مقالات دينية

شهادة شهود عيان عن ظهورات يسوع المسيح بعد قيامته من الأموات – الجزء الثاني-

نافع شابو

في الجزء الأول من المقالة تطرّقنا على حقيقة قيامة يسوع المسيح من الأموات من خلال شهود عيان، كدليل وبرهان ما دوّنه هؤلاء الشهود، كما جاء في الأناجيل، وأعمال الرسل، ورسائل بولس الرسول، ويوحنا. وقد أحدثت المقالة ردود أفعال بعض الأخوة، فكتبوا تعليقات يمكن الرجوع اليها *.
إنّ حقيقة المسيحية مبنية بصورة كبيرة على القيامة. فإن كان يسوع قد قام من القبر، فمن رآهُ؟ والى أيّ مدى كان شهود العيان أهل ثقة؟ أمّا من عاينوا يسوع المقام فقد ذهبوا ليقلبوا العالم راسا عل عقب. وقد مات مُعظمهم، بسبب كونهم أتباع يسوع المسيح، وبسبب شهادتهم بحقيقة يسوع المسيح وموته على الصليب وقيامته وظهوراته لشهود عيان. ونادرا ما يموت الأنسان من أجل معتقد ضعيف.
لقد أزال يسوع عدم إيمان الرسل بعد ظهوراته لهم فأعطاهم علامة عن واقع قيامته. أفهمهم الكتب المقدَّسة وحدّد مهمّتهم كشهود للقيامة. فحضور يسوع الحيّ يجعل من الرسل شهوده في العالم. ويمنحم الروح القدس الذي سيعمل فيهم حسب ما يروي لوقا في سفر الأعمال.

ما قيل نقلا عن شهود عيان لظهورات يسوع المسيح بعد قيامته من الأموات
جاء في كتاب تاريخ يسوع: القضية التاريخية لوجوده وصلبه وقيامته – عن “أصل الأيمان المسيحي”:
يعلم الجميع أن المسيحية نشأت في منتصف القرن الأول الميلادي، لكن هذا يثير السؤال الواضح: لماذا نشأت؟ ما سبب بدء هذه الحركة؟ حتى علماء العهد الجديد المتشككون يدركون أن الإيمان المسيحي يدين بأصله إلى اعتقاد التلاميذ الأوائل أن الله قد أقام يسوع من بين الأموات. في الواقع، لقد ربطوا كل شيء تقريبًا بهذا الاعتقاد.
هناك أربعة حقائق يجب استخدامها هي (1) موت يسوع بسبب الصلب، (2) والتجارب اللاحقة التي اقتنع التلاميذ بأنها ظهورات فعلية ليسوع القائم من الموت، (3) والتحول المقابل للتلاميذ، و (4) ظهور اهتداء بولس، الظهور الذي يعتقد أيضًا أنه ظهور للمسيح المقام. هذه الحقائق الأربع “الجوهرية” مقبولة على نطاق واسع على أنها تاريخ معروف أكثر من بقية الحقائق، وقد تم قبولها من قبل جميع العلماء الناقدين تقريبًا.
لم يكن بولس بحاجة إلى الاعتماد على شهادة شخص آخر ليسمع عن القيامة. يشرح [بولس] أن يسوع القائم قد ظهر له أيضًا.
(أ) قدم بولس هذه المعلومات أكثر من مرة (1 كورنثوس 9: 1، 15: 8؛ قارن غلاطية 1: 16).
(ب) تأكيد غير بولسي لشهادة بولس يظهر ثلاث مرات في أعمال الرسل (9: 1-9؛ 22: 1-11؛ 26: 9-19).
لا يُنكَر أن بولس قد تحول إلى الإيمان المسيحي. ومع ذلك، فإن مثل هذا التحول الجذري-من كونه باحثًا شابًا استثنائيًا ومضطهد الكنيسة الرئيسي (1 كورنثوس 15: 9؛ غلاطية 1: 13-14؛ فيلبي 3: 4-7) -يتطلب بالتأكيد تفسيرًا مناسبًا. كان بولس واثقًا من أنه التقى بيسوع القائم من بين الأموات. (1)
يقول فيليب يانسي في كتابه يسوع الذي لم أكن اعرفه:
“لقد علّم يسوع أن حياتنا لا تنتهي بعد موت الجسد. وكان تصريحه المدهش كما جاء في انجيل يوحنا: “أنا هو القيامة والحياة. مَن آمنَ بي ولو ماتَ فسيحيا.” يوحنا 11: 25-26”. وبالنسبة لمَن عاينوه من المقرّبين إليه(تلاميذه)، فلقد أثبت يسوع قدرته على القيامة من الموت بعد صلبه ودفنه بثلاثة أيام. وهذا هو الإيمان الذي أعطى الرّجاء للمسيحيّين من حوالي ألفي سنة.
كتب أتباع يسوع أنه ظهر لهم حيّاً بعد صلبه ودفنه. لقد صرّحوا أنهم لم ينظروه فقط، بل أيضاً تناولوا طعاماً معه، لمَسته أيديهم، وأمضوا معه أربعين يوماً.
إن ادّعاء القيامة أمرٌ أساسيّ للإيمان المسيحي. إن كان الله قد أقام المسيح من الأموات، فإنّ يسوع يملك أوراق الاعتماد والشهادة الثبوتية التي لا يملكها أي قائد ديني آخر. بوذا مات. محمّد مات، (ولكن المسلمون يؤمنون بان المسيح حيُّ رفع الى السماء). موسى مات. كونفوشيوس مات. ولكن بحسب المسيحيّة فإن يسوع المسيح حيّ.
