شهيد حرب منسي يخاطبكم !! -دروس و عبر- – العيرج ابراهيم
…”لقد نسيتموني. دمي الذي سال من أجل قضية عادلة يبدو وكأنه تلاشى في غياهب الزمن. ومع ذلك، كنت أحمل الأمل حين اخترت التضحية، ليس طلبًا للمجد، بل من أجل شرف شعبٍ وأمةٍ وفكرةٍ تتجاوز الفردية.
لقد قدمت حياتي كي تبنوا مجدكم وتتقدموا، لكنكم اليوم تديرون وجوهكم بعيدًا. تمشون على الأرض التي دافعت عنها بتضحيتي، دون أن تشعروا بثقلها أو تدركوا أصوات الذين سقطوا.
فالتاريخ يعلمنا أن الشعوب التي تنسى أبطالها تفقد هويتها في النهاية. فلا تتركوا الصمت يطفئ شعلة ما قدمناه من أجل القضية، ولا تسمحوا للنكران بمحو ذاكرة الذين بذلوا كل ما لديهم من أجلكم جميعا.
ليختم قائلا: إذا كان اسمي سيُنسى، فليظل كفاحي حيًا. لأن الشهيد لا يطلب مكافأة، بل فقط أن يتم تكريم أسرته . تذكروا، وكونوا على قدر المسؤولية في الطريق الذي رسمناه لكم.”
بدورنا نقول لك أيها الشهيد المنسي: و إن كنا نشعر بصدى كلماتك القوية، وهذا العتاب المرير الذي ينبع من أعماق التضحية، ولم ننسَ، وكيف لنا أن ننسى دماءً روت أرضنا الطيبة؟ إننا نرجو ألا تغطى متع الحياة اليومية و اللهاث وراء منافعها لدى مسؤولينا ما تعيشه أسرتك وذويك من مآس منذ رحيلك.
إن كلماتك شاء من شاء و كره من كره ،تذكرنا بالثمن الباهظ الذي دُفع من أجل ما ننعم به اليوم. إنها ليست مجرد كلمات، بل هي صرخة مدوية ضد النسيان، ودعوة صادقة لإحياء الذاكرة، بل إنها كلمات مؤثرة نستلهم منها الدروس و العبر التالية:
1- أهمية الذاكرة في بناء الهوية ،لأن التاريخ هو مرآة الشعوب، والأبطال هم نجومها التي تضيء الطريق للأجيال القادمة، ونسيانهم يعني فقدان جزء أصيل من هويتنا، وتشويه فهمنا للحاضر والمستقبل. و النتيجة أنه لا يمكن لأمة أن تخطو بثبات نحو المستقبل إذا فقدت الصلة بماضيها وتضحيات شهدائها؟
2- مسؤولية الأحياء تجاه الشهداء: إن التضحية ليست مجرد فعل فردي في لحظة معينة، بل هي دين مستمر في أعناق الأجيال اللاحقة. فمسؤوليتنا هي أن نحافظ على إرث الشهداء حيًا من خلال تكريم أسرهم و العناية بهم و النهوض بأوضاعهم دون نسيان السعي لتحقيق الأهداف التي ضحوا من أجلها. فكل تقاعس أو انحراف عن هذا الطريق هو خيانة لتضحياتهم.
3- خطر النكران والصمت: باعتبارأن الصمت هو المقبرة التي تُدفن فيها البطولات والقيم. فعندما نصمت عن تضحيات الأبطال، فإننا نسمح للنسيان بالتسلل وتشويه الحقائق. فالنكران هو شكل من أشكال الجحود الذي يقوض أسس المجتمع ويضعف الروح الجماعية.
4-القضية أسمى من الفرد: فالشهيد لم يطلب مجدًا شخصيًا، بل سعى لتحقيق هدف نبيل يتجاوز حياته الفردية، وبالتالي فتذكُّر القضية التي استشهد من أجلها و العناية بأسرته هو التكريم الحقيقي لتضحيته.
5-الدعوة إلى العمل والمسؤولية: إن كلماتك -شهيدنا المنسي- ليست مجرد تذكير بالماضي، بل هي دعوة قوية للعمل في الحاضر وتحمل مسؤولية المستقبل. فالطريق الذي رسمه الشهداء يتطلب منا اليقظة، والاجتهاد، والوحدة، والإخلاص والوفاء لروح الشهداء.
إن كلماتك أيها البطل هي شعلة ستنير دروبنا وتذكرنا دائمًا بالثمن العظيم الذي دُفع من أجل عدالة قضيتنا.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.