مقالات دينية

عيد السعانين ، عيد الفرح والإنتصار

عيد السعانين ، عيد الفرح والإنتصار

ܥ܄ܐܕ܃ܐ ܕܐܘ݀ܫܲܥܢ܄ܐ

بقلم / وردا إسحاق قلّو

( هوذا ملكك قادم إليك ) 

عيد السعانين ، عيد الفرح والإنتصار

  هناك تناقض واضح بين موكب الملوك ، وموكب ملك الملوك وخالقهم . الملوك الداخلين إلى عواصمهم بعد المعركة كانوا يركبون الأحصنة الأصيلة المُزينة . أو يجلسون في مراكب فخمة تجرها الحيوانات . أما المسيح فلم يكن يملك حتى جحشاً رغم كونه ملك وإله . فالمركبة التي حملتهُ إلى أورشليم كانت مستعارة ، أرسل تلميذيه لكي يحلاه ويأتيانه مع الجحش . كان يعرف مكانها ، وماذا سيقال لمن يمنعهم ، لأنه يعلم علم الغيب  ، وهذا الجحش إبن أتان تنبأ به زكريا ، وقال ( أتاناً وجحشاً إبن أتان ) .

 الحمار كان مركبته التي حملتهُ من الناصرة إلى بيت لحم .ثم إلى أورشليم ، ومنها إلى مصر ، وعليها تجولَ كل أراضي مصر . ومن مصر إلى الأراضي المقدسة . وفي ختام معركتهِ التنويرية ضد ظلام الخطيئة . إختار أيضاً جحش إبن أتان لكي يقلهُ إلى أورشليم ، وعليه أعلن إنتصاره ، وختم بشارته . إنه الملك المنحدر من سلالة إبراهيم ، وقد أعلن عنه أنبياء العهد القديم . فمن قرأ وحفظ وفهم المعنى العميق لتلك النبؤات ، إرتعش أمام ذلك الموكب العظيم المُعبَّرْ ، أما شيوخ اليهود المنتظرين مجيء المسيح لكي يعود الملكية الأرضية الزمنية لهم بقوة وعن*ف ، وينزعها من الرومان المحتلين ، فكانت نظراتهم إلى المسيح وموكبه مُلؤها السخرية لجهلهم عن زمن مجىء المخلص وأهدافه الحقيقية .

  كان يوم دخول المسيح إلى عاصمة أبيه داود ، قلعة صهيون ( 1 أخ 4:11 ) يوم إنتصار وسلام . وقبل أن يسلم نفسه طوعاً للآلام والموت ، تأمل ملياً في أورشليم وأسوارها وقصورها وهيكلها ، فتنهد قائلاً ( يا قاتلة الأنبياء والمرسلين إليها ! ) وهو أيضاً سيق*ت*ل ليكون خاتم الأنبياء  والمرسلين .

 كان يوم السعانين مهرجاناً وقتياً ، لأنه سرعان ما سيتوارى ويزول ، بل سينقلب الشعب المهلل له إلى ثائر صاخبٍ ضدهُ ، صارخاً ( إصلبهُ ، إصلبهُ ) .

  كل الأناجيل ذكرت هذه هذه الرواية لأهميتها في العمل الخلاصي . إستقبله الشعب بفرح متحدياً قادة السنهدرين ، لكن السيد كان يشعر بحزنٍ عميق ، لأنهُ يعلم أن هذا اللقاء الحار لن يغير شيئاً من مآساته القادمة .

   الصليب قادم ، فعليه أن يسير في موكب آخر ، لكنه حزين ، وحزن السيّد هنا لا ينبع من الخوف من العذاب والموت لأنه جاء ليموت طوعاً ، بل حزنهُ كان للذين لم يؤمنوا به .

  عبّرَ القديس لأمبروسيوس الميلاني في القرن الرابع وشرحَ أبعاد وجود جحش مع الأتان ، قائلاً : ( أن جنس البشر الذكور والإناث ممثلان بهذين الحيوانين اللذين أمر السيّد بحلّ ربطيهما . أما الجحش فهو رمز للأمم ، والذي كان أسير عدم الإيمان إذ إنقاد  إلى معلم رديء نتيجة طيشهِ وضياعهِ ، فيبرز الآن معلّمهِ الحقيقي الوحيد الذي يستطيع أن يحل رباطه ويحرره من العبودية . إفتقر ألسيّد أيضاً حتى إلى السرج ولكنه جلسَ على شىء أهم من السرج ، جلس على ثياب تلميذيهِ ، لم يذكر الإنجيل أسماء التلميذين اللذين قدّما ليسوع تلك التعزية في ذلك اليوم . فالحادثة أخذت طابعاً رمزياً مقدساً فامتزج الفقر بالجلال ) .

  تابوت العهد القديم الذي نقل على عجلةٍ جديدة تجرها بقرتان لم يعلهما نير ( 1 صم 7:6 ) .

   كانت تشير إلى الجحش الذي ركبهُ يسوع والذي لم يركبهُ أحد .

 كان الموكب عظيماً اشترك فيه كل التلاميذ وكل الحاضرين في يوم إقامة لعازر من بين الأموات ، والشعب المؤمن الحامل السعف ، علامات النصر ، فارشين ثيابهم على طريق المسيح ليتقدس بمروره عليها . وكان الجميع يسبّحون الله بصوت عظيم هاتفين : ( هوشعنا لإبن داود : تبارك الآتي باسم الرب ! هوشعنا في العلى ! ) ” مت 9:21 ” .

  كلمة السعانين مشتقة من الهتاف ( أوصنا ) في اليونانية . وبالآرامية ( هوشعنا ) وتعني ( خلص يا رب ) وكان الشعب اليهودي معتاداً ليهتف المزمور ( 25:118 ) في عيد المظال والفصح .

  لم يفهم التلاميذ أولاً معنى ذلك المهرجان ، فكانوا يتحيرون فيما هم يتبعونه ، وكانوا خائفين ( مر 32:10 ) ولكن عندما تمجد يسوع وحل عليهم المعزي حينئذ تذكروا ( يو 16:12 ) . وأمام حقد ورياء الفريسيين الذين باشروا بتدبير المكيدة للتخلص من يسوع .

 الفريسيون طلبوا من يسوع لكي ينتهر تلاميذه الهاتفين . فأجاب ( أقول لكم : لو سكت هؤلاء ، لهتفت الحجارة ! ) ” لو 19 : 39-40 ” .

 أحد السعانين تحتفل به الكنيسة المقدسة لأنه أحد الفرح الذي يسبق إسبوع آلام الرب . هو صورة مسبقة لفرح قيامة المسيح من بين الأموات . في السعانين دخل يسوع إلى أورشليم الأرضية بموكب الفرح . . قبل دخول يسوع في آلامه ، قال لتلاميذه ( أنتم ستحزنون ، ولكن حزنكم يتحول إلى فرح ) ” يو 20:16 ” .  وبعد القيامة دخل إلى أورشليم السماوية في موكب عظيم ومعه كل آبائنا الأبرار الراقدين في الجحيم منتظرين قيامته ليأخذهم بموكب النصر أورشليم السماوية ، فيقال :

( إستنيري يا أورشليم الجديدة لأن مجد الرب قد أشرق عليك )

   توقيع الكاتب ( لأني لا أستحي بالبشارة ، فهي قدرة الله لخلاص كل من آمن ) ” رو 16:1″

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!