ويضيف فيليب يانسي فيقول:
“لقد توصّلتُ للنتيجة أن قيامة يسوع المسيح هي إمّا واحدة من أشرّ وأعن*ف الأكاذيب التي خدعت عقول البشر، أو أنها أروع حقيقة في التاريخ “انتهى الأقتباس”. ( 2)
يقول العلّامة الراحل بولس الفغالي -وهوعالم في الكتاب المقدس واللغات الشرقية – في مقال منشور بعنوان “ العنصرة – حلول الروح القدس”:
” إذا كان كُلُّ شيء قد تمّ في المسيح، وإذا كان التاريخ البشري قد أُستُعيد فيه، إلّا أنّ العمل ما زال هنا في مدى زمني لبشرية يجب أن تَتَحَرّر لكي تصبح قيامة المسيح قيامتها.
لقد قدّم لنا المسيح ملء حياة الله، ولكنه لم يفرضها علينا. فيبقى إذن أن يأخذ كُلّ إنسان هذه الحياة التي تَتفجّر من القبر، بقرار حُرّ.
في ظهورات يسوع لتلميذي عمّاوس سنكتشف حدث القيامة “راجع لوقا 24: 25-27″ ، التي سيعرضها يسوع المسيح للتلميذين إنطلاقا من الكتب المقدّسة من النبوءات (أي نبوءات عن المسيح في العهد القديم) . ” كان يجب على المسيح أن يقاسي هذه الآلام ليدخل في مجده”. أي أنّه كان يجب أن يتألم يسوع وأن يقوم من بين الأموات في اليوم ألثالث. بدأ يسوع مع موسى يشرح وجال على جميع الأنبياء، ففسَّر لهما (لتلميذي عمواس) ما يختص به في الأسفار كلها”. شكوك وارتياب رسل المسيح في قيامته حينئذ يدعوهم، يسوع، الى التأكيد من واقع جسده، ثُمَّ يبين لهم آثار جراحاته (راجع لوقا24:39) (يوحنا 20 :20)، ويدعوهم الى لمسه (لوقا 24: 39،يوحنا 20 :27) بل يأكُل معهم (لوقا 24 : 43،اعمال الرسل 1 : 4 ، 10 :41 ،يوحنا 21 : 9-12).وما أن يقتنع الرسل حتى يُحدّثهم يسوع عن الرسالة المحفوظة لهم (لوقا 24 :48) ، (أعمال الرسل 1 :8) ، (متى 28 : 18-20)،(يوحنا 20 :21-23).
يظهر يسوع لرسله [ظل السيد المسيح على الأرض أربعين يومًا بعد قيامته بعدها صعد الى السماء بحضور التلاميذ] ليسلم إليهم مهمّة وهي تجعل منهم أسس الكنيسة.
غير أنّ هذه المهمة تتضمن شهادة، وهذه الشهادة لن تفعل فعلها قبل ان يقتنعوا بواقعية القيامة. لهذا يذكر ألأنجيل شكوكهم، لأنَّ هذه الشكوك فُرضت عليهم بان يرتكزوا على براهين أكيدة بأنهم لم يكونوا امام سراب أو خيال.هذا الاهتمام هو قريب من ذاك الذي ميّز الكرازة (التبشير) الرسولية او اعتراف الأيمان في 1كورنثوس 15 فذكر قيامة يسوع يتبعه ذكر لظهورات نعم بها الرسل.
وهكذا شكّلت هذه الظهورات للمسيحيين الأساس المباشر لإيمانهم حين روى هذه الظهورات هو ان يبيّن ان المسيحي يرتكز على أساس متين …خبر قيامة وظهورات يسوع المسيح لا يفرض نفسه فقط على ايماننا، على أساس براهين تبقى موضوع تساؤل، بل على ذاتنا كُلّها، على كلّ حياتنا وشعورنا. انه يحوّل وجودنا ويعطيه معنى جيدا “(3)
يقول كوستي بندلي في كتابه “الله والشر والمصير”:
قيامة المسيح فاتحة “اليوم الأخير”. هذا “اليوم ألأخير” دشّنهُ قيامة المسيح. فبها بدأ تجديد الإنسان والكون (الخليقة الجديدة). إنَّ التجديد قد تَجلّى أوّلا في إنسانية المسيح المُمجَّد بالقيامة. وقد كشف لنا ألإنجيل بعض معالم هذه الإنسانية المتجدّدة، التي هي باكورة الكون الجديد. فمنهُ نعرف أنّها إنسانيّة حقّة:
فيسوع (في ظهوراته) يُجلس ويُلمَس بعد القيامة “انظروا الى يديّ ورجليّ، أنا هو بنفسي. المسوني وتحقّقوا فإنَّ الشبح ليس له لحم ولا عظم كما ترون لي ” لوقا 24 : 39″.
“هات اصبعك الى هنا فأنظر يديّ، وهات يدك فضعها في جنبي ….” يوحنا 20: 27″ . يأكل أمام تلاميذه (راجع لوقا 24 : 41-43) ، يتحدّث إليهم . ولكنّها مختلفة جذريّا عن وضعه السابق: فيسوع الناهض يدخل (العُليّا) والأبواب مُغلقة ، يتراءى ثُمَّ يحتجب ، لا يُعرف إلّا إذا عَرَّفَ هو عن نفسهِ (لوقا 24 : 30-31، 25، يوحنا 20 :15-16، يوحنّا 21 :4-7″. لا تُطاله صروف الدهر من ألمٍ ومرض وموت “روية 6 :9”.
