غير مصنف

القديسة الشهيدة غوليندوخ الفارسية

القديسة الشهيدة غوليندوخ الفارسية ( القرن 6)
إعداد / وردا إسحاق قلّو
القديسة الشهيدة غوليندوخ الفارسية
القديسة الشهيدة غوليندوخ الفارسية المدعوة بالمعمودية مريم
(القرن السادس م):
  نبتت القديسة غوليندوخ من عائلة مجوسية نبيلة وتزوجت من أحد المتعصبين للديانة المازدية ، زمن الملك الفارسي خسرو الأول (531 – 578). كانت مماشية لمعتقد زوجها لكنها كانت تنفر ، في ذاتها ، من عبادة الشمس والنار . كانت تشتاق ، من كل قلبها ، إلى ديانة نقيّة حقيقية . فاستجابت السماء لرغبتها العميقة الأصيلة ، أبان لها ملاك من عند الرب ، في رؤيا امتدّت ثلاثة أيام ، موضعاً مظلماً محرقاً كان أجدادها ، عبدة الأوثان ، يُعاقبون فيه . ثمّ أشار ، عبر كوّة ، إلى موضع آخر مضيء يقيم فيه جمهور المختارين في الفرح والغبطة . أرادت أن تدخل في الكوّة فمنعها الملاك قائلاً إنّه لا يدخل إلى ذلك الموضع إلا الذين اقتبلوا معمودية المسيح المقدسة . وإذ اتّقدت شعلة الإيمان في قلبها ، لمّا خرجت من هذا الاختطاف ، قرّرت أن تصير مسيحية وسألت الله أن يريها كيف . تذرّعت بزيارة والديها فاستأذنت زوجها وتعلمت المسيحية واعتمدت ودُعيت ( مريم ) . فلمّا عادت إلى بيتها أرادت أن تكون حياتها موافقة لإيمانها فقطعت كل علاقة جسدية بزوجها . أمّا هو فكان أعجز من أن يفهم الدعوة إلى الحياة الروحية فحاول ، بكل الطرق ، أن يقنعها بالتخلي عن نهج الإيمان بالمسيح والعودة إلى ملاذ الجسد . وإذ خيّبته سخط ونقل خبرها إلى الملك واتهمها بالخيانة . بعث خسرو إليها بأحد أعيان القصر واعداً إياها بأن يتخذها زوجة له إذا تراجعت عن إيمانها .
جواب غوليندوخ كان :
“لقد تزوجت ملكاً أزلياً ، أو أنت تعرض علي اتحاداً بإنسان يموت!”
 فحكم عليها الملك بالسجن في قلعة النسيان ، بين حيزاي ، التي دُعيت كذلك لأن المحكومين فيها كانوا يُمحون ، إلى الأبد ، من سجل الأحياء ولأنه كان ممنوعاً ذكر أسمائهم تحت طائلة الموت . بقيت القديسة هناك ثمانية عشر عاماً ولمّا تَخُر عزيمتها . وإذ وجدت ، في المكان ، مسيحيين آخرين أمكنها أن تتعلم منهم المزامير والكتب المقدسة بالسريانية ، كما اجتذبت ، بمواعظها ، العديد من المساجين الوثنيين إلى الإيمان المسيحي . درى الملك بأمرها فأخضعها لعذابات مُرة . فلما قضى خسرو نحبه وخلفه ابنه أورميزداس الرابع (579 – 590) أخرج القديسة من السجن وسلمها إلى تعذيبات شيطانية . ومع أنها كابدت العذاب ، بصورة يومية ، فإنها بقيت صامدة لا تتزعزع ، كما كانت تُشفي من جراحها بالنعمة الإلهية . أقفلوا عليها في كيس مليء بالرماد الحارق ، لكنها شعرت كأنها انتقلت إلى خدر عرسي مشع عطر . ألقوها في حفرة فيها وحش مروّع . فبقيت ، في الحفرة ، أربعة أشهر . وبدل أن يفترسها الوحش روّضته فصار ينام متكئاً برفق على ركبتيها كالحمل . خلال ذلك لم تتناول القديسة طعاماً لأن ملاك الرب جاء ومنحها القوة على احتمال الجوع والعطش برسم إشارة الصليب على فمها فلم تعد ، مذ ذاك ، بحاجة لأن تأكل إلا القليل القليل مرة كل عشرة أيام . أخرجها الوثنيون من الحفرة دون أن تحرّك قلوبهم الآيات التي رأوها . أسلموها إلى مكان للدعارة . ولكن كلما رغب بعض المنحلين في أن يدخلوا إليها كانت تُخفى عن عيونهم . ظنّ الفرس أن المرأة ساحرة فحكموا عليها بالنفي المؤبد . ضمّوها إلى فاعلي السوء وجعلوا في عنقها طوقاً من حديد . تراءى ملاك للجلاد وأمره بفك الطوق . فلمّا رفض أن يفعل ذلك بحجة أنه سيدفع رأسه ثمناً لو فعل . فكّ الملاك الطوق دون أن يكسر الختم وأعطاه للعسكري قائلاً له أن يذهب ويقدّمه للملك علامة أن القديسة جرى قطع رأسها.
  وإذ أطلق الملاك القديسة من السجن ، كما فعل بالرسول بطرس قديماً (أع12) ، عبّرت غوليندوخ عن أسفها أنها لم تحظ بإكليل الشهادة وسارت حزينة إلى نصيبين . فعاد الملاك وظهر بقربها وحزّ عنقها برفق بالسيف فسال دم على ثيابها التي صارت تجري بها العجائب بوفرة . وصلت غوليندوخ إلى نصيبين ، فاجتذبت هناك العديد من الوثنيين إلى الإيمان بالرب يسوع . بقيت هناك إلى اليوم الذي اغتال فيه خسرو الثاني أباه أورميزداس وأطلق سراح أسرى أبيه . ولكن بالكاد تبوّأ العرش حتى تعرّض للترحيل وطلب اللجوء السياسي والحماية لدى الإمبراطور موريق واعداً بأن يصير مسيحياً . أما القديسة غوليندوخ ، التي صارت تُعرف بتسمية “الشهيدة الحيّة”، وكانت مكرّمة جداً، فقد دُعيت للاشتراك في الموكب .
حجّت القديسة غوليندوخ إلى الأرض المقدسة . ومنها جاءت إلى منبج (هيارابوليس) على الفرات لتنتظر قدوم خسرو الذي جاء لزيارة ضريح القديس سرجيوس في الرصافة بهدف إعادة صليب من ذهب سبق أن أخذه أبوه من هناك لما نهب الكنيسة .أثناء ذلك أُرسل القديس دوميتيانوس ميليتيني (10 كانون الثاني) ورئيس أساقفة أنطاكية جاورجيوس ليعلما الملك الإيمان المسيحي فالتقيا القديسة غوليندوخ واستعلما عن جهاداتها الطيبة . وبفضل هذين الأسقفين أقام ملك الفرس السلام مع الإمبراطور موريق الذي أرسل جيشاً أعاده إلى عرشه . وتعبيراً عن شكر خسرو ردّ لموريق مدينة مارتيروبوليس (مدينة الشهداء) ومحميّة دارا . أما القديسة غوليندوخ فعرفت بقرب مغادرتها فانتقلت إلى كنيسة القديس سرجيوس في Sargathon الواقعة بين نصيبين ودارا وهناك صلّت ورقدت بسلام في 13 تموز سنة 591م.
فبصلوات قديسيك
أيها الرب يسوع المسيح إلهنا ارحمنا وخلصنا – آمين‬

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!