الساعية إلى الشر ، ولا تسكن الجسد المدين للخطيئة ) ” حك 4:1 ” . والرب يسوع وضّحَ لنا هذه الحقيقة بقوله ( لا يضع أحد خمراً جديدة في زقاق عتيقة ) ” مت 17:9 ” ، أي الله لا يضع روحه الجديدة في زق عتيق ، أي في القلب الذي ما يزال عبداً للخطيئة .
قال القديس أوغسطينس ( ينبغي أن تكون مليئاً بالخير ، فحرر نفسك من الشر . إفترض أن الله يريد أن يملأك بالعسل . فإذا كنت مليئاً بالخل ، أين سيضع العسل ؟ ) .
إذاً على الإنسان أن يُنَقي إناء جسدهِ من كل دنسٍ ليتهيأ لتلقي تلك الهبة السماوية .
سُئلَ يسوع من قبل تلاميذ يوحنا قائلين ( لماذا نصوم نحن والفريسيون كثيراً ، أما تلاميذك فلا يصومون ؟ ) فقال لهم يسوع ( أتقدرون أن تجعلوا بني العرس يصومون ما دام العريس معهم ؟ ولكن ستأتي أيام حين يرفع العريس عنهم ؟ فحينئذ يصومون في تلك الأيام ) ” لو 5: 33-35 ” . فعلاً بعد ما رفع المسيح إلى السماء بدأ أبناء الكنيسة بالصوم والصلاة مجتمعين كلهم في مكان واحد ولمدة عشرة أيام ( أع 1:2 ) فحل عليهم المعزي .
يسوع هو العريس ، والكنيسة هي العروس ، وهما جسداً واحداً ( مت 5:16 ) . بعد أن حل الروح القدس على الكنيسة ، قال الرسول بطرس في يوم العنصرة للجماهير المحتشدة وهو يلقي وعظته الأولى ، وفيها أبرم معهم وعداً ليبقى إلى مجىء المسيح ، فقال ( توبوا ، وليتعمد كل منكم بإسم يسوع المسيح .. لتنالوا عطية الروح القدس ) ” أع 38:2 ” . إذاً التوبة أولاً ثم إعلان الإيمان والعماد ، وبعد ذلك ينال المعمد مسحة الروح القدس . كان في العهد الرسولي ينال المعمد الروح القدس بوضع أيدي الرسل على المعمدين .
وقع يوم العنصرة في يوم الخمسين من قيامة يسوع من القبر ، وكان هناك عيد العنصرة الخاص بالديانة اليهودية ، وخلال نفس اليوم جرى مجىء الروح القدس ، فإستمر المسيحيون يحتفلون في هذا العيد بنفس يوم العنصرة اليهودية ، أي مع أبناء الديانة اليهودية ( طالع أع 16:20 ) . كما كان أيضاً عيد الفصح اليهودي موجوداً قبل 50 يوماً من ذلك العيد ، والمسيح مات في نفس مناسبة عيد الفصح اليهودي لكي يوحي لليهود أولاً بأنهُ هو الفصح الحقيقي ، وهو الذبيحة الحقيقية ، علماً بأ الفصح اليهودي كان مجرد رمز للفصح المسيحي . فالفصح الجديد هو إمتداد للفصح اليهودي القديم ، فصح الخروج والليتورجيا العبرية . كما إننا لا نفهم العنصرة المسيحية دون أن نفهم أولاً العنصرة اليهودية .
في العهد القديم جرى شرحان لعيد العنصرة ، كان في البداية عيد الأسابيع السبعة ( راجع طو 1:2 ) عيد الغلة ( عد 26:28 ) حين كانوا يقدمون لله بواكير الحنطة ( خر 17:23 ، تث 9:16 ) .
أما في العهد الجديد فقد إغتنى هذا العيد بمعنى جديد . في القديم ، بعد الخروج من مصر سار الشعب خمسين يوماً في البرية وفي النهاية أعطي له الشريعة من قبل الله . وطقوس كنيستنا تؤيد هذا التأويل بقراءات سهرة يوم العنصرة لتقربنا من عنصرتنا عندما حل الروح القدس على الكنيسة في نفس اليوم الذي يحتفل به اليهود بذكرى منح الشريعة والميثاق لموسى . اليهود تَلقوا الشريعة المكتوبة بأصبع الله على اللوح . أما في عنصرة العهد الجديد فجاء الروح القدس ليعطي لنا النعمة لندخل في عهد النعمة والمصالحة وفي عهد جديد . إنها الشريعة الجديدة التي فتحت الميثاق الجديد والأبدي .
الروح القدس ملأ بذاته كل المجتمعين معاً فتحققت نبؤات إرميا وحرقيال في الميثاق الجديد ، يقول الرب ( أجعل شريعتي في بواطنهم وأكتبها على قلوبهم ) ” أر 33:31 ” وهكذا تم إستبدال نقل شريعة الله من الألواح الحجرية إلى القلوب البشرية ، لأنه جعل روحه في أحشاء أبناء العهد الجديد ( خر 36 : 26-27 ) .
توقيع الكاتب ( لأني لا أستحي بالبشارة ، فهي قدرة الله لخلاص كل من آمن ) ” رو 16:1″