إنَّها إذن إنسانية متحرّرة من محدوديّتها وقيودها. (4)
جاء في كتاب “المحيط الجامع للكتاب المقدس”:
“تَدُلّ إخبار الظهوران كيف جعل يسوع الشهود الذين أختارهم “يرونه ” بحسب رغبته “أعمال 10 :14″، وكيف ثبَّتَهم في يقين يقول لهم إنّهُ باقٍ معهم. تراءى يسوع حيّا لتلاميذه ورسله. وقد لاحظوا أنّ القائم من الموت في أحد الفصح هو مصلوب الجمعة العظيمة “لوقا2 :39، يوحنا 20 :27”. وتجلَّى جسَدُهُ فصار مجيدا “روحيّا ” “لوقا 24 :36” يوحنا 20: 19- 26)
وهكذا نحن أمام شكلٌ جديد من حضور المسيح ذاته، ولسنا أمام إعادة الروح الى جُثَّة. وإن أُعطي لهؤلاء الشهود أن “يلمسوه ” فلكي يتعرّفوا إليه، لا ليحقِّقوا من واقعهُ الجسدي” وَفِيمَا هُمَا (مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ الأُخْرَى) مُنْطَلِقَتَانِ لِتُخْبِرَا تَلاَمِيذَهُ إِذَا يَسُوعُ لاَقَاهُمَا وَقَالَ: «سَلاَمٌ لَكُمَا». فَتَقَدَّمَتَا وَأَمْسَكَتَا بِقَدَمَيْهِ وَسَجَدَتَا لَهُ” متى 28: 9″
وهكذا يكتب الأنجيلي يوحنا في رسالته الأولى:
“اَلَّذِي كَانَ مِنَ الْبَدْءِ، الَّذِي سَمِعْنَاهُ، الَّذِي رَأَيْنَاهُ بِعُيُونِنَا، الَّذِي شَاهَدْنَاهُ، وَلَمَسَتْهُ أَيْدِينَا، مِنْ جِهَةِ كَلِمَةِ الْحَيَاةِ.فَإِنَّ الْحَيَاةَ أُظْهِرَتْ، وَقَدْ رَأَيْنَا وَنَشْهَدُ وَنُخْبِرُكُمْ بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَ الآبِ وَأُظْهِرَتْ لَنَا” 1يوحنا :1 :1″.
يرى يوحنا الأنجيلي ظهورات يسوع انها تدلُّ عل أنّه دوما حاضر وسط أخصّائه. هذا الحضور يختلف عن الحضور الجسدي، ولكنه أهم منه. القيامة هي في الوقت عينه عودة الى حدث من تاريخ يسوع الناصري، وتعلّق بشهادة الرسل، وإدراك عميق للحياة المسيحية. هي تعني أنّ يسوع يعيش ما وراء الموت فيدلّ هكذا على لاهوته، ويفتح للبشر الطريق للدخول الى حياة الله الحميمة. وحين أظهر يسوع القائم من الموت نفسه لتلاميذه، أرسلهم الى العالم. “وَأَمَّا الأَحَدَ عَشَرَ تِلْمِيذًا فَانْطَلَقُوا إِلَى الْجَلِيلِ إِلَى الْجَبَلِ، حَيْثُ أَمَرَهُمْ يَسُوعُ. وَلَمَّا رَأَوْهُ سَجَدُوا لَهُ، وَلكِنَّ بَعْضَهُمْ شَكُّوا. فَتَقَدَّمَ يَسُوعُ وَكَلَّمَهُمْ قَائِلًا: «دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ، فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ. وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ».”متى 28: 16-20”. يبقى على التلاميذ أن يجعلوا من البشرية “جسد المسيح ” الذي هو الكنيسة. عبّرت الكرازة الفصحية والتعابير الإيمانية أيضا عمّا يعنيه للبشر الحدثُ الذي حصل ليسوع. هو “سيّد الحياة “، “نبع الحياة”.(5)
وهذا ما جرى حيث هؤلاء التلاميذ الذين كانوا متألمين يائسين خائفين مرعوبين حزانى، بسبب موت المسيح على الصليب، أصبحوا بعد قيامة يسوع المسيح وظهوره لهم وبقائه معهم أربعين يوما سيصبحون شهود عيان ليس فقط في اورشليم (القدس) وفلسطين، بل الى العالم اجمع وسوف يغيّرون تاريخ البشرية..
“لي ستروبل ” صحفي امريكي مشهور كان ملحدا ولكنه بعد بحثه عن -حقيقة قيامة المسيح – من خلال ادلة علمية تؤيد هذه الحقيقة ، وقام بجهود مضنية في لقاءاته مع العلماء في مختلف الاختصاصات العلمية ، واستغرق ذلك سنوات طويلة ، ليؤلف بعد ذلك ثلاثة كتب هي: ” 1- القضيّة … الخالق” ،”2 – القضية …الأيمان ” ، “3 – القضية …المسيح”)
في كتابه ا “القضيّة … المسيح” يقول عن ظهورات المسيح:
“إنّ بُرهان ظهورات يسوع بعد القيامة لم تتطوّر تدريجيا عبر السنوات كما شوّهت ألأسطورة ذكريات حياته. بل بالأحرى فإنَّ قيامته كانت “ألأعلان المركزي للكنيسة الأولى منذ لحظة البداية” كما قال خبير القيامة اللامع جاري هابير ماس : “إنّ القانون القديم من 1كورنثوس 15 يذكر (بولس الرسول) افراد معيّنين لاقوا المسيح القائم. وقد تحدى بولس متشكّكي القرن الأول للتحدُّث مع هؤلاء الأفراد شخصيا لتحديد حقيقة الأمر لأنفسهم”.
وسفر أعمال الرسل منثورة في ثناياه تأكيدات مبكرة جدا عن قيامة يسوع، بينما تصفُ الأناجيل لقاءات عديدة بالتفصيل. استنتج اللاهوتي البريطاني مايكل جرين: “إنّ ظهورات يسوع مُوثَّقة تماما كأيّ شئء في الأصالة …ولا يُمكن أن يكون هناك شك عقلاني بحدوثها”.
وقدَّم بروفيسور مورلاند برهانا مفصّلا أكَّد توثيقا قويّا للقيامة
أولا: كان التلاميذ في وضع فريد لمعرفة ما إذا كانت القيامة قد حدثت، وقد ضحّوا بحياتهم لإعلان صدقها. لا أحد يموت طوعا وعن معرفة من أجل أكذوبة.
ثانيا: بغضّ النظر عن القيامة، ليس هناك سبب مقنع يدفع مثل أولئك المتشكّكين كبولس الرسول ويعقوب أسقف اورشليم للأيمان والموت في سبيل ايمانهم.
ثالثا: أثناء أسابيع الصلب، صار آلاف اليهود مقتنعين بأنّ يسوع قد كان إبن الله، وأبتدأوا يتبعونه تاركين الممارسات الاجتماعية الرئيسية التي كانت لها أهمية دينية واجتماعية قصوى لقرون. (بل ان المسيحية بدات من اليهود). لقد آمنوا أنَّهم خاطروا بالإدانة لو كانوا على خطأ.
رابعا: فإنَّ أسرار التناول والمعمودية قد أكَّدت عل قيامة يسوع وأُلوهيَّته.
خامسا: الأنبثاق الأعجازي للكنيسة في مواجهة الاضطهاد الروماني الوحشي “يَشُقُّ ثُقبا عظيما في التاريخ، ثُقبا بحجم وبشكل القيامة ” كما قال مول C.F.D Moule
ويضيف لي ستروبل فيقول:
بتجميع الأمور، استنتجتُ أنّ شهادة هذا الخبير تُشكّل برهانا قويّا أن يسوع كان ما نادى به – ابن إله الوحيد. والإلحاد الذي أعتنقتهُ طويلا جدا التوى تحت ثقل الحق التاريخي. (6)
ظهورات المسيح بعد القيامة تؤكّد القيامة نفسها، وحتّى يُدرك الجميع أنّ المسيح كسرَ شوكة الموت وغلب الموت بالموت وقام لينعم الجميع بالخلاص. هل حقا رأى الناس يسوع حيا بعد موته؟ سنبدأ تحقيقنا من خلال النظر أولاً في الأدلة على ظهورات قيامة يسوع:

1 – لقد ظهر يسوع المسيح بعد قيامته لمريم المجدلية.
“وَبَعْدَمَا قَامَ بَاكِرًا فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ ظَهَرَ أَوَّلًا لِمَرْيَمَ الْمَجْدَلِيَّةِ، الَّتِي كَانَ قَدْ أَخْرَجَ مِنْهَا سَبْعَةَ شَيَاطِينَ. فَذَهَبَتْ هذِهِ وَأَخْبَرَتِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ وَهُمْ يَنُوحُونَ وَيَبْكُونَ. فَلَمَّا سَمِعَ أُولئِكَ أَنَّهُ حَيٌّ، وَقَدْ نَظَرَتْهُ، لَمْ يُصَدِّقُوا” راجع مرقس 16: 9-11″ ، “يوحنا 20 : 18
2 – وللنساء الآخريات عند القبر في صباح يوم الأحد.
فَخَرَجَتَا سَرِيعًا مِنَ الْقَبْرِ بِخَوْفٍ وَفَرَحٍ عَظِيمٍ، رَاكِضَتَيْنِ لِتُخْبِرَا تَلاَمِيذَهُ.
وَفِيمَا هُمَا مُنْطَلِقَتَانِ لِتُخْبِرَا تَلاَمِيذَهُ إِذَا يَسُوعُ لاَقَاهُمَا وَقَالَ: «سَلاَمٌ لَكُمَا». فَتَقَدَّمَتَا وَأَمْسَكَتَا بِقَدَمَيْهِ وَسَجَدَتَا لَهُ.
فَقَالَ لَهُمَا يَسُوعُ: «لاَ تَخَافَا. اِذْهَبَا قُولاَ لإِخْوَتِي أَنْ يَذْهَبُوا إِلَى الْجَلِيلِ، وَهُنَاكَ يَرَوْنَنِي»راجع متى 28: 8-10
3 – وظهر لتلميذه بطرس في اورشليم
“فَقَامَا(تلميذي عمواس) فِي تِلْكَ السَّاعَةِ وَرَجَعَا إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَوَجَدَا الأَحَدَ عَشَرَ مُجْتَمِعِينَ، هُمْ وَالَّذِينَ مَعَهُمْ وَهُمْ يَقُولُونَ: «إِنَّ الرَّبَّ قَامَ بِالْحَقِيقَةِ وَظَهَرَ لِسِمْعَانَ!» لوقا 24 : 33-34”
4 – ظهور يسوع لتلميذي عمواس
” فَلَمَّا اتَّكَأَ مَعَهُمَا، أَخَذَ (يسوع ) خُبْزًا وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَنَاوَلَهُمَا،
فَانْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا وَعَرَفَاهُ ثُمَّ اخْتَفَى عَنْهُمَا….وَأَمَّا هُمَا فَكَانَا يُخْبِرَانِ بِمَا حَدَثَ فِي الطَّرِيقِ، وَكَيْفَ عَرَفَاهُ (يسوع )عِنْدَ كَسْرِ الخبز.! “لوقا 24 : 30، 31 ، 35″

5 – ظهور يسوع لتلاميذه العشر والأبواب مغلقة .
“وَلَمَّا كَانَتْ عَشِيَّةُ ذلِكَ الْيَوْمِ، وَهُوَ أَوَّلُ الأُسْبُوعِ، وَكَانَتِ الأَبْوَابُ مُغَلَّقَةً حَيْثُ كَانَ التَّلاَمِيذُ مُجْتَمِعِينَ لِسَبَبِ الْخَوْفِ مِنَ الْيَهُودِ، جَاءَ يَسُوعُ وَوَقَفَ فِي الْوَسْطِ، وَقَالَ لَهُمْ: «سَلاَمٌ لَكُمْ!»
وَلَمَّا قَالَ هذَا أَرَاهُمْ يَدَيْهِ وَجَنْبَهُ، فَفَرِحَ التَّلاَمِيذُ إِذْ رَأَوْا الرَّبَّ.”يوحنا 20 :10-18
6 – ظهوره لجميع التلاميذ ومعهم توما .
وَبَعْدَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ كَانَ تَلاَمِيذُهُ أَيْضًا دَاخِلًا وَتُومَا مَعَهُمْ. فَجَاءَ يَسُوعُ وَالأَبْوَابُ مُغَلَّقَةٌ، وَوَقَفَ فِي الْوَسْطِ وَقَالَ: «سَلاَمٌ لَكُمْ!»
ثُمَّ قَالَ لِتُومَا: «هَاتِ إِصْبِعَكَ إِلَى هُنَا وَأَبْصِرْ يَدَيَّ، وَهَاتِ يَدَكَ وَضَعْهَا فِي جَنْبِي، وَلاَ تَكُنْ غَيْرَ مُؤْمِنٍ بَلْ مُؤْمِنًا».أَجَابَ تُومَا وَقَالَ لَهُ: «رَبِّي وَإِلهِي!»يوحنا 20 :26-28
7 – وظهر يسوع للتلاميذ السبعة….”بعدَ هذَا أَظْهَرَ أَيْضًا يَسُوعُ نَفْسَهُ لِلتَّلاَمِيذِ عَلَى بَحْرِ طَبَرِيَّةَ…….. فَقَالَ ذلِكَ التِّلْمِيذُ الَّذِي كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ لِبُطْرُسَ: «هُوَ الرَّبُّ!» فَلَمَّا سَمِعَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ أَنَّهُ الرَّبُّ، اتَّزَرَ بِثَوْبِهِ، لأَنَّهُ كَانَ عُرْيَانًا، وَأَلْقَى نَفْسَهُ فِي الْبَحْرِ….” راجع يوحنا 21″
8 – ظهر للأحد عشر تلميذا على الجبل.
” وَأَمَّا الأَحَدَ عَشَرَ تِلْمِيذًا فَانْطَلَقُوا إِلَى الْجَلِيلِ إِلَى الْجَبَلِ، حَيْثُ أَمَرَهُمْ يَسُوعُ.وَلَمَّا رَأَوْهُ سَجَدُوا لَهُ، وَلكِنَّ بَعْضَهُمْ شَكُّوا.فَتَقَدَّمَ يَسُوعُ وَكَلَّمَهُمْ قَائِلًا: «دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ،فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ. وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ.”متى 28 :16-20
9 – وظهرلأكثر من خمسمائة شخص”وَبَعْدَ ذلِكَ ظَهَرَ لأَكْثَرَ مِنْ خَمْسِ مِئَةِ أَخٍ مَعاً مَازَالَ مُعْظَمُهُمْ حَيًّا، فِي حِينِ رَقَدَ الآخَرُونَ”.1كورثوس 15 :6″
10 – وظهر ليعقوب أخو الرب والرسل جميعا
“ثُمَّ ظَهَرَ لِيَعْقُوبَ، وَبَعْدَ ذلِكَ لِلرُّسُلِ جَمِيعاً”1 كورثوس 15 :7
11 – من شاهدوه صاعدا الى السماء “
“وَفِيمَا هُوَ يُبَارِكُهُمُ(التلاميذ) انْفَرَدَ عَنْهُمْ وَأُصْعِدَ إِلَى السَّمَاءِ.”راجع التفاصيل في لوقا 24 :44-49 ، أعمال الرسل 1 : 3-8”
12- بعد ذلك ظهر يسوع المسيح لبولس الرسول وآخرين.
قائمة شهود عيان بولس، المذكورة في 1 كورنثوس 15: 3-8، بعد قيامته من الأموات تثبت حدوث مثل هذه الظهورات.
لنلقي نظرة سريعة على كل ظهور في قائمة بولس لنرى ما إذا كان من المعقول وقوع مثل هذا الحدث بالفعل.
من الأدلة التي يجب فحصها،هناك قائمة شهود عيان في رسالة بولس الرسول ، المذكورة في 1 كورنثوس 15: 3-8، عن ظهورات يسوع بعد قيامته

نظرة سريعة على كل ظهور في قائمة بولس لنرى ما إذا كان من المعقول وقوع مثل هذا الحدث بالفعل:
جاء في رسالة بولس الرسول الأولى الى مؤمنين كورنثوس :
“فَالْوَاقِعُ أَنِّي سَلَّمْتُكُمْ، فِي أَوَّلِ الأَمْرِ، مَا كُنْتُ قَدْ تَسَلَّمْتُهُ، وَهُوَ أَنَّ الْمَسِيحَ مَاتَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا وَفْقاً لِمَا فِي الْكُتُبِ، وَأَنَّهُ دُفِنَ، وَأَنَّهُ قَامَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَفْقاً لِمَا فِي الْكُتُبِ، وَأَنَّهُ ظَهَرَ لِبُطْرُسَ، ثُمَّ لِلاثْنَيْ عَشَرَ. وَبَعْدَ ذلِكَ ظَهَرَ لأَكْثَرَ مِنْ خَمْسِ مِئَةِ أَخٍ مَعاً مَازَالَ مُعْظَمُهُمْ حَيًّا، فِي حِينِ رَقَدَ الآخَرُونَ.ثُمَّ ظَهَرَ لِيَعْقُوبَ، وَبَعْدَ ذلِكَ لِلرُّسُلِ جَمِيعاً. وَآخِرَ الْجَمِيعِ، ظَهَرَ لِي أَنَا أَيْضاً”1كورنثوس 15 : 3- 8”.
هنا نجد نواة إعلان الأيمان المسيحي الذي سيدخل في قانون تتلوه الكنيسة في اجتماعاتها. فبعد شهادة العهد القديم (راجع مزمور 16: 8-11، اشعيا 53: 6 ،11″ نجد شهادة شهود العيان. نجد ستة ظهورات: بطرس (كيفا) أي الصخر. ألأثنا عشر تلاميذ يسوع، 500 أخ، يعقوب، جميع الرسل، بولس. وهكذا استند بولس الرسول الى هذه الشهادات كما إنطلق مما تعلّم من المسيحيين الذين عاش معهم. مات يسوع حقّاً. دُفِنَ حقّاً. قام حقّاً. ذاك هو قلب الأنجيل.
الرسول بولس يؤكد هنا انّه يوجد في كُلّ عصر أُناس يزعمون أنّ الربّ يسوع لم يمت ولم يقم من الأموات. والرسول يؤكد لنا هنا انّ أناسا كثيرين قد رأوا الرب يسوع بعد قيامته منهم خمسمائة اخ دفعة واحدة.
شهادة بولس الرسول الذي ظهر له أيضا يسوع المسيح بعد فترة قصيرة عندما كان يضطهد المسيحيين وهو في طريقه الى دمشق. فمن أعظم الأدلة على رسولية بولس هو انه كان شاهد عيان للمسيح المقام إذ جاء في أعمال الرسل:
وَفِيمَا هُو(بولس) َ مُنْطَلِقٌ إِلَى دِمَشْقَ، وَقَدِ اقْتَرَبَ مِنْهَا، لَمَعَ حَوْلَهُ فَجْأَةً نُورٌ مِنَ السَّمَاءِ، فَوَقَعَ إِلَى الأَرْضِ وَسَمِعَ صَوْتاً يَقُولُ لَهُ: «شَاوُلُ! شَاوُلُ! لِمَاذَا تضطهدني”؟
فَسَأَلَ: «مَنْ أَنْتَ يَا سَيِّدُ؟» فَجَاءَهُ الْجَوَابُ: «أَنَا يَسُوعُ الَّذِي أَنْتَ تَضْطَهِدُهُ، صَعْبٌ عَلَيْكَ أَنْ تَرْفُسَ الْمَنَاخِسَ».
فَقَالَ وَهُوَ مُرْتَعِدٌ وَمُتَحَيِّرٌ: «يَا رَبُّ مَاذَا تُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَ؟» فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «قُمْ، وَادْخُلِ الْمَدِينَةَ فَيُقَالَ لَكَ مَا يَجِبُ أَنْ تفعله “عمال الرسل 9 :3-6″
عندما سافر بولس (كان اسمه شاول قبل ان يؤمن) الى دمشق متتبعا المسيحيين، واجه المسيح المقام، وتقابل مع حق الأنجيل وجها لوجه. .. يشير بولس الى هذا الأختبار أنّه بداية حياته الجديدة في المسيح. إنّ بولس لم يعاين رؤيا لكنه عاين المسيح المقام ذاته. كان بولس يظنُّ انه يضطهد هرطقات إلّا أنّه كان يضطهد المسيح ذاته. وإن من يضطهد المؤمنين اليوم يصير مجرما باضطهاده يسوع ذاته.
واليوم أيضا ألأحياء من المؤمنين يستطيعون أن يشهدوا – كما شهد بولس الرسول وهو من الرسل من بعد التلاميذ – شهادة تدلُ على متانة ألأيمان بالقيامة. فالرسول بولس ما رأى الرب خلال حياته على الأرض. ولكن خبرة دمشق بدَّلت حياته كُلّها.
عبر التاريخ الملايين تحوّلوا الى المسيحية والأيمان بالرب يسوع المسيح لانّهم اختبروه في حياتهم. وحتى في ايّامنا نسمع اختبارات الكثيرين من أناس مع يسوع المسيح، والمؤمنون بيسوع المسيح أصبح لهم رجاء القيامة من الموت. وكُلّ مسيحي عندما يموت يُكتب على قبره “هنا يرقد (فلان) على رجاء القيامة”. فلا يوجد موت في المسيحية، بل الموت هو باب للأنتقال الى الحياة الأبدية.
قال يسوع ل”مرثا” أُخت لعازر الذي كان ميتا واقامه يسوع من الموت: «أَنَا هُوَ ٱلْقِيَامَةُ وَٱلْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا، وَكُلُّ مَنْ كَانَ حَيًّا وَآمَنَ بِي فَلَنْ يَمُوتَ إِلَى ٱلْأَبَدِ. أَتُؤْمِنِينَ بِهَذَا؟ “يوحنا 11 : 25-26”
الرب يسوع له سلطانا على الحياة والموت، كما أنّ له سلطانا لمغفرة الخطايا. ذلك لأنّه خالق الحياة إذ يقول” أنا هو الطريق والحقُّ والحياة”يوحنا 14 :6″.
قال الرب يسوع المسيح للصدّوقيين اليهود الذين ينكرون امر القيامة: “الله ليس إله أموات، بل هو اله أحياء “لوقا 20 :38″. لهذا يقول كاتب الأنجيل الرابع يوحنا الحبيب (الذي احبّه يسوع وهو رمز لكل واحد منا) :”هكذا أحبّ الله العالم حتّى وهبَ إبنه ألأوحد، فلا يهلك كُلُ من يؤمن به، بل تكون له الحياة ألأبدية ” يوحنا 3 : 16″.
نعم هذه هي الحقيقة التي نؤمن بها نحن المسيحيين أن الله “محبّة” خلقنا بمحبّته لنا. فبقيامة ابنه الوحيد من الأموات، وهو بكر الخليقة الجديدة، وهب لنا نعمة القيامة والحياة الأبدية ” فمن يؤمن بالأبن، فله الحياة ألأبدية” يوحنا 3: 36″ أي منذ الآن تبدأ الولادة الروحية أي امتلاك حياة الله التي هي ابدية بطبيعتها.
عن قيامة يسوع المسيح يُخبرنا الشاهد متى كاتب الأنجيل، أنّ القيامة تأتي بالفرح لا بالخوف، وإنَّ المسيح ليس هنا (في القبر أي ليس ميّتا) ، ويجب أن لا نبحث عنه بين الأموات . فيسوع هو الحي الى الأبد مع شعبهِ المؤمنين به. يسوع يسكن فينا وبيننا ونحنُ هيكل الروح القدس. فالقبر فارغ، وما زال فارغا. فالقيامة حقيقة تاريخية. إنّ غير المؤمنون يبحثون عن الحي وسط الأموات، ولكننا نبحث عن الحي بين القائمين من الموت. والذين يبحثون وسط الأموات فهم أموات روحيّا وأدبيا، والذين يبحثون عن الحي فهم احياء.
إنَ المؤمنين يشاركون المسيح منذ الآن في موته وقيامته. نحن ندخل في أحداث الماضي، ولكن نتائجها ما زالت حاضرة. فقيامة المسيح هي الآن حاضرة، والمسيحي يشارك فيها حقا، كما يشارك في آلام المسيح وموته.
ماذا يُريد المسيح منّا اليوم؟
يسوع يريد منّا ان نقوم من سبات الموت وننتصر على الموت ونقهره. فالقوّة التي أعادت يسوع للحياة متاحة للجميع لتُعيد النفوس المائتة روحيّا الى الحياة، كما يقول بولس الرسول “أعرف المسيح وأعرفُ القوّة التي تجلَّت في قيامتهِ وأُشاركهُ في آلامهِ وأتشبَّه في موتهِ، على رجاء قيامتي من بين الأموات “فيلبي 3 : 10، 11″
علينا نحن ايضا، كما فعلن النسوة، وحملن البشارة الى التلاميذ كذلك نحن أيضا نبشّر بالأخبار الطيبة (البشارة) عن قيامة الرب يسوع”الذي وطئ الموت بالموت ووهب الحياة للذين في القبور”.
لماذا تُهمّنا قيامة المسيح؟
قيامة يسوع تُعطينا البرهان أن في المسيحية فقط هناك ضمان للحياة ما وراء الحياة الأرضية. وانّ ايمان المسيحي مبني على شخص حي قائم من بين الأموات، وهو يوعدنا بالحياة ألأبدية إذ يقول:”أنا القيامة والحياة الأبدية من آمن بي لايموت”يوحنا 11 :25″. وأخبرنا أنّنا سنقوم معه فلماذا نتعب نفوسنا
يقول الرسول بولس “فالحياة عندي هي المسيح، والموتُ رُبحٌ “فيلبي 1 :21”. فالمسيح هو ينبوع (وسرُّ) فرح بولس الدائم، (وهو سرّ فرحنا نحن أيضا). وهو سرّ فرحه في الآلام والأضطهادات وحتى عندما كان في السجن. هكذا يقول أيضا “إذا كان الأموات لا يقومون فماذا ينفع الذين يقبلون المعمودية من اجل ألأموات ؟ ولماذا نتعرّض للخطر كُلِّ حين ؟ فأنا أذوقُ الموت كلّ ّيوم “.1كورنثوس 15 :29-31”.
إذا لم يقم المسيح من بين الأموات فشهادتنا باطلة .
يسوع المسيح ليس شبح وخيال، بل هو الحاضر الحي بيننا ونحن نختبر المسيح الحي. إنها خبرة روحية، والمعمودية هي رمز الموت والقيامة. هي رمز الخلاص ورمز الحياة الجديدة (الخليقة الجديدة). يسوع المسيح الذي كان بالجسد وصلب ومات، قام بالجسد الممجَّد وأصبح اليوم معنا بروحه القدّوس.
في كتابه “الله والشر والمصير ” يقول كوستي بندلي عن القيامة:
“القيامة أتت تصديقا لمنهج يسوع، وكشفت حقيقة الله وحقيقة الأنسان.
إنّ الله ليس عدوّ ألإنسان، وإنّهُ ، إن كان يوقظ فيه رغبة لا تستطيع موجودات الكون أن تحققها ، فإنّ ذلك ليس بقصد العبث بالأنسان ، بل لأنّه أعد له نصيبا أفضل وهو أن يتّحد بخالقه وخالق الموجودات قاطبة ويشاركه فرحه الأبدي.
إنّ الأنسان ابن الله لا عبد له يتلاعب به الله كما يشاء، وإنّه لا يحقق ذاته ويبلغ ذاته ويبلغ غاية رغبته اللامتناهية إذا أنكفأ على ذاته ونصبها ألوهة زائفة يتنكر بها لمحدوديّته، بل إذا عاش بنوّته الإلهية انفتاحا الى الله أبيه وتجاوزا للنفس نحوه ورأفة وحنانا بخلائقه. هكذا توّج يسوع بالقيامة “قائدا لنا الى الخلاص” (عبرانيين 2 :10). يحرّرنا من أوهامنا القاتلة ويكشف لنا حقيقة الله وحقيقة ذواتنا ويرشدنا الى الحياة. ولكن هذا الإرشاد ليست مجرّد عملية ذهنية أو قناعة فكريّة، إنّه تحوّل كياني تتمِّمُهُ القيامة فينا إنطلاقا من معموديّتنا التي، من خلال عمل حُسّي يكتنفه روح الله، تزرع فينا طاقة المشاركة في قيامة المسيح “راجع كولوسي 2 :11”، تلك الطاقة التي يبقى عليها أن تتحوّل الى فعل محيي عبر جهاد الأيمان.
وعن أهمية القيامة يقول كوستي بندلي :
أ – القيامة تنقل المسيح الى داخلنا كما يقول الرسول بولس “مع المسيح صُلِبتُ. فأحيا لا أنا، بل المسيح يحيا في “غلاطية 2 :19، 20″. ذلك أنّ المسيح الممجّد بالقيامة لم يعد محصورا ضمن حدود الزمان والمكان، بل اصبح مالئا الكُلّ يصوّره الروح القدس في كُلّ واحد منّا:” فإنّكم وقد إعتمدتم جميعا في المسيح، قد لبستم المسيح “غلاطية 3 :27”. ومن لبس المسيح فقد لبس الأنسانية الجديدة التي تجلَّت فيه، وصارت له نظرة المسيح الى الحياة. الى الله والأنسان، تلك النظرة التي تحرّرنا من اوهامنا المميتة.
ب – ثمّ إنّ مساهمتنا في قيامة المسيح تنقل إلينا فيما نحن لا نزال في جسدنا الترابي ووضعنا المأساوي، طاقة الحياة التي انتصرت في المسيح الناهض من بين الأموات، فنختبر في ذواتنا تباشير تلك الحياة الظافرة، قوّة وفرحا وتجدّدا في كياننا، ونشعر مع الرسول بولس إنّه “إذا كان الأنسان الظاهر فينا سائرا الى الخراب، فالأنسان الباطن يتجدّد يوما بعد يوم” 2كورثوس 4 :16″
وعن علاقة موت المسيح بخلاصنا جاء في هامش الكتاب: القيامة أتت تصديقا لمنهج يسوع، وكشفت حقيقة الله والأنسان.
يقول احد الأخصّائيين في تفسير الكتاب المقدس ، في دراسة له عن “الآخرة في العهد الجديد” :”إنّ هذا الاكتمال الذي بلغهُ يسوع بالقيامة يمثّل “نعم” الله لنمط معيّن من الوجود البشري ، وهو وجود منفتح كُلّيا على الله وعلى خدمة الآخرين “…ألأنسان يسوع المسيح توَّج النهج الذي سلكه طيلة حياته ، على نقيض الوضع الإنساني الراهن ، وذلك بغية تقويم هذا الوضع ، الذي ماثله وغايره في الوقت عينه ، وافتتاح وضع جديد نتحرر به من هزالة عتاقتنا وبؤسها وننتقل الى عالم القيامة الذي دشّنه لنا…انحدار الله الينا ، في الأبن المتجسّد المنفتح بالكلّية الى مقاصد الآب، ليشاركنا ،حُبّا ،في جحيم غُربتنا وشقائنا ، ويُفجّر فيه من الداخل طاقة حياته المحرّرة .(4)
جاء في شرح الكتاب المقدس عن أهمية القيامة في المسيحية
1- بسبب قيامة المسيح من الأموات غيّر ملكوت السماوات تاريخ الأرض. فالعالم الآن يتجه نحو الفداء وليس البلاء، فإنّ قوّة الله القدير تعمل للقضاء على الخطية وتخلق حياة جديدة وتعدنا للمجيء الثاني للمسيح.
2- بالقيامة انهزم الموت، ونحن كذلك سنقوم من الأموات لنحيا مع المسيح الى الأبد.
3- القيامة تعطي شهادة الكنيسة في العالم سلطانا. اهم رسالة وشهادة نادى بها الرسل هي قيامة يسوع المسيح من الأموات
4- القيامة تعطي معنى لاحتفال الكنيسة بعشاء الرب. فنحن، كتلميذي عماوس، نكسر خبزا مع ربنا الذي جاء في قوة ليخلصنا.
5- القيامة تعيننا على ان نجد معنى واهمية حتى في وسط المآسي الكبرى. فبغض النظر ما يحدث لنا، سنمضي مع الرب، لأن القيامة رجاء للمستقبل
6- القيامة تؤكد لنا ان المسيح حي، يملك على ملكوته، وانه ليس اسطورة او خرافة، لكنه حي، وحقيقي
7- ان قوة الله الاب التي اقامت يسوع من الأموات، متاحة لنا، حتى نحيا له في عالم شرير.
8- إنّ القيامة تضمن أن من سيملك في ملكوت الله ألأبدي هو المسيح الحيّ، وليس مجرّد فكرة أو أمل او حلم.
9- إنّ القيامة هي أساسا شهادة الكنيسة للعالم، فنحن لا نقدّم للعالم مجرّد دروس من حياة معلّم صالح، لكننا نعكس حقيقة قيامة
يسوع المسيح.

الخلاصة** :
عندما يُقدّم الدليل في المحكمة فعلى المستمع إليه أن يختار. وكذلك من يقرأ الأناجيل وسفر اعمال الرسل والرسائل وسفر الرؤيا، يجب عليه أن يختار ويقرّر، هل يسوع المسح هو إبن الله أم لا؟ فأنت هنا المُحَكَّم والمقرّر ، وقد عُرض أمامك الدليل ، ولا بُدَّ أن تتخذ قرارا
لقد حفظ الرب يسوع وعده أننا سنقوم من ألأموات، لذلك نستطيع أن نثق أنّه سيتمم كُلّ وعوده الأخرى.فنستطيع أن نتغيّر وننمو” 1كورنثوس 15:12-19″.إنّ قوّة الله التي اقامت جسد يسوع من الموت، متاحة لنا لإقامة نفوسنا المائتة أدبيا وروحيا الى الحياة.
بحسب ما جاء في العهد الجديد، يسوع صلب ومات وأقامه الله من الأموات وظهر لشهود عيان كثيرين وصعد إلى السماء، وجلس عن «يمين الله»، وسيعود ثانية ليتمم بقية النبوة المسيانية مثل قيامة الأموات، ويوم القيامة وتأسيس ملكوت الله.
صدق القول أننا:
“إذا متنا معهُ عشنا معهُ
وإذا صبرنا ملكنا مَعَهُ
وإذا أنكرناهُ أنكرنا هو أيضا
وإذا كُنّا خائنين بقي هو أمينا
لانّه لا يمكن أن ينكر نفسه” 2 تيموثاوس 2 : 11-13″

المراجع
المراجع الرئيسية في هذا البحث هي
أولا : الكتاب المقدس “التفسير التطبيقي “
ثانيا: الكتاب المقدس “قراءة رعائية”
ثالثا : المحيط الجامع للكتاب المقدس
المراجع الأخرى
(1)
كتاب تاريخ يسوع: القضية التاريخية لوجوده وصلبه وقيامته
https://www.difa3iat.com/74831.html/
(2)
كتاب”المسيح الذي لم أكن اعرفه” للكاتب فيليب يانسي
(3)
بولس فغالي راجع الموقع التالي
https://peregabriel.com/saintamaria/1835/
(4)
كوستي بندلي في كتابه ” الله والشر والمصير”
(5)
كتاب المحيط الجامع للكتاب المقدس:
(6)
كتاب ” القضيّة …المسيح ” للكاتب ” لي ستروبل “
*
مقالة في موقع الحوار المتمدن بعنوان ” شهادة شهود عيان عن حقيقة قيامة يسوع من الأموات– الجزء الأول-

https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=821252

**
راجع مقالة للكاتب بعنوان “الموت باب القيامة في الأيمان المسيحي”
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=773511

